غزة – علياء بدر
تمكّن طاقم أطباء قسم القسطرة القلبية في مجمع الشفاء الطبي في غزة من إجراء عملية نوعية جديدة ونادرة من علاج تكيس وعائي كبير ومزيف في الشريان تحت الترقوي اليساري عن طريق القسطرة ودون إجراء عملية جراحية لمريضة تبلغ من العمر 21 عامًا، كانت تعاني من آلام في اليد اليسرى وانتفاخ وتورم في منطقة الصدر في الجهة اليسرى.
وتبيّن من خلال صور الأشعة المقطعية وجود تكيس وعائي كبير ومزيف في الشريان تحت الترقوي اليساري. وترأس الطاقم رئيس قسم القلب و القسطرة الدكتور محمد حبيب وبمشاركة كل من أخصائي القلب الدكتور محمد كلوب استشاري جراحة الأوعية الدموية في مستشفى غزة الأوروبي والدكتور محمد حلس أخصائي القسطرة الداخلية للأطفال وطاقم التمريض.
وذكر الدكتور حبيب، أنه تم إدخال المريضة لقسم القسطرة القلبية وأجريت لها قسطرة تشخيصية وتركيب وصلة داخل الشريان مما أدى إلى إغلاق فوهة التكيس الوعائي المزيف، هذا وقد غادرت المريضة المستشفى في اليوم الثاني وهي بصحة جيدة ودون أعراض جانبية.
وتابع الدكتور حبيب، أن التكيسات الشريانية تحدث كنتاج لأي مرض يسبب إضعاف جدران الشرايين، ومن الممكن أن تسبب تكيسات شريانية مزيفة وتختلف عن نظيرتها الحقيقة في أن التكيس لا يكون جزءًا من الجدار، وإنما يحاط بطبقة من نسيج ليفي، ويحدث نتيجة إصابة جدار الشريان، فيكون الدم المتسرب تجمعًا دمويًا في النسيج المحيط بالشريان، وتنتظم أطراف هذا التجمع الدموي مكونةً حويصلة ليفية تتصل بتجويف الشريان عبر الفتحة.
واستطاع طاقم القسطرة القلبية من إجراء عملية نوعية لسيدة عمرها 52 سنة تعاني من تضخم القلب الانسدادي، حيث تمكّن الطاقم الطبي بنجاح من علاج هذا التضخم عن طريق القسطرة العلاجية للمريضة والتي كانت تعاني من تضييق في التنفس عند بذل أي مجهود ومن تضخم شديد وغير متجانس في عضلة القلب الأيسر أدى إلى تضييق شديد في ضخ الدم من البطين الأيسر إلى الشريان الأورطي، وذلك بزرع منظم مؤقت لضربات القلب، ومن ثم إجراء قسطرة لتثبيت الشريان الذي يغذي هذا الجزء المتضخم من عضلة القلب وحقنه بمادة كحول عالية التركيز الأمر الذي أدى إلى موت هذا الجزء وبالتالي إزالة هذا التضييق المتضخم.
وأوضح الدكتور حبيب، أن أول عملية قسطرة علاجية لهذا النوع أجريت على مستوى العالم كان في عام 1995 وأنّ عدد الحالات التي أجريت من هذا التاريخ وحتى عام 2000، كانت أقل من 800 حالة فقط، وهذه العملية عبارة عن إحداث جلطة قلبية محددة في جزء دقيق جدًا من عضلة القلب، مشيرًا إلى أن مرض تضخم القلب الوراثي وهو ما يعرف بتضخم عضلة القلب الأولى أو مرض تضخم القلب الانسدادي هو مرض يصيب كلا الجنسين من جميع الأعمار ولكنه أكثر ظهورًا في الشباب ويتميز بتضخم شديد وغير متجانس في سمك الجدار الفاصل بين البطينين ويعتبر من أهم الأسباب التي تؤدي إلى الموت المفاجئ عند الشباب.
وعلى رغم من الأزمات المتراكبة والمتعددة التي تعصف بالقطاع الصحي بسبب الحصار و نقص الموارد الصحية إلا أن وزارة الصحة لا زالت تسير على خطى جودة الخدمة الصحية وتحسينها للمواطن الغزي سعيًا منها لتخفيف عبء التحويل للخارج والمعاناة التي يتكبدها المريض على المعابر حيث بلغ عدد تحويلات القسطرة القلبية من بداية عام 2014 حتى ديسمبر (3,316) تحويلة تبعًا لمركز المعلومات الصحي.
وذكرت وزارة الصحة، أنه بدأ العمل في قسم القسطرة القلبية في مستشفى غزة الأوروبي بتاريخ 18/11/2006 بالتعاون مع الحكومة البلجيكية وقد كان القسم الأول والوحيد في مستشفيات قطاع غزة والتابع لوزارة الصحة والقادر على إجراء القسطرة القلبية بطاقة تشغيلية جهاز واحد وبتكلفة 1.7 مليون دولار، بالإضافة إلى مركز جولس التخصصي والذي بدأ يعمل عام 2004 ومركز الحياة 2010 ومستشفى الخدمة العامة 2011 وبطاقة تشغيلية جهاز واحد في كل مركز وبتكلفة 70 ألف دولار لكل جهاز.
وبتاريخ 5-11-2008 تم بعون الله تعالى وبتوفيقه عمل أول عمليتي قسطرة علاجية عن طريق توسيع الشريان التاجي بالبالون وتركيب دعامة لمريضين كانا يعانيان من تضييق شديد في الشرايين التاجية.
وفى 15-05-2009 تم زرع أول منظم لضربات القلب لمريض كان يعاني من نوبات إغماء متكررة نتيجة وجود خفقان في ضربات القلب.
وفي منتصف عام 2012، تم افتتاح قسم تصوير الشرايين الطرفية بواسطة الأشعة المقطعية 64 شريحة وأصبح الفحص الروتيني الذي يتم من خلاله تشخيص تضيق الشرايين الطرفية.
وبتاريخ 27-4-2013، تم إضافة جهاز قسطرة جديد بجانب الجهاز القديم في مستشفى غزة الأوروبي بتمويل من البنك الإسلامي للتنمية – جدة وبتنفيذ من الهلال الأحمر القطري ومنظمة الصحة العالمية.
وأصبحت القسطرة التشخيصية والعلاجية وزرع منظم ضربات القلب تجرى بشكل يومي وروتيني وبعد مرور سبع سنوات على افتتاح قسم القسطرة القلبية تم إجراء قسطرة تشخيصية وعلاجية الى 10309 مريض و159 منظم قلب ابتداء من تاريخ 18-11-2006 حتى 18-11-2013م .
وقد اهتمت الوزارة بتعزيز ودعم العلاقة والتعاون مع المراكز الطبية الخاصة داخل القطاع ، واستقطاب ذوي الخبرة لتدريب الكوادر الطبية في الوزارة وعقد العديد من البرامج التدريبية والندوات العلمية واللقاءات وذلك للتخفيف من معاناة المرضى سواء المادية أو النفسية والجسدية.
وأشار التقرير الصادر عن مركز المعلومات الصحي إلى أنه وصل أكبر عدد من حالات القسطرة إلى مستشفيات وزارة الصحة عام 2014 حيث بلغ عدد الحالات 1,988، منوهًا إلى أن هناك زيادة حادة في عدد حالات القسطرة القلبية خلال عام 2014 عن سابقتها، بنسبة (18.7%).
وأوضحت وزارة الصحة، أن أقسام القسطرة في مستشفى الأوروبي ومجمع الشفاء لم تقتصر على إجراء عمليات القسطرة للشرايين التاجية والطرفية بل سجلت العديد من العمليات النوعية منذ افتتاحهما حتى اللحظة حيث تم توسيع الصمام الأورطي والرئوي عن طريق القسطرة، وإغلاق الثقوب الخلقية بين حجرات القلب عن طريق القسطرة، بالإضافة إلى علاج تضخم القلب الانسدادى عن طريق القسطرة.
وأضافت أنه تم توسيع جذع الشريان التاجي الأيسر وإغلاق التشوهات الخلقية للشرايين الطرفية عن طريق القسطرة، وعمليات توسيع الشريان السباتي الذي يغذى المخ (Carotid Angioplasty).
وتم إجراء عمليات فتح الشريان العضدي الذي يغذي اليد بعد انسداده بشكل كامل "Brachial Angioplasty"، وتوسيع العديد من الشرايين التاجية التي تغذي القلب والساق والأقدام، إلى جانب عمليات إعادة فتح الشريان التاجي بعد حدوث الجلطة القلبية مباشرة أو في حالات هبوط حاد في الدورة الدموية.(Primary PCI, PCI in Cardiogenic Shock).
ونوه التقرير إلى أنه تم إجراء عمليات توسيع الشريان التاجي بعد جراحة القلب المفتوح لترقيع الشرايين وذلك بعد انسداد الأوردة التي تم استئصالها من الساقين وزرعها للشرايين التاجية في عضلة القلب (PCI for SVG)، وعمليات تركيب أول منظم لضربات القلب (Permanent Cardiac Pacemaker)وأجهزة الصدمة(ICD)وأجهزة تقوية عضلة القلب ((CRT لعشرات المرضى.
وتعمل مستشفيات وزارة الصحة على علاج الأورام السرطانية عن طريق إغلاق الشرايين المغذية لتلك الأورام، الأمر الذي يساهم في تقليل لنسبة الموت والنزيف أثناء إجراء الجراحة، بالإضافة إلى عمليات تفريغ المياه من الغشاء التيموري للعديد من مرضى قطاع غزة بما في ذلك الأطفال (Pericardiocentesis).
وتعتبر وزارة الصحة أن الحد من تحويلات العلاج خارج المؤسسات الصحية الحكومية وفق خطط وسياسات واضحة ومدروسة في مجال القسطرة القلبية يساهم بشكل كبير في توفير النفقات الطائلة التي تهدر من ميزانية السلطة الفلسطينية، وتعزيز المؤسسات الحكومية التي تعمل على إجراء القسطرة وتدريب الكادر المحلي من أطباء وتمريض على إجراء القسطرة, بالإضافة إلى تعزيز ثقافة البحث الصحي في مؤسسات الصحة الحكومية، والحد من التكاليف المالية الباهظة التي يتحملها ذوي المريض من أجل السفر ومرافقة المريض.