غزة - فلسطين اليوم
تمركزت عشرات الدبابات وناقلات الجند المدرعة للاحتلال صباح امس، على المدخل الرئيس لقرية العقبة وجارتها قرية تياسير في الأغوار الشمالية، في مشهد جعل تلك المنطقة أشبه ما تكون بساحة حرب.
وانتشر مئات من جنود الاحتلال، ومن خلفهم عشرات الآليات العسكرية على امتداد الشوارع الرئيسة وفي السهول والمناطق الجبلية المحيطة التي تشبه في كثير من تضاريسها الجنوب اللبناني، لإجراء جولة مناورات عسكرية بالذخيرة الحية.
وقال الناشط الحقوقي، عارف دراغمة، إن المئات من جنود الاحتلال والعشرات من الآليات العسكرية انتشروا في ساعات الفجر الأولى على مشارف القريتين وفي محيط مساكنهما، حيث اتخذوا مواقع لهم، وذلك في إطار تدريبات عسكرية بالذخيرة الحية بالقرب من مساكن المواطنين.
ووصف دراغمة، التدريبات العسكرية التي يجريها جيش الاحتلال بالذخيرة الحية على مشارف قريتي العقبة وتياسير، ووسط مساكن الأولى في بعض الأحيان، بأنها لا تعدو كونها واحدة من وسائل القهر التي ينتهجها الاحتلال والهادفة إلى تهجير ما تبقى من أهالي هذه القرية الصغيرة على تل مطل على مناطق واسعة من الأغوار.
وعن أسباب اختيار سلطات الاحتلال لقرية العقبة أو كما وصفها رئيس مجلسها القروي الحاج سامي صادق بـ"واحة السلام"، لإجراء التدريبات العسكرية، قال، "إن العقبة تشبه في كثير من تضاريسها تضاريس الجنوب اللبناني، ولذلك لا ينفكون عن إجراء مناوراتهم العسكرية فيها، والتي تبث الرعب في صفوف الأهالي وتعرض الكثير من الأطفال لخطر مخلفاتهم العسكرية".
وأكد صادق، أن الأطفال يعيشون في حالة من الرعب والخوف الذي انعكس على دراستهم سلبا، فيما تعاني النساء ظروفا مضاعفة خاصة وأنهن يعملن في الزراعة وتربية المواشي التي غالبا ما تستهدف بفعل الاحتلال.
وتعرضت العقبة مرات كثيرة، لتهديدات من قبل سلطات الاحتلال تقضي بمسحها من على وجه الأرض وتهجير أهلها الذين صمدوا في كل مرة وجعلوا تلك التهديدات تذهب أدراج الرياح.
وتقع القرية، على امتداد سفح جبلي يطل على الأغوار، لتشكل عمليا بداية الأغوار، ويقابلها من الشمال جبل الخلايل، ومن الشرق جبل الخريبات، ومن الغرب تياسير، ومن الجنوب منطقة يرزة، وتحيط بها مناطق تستخدمها قوات الاحتلال للتدريب على الرماية، الأمر الذي أثر سلبا على تطور القرية ونموها العمراني والسكاني.
وقال صادق، "العقبة ورغم صغرها استطاعت أن تفعل الكثير، فأجبرت جيش الاحتلال على ترحيل معسكر "تسيفع"، وعلى عدم الدخول إلى باحات منازلنا واضطهادنا، بنشاطنا الشعبي والجماهيري والإعلامي الذي لاقى تجاوبا من جهات عدة في العالم".
وأضاف رئيس المجلس القروي، "قبل العام 1967 كانت تسكن القرية أكثر من 200 عائلة، إلا أن هذا العدد تناقص في ظل عمليات القتل التي نفذها الجيش الإسرائيلي ضدهم، وراح ضحيتها ثمانية شهداء وأكثر من خمسين جريحا منهم من يعانون من إعاقات دائما، وهو عدد كبير نسبيا إذا ما قورن بعدد سكان القرية، غالبيتهم سكنوا الخيام وعملوا في الزراعة".
وبعد احتلال الضفة الغربية في الرابع من حزيران العام 1967، أعلن جيش الاحتلال عن منطقة واسعة تقع القرية فيها، أنها منطقة عسكرية مغلقة، وجرت في القرية تدريبات متكررة شملت استخدام النيران الحية، وجرت لعدة أيام في كل أسبوع، واستمرت ليل نهار، وشملت استخدام الدبابات والمروحيات وإطلاق الرصاص.
ومست تلك التدريبات التي أغلق جيش الاحتلال خلالها الشوارع وأفسدت المحاصيل، بحياة أهالي القرية، حيث كانوا يعيشون في خوف مستمر، وتسببت باستشهاد وإصابة عشرات المواطنين من بينهم طفلة كانت في السادسة من عمرها نتيجة لانفجار قنابل لم تنفجر خلفتها ذخيرة التدريبات.
وكان من بين هؤلاء المصابين، رئيس المجلس القروي الذي أصيب في العام 1971 بثلاث رصاصات أطلقها جنود الاحتلال صوبه وهو يحصد محصوله، حيث لم يكن يتجاوز من العمر 16 عاما، ومن وقتها وهو أسير كرسي متحرك، ويعاني من شلل نصفي.