أنقرة - قنا
حمل العام 2015 الكثير من المفاجآت غير السارة للاقتصاد التركي، ما جعل المستثمرين في تركيا يعيشون أسوأ كوابيسهم جراء انعكاسات السياسة التركية داخلياً ودولياً، ما ساهم في الحد من تقدم الاقتصاد التركي الذي طالما وصف بالصاعد.
وشهد الاقتصاد التركي، خلال العام الجاري، انتكاسة طالت مختلف مجالات الاستثمار، في ظل الفوضى وموجة الاحتجاجات الشعبية المنتشرة في معظم مدن البلاد.
وانعكست التوترات الداخلية بشكل جلي على الأسواق المحلية، كما أثارت مخاوف المستثمرين الأجانب والمحليين، وأثرت على السيولة المالية في تركيا، ووصلت قيمة الأموال التي تراجعت فوائدها بخروج الأجانب بأموالهم من تركيا، إلى مليار و535 مليون دولار، خلال شهر واحد.
وتسبب تجدد الحرب العرقية بين الحكومة التركية، ومتمردي حزب العمال الكردستاني، بالإطاحة بالليرة التركية، أمام الدولار الأمريكي، كما ألقت الحرب بظلالها على الاقتصاد التركي عموماً.
وأدت التوترات الأخيرة، والغموض السياسي الذي أعقب خسارة حزب “العدالة والتنمية” للغالبية التشريعية في انتخابات (يونيو/ حزيران) الماضي، إلى وقف فترة الانتعاش الاقتصادي التي تمتعت بها البلاد لأعوامٍ خلت.
ودولياً؛ خسرت الشركات التركية 7 مليار دولار في ليبيا، بسبب الأزمة بين البلدَين على خلفية اتهام أنقرة بدعم فصائل إسلامية في ليبيا، وتضعضع التبادل التجاري مع تونس بعد الأزمة التي سببتها اتهام وزير الخارجية التونسي، لأنقرة بتسهيل عبور العناصر المتطرفة إلى سوريا والعراق للانضمام إلى تنظيم “داعش” المتشدد وغيره من المجموعات المتشددة.
وفي (مايو/ أيار) الماضي، تكبدت الصادرات التركية خسائر كبيرة، بسبب إلغاء مصر لاتفاقية “الرورو” التجارية، على خلفية دعم أنقرة لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في مصر.
أما أبرز الانتكاسات التي طالت الاقتصاد التركي، خلال العام 2015، فتمثلت في فرض روسيا لعقوبات اقتصادية وتجارية، كردٍ على إسقاط تركيا مقاتلة روسية؛ قالت إنها اخترقت الأجواء التركية، في 24 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.
وانعكست الأزمة على المستثمرين الأتراك في روسيا، بالتضييق عليهم رسمياً وشعبياً، وتستثمر أكثر من 2000 شركة تركية في روسيا، برؤوس أموال تتجاوز 10 مليارات دولار أمريكي، بالإضافة إلى تواجد نحو 60 ألف عامل تركي في سوق العمل الروسي، كما هددت الأزمة الأخيرة شركات البناء والإنشاءات التركية، التي تستثمر بحوالي 60 مليار دولار.
ويتخوف اقتصاديون أتراك من انعكاس الأزمة الأخيرة على قطاع الطاقة، ما سيؤدي إلى نتائج كارثية لتركيا المتعطشة للطاقة، والتي تستورد 20% من استهلاكها من النفط، و60% من استهلاكها من الغاز الطبيعي، من روسيا.
وفي حال إعادة روسيا النظر في استثماراتها الموجودة في تركيا؛ وعلى رأسها مشروع “التيار التركي” المزمع إنشاؤه لتزويد أوربا بالغاز الروسي عبر تركيا، بالإضافة إلى الاستثمار الروسي في إنشاء محطة “آكويو” النووية، على ساحل البحر الأبيض المتوسط، جنوب تركيا، المقدرة كلفتها بحوالي 20 مليار دولار، سيضع ذلك الحكومة التركية في موقف حرج، بتضييق الخناق عليها اقتصادياً.
أرسل تعليقك