الرئيس الأميركي دونالد ترامب

عقد مفاوضون أميركيون وصينيون، الإثنين، أول جولة محادثات مباشرة بين الطرفين منذ اتفقت القوتان الاقتصاديتان الأكبر في العالم على هدنة تهدف إلى حل نزاعهما التجاري. وغادر الوفد الزائر بقيادة مساعد ممثّل التجارة الأميركي جيفري غيريش، فندقه في بكين من دون التحدث إلى الصحافيين في أول يوم من المحادثات,على أن يواصل الطرفان محادثاتهما،الثلاثاء.

وقالت وزارة الخارجية الصينية، ، إن الصين لديها "نيات طيبة" للعمل مع الولايات المتحدة على حل الخلافات التجارية, بينما علّق وزير التجارة الأميركي ويلبر روس، قائلًا إنه يعتقد أن الولايات المتحدة والصين ستتوصلان إلى اتفاق جيد بشأن المسائل التجارية العاجلة، بينما ستستغرق المسائل الهيكلية وقتًا وستكون أصعب. وأضاف:

أعتقد أن هناك فرصة كبيرة للوصول إلى تفاهم يرضي الطرفين في ما يتعلق بالخلافات الرئيسية، وهذا الأسهل للحل في رأيي».

وأوضح روس في تصريحات لشبكة «سي إن بي سي» أن جولة المحادثات الجارية في بكين بين أقوى اقتصادين في العالم من شأنها أن تسهم في المساعدة على تبين إن كانت المحادثات قادرة على حلحلة الأزمة.

وعزز الرئيس الأميركي دونالد ترمب الآمال الأسبوع الماضي بشأن إمكانية التوصل إلى اتفاق لإنهاء النزاع المستمر منذ أشهر، والذي فرض خلاله كلا البلدين رسومًا جمركية على واردات الآخر تبلغ قيمتها أكثر من 300 مليار دولار.

وقال ترمب، يوم الجمعة: أعتقد أننا سنتوصل إلى اتفاق جيد مع الصين». وأضاف: «لدينا مفاوضات تجارية ضخمة جارية مع الصين. الرئيس الصيني شي جينبينغ منخرط بشكل كبير وأنا كذلك. نتعامل على أعلى مستوى ونقوم بعمل جيد للغاية». وتوجه ترمب، الأحد، إلى منتجع كامب ديفيد الرئاسي، مشيرًا إلى أنه سيناقش ملف التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين مع كبار معاونيه، إضافة إلى مسائل أخرى.

ويشمل الوفد الأميركي في بكين مسؤولين من وزارات الخزانة والتجارة والزراعة والطاقة. وتأتي المحادثات بعد شهر من اتفاق ترمب وشي على تعليق زيادة الرسوم المقررة لثلاثة أشهر لمنح المفاوضين فرصة للتوصل إلى اتفاق وإنهاء النزاع الذي هز أسواق العالم.

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية لو كانغ، للصحافيين، "اتفقت الصين والولايات المتحدة على المضيّ قدمًا في التوافق الذي تم التوصل إليه بين الرئيسين لإجراء محادثات إيجابية بناءّة لحل نزاعنا»، رافضًا إعطاء مزيد من التفاصيل، وقال إن «الصدام التجاري بين الصين والولايات المتحدة لا يصب في مصلحة أحد؛ ولا في مصلحة الاقتصاد العالمي».

وأضعف تصاعد الخلاف ثقة المتداولين في الأسواق الصينية، حيث انخفضت أسواق الأسهم وتراجع سعر الين مقابل الدولار. وأغلقت أسواق الأسهم الصينية على ارتفاع، أمس، مع بدء المحادثات التجارية، بينما أبدت المصارف المركزية في بكين وواشنطن سياسات نقدية أكثر مرونة.

وتواجه الصين تباطؤًا في اقتصادها المحلي مع نمو بنسبة 6.5% في الفصل الثالث من السنة، في وقت صعّدت معركتها ضد الديون. وحددت الحكومة الصينية هدفًا للنمو بلغت نسبته 6.5% لعام 2018، مقارنةً بـ6.9% في 2017.

ومنذ إعلان الهدنة الشهر الماضي، اتخذت الصين إجراءات أولية لدعم المفاوضات، فعلّقت فرض رسوم إضافية على السيارات أميركية الصنع وقطعها لثلاثة أشهر، وتم استئناف شراء فول الصويا من المزارعين الأميركيين.

وبدأت شركة صناعة السيارات الأميركية «تيسلا»، الإثنين، في بناء مصنع في شنغهاي، لتصبح بذلك أول جهة أجنبية مصنِّعة للسيارات تستفيد من إلغاء القيود على الملكية في هذا القطاع في الصين، وفق ما أفادت وكالة أنباء «شينغوا».

وتأثر قطاع الصناعة في البلدين سلبًا بالنزاع التجاري، إذ تقلص القطاع في الصين الشهر الماضي لأول مرة منذ أكثر من عامين، حسب الأرقام الرسمية.

وانخفضت أسهم «آبل» الأسبوع الماضي بعدما أعلنت شركة التكنولوجيا العملاقة عن توقعات بانخفاض عائداتها إثر «التباطؤ الاقتصادي» الذي فاق التوقعات في الربع الأخير من العام في الصين، أحد أكبر أسواقها في الخارج. وتأتي محادثات بكين عقب مؤشرات طفيفة على حدوث تقدم وعدم صدور أي تهديدات جديدة عن ترامب في هذا السياق، في وقت يعمل الطرفان حاليًا على تخفيف حدة التوترات التجارية قبيل 1 مارس /آذار. وأطلق ترامب النزاع التجاري مبررًا موقفه بالشكاوى من ممارسات الصين التجارية غير المنصفة، والتي تثير كذلك قلق الاتحاد الأوروبي واليابان وغيرهما.

وأشار الرئيس الأميركي إلى تراجع الاقتصاد الصيني، منوهًا إلى أن ذلك سيدفع بكين إلى إبرام اتفاق مع واشنطن. لكن وزارة الخارجية الصينية شككت في تأكيدات ترمب هذه، أمس... وقال لو: «لدينا المرونة والإمكانيات المناسبة. لدينا ثقة تامة في الأسس السليمة بعيدة الأمد (التي يقوم عليها) الاقتصاد الصيني».

وفي هذا السياق، أشار مقال نشرته صحيفة «غلوبال تايمز» الرسمية، إلى أن الصين لن تخضع للمطالب الأميركية. وأكد المقال: «لو أن بكين أرادت رفع الراية البيضاء لكانت قامت بذلك قبل الآن»