الخرطوم - فلسطين اليوم
عاشت الخرطوم نهاراً هادئاً، أمس الإثنين، في حين دعا "تجمع المهنيين السودانيين" إلى احتجاجات ليلية في منطقتين شعبيتين من العاصمة اليوم الثلاثاء. وقالت الحكومة، إنها توصلت إلى "مجموعة يسارية تستغل الاحتجاجات بشكل سلبي".
وقالت لجنة الأطباء المركزية المعارضة في بيان مقتضب، أمس، إن "طالباً جامعياً توفي متأثراً بطلق ناري في الرأس أصيب به الخميس الماضي، ليرتفع عدد قتلى هذا اليوم إلى ثلاثة.
ودعا تجمع المهنيين في بيانات مواطني منطقة شرق النيل والحاج يوسف في الخرطوم بحري، ومنطقة أم بدة في أم درمان إلى التظاهر اليوم من الخامسة عصراً، على أن تستمر الاحتجاجات طوال الليل. وتعد منطقتا أم بدة والحاج يوسف من المناطق الشعبية الأكثر كثافة في الخرطوم. ويتوقع المراقبون أن يحظى تنظيمهما مظاهرات ليلية بحضور لافت، باعتبارهما من المناطق الأكثر تضرراً وتهميشاً، وتأكيداً لانتقال المظاهرات من الطبقة الوسطى إلى الطبقات العمالية والشعبية.
واتهم وزير الدولة في وزارة الإعلام مأمون حسن إبراهيم، مجموعة يسارية مكونة من 28 شخصاً بالضلوع في أعمال تؤثر على أمن المواطن، مشيراً إلى أن لجاناً عليا تتابع الأحداث من الأجهزة الأمنية المختلفة، تتعامل مع الأحداث على مدار الساعة. وقال إبراهيم في مؤتمر صحافي بالخرطوم، أمس: إن "الأجهزة الأمنية تعمل على تأمين الدولة والمواطنين، وكشفت جهودها أن هناك من يديرون بشكل مباشر العمل في إطاره السلبي"، في إشارة إلى تنسيق الاحتجاجات.
وقطع بأن لدى حكومته شواهد كثيرة متوافرة للجان الأمنية عن عناصر واضحة مرصودة داخل البلاد وخارجها، عددها 28 شخصاً ينتمون إلى التيار الشيوعي واليساري بشكل عام، وعناصر من الحركات المسلحة، خصوصاً حركة عبد الواحد محمد نور، يقودون الأحداث باتجاهات سلبية، من دون الإفصاح عن طبيعة نشاطهم.
وجدد المسؤول الحكومي التأكيد على حق المواطنين في التعبير والاحتجاج، معترفاً بوجود أزمة. بيد أنه اشترط على المحتجين التظاهر وفقاً لمسار الدولة. وتابع: إن الدولة تمارس عملها المباشر في حماية حتى المحتج، ومن واجبها حمايته وتوفير البيئة التي تجعله يعبر عن رأيه بشكل مباشر.
واعتبر الأمين العام لـ"الحزب الشيوعي" السوداني محمد مختار الخطيب، في مؤتمر صحافي آخر، أن "الحكم بدأ يترنح نتيجة لتراكم العمل النضالي الذي جعله يواجه الصفعات أينما ذهب، وبعض قادته انسلخوا عنه، في حين تخلى عنه عدد مقدر من حلفائه الذين حكّموا ضمائرهم والتحقوا بالانتفاضة".
وندد بـ"العنف والظلم الذي يمارسه النظام تجاه الشعب"، معتبراً أنه "مهما طال لن يوقف إرادة الجماهير التي خرجت إلى الشوارع في احتجاجات سلمية". وقال: إن "الجماهير تجاوزت العنف المفرط والقتل، منطلقة من قوة منطقها المستند على سلمية المواكب". ورأى أن العنف المفرط الذي استخدمه النظام ضد المتظاهرين السلميين ناتج من فقدانه أعصابه؛ لذلك يحاول تبرير عنفه بوجود عناصر مندسة. وانتقد ما تعرض له المركز العام لحزبه من قبل قوة أمنية كبيرة، أول من أمس، واعتقال أحد أعضاء لجنته المركزية بعد خروجه من المقر.
وأدان الخطيب العنف ضد المحتجين والاعتقالات، وإطلاق الرصاص الحي على المواكب السلمية، وحصار دور الأحزاب والتعرض لكوادرها، مطالباً بإطلاق سراح المعتقلين. وتعهد بمواصلة النضال مع الجماهير لإسقاط النظام وإقامة دولة مدنية ديمقراطية، وتصعيد الكفاح المدني للوصول إلى الإضراب السياسي والعصيان المدني.
في المقابل، نقل موقع "باج نيوز" الإخباري السوداني عن مدير جهاز الأمن والمخابرات في السودان صلاح عبد الله غوش، أن جهازه يعمل على حفظ أرواح المواطنين. واتهم متظاهرة لم يكشف عن هويتها بقتل الطبيب بابكر سلامة الخميس الماضي، لدى معالجته جرحى من المتظاهرين. وقال: إن جهازه يملك صوراً للحظة إطلاقها الرصاص، متعهداً "القبض عليها ومحاكمتها وإعدامها".
كما تعهد غوش، بحسب الموقع، الدفاع عن مشروع النظام وقال: "لن نسمح بسقوط نظام الإنقاذ عن طريق المظاهرات". وأضاف: "رغم الضوائق الاقتصادية، فغالبية الشعب تفهم ما يجري ولم تتجاوب مع دعوات المظاهرات". وانتقد سياسات خاطئة في التعامل مع الشباب، مثل التضييق عليهم في أماكن الترفيه... وإغلاق مقاهي الشيشة.
وكشف عن تعامل قواته مع أكثر من 700 مظاهرة خلال فترة الاحتجاجات، مشيراً إلى أنها حرصت على تفريق المشاركين مع حفظ أرواحهم، عن طريق نشر قوات كثيفة لدى الدعوة إلى المواكب لتشتيتها أولاً بأول. وهاجم الحزب الشيوعي بضراوة، متهماً عناصره بالضلوع في قتل المتظاهرين لإلصاق التهمة بجهازه.
وانتقد "تجمع المهنيين السودانيين" في بيان، أمس، ما ورد في التسريبات المنسوبة إلى رئيس جهاز الأمن، وتعهد "بعدم التراجع حتى إزالة النظام". وقال: إن "تجمع المهنيين مع جماهير الشعب السوداني يعون أن النظام آفل"، وأن "القفز إلى خانات جديدة في خضم الصراع، لن يكون إلا لإعادة إنتاج النظام بالوجوه نفسها، لكن مع تغييرات شكلية".