غزة – حنان شبات
نظمت حركتي "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" وحركة "الجهاد الإسلامي"، الثلاثاء، لقاءً سياسيًا مع أبرز ممثلي القوى الوطنية والإسلامية وعدد من المستقلين والصحافيين في حلقة نقاش مفتوح حول "المأزق الفلسطيني وآفاق الحل".
ودار الحديث حول أبرز القضايا والأزمات، ومن بينها: قضية الاستيطان، القدس، الأسرى، إعادة الاعمار، أزمة الكهرباء وغيرها من القضايا التي باتت تؤرق المواطن.
وأكد عضو المكتب السياسي لـ"الجبهة الشعبية" الدكتور رباح مهنا، أنّ الوضع الفلسطيني صعب للغاية ومحاط بجوٍ عربي يسوده الاقتتال والتطرف والشرذمة، لافتًا إلى أنّ الوضع الدولي منحاز بقيادة أميركا إلى وجهة الكيان الصهيوني، كما أوضح أنّ هناك تدخلات إقليمية ودولية أصبحت تؤثر على قراراتنا.
وأشار مهنا، إلى أنّ "الانقسام الفلسطيني ألحق الضرر بقضيتنا وبشعبنا، وبات إنهاؤه مهمة وطنية"، وأضاف أنّ "معركتنا الحقيقية والرئيسية في الضفة المحتلة التي تتعرض للاستيطان وفي القدس التي يسعى العدو الصهيوني إلى تهويدها، وتابع، "أبناء شعبنا في الشتات يعانون وبشدة بسبب تجاهل منظمة "التحرير الفلسطينية" لهم"، كما أعرب، عن آماله أنّ يحقق النقاش الهدف المرجو منه وأن ينجم عنه خلاصة يمكن الاستفادة منها والبناء عليها.
من جهتها، تحفظت مدير طاقم شؤون المرأة نادية أبو نحلة، على ما ذكره مهنا، حول أنّ المعركة الحقيقية في الضفة الغربية، وأبرزت أنّ "المعركة الحقيقية معركة الفلسطينيين أينما وجدوا، سواء في مخيم اليرموك أوالشتات أوفي أراضي 48 أو في قطاع غزة الذي خاض ثلاثة اعتداءات متكررة، منوهةً إلى أنّ الانقسام لم يعد يجدي النقاش فيه، نظرًا لأنه يوجد قوتين متنفذتين ومتفردتين بالقرار الفلسطيني، لديهما مصالح فئوية وحزبية يعملوا من أجل حمايتها،
وأردفت أبو نحلة، "حماس" تقاتل من أجل موظفيها ولا تقاتل من أجل ما يقارب 100 ألف مشرد دمرت بيوتهم في الحرب"، وزادت، أنّ هناك برنامج وطني فلسطيني انحرفنا عنه بعد اتفاقية "أوسلو" وأن هناك برنامج آخر، برنامج "الاخوان" الذي تنجر إليه غزة، واستكملت "إننا بحاجة إلى عقد انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني"، ودعت إلى ضرورة تفعيل الإطار القيادي المؤقت لـ"منظمة "التحرير"" وإلى ضرورة الاتفاق على برنامج وطني يحدد سبل وآليات الكفاح المطلوبة.
أما الناطق الرسمي باسم حركة "حماس" سامي أبو زهري، أفاد أنّ المخرج الحقيقي من المأزق الفلسطيني؛ ضرورة توافر الإرادة السياسية؛ لتحقيق المصالحة، منبهًا إلى أنّ هذه الإرادة غير متوافرة، ملمحًا إلى أنّ الإطار القيادي، المرجعية لشعبنا وليس الحكومة الفلسطينية، معقبًا أنّ إنجاح الحكومة يكون من خلال حل مشكلة الموظفين.
واستأنف أبو زهري، إن تسهيل عمل الحكومة مهمة وعبارة يجب أن لا توجه لحركة حماس على حد قوله، متسائلًا إن كان رئيس الوزراء رامي الحمد الله مخول فعلًا لممارسة صلاحياته في غزة، واسترسل، "حماس" قدمت خلال العدوان ثلاثين مليون دولار في خدمة المواطنين؛ لكن ماذا فعلت السلطة في المقابل أثناء العدوان.
كما أبدى ملاحظاته على زيارة وفد الوزراء إلى غزة حيث أنهم جلسوا في الفنادق بدلًا من الذهاب إلى وزاراتهم مستغربًا عدم اتصال رامي الحمد الله ولو لمرة واحدة بوكيل وزارته في غزة، واستطرد، أن مشكلة الموظفين الحقيقية؛ عدم الاعتراف بشرعيتهم، مظهرًا أنّ حركته معنية بإنجاح الحكومة، ومشددًا على ضرورة توقف سياسة التمييز التي تمارسها حسبما قال.
وردًا على مداخلة أبو نحلة، علق أبو زهري "صحيح هناك برنامجين الأول وطني والآخر تفريطي؛ لكن للمرة الأولى نسمع عن برنامج يسمى مشروع "الاخوان" وإذا كان ذلك صحيحًا فأنا أتشرف بأنه مشروعي، نظرًا لأنه خاض ثلاثة اعتداءات ببسالة وأفرج عن مئات الأسرى والمعتقلين".
كما استدرك قائلاً "شرعيتنا اكتسبناها من الشعب الفلسطيني حيث حظينا على 60% من الأصوات ولا يمكن لأحد أن يزاود علينا أو على إنجازاتنا".
وكان المحلل السياسي، أكرم عطا الله، وجهة نظر مغايرة في شرعية سيطرة حركة "حماس" على قطاع غزة، وذكر "لا يحق لأحد أن يتحدث عن الشرعية، دخل السجل الانتخابي منذ آخر انتخابات ما يقارب 900 ألف ناخب جديد، نظرًا لبلوغهم السن القانوني وجميعهم لم ينتخبوا قط ومن انتخبوكم بنسبة 60 % مات معظمهم فلا أعلم عن أية شرعية نتحدث، وعندما نريد الانتخاب نذهب إلى للشعب الذي عليه أن يقرر من يمثله".
كما هاجم عطا الله في حديثه، السلطة الفلسطينية التي رأى أنها لا تضع أي كرامة لشعبنا، كما وصفها بـ"السلطة الفاشلة" التي كان يجب أن تنتهي منذ عام 1999.
وحول مشكلة الموظفين، ركز على أنّ هناك فعلًا مشكلة في 40 ألف موظف؛ ولكن المشكلة الأكبر في نظره إلى مشكلة 170 ألف باطل عن العمل، متسائلًا عن مصيرهم في ظل استمرار الوضع على ما هو عليه؟.
وقال أبو الوليد الزق، إننا نفتقر إلى الإيمان بأن العمل النضالي لا يقتصر على بيانات وتصريحات خجولة، داعيًا إلى ضرورة النزول إلى الشارع والضغط الميداني في غزة؛ لإنهاء ملف الانقسام "الأسود".
من جانبها أعربت، عضو المكتب السياسي لـ"الجبهة الشعبية" الدكتورة مريم أبو دقة أنّ ما يجري في غزة سيناريو مخطط له، منبهةً إلى أنّ ما يتعرض له مخيم اليرموك، مسلسل الهدف منه واضح يتمثل في شطب "حق العودة".
وفصّلت أبو دقة، أنّه لم يسبق لأي ثورة في التاريخ أن انتصرت من دون وحدة وطنية، مطالبةً بإجراء الانتخابات والعمل على إنهاء الانقسام وأن يكون هناك برنامج وطني يحمل الحد الأدنى من القواسم الوطنية المشتركة.
بدوره، رد القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خالد البطش، أنّه من الطبيعي أن يكون هناك تنوع بالأفكار؛ ولكن المشكلة الحقيقية تكمن بتحول هذا التنوع إلى تناقضات و نزاعات، واعتقد بأن سبب هذه التناقضات يرجع إلى عدم وحدة المؤسسة الوطنية وعدم وحدة الإطار القيادي الممثل للشعب الفلسطيني، فضلًا عن عدم التوافق على مشروع وطني واحد حيث تآكل المشروع الوطني بفعل الضربات السياسية.
وتطرق البطش إلى أسباب عدة أسهمت في إحداث هذه التناقضات وتكريسها ومن بينها الاحتلال الصهيوني وتداعياته وما يحدث في الضفة وغزة وأراضي 48، وقضية ثانية تتعلق بالبعد العربي الذي لم يعد حاضنًا للمقاومة ودخل ضمن مشاريع كونداليزا رايس، وباح أنّه "لم يعد العدو المركزي للعرب العدو الصهيوني؛ بل أصبحت إيران بديلًا عن الكيان الصهيوني وأصبح السني يذبح الشيعي".
ولفت إلى أنّ الحل الأنسب للخروج من المأزق الفلسطيني؛ الحوار الوطني على أسس واضحة وإيجاد حيز يمكن الشراكة فيه وهو فلسطين، وأفصح أنّ هناك اتصالات جرت بينه وبين رئيس الوزراء رامي الحمد الله، الاثنين، بهدف الاستفسار عن سبب رحيل الوزراء المفاجئ بهذه الطريقة المثيرة للاستغراب، وكشف عن تعهدات قدمها له الحمد الله، من كونه سيزور القطاع خلال الأيام القليلة المقبلة من أجل السعي لحل جميع المشاكل والقضايا العالقة، مفيدًا أنّه سيبذل كل الجهود لتجاوز الأزمات.
وفي نهاية الحوار جمعت جميع القضايا التي طرحت كما تمت صياغة "نداء المصالحة والوحدة " الذي يعد بمثابة صرخة وطنية لإعادة توجيه البوصلة لوجهتها الحقيقية، وتوحيد كل الجهود من أجل مصالحة وطنية حقيقية، وتحويل الاشتباك السياسي والدبلوماسي باتجاه الاحتلال.
وطالب المجتمعون باعتماد مبدأ الحوار الوطني الشامل والشراكة الوطنية، وتغليب المصلحة الوطنية على المصالح الفئوية الفصائلية قاعدةً أساسية في حل الخلافات والإشكاليات القائمة.
كما تمت الدعوة إلى ضرورة الاحتكام إلى الديمقراطية، والتوافق الوطني حيثما تطلب ذلك، بما يفتح العنان للحريات العامة ضامنًا أساسيًا لوحدة المجتمع والسلم الأهلي، وهذا يتطلب المضي قدمًا في إنجاز موضوع المصالحة، وتسهيل مهام حكومة التوافق، وتذليل كل العقبات والخلافات التي تظهر على السطح، بما فيها مشكلات الموظفين، والمشكلات الاجتماعية الراهنة.
ودعت الفصائل المجتمعة الإطار القيادي المؤقت لـ"منظمة التحرير الفلسطينية" للانعقاد فورًا وضمان انتظام اجتماعاته، من أجل بحث مجمل التطورات الراهنة، ومن أجل صوغ استراتيجية وطنية شاملة تستند إلى برنامج القواسم المشتركة لمواجهة التحديات الراهنة، ورسم خطة مواجهة ضد الاحتلال تعتمد المقاومة الشاملة سبيلًا.
وأجمعت الفصائل، "ندعو الرئيس أبو مازن لإطلاق جلسات الحوار الوطني وفق ما تم الاتفاق عليه في القاهرة واتفاقيات ثانية؛ لقطع الطريق على كل المحاولات التي تستهدف تدمير المشروع الوطني والنيل من حقوقنا الوطنية، وذلك من خلال تحديد موعد لإجراء الانتخابات الرئاسية، والبلدية، التشريعية، والمجلس الوطني".
وجددت الفصائل في نهاية لقائها، مطالبها ببناء المؤسسات الوطنية الفلسطينية على أسس وطنية وليس حزبية، بما يعزز مبادئ تكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ويواجه مظاهر الفساد الإداري والمالي، وبما يوصلنا لاقتصاد وطني مقاوم.