برلين - فلسطين اليوم
بدأت تظهر في ألمانيا ظاهرة مثيرة للجدل، تتمثل في ممارسة نساء حوامل لرياضة رفع الأثقال، وبذلك دبت الحياة من جديد في رياضة رفع الأثقال التي كانت قد تراجعت في ألمانيا، خاصة لدى النساء.
كان تنفس "إلي هاخمان" عميقًا فقد كانت تقوم بالإحماء، رافعة أثقالا حديدية بوزن 15 كيلوجرامًا، أثناء تدريب القرفصاء، الملفت للنظر في ذلك هو أنها حامل، وفي الشهر الثامن. تتدرب الألمانية هاخمان بشكل منتظم في إحدى صالات اللياقة البدنية.
هناك نساء حوامل أخريات تتدرب في الصالة بالأثقال: "بالنسبة لي فإن هدفي هو الحفاظ على قوتي قدر الإمكان"، حسب الألمانية البالغة من العمر 36 عاما.
هناك تزايد في أعداد النساء الحوامل اللاتي يتدربن في صالات رفع الأثقال في ألمانيا، "وذلك لأن عدد النساء اللاتي يقبلن على هذه الرياضة في تزايد بشكل عام، لقد تغير عالم اللياقة في السنوات الخمس إلى العشر الأخيرة" حسبما أوضحت هاخمان، والتي تعمل مدربة حرة للياقة والتغذية.
تريد النساء اللاتي تقصدن هاخمان للتدرب على يديها تكوين جسم جميل بدلا من مجرد تحقيق اللياقة، حسبما توضح المدربة، مشيرة إلى أن النساء اللاتي يمارسن رياضة رفع الأثقال أصبحن يقبلن بشكل خاص على رياضة "كروس فيت" التي تم نقلها لألمانيا من الولايات المتحدة، حيث تربط هذه الطريقة في التدريب بين تمارين رفع الأثقال و تدريبات الحركة و قوة التحمل.
وفقا للاتحاد الألماني لرافعي الأثقال فقد كان عدد النساء اللاتي شاركن عام 2018 في بطولات في ألمانيا أكبر من عدد الرجال، حيث بلغت نسبة المشاركة النسائية في هذه البطولات 51%، مقارنة بـ 33% عام 2016. وأوضح الاتحاد أن هؤلاء النساء اللاتي يمارسن رياضات ألعاب القوى هن في الغالب هاويات.
هناك حديث واسع في وسائل التواصل الاجتماعي عن رياضة رفع الأثقال بين الحوامل، حيث تظهر حاملات الأثقال والكثير من ممارسي رياضة "كروس فيت" على خشبة التدريب ببطونهن التي بداخلها جنين.
نشرت أكثر من 4900 صورة ومقطع مصور تحت عنوان «#pregnantathlete»أي "لاعبات قوى حوامل، على موقع انستجرام، تظهر فيها نساء حوامل وهن يرفعن أوزانا تثقل كاهل الكثير من الرجال.
ولكن مدربة "كروس فيت" الألمانية، هاخمان، تعتقد أن هذه الصور تظهر أيضا عالما مثاليا، لا يوجد بهذا الشكل أبدا، "وهو ما يغري بعض النساء بمقارنة أنفسهن بنساء لا يقدمن صورة واقعية للحقيقة".
قالت المدربة إنها لا تستبعد أن تتضرر لاعبات القوى اللاتي نشرت صورها على انستجرام وهي تعاود تدريبات "كروس فيت"، بعد ثمانية أسابيع فقط من الوضع، وقالت إنه ليس هناك من يتحدث عن ذلك.
تمارس هاخمان، التي تنتظر طفلها الثاني، تدريبات "كروس فيت "منذ عشر سنوات، وكانت قد بدأت لتوها هذه التدريبات عندما حملت للمرة الأولى، واستهانت بما يسببه الحمل للجسم، حسبما اعترفت بنفسها، قائلة: "ارتكبت أخطاء، تعلمت منها فيما بعد، سأراعي هذه الأخطاء الآن خلال الحمل الحالي، كنت أصغر سنا، أكثر سذاجة، وكانت الأنا تسيطر علي أكثر..".
تقول هاخمان إن رجالا ذهبوا إليها أثناء تدربها في صالة اللياقة وأعربوا لها عن قلقهم عليها سائلين إياها: "هل لا يزال التدرب بالأثقال ممكنا لها؟"، وأجابتهم بنعم، موضحة أنها لا تتدرب بكامل قوتها.
يقول طبيب النساء الألماني، كريستيان ألبرينج، رئيس اتحاد أطباء النساء، إنه يجب على المرأة الحامل ألا تمارس تدريبات البطن بشكل مركز، محذرا من أن التركيز على هذه التدريبات من شأنه أن يتسبب في مط النسيج الضامي الذي يربط بين عضلات البطن، بل وربما تمزيق هذا النسيج، لذلك يوصي أطباء الرياضة بأن يكون تدريب الأثقال معتدلا.
وفقا لكلية الرياضة في مدينة كولونيا، فإنه لم تعرف حتى الآن آثار سيئة لهذه التدريبات، بل بالعكس فإن التدريب الذي يتم بجرعات نموذجية يحسن القدرة الحركية والسيطرة على زيادة الوزن، ويقوي عضلات الظهر.
ولكن من المهم أيضا حسب الكلية، أن تستمع النساء لنداء أجسامهن ، وأن يمنحن أنفسهن استراحة إذا تطلب الأمر ذلك.
وفقا للمدربة هاخمان، فإن النساء اللاتي يردن التدريب يخفن من ارتكاب أخطاء، لذلك فإن الكثير منهن يعتمدن على الطبيب، ولكن الأطباء يتعاملون بصدود مع هذا الأمر لأنهم لم يطلعوا عليه بشكل كاف، حسبما أوضحت ماريون زولبريتسيو، اخصائية علم النفس الرياضي.
يقول الطبيب كريستيان ألبرينج إنه "وللأسف فإنه وحسب الرأي الأكثر تأثيرا على النساء، وهو الرأي القديم، فإنه من الأفضل للنساء أن يرحن أنفسهن.. لذلك فإن الكثير من الحوامل لا يتحركن كثيرا".
تتلقى زولبريزيو استفسارات متزايدة من النساء بشأن ممارسة التدرب بالأثقال أثناء الحمل.
يجيب خبراء من الأطباء الرياضيين وأطباء النساء والولادة واخصائيو علم النفس في إطار دائرة العمل "الرياضة والحمل" والتي تنظمها مدرسة الرياضة الألمانية، على أسئلة بشأن الرياضة أثناء الحمل.
قدم فريق الخبراء نحو 3500 استشارة حتى الآن، مع استمرار تزايد الاهتمام بهذا الموضوع.