رام الله - فلسطين اليوم
على شاشة التلفاز، وأمام ملايين المشاهدين، صرخت مراسلة قناة 'الميادين' هناء محاميد، وسقطت أرضا، بعد إطلاق جنود الاحتلال قنبلة صوتية عليها بشكل مباشر، أصابتها بحروق بليغة في الوجه والرقبة، أثناء تغطيتها اقتحام منزل الشهيد فادي علون في قرية العيسوية شمال شرق القدس المحتلة، رغم وجود إشارات دالة على هويتها الصحفية.
هناء واحدة من بين 40 صحفيا، أصيبوا باعتداءات متفاوتة منذ بداية شهر أيلول ولغاية اليوم، بحسب نائب نقيب الصحفيين ناصر أبو بكر، تركزت معظمها في مدينة القدس المحتلة، حتى باتت عدساتهم تشكل 'بعبعا لجنود الاحتلال، كونها تفضح جرائمهم'.
وقبل أيام قليلة، تمكنت عدسة إحدى الكاميرات من التقاط فيديو، يظهر جنود الاحتلال وهم يعتدون بوحشية على طاقم إعلامي تابع لوكالة الأنباء الفرنسية، محطمين كاميراتهم أثناء تغطيتهم للمواجهات الدائرة في بلدة بيت فوريك شرق مدينة نابلس.
في هذا الصدد، يرجح المصور الصحفي في الوكالة عباس المومني، أن 'جنود الاحتلال أخذوا الضوء الأخضر من أعلى المستويات الإسرائيلية، بمنع الصحفيين من تغطية الأحداث، والاعتداء عليهم، خاصة بعد فضح جريمة قتل الشهيدة هديل الهشلمون، ومحاولة اعتقال الطفل محمد التميمي وضربه في قرية النبي صالح شمال غرب رام الله.
ويشير المومني إلى أن الجنود عادة ما يمنعون الصحفيين من التغطية، أو يحذرونهم من الاقتراب من المناطق العسكرية المغلقة، غير أن الفترة الأخيرة شهدت اعتداء مباشرا عليهم من خلال إطلاق النار وإصابتهم، كذلك ضربهم بالهروات كما يحصل في القدس.
ويتابع: 'في بلدة بيت فوريك، وصلت أنا وزميلي لموقع المواجهات، قمنا بارتداء اللباس المخصص للصحفيين، وما أن اقتربنا من موقع المواجهات، حتى قدم أحد الجنود باتجاهنا، وأخذ الكاميرات وحطمها، وكان يصرخ بشكل هستيري 'هذه بلدي، هذه منطقتي'، وهددنا بالقتل ووضع السلاح على رقبتي'.
و'في البداية أنكر الاحتلال الاعتداء، وادعى أن الكاميرات تحطمت نتيجة هروب أحد المصورين من المكان، غير أن أحد المصورين تمكن من التقاط الفيديو ودحض تلك الادعاءات، لتكون حجتهم بعدها أن الجندي مريض نفسيا'، يضيف المومني.
ويؤكد أن جنود الاحتلال أخذوا ما بحوزة الطاقم من مقتنيات شخصية لإخفاء الأدلة التي تدينهم.
وفي القدس المحتلة، تتجلى اعتداءات الاحتلال ومستوطنيه على الصحفيين، سواء بالضرب والمنع من التغطية وتوجيه الشتائم لهم.
وفي هذا السياق تقول الصحفية المقدسية كريستين الريناوي، إن الاحتلال يستخدم سياسة جديدة ضد الصحفيين في القدس 'في محاولة للتضييق عليهم وإرهابهم'، ومن ضمنها تحرير مخالفات سير بمبالغ تفوق الـ500 شيقل بحق الصحفيين، بدعوى عرقلتهم حركة المرور أثناء تغطيتهم الأحداث.
وتؤكد الريناوي التي تعمل مراسلة لتلفزيون فلسطين ووكالة 'وفا'، تصاعد تلك الاعتداءات بشكل كبير منذ بداية أيلول الماضي، سواء باستهدافهم بالمطاط والغاز المسيل للدموع، ورشهم بالمياه العادمة، كذلك استدعاء العديد منهم للتحقيق والإبعاد، 'لدرجة أن معظم ضباط الاحتلال يحفظون أسماءنا ويأمرون جنودهم باستهدافنا وطردنا من مكان الحدث'.
واعتبرت نقابة الصحفيين على لسان أبو بكر، أن 'ما يحصل هو نتيجة لأوامر تلقاها جنود الاحتلال من الحكومة الإسرائيلية، باستهداف كل صحفي ينقل حقيقة الاحتلال وجرائمه ويفضحها أمام العالم'.
وقال إن النقابة ومن منطلق خطورة ما يجري من أحداث حالية، قامت بمراسلة الاتحاد الدولي للصحفيين، وطالبته بضرورة إرسال لجنة تقصي حقائق إلى فلسطين، كذلك تحريك قضايا ضد ضباط وجنود الاحتلال.
ولفت إلى أن الاتحاد طلب توثيق جرائم الاحتلال عبر شهادات من صحفيين تعرضوا للاعتداء مشفوعة بالقسم، كذلك تزويدهم بصور وفيديو تثبت تلك الاعتداءات، داعيا الصحفيين إلى تقديم ما بجوزتهم من أدلة للنقابة تدين الاحتلال.
وطالب أبو بكر المسؤولين الفلسطينيين بضرورة مقاطعة الصحفيين الإسرائيليين وعدم التعامل معهم، 'على اعتبار أنهم أدوات للاحتلال يبثون الفرقة ويزورون الحقائق'، داعيا الصحفيين الفلسطينيين إلى مقاطعة المسؤولين الذين لا يلتزمون بقرار النقابة.