جنين - فلسطين اليوم
بدأت في الجامعة العربية الأميركية، أمس، أعمال مؤتمرها الدولي الثاني الذي تنظمه الجامعة تحت عنوان «تحويل الصراع وبناء السلام في فلسطين: الواقع والتحديات»، تحت رعاية رئيس مجلس أمنائها، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، الدكتور محمد اشتية، وذلك بمشاركة نخبة من السياسيين والأكاديميين والباحثين والمثقفين من فلسطين وأوروبا والأميركتين.
ويهدف هذا المؤتمر الثاني الذي تستضيفه الجامعة على مدار يومين، ويأخذ صبغة أكاديمية سياسية اقتصادية، إلى إيجاد مساحة فكرية لتسليط الضوء على عدة محاور أبزرها «قضايا لب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي»، و»دور المجتمعات المدنية والسياسية والأنظمة السياسية في تحويل الصراع»، و»حركات السلام والحركات اللاعنفية»، و»القانون الدولي ودوره في تحويل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي»، و»الصراع غير المتكافئ بين إسرائيل والفلسطينيين والعنف البنيوي والثقافي المباشر».
ويسعى المؤتمر، إلى تدويل الجامعة العربية الأميركية وشبكها أكاديميا وعلميا وبحثيا مع العديد من مراكز الدراسات المتخصصة في ميادين دراسة الصراع والحرب والسلام في العالم.
اشتية: لا بد من مؤتمر دولي لإنهاء الاحتلال
وافتتح المؤتمر، اشتية بكلمة طالب فيها بعقد مؤتمر دولي للسلام يهدف إلى إنهاء الاحتلال، ويكون مرجعيته القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ويكون بديلا لطاولة المفاوضات الثنائية.
وأضاف: «إن الفلسطينيين يواجهون الاحتلال سياسيا واقتصاديا وقانونيا، وذلك من خلال التوجه الفلسطيني إلى مجلس الأمن الدولي للحصول على قرار لإنهاء الاحتلال خلال فترة زمنية والاعترافات السياسية بفلسطين، واقتصاديا بدعوة العالم لمقاطعة إسرائيل اقتصاديا، وقانونيا بمحاسبة إسرائيل في المحاكم الدولية بما فيها الجنائية الدولية».
أبو مويس: المؤتمر أصبح تقليدا سنويا
وفي كلمته، نقل رئيس الجامعة العربية الأميركية، الدكتور محمود أبو مويس، تحيات وتقدير رئيس مجلس الإدارة، الدكتور يوسف عصفور، ونائبه المهندس زهير حجاوي، وأعضاء مجالس الإدارة والأمناء والعمداء وأسرة الجامعة، إلى راعي المؤتمر، الدكتور اشتية، ومدير مركز دراسات السلام والثقة والعلاقات الاجتماعية في جامعة «كوفينتري» البريطانية في المملكة المتحدة، الدكتور ألب أرسلان أوزيرديم.
ولفت أبو مويس إلى أن هذا المؤتمر تحول إلى تقليد سنوي يندرج في سياق الحقل المعرفي لتسوية الصراعات وبناء السلام، والذي بادرت إليه الجامعة، وكانت السباقة، ليس فلسطينيا فحسب، بل على صعيد الوطن العربي برمته.
وتحدث أبو مويس، عن نشاطات الجامعة في الحقل المعرفي من خلال برنامج التبادل الأكاديمي مع جامعتي كوفينتري في المملكة المتحدة، وجامعة كادر هاس في أسطنبول، والذي أشرف على نهاية سنته الثالثة، مؤكدا أنه حقق نجاحا كبيرا تجلى في تعزيز علاقات التعاون الأكاديمي والبحثي والعلمي بين الجامعات الثلاث، وانبثق عنه تخطيط وتنفيذ برنامج الماجستير في «تسوية الصراع والتنمية» في الجامعة العربية الأميركية، وإصدار كتاب حول «الربيع العربي»، وإعداد كتاب آخر لوقائع المؤتمر الدولي، والذي سيصدر في نهاية هذا العام من دار النشر «راوتليج» في المملكة المتحدة.
وبين، أن الجامعة تعمل على تقديم مقترح مشروع بحث مشترك مع جامعة غوتنبرغ في السويد، وجامعة كوفينتري سيشارك فيه خمسة باحثين من «العربية الأميركية: والتي قال أبو مويس، إنها تشرفت هذا الشهر بزيارة البروفيسور مايكل شولتز أحد أبرز الباحثين في معهد الدراسات العالمية في جامعة غوتنبرغ لمناقشة الأمر ورسم الخطوط العريضة لهذا التعاون المستقبلي والذي سيستمر لمدة أربع سنوات.
وأشار إلى أن الجامعة استقبلت هذا الشهر كبيرة المستشارين حول الصراع الاسرائيلي-العربي من معهد دراسات السلام في واشنطن، التابع والممول كليا من الكونغرس الأميركي، والتي زارت الجامعة للاطلاع عن كثب على برنامج الماجستير في تسوية الصراعات والتنمية، والتقت طاقم الأساتذة وعددا من الطلبة، وتمخضت عن هذه الزيارة دعوة عدد من الأساتذة لحضور أحد أهم وأكبر نشاطات هذا المعهد، وهو المؤتمر الدولي للمعهد، والذي سيعقد بالتعاون مع معهد «كروك لدراسات السلام الدولية» هذا العام في جامعة نوتردام بولاية إنديانا الأميركية.
وأضاف إن نشاطات وإنجازات الجامعة المتعددة تؤكد إصرارها الإستراتيجي على المضي قدما في دعم هذا البرنامج المتميز لما له من دور في تدويل الجامعة، وطرح القضية بامتياز على المنصات الدولية.
البروفيسور ألب: لا يمكن تصدير الديمقراطيات
وألقى مدير مركز الثقة والسلام والعلاقات الاجتماعية في جامعة كوفنتري البريطانية المتحدث الرئيس في المؤتمر، البروفيسور ألب أرسلان أوزوردم، كلمة ركز فيها على سؤال: «لماذا نفشل في بناء السلام!»، حيث قال: «تفشل 40% من عمليات بناء السلام في العالم بعد ثلاث سنوات من إطلاقها، وتفشل 60% من عمليات بناء السلام بعد خمس سنوات، والسبب هو عدم حل المشاكل الأساسية، لأن التمويل الدولي لدعم جهود السلام يذهب إلى قضايا بعيدة عن احتياجات السكان على أرض الواقع والمتمثلة ببناء العائلات، والعمل لتطوير حياة الأفراد».
وتابع: «إن ما يجري من عمليات تصدير الديمقراطيات عبر نقلها من طائرات ومن خلال الجنود إلى السكان أمر أثبت فشله وخلق جوا عاما من عدم قبول المجتمعات لهذه المفاهيم، ويتعامل العالم مع عمليات بناء السلام مثلما تعامل مع سفينة التيتانيك، حيث بنوا عليها توقعات كبيرة وعالية ولم يتحسبوا للأمور التي يمكن أن تحدث لها، فاصطدمت بجبل الجليد في المحيط وغرقت، وهو كما يحدث في عمليات بناء السلام التي يتوقع منها القائمون عليها النجاحات الباهرة لكنهم يفشلون لكونهم لا يضعون في اعتبارهم أشياء في صميم نجاح عمليات بناء السلام».
وأضاف البروفيسور أوزوردم، إن هناك مشاكل كثيرة في عمليات بناء السلام مرتبطة بالتمويل من ناحية، ووجود أجندات دولية خاصة من ناحية أخرى، فهناك مؤسسات تعمل باسم السلام لكنها لا تؤمن بالسلام ولا تعمل له، كالسلام الليبرالي والاقتصاد القائم على اقتصاد الحرب الذي يعمل على استمرار الصراعات لأغراض تجارية حيث يجني المستفيدون منه أرباحا كبيرة.
الجلسة الأولى
وتخللت اليوم الأول للمؤتمر، ثلاث جلسات نقاش حملت الأولى التي ترأسها الدكتور مفيد قسوم من الجامعة العربية الأميركية عنوان «قضايا لب الصراع الفلسطيني الإسرائيلي»، وتحدث فيها الدكتور جاد إسحق، من معهد الأبحاث التطبيقية في القدس «أريج»، حول محور «الاستيطان وعامل الحدود: المناورة الإسرائيلية لرسم حدود الدولة الفلسطينية»، وتطرق لموضوع قيام الدولة الفلسطينية واضحة المعالم والحدود والجغرافيا والعاصمة، مؤكدا أنه أمر حتمي وخطوة طبيعية تلي إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وتطرق الدكتور جمال حنايشة، من الجامعة العربية الأميركية في ورقته البحثية التي جاءت بعنوان «مستقبل اللاجئين الفلسطينيين في المفاوضات النهائية: تصورات وحلول»، لفحص وتحليل الجوانب المختلفة لقضية اللاجئين في أبعادها الرئيسة الثلاثة التاريخي والقانوني والسياسي، وصولا لاستشراف التوجه أو السياسة التي من المفترض انتهاجها في البحث عن الحل الذي يجب أن تتوافر فيه الديمومة والقبول والشمولية وقابلية التطبيق العملي.
أما الدكتور بشير بشير من القدس، فتناول في ورقته المقدمة بعنوان «تحييد التاريخ في المجتمعات حادة الانقسام»، استكشاف المحاولات لتحييد التاريخ والذاكرة في المجتمعات المنقسمة تاريخيا وتطبيقه على السياق الإسرائيلي الفلسطيني، وبحثت دراسته الجهود غير الناجحة للوصول إلى السلام والتي لا تأخذ بعين الاعتبار التاريخ والذاكرة، واقترح سياسة بديلة لنهج المصالحة.
وفي ورقته بعنوان «العنف البنيوي الإسرائيلي:الدولة الصهيونية، الجيش الصهيوني، الاستيطان الكولونيالي والمجتمع الإسرائيلي الصهيوني»، قدم الدكتور زهير صباغ، من جامعة بيرزيت، دراسة نقدية للعنف السياسي الصهيوني، وتأثير تطبيقه العملي في فلسطين من خلال تحليل المؤسسات والهياكل الصهيونية.
الجلسة الثانية
أما الجلسة الثانية والتي ترأسها الدكتور أحمد أبو زينة من الجامعة العربية الأميركية، فحملت عنوان «القانون الدولي ودوره في تحويل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني»، وقدم فيها البروفيسور بريفانجو تسيناي من تركيا، ورقة بحثية بعنوان «النقاش حول تأهل فلسطين لمكانة الدولة في القانون الدولي»، وتطرق إلى تأهل فلسطين لمكانة دولة وما يترتب عليه من آثار قانونية دولية.
وفي مداخلته، تحدث الدكتور رزق سمودي، من الجامعة العربية الأميركية، حول «الاحتلال الحربي الممتد: إعادة تفكير الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة»، فيما قدم الدكتور سعيد أبو فارة من الجامعة العربية الأميركية، ورقة بحثية بعنوان: «الآثار القانونية لانضمام فلسطين لمحكمة الجنايات الدولية ودورها في تحويل الصراع»، وتناول فيها الآثار القانونية المترتبة على انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية في ظل الانتهاكات المتواصلة لسلطات الاحتلال الإسرائيلي لحقوق أبناء الشعب الفلسطيني، وبحث في الطبيعة القانونية لفلسطين المحتلة خاصة بعد اعتراف المجتمع الدولي بها كدولة مراقب غير عضو في الأمم المتحدة.
وشاركت الدكتورة تاتيانا كاردوسوسكويف، من البرازيل بورقة علمية بحثية بعنوان: «الاعتراف بفلسطين كمعلم ومؤشر لنظرية الاعتراف»، إن الاعتراف بدولة حسب القانون الدولي ما هو إلا تعبير سياسي يحمل أهمية قانونية لوجود تلك الدولة.
وقدمت الدكتورة هيلاري كيبنز من الولايات المتحدة الأميركية، ورقة عمل بعنوان: «إعادة تفعيل القانون الدولي لمستقبل الأطفال في الأراضي الفلسطينية المحتلة»، ناقشت فيها كيف انتهكت إسرائيل القانون في معاملتها للأطفال الذين يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتأثير ذلك على ديمومة الصراع.
الجامعة مساحة لجذب الباحثين
وقال المحاضر في الجامعات الإسبانية، د.دييكو هيدالاغو، إن الجامعة العربية الأميركية أصبحت تشكل مساحة جيدة لجذب الناس والباحثين ومكانا لالتقائهم، وتمتاز بموقع خاص وفريد في شمال الضفة الغربية يسمح لها لأن تكون نقطة للتنوع الطلابي، حيث يصلها طلاب من فلسطين 48 لديهم الرغبة للتعلم والتعرف على القضايا المرتبطة بالصراع كالتي يطرحها المؤتمر، وتلعب دورا كبيرا في مجال البحث العلمي، وثبت أن لديها عددا كبيرا من الأكاديميين المختصين والطلبة القادرين على مناقشة القضايا المرتبطة بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
أما الأستاذة أورلي بركيرهوف، من جامعة كوفنتري، وهي طالبة دكتوراه في مركز دراسات الثقة والسلام والعلاقات الاجتماعية، فقالت، إن هذه الزيارة تعتبر الأولى لها لفلسطين وتفاجأت جدا من الجامعة كمكان من ناحية مساحتها الكبيرة والجميلة والمنظمة.
وقالت، إنها كانت معنية بالحضور إلى فلسطين والمشاركة في المؤتمر حتى تحصل على تعليقات ونقاشات من الجمهور الذي اعتبرته ملهمها الأكبر.