الرئيس الأميركي دونالد ترامب

 تسعى الولايات المتحدة في وارسو هذا الأسبوع لحشد العالم حول رؤيتها للشرق الأوسط، وأبرز خطوطها تتمثل في ممارسة ضغوط قوية على إيران وتعزيز الدعم لإسرائيل، لكن يبدو لم تنجح في كسب تأييد أطراف جديدة لا سيما مع خفض القوى الأوروبية تمثيلها.
إعلان

انطلق الأربعاء مؤتمر وارسو للشرق الأوسط الذي يستمر ليومين، وأشار وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إلى أن وزراء الخارجية من بلدان عديدة سيتعاملون في بولندا مع مسألة "نفوذ (إيران) المزعزع للاستقرار" في الشرق الأوسط.

فتسعى الولايات المتحدة في وارسو لحشد العالم وكسب تأييد أطراف جديدة حول رؤيتها للشرق الأوسط وتتلخص بممارسة أقصى درجات الضغط على إيران وتعزيز الدعم لإسرائيل.

ويشكل التجمع مناسبة لاستعراض وحدة الصف كرد قوي على نظام إيران الديني الذي يحتفل هذا الأسبوع بمرور 40 عاما على إطاحة الإسلاميين المتشددين بالشاه المقرب من الغرب محمد رضا بهلوي وإقامة الجمهورية الإسلامية.

لكن مع تأكد حضور عدد محدود فقط من الشخصيات البارزة، خففت الولايات المتحدة وبولندا جدول الأعمال فأشارتا إلى أن المؤتمر لن يركز على إيران أو يؤسس تحالفا ضدها لكنه سيهتم أكثر بالنظر بشكل أوسع إلى الشرق الأوسط.

من جهته سيلقي نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس خطابا أمام المؤتمر الذي يشارك بومبيو في استضافته.

خفض القوى الأوروبية تمثيلها في وارسو

ورغم أن الاجتماع يجري في الاتحاد الأوروبي، ستخفض كبرى القوى الأوروبية تمثيلها فيه باستثناء بريطانيا التي ستوفد وزير خارجيتها جيريمي هانت، الذي أشار إلى أن أولوياته تتمثل بالتطرق إلى الأزمة الإنسانية التي تسببت بها الحملة العسكرية التي تقودها السعودية في اليمن.

وبررت مسؤولة العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني عدم حضورها بارتباطها بالتزامات مسبقة لكنها ستلتقي بدلا من ذلك بومبيو في بروكسل وهو في طريقه إلى الولايات المتحدة.

وحتى مضيفة المؤتمر بولندا، والتي تسعى لتعزيزعلاقاتها بالولايات المتحدة أمام تنامي النفوذ الروسي،  أكدت من جانبها  أنها لا تزال ملتزمة موقف الاتحاد الأوروبي الداعم لاتفاق 2015 الذي تفاوض عليه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لتخفيف العقوبات على إيران مقابل فرضها قيودا على برنامجها النووي.

وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحابه من الاتفاق العام الماضي، واصفا إياه بـ"الرديء" وأعاد فرض عقوبات تهدف لخنق اقتصاد إيران والحد من نفوذها الإقليمي.

"صفقة القرن" بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟

أما الدول التي توفد مسؤولين كبار إلى وارسو، فهي تلك التي تدعو لتشديد النهج حيال إيران وتشمل إسرائيل، التي يشارك رئيس وزرائها بنيامين نتانياهو فيالمؤتمر، وحلفاء واشنطن العرب على غرار الإمارات العربية المتحدة.

وأوضح نتانياهو أن إيران ستتصدر جدول الأعمال إذ ستجري مناقشة "كيفية مواصلة منعها من ترسيخ وجودها في سوريا ومنع أنشطتها العدائية في المنطقة، والأهم من ذلك كله، كيفية منعها من الحصول على أسلحة نووية".

لكن يتوقع أن تكشف الولايات المتحدة في وارسو عن ملامح تتعلق باقتراحاتها من أجل تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

وسيلقي مستشار ترامب جاريد كوشنر، الذي يضع اللمسات الأخيرة على "صفقة القرن" المتعلقة بالشرق الأوسط، خطابا نادرا من نوعه خلال المؤتمر الخميس.

مع ذلك، لا يتوقع أن يكشف كوشنر المقرب عائليا من نتانياهو، عن الاقتراحات الواردة في الصفقة إلا بعد انتخابات 9 نيسان/أبريل التي ستجري في إسرائيل.

ولا شك في أن إدارة ترامب ستلاقي صعوبات في إقناع السلطة الفلسطينية بأي اتفاق إذ أن الأخيرة لا تزال ممتعضة من قرار ترامب التاريخي في 2017 الاعتراف بالقدس المتنازع عليها عاصمة لإسرائيل.

ورفضت الحكومة الفلسطينية التي وصفت مؤتمر وارسو بأنه "مؤامرة أمريكية"، عقد أي محادثات مع الولايات المتحدة ما لم تتبع الأخيرة سياسية متوازنة، على حد تعبير الجانب الفلسطيني.

قمة إيرانية روسية تركية متزامنة

إيران التي لم تدع إلى وارسو، استدعت السفير البولندي للاحتجاج. لكن في مسعى لاستعراض نفوذ بلاده الدبلوماسي، سيسافر الرئيس الإيراني حسن روحاني تزامنا مع انعقاد المؤتمر إلى روسيا التي رفضت حضور اجتماع وارسو.

وسيلتقي روحاني في منتجع سوتشي المطل على البحر الأسود بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان لمناقشة الوضع في سوريا، التي قرر ترامب سحب قواته منها.

وقال وزير الخارجية البولندي جاسيك تشابوتوفيتش إن مؤتمر وارسو "سيطلق عملية" لتحقيق الاستقرار في الشرق الأوسط بينما أفاد مسؤول أمريكي إن الدول ستعقد اجتماعات للمتابعة.

وشرح علي فائز المسؤول عن الشأن الإيراني لدى مركز أبحاث "مجموعة الأزمات الدولية" أن الولايات المتحدة تبدو عازمة على استغلال مؤتمر وارسو لتوسيع تحالفها المناهض لإيران الذي يضم حاليا إسرائيل والسعودية والإمارات.

لكنه أوضح "أشك في إمكانية نجاح واشنطن بتحقيق هذا الهدف. فبينما يشاطر كثيرون في أوروبا الولايات المتحدة قلقها المتعلق بأنشطة إيران في المنطقة وبرنامجها للصواريخ البالستية، لا يتفقون مع نظرة واشنطن أحادية الجانب والمبالغ فيها بأن إيران مصدر الشر كله في المنطقة".