تفرد على مدى ساعتين من الزمن 14 شخصيّة، تزدحم في شخصيّة ممثلة واحدة، تروي تفاصيل "جوليا" منذ كانت جنيناً في بطن أمّها إلى لحظة الوداع، في صراعٍ متدرجٍ مع الحياة، وانفعالاتٍ منطقيّة لشخصيّة حيويّة من لبّ الحياة والواقع المعيش.
الفنانة "أنجو ريحان" وفي لحظات الانتقال بين مرحلة وأخرى؛ كانت تسير بالقصّة، وتمنح كلّ مرحلة زمنيّة حقّها بثباتٍ وثقة عاليين، فيضحك الجمهور ويبكي، تبعاً لقسوة المشهد، وحدّة الواقع، وكسره في لغةٍ كوميديّةٍ سوداء، في لغة "مونودراما" مسرحيّة تستنزف المجهود وتبعث الطاقة في "جوليا" وجمهورها معاً.
مشوار
تروي الحكاية مشوار امرأة وتفاصيل حياتها ابتداء من والديها "علي" و"إنصاف"، وفترة الحمل، إلى ولادتها في برج البراجنة في بيروت إلى نموها وعدم تقبل والدتها لها، وتطوّر شخصيّتها في ظروف نفسيّة قاسية، ومرورها بمفاصل كثيرة من حياتها وولادة حركاتها الصبيانيّة، وزواج والدها على والدتها، وزواجها، وموقفها من الحجاب، نهاية بصراعها المرير مع مرض السرطان الذي حلّ بها، وكيف استطاعت مواجهة هذه الحالة الصعبة.
والمسرحيّة معالجة في سياقٍ منسجم بدراسة تفاصيل مهمّة من حياة هذه المرأة، حيث يتعاطف الجمهور معها ويضحك، ويتأثر بجوانب كثيرة تشبه تفاصيل حياته، وكنساءٍ على وجه التحديد، فالمقصود من جوليا هو المرأة العربيّة بالمجمل وليس فقط المرأة المحليّة "اللبنانيّة" هي المعنيّة بذلك، وهذا ما أوضحته لنا بطلة العرض "جوليا" الفنانة "أنجو ريحان".
حركة حقيقيّة
تقول "ريحان" عن فترة التحضير لـ العمل المسرحي: " لقد أخذت مسرحيّة "جوليا" وقتاً طويلاً في العمل على النص والإعداد، وتركيب الشخصيّات، وقد بقينا في ورشة العمل مدّة 6 أشهر إلى أن وصلنا إلى الشكل الذي اعتمدناه في المسرحيّة. وما يريحني هو ردّة الفعل الإيجابيّة التي ألاحظها من الناس التي جاءت وتابعت العرض، وأيضاً هناك حركة حقيقيّة بين متابعين، وصحافة، وحضور".
جوليا – مونودراما
بدأ المخرج والكاتب "يحيى جابر" سابقاً بمسرحيّة "بيروت طريق جديدة"، ثم مسرحيّة "بيروت فوق الشجرة" معتمداً على الطريقة نفسها في الإخراج من حيث الاعتماد على ممثل واحد، وفي العملين السابقين وقع اختياره على الممثل "وليد عيتاني" إضافة إلى مشاركة عازفي موسيقا يؤدون معه أحياناً أدواراً صغيرة. لكن في مسرحيّته الجديدة "اسمي جوليا" كان التحدي أكبر من خلال اختيار الفنانة "أنجو ريحان" وحدها على الخشبة لمدّة ساعتين كاملتين من دون مشاركة أحد ضمن منطق فنّ الـ"مونودراما" المسرحي.
أجمل شيء في حياتي
تضيف "ريحان" في تصريحها أيضاً عن تجربتها مع المخرج والكاتب يحيى جابر: "لقد استمتعت فعلاً بالعمل مع المخرج "يحيى جابر" وهي تجربة جميلة جداً، وعندما طرح عليّ المشروع تمهلت في الموافقة لأن العمل في عرض مسرحي يأخذ وقتاً وجهداً كبيرين، وأنا بطبعي أبذل جهداً كبيراً في العرض المسرحي ولا يمكنني أن أهمل أي شيء فيه، وبعد الموافقة وبعد رؤيتي للنتائج يبدو أن هذه المسرحيّة هي أجمل شيء حصل معي في حياتي المهنيّة، وفرحت للعمل مع "يحيى جابر"، الذي راهن على مقدرتي في تقديم هذا العرض، ووثق بي، ويبدو أنها طُرحت في الوقت السليم، وأشكره كثيراً، وفي ورشة العمل درسنا الكثير من التفاصيل المرتبطة بالوضع في لبنان والحرب على سورية، للاستفادة منها وتوظيفها في العمل، وكانت ورشة عمل رائعة جعلتني أتمسك بالمسرح من جديد، وأنا أحبّ التواصل مع الجمهور والوقفة على المسرح، وفي مكانٍ ما أشعر بالقلق ولكن في أماكن أخرى أتمنى ألا ينتهي الوقت لأبقى أطول زمنٍ ممكن مع الخشبة وأمام الحضور، فأصغي لصمتهم في المتابعة، أتابع حالاتهم ما بين الدموع والضحك".
اللاذقيّة – الحجاب
ورد في المسرحيّة أن زوجة الأبّ من اللاذقية، ولدى سؤالنا عن القصد الدرامي من ذلك، تجيب "أنجو": "قصة جوليا قصّة حقيقيّة، وأكثريّة المشاهد واقعيّة، ووالد "جوليا" تزوّج على والدتها، وبالمصادفة كانت الزوجة من سورية، ولا يوجد أي بعد في ذلك بل هي من سورية".
وعن توضيح فكرة الحجاب وما أوضحه سياق العمل بأن "جوليا" من الشيعة تقول: "هذه المسرحيّة لها في جانبٍ منها يُظهر علاقة جوليا بالحجاب فعلاً، ومن خلال حديثها يظهر أنها من الطائفة الشيعيّة، ولكن "جوليا" تشبه كلّ النساء من كلّ الطوائف، فلا علاقة لها فقط بدين أو انتماء معين كما أن هذه الشخصيّة لا علاقة لها فقط بالمرأة اللبنانيّة بل بالنساء العربيّات جميعهن، وهي تشبه واقعهن جميعاً وتحمل إسقاطاتٍ تمثّل المرأة العربيّة على وجه العموم".
تنظيم ونشاط
يحتاج العمل المسرحي إلى تفرغ وطاقة وعمل كبير، والفنانة" أنجو ريحان" كما هو معروف لديها العمل التلفزيوني الأسبوعي في برنامج "ما في متلو" إضافة إلى مشاغلها في الحياة وجوانبها، وعن السؤال بين المقدرة على التنسيق وإعطاء كل جانبٍ حقه تجيب: "أقدّم مسرحيّة "جوليا" مرّتين في الأسبوع، كلّ ثلاثاء وأحد، إضافة إلى العمل في حلقات برنامج "مافي متلو" الأسبوعيّة، وأحاول قدر الإمكان التنسيق والعمل على ترتيب أموري بمساعدة الأقارب، والأهل، وأهل زوجي أيضاً، وأسعى إلى هذا الأمر حتى أتمكّن من متابعة نشاطاتي، والمحافظة على الصحة، لأتمكّن من الاستمرار. واليوم وبعد عملي في مسرحيّة "اسمي جوليا" بدأت بوضع أفكار مبدئيّة للمسرحيّة القادمة، فبعد هذه التجربة قررت أن أكمل العمل المسرحي وألا أقاطعه أبداً".
بطاقة تعريف
"اسمي جوليا" مسرحيّة كوميديّة من بطولة الفنانة "أنجو ريحان"، مدتها ساعتان، "من تأليف وإخراج "يحيى جابر"، على مسرح "Teatro Verdun" في بيروت.
أرسل تعليقك