أطلق الشاعر الفلسطيني خالد جمعة، مساء اليوم الأربعاء، رواية "صانعة الحكايات" الموجهة للفتيان، في أمسية شعرية نظمت في متحف محمود درويش بمدينة رام الله.
وقدمت الناقدة نداء عوينة، الرواية التي تقع في 144 صفحة من القطع المتوسط، وصمم غلافها الشاعر الفلسطيني زهير أبو شايب، وكانت لوحة الغلاف للفنان الفلسطيني عماد أبو شتية.
وقالت عوينة: "كعبوشة قردة صغيرة تشبه ابنتي راية، فهي دائمة للشيطنة والتعثر والتخريب، تقع على وجهها دائما، تحب الموز وتنقذ نفسها من المآزق بخطط مشاكسة وعبقرية، عندما أرسل لي خالد القصة، قرأتها لراية في الليلة ذاتها، وهكذا أصبحت
كعبوشة على الفور، فردا من العائلة، تشاركنا الطعام والاستحمام ووقت النوم".
وأضافت: "كعبوشة تشبه الأطفال تماما بمعالم حقيقية، وبنية شخصية ذاتية، ونقاط ضعف وقوة، ولهذا فإنهم يتماهون معها ويحبونها، ونحبها نحن، الذين ندعي أننا كبرنا".
وتابعت: "خالد هو الآخر، لم يكبر بعد، لهذا يعبئ الفرح في زجاجات من أجل ريتا، ويجعل من حسن غلطة لاعب كرة محترف، ومن الفأرة مترجمة فورية تحلّ الخلافات الدبلوماسية بين الحيوانات وتنقذ الغابة من حرب محتملة".
وأشارت إلى أن خالد يكتب قصص الأطفال لنفسه، قبل الأطفال، يضحك من قلبه على مفارقاتها قبلنا، ويتشيطن بصناعتها مثلما يتشيطن الأطفال ويخبئون مشاكساتهم عن الكبار، فيخترع عيدا اسمه فأرسماس، فالبشر ليسوا أفضل من الفئران ليكون لهم
كريسماس وللفئران لا.
وأوضحت أن يميز قصص خالد عن غيرها، أن أدب الأطفال الذي يكتبه يرتكز على أعمدة؛ هي اللغة والمعلومة والتمكين، مبينة أنه يستخدم لغة متينة رصينة وسهلة، تسهم في متانة المهارات اللغوية للأطفال، وترفع من مستواهم اللغوي من خلال
تعريضهم لتراكيب ومفردات تعزز فهمهم للغة واستخدامهم لها، هو لا يتهاون في اللغة ولا يفرط في تبسيطها، أو تسطيحها.
وقالت عوينة: "نجد أن قصص خالد جمعة تحمل معلومة جديدة دائماً، سواء كانت أن الخورنق هو اسم الأرنوب الصغير، أو تركيبة مملكة النمل وكيفية عملها من الداخل، وهذا يجعلها قيّمة معرفياً، تغني عقل الطفل ومخزونه المعرفي".
وأضافت أن التمكين وهو العمود الأكثر أهمية، والذي ينقص مناهج الأطفال والمنتج المعرفي والأدبي الموجه لهم، فيقدمه خالد دون تنظير، دون أن يسرد درساً في الأخلاق، ودون محاضرات مملة كالتي يبرع بها البالغون، خالد يدفّع الثمن للمخطئ، يعزز
نقاط الضعف، ويبرز أن الاختلاف والخلاف واردان في الحياة، وهو بذلك يؤكد أن لا شيء مثالي، الأب مثلا، يتصرف بتسرع، ويحكم بالخطأ أحياناً، والأم تتحلّف لأبنها المشاغب، والمعلمات أيضا يختلفن بين بعضهن، تماماً كما يحدث في الحياة، تماما كما يحدث معنا.
من جهته، أكد خالد جمعة أهمية الكتابة للأطفال، وأنها يجب أن تكون مبنية على قواعد ومعايير تراعي المحتوى التربوي والأثر النفسي على الطفل، فحساسية هذا النوع من الكتابة تكمن في تأثيرها على نفسية الطفل.
وقال إن الكتابة للأطفال تنبع من شخصية الكاتب الطفل، وإن تحريك الشخصيات يأتي على مراحل متعددة تتطور بحبكتها الشخصية، كما تتطور شخصيات الأعمال الأدبية بشكلها الطبيعي والتلقائي والواعي.
رواية صانعة الحكايات هي كتاب خالد جمعة العشرون للأطفال، وتتحدث الرواية عن فتاة صغيرة اسمها "كلمات" بدأت بالثرثرة منذ أن أصبح عمرها سنة، وتحولت ثرثرتها إلى قصص تنسجها من خيالها في كل مناسبة، فنتبع في الرواية قصة "كلمات"
وهي تروي حكاياتها الكثيرة حتى أطلق عليها اسم "صانعة الحكايات".
يشار إلى أن الشاعر خالد جمعة ولد في رفح عام 1965 لأبوين مهجرين من قرية حتّا شمال شرق المجدل، وعاش في مخيم الشابورة برفح جنوب قطاع غزة.
كتب جمعة الشعر العمودي وقصيدة النثر والأغنية العامية والمسرحيات الغنائية، وقصص الأطفال والقصة القصيرة، له مجموعة من المقالات، وأعدّ مجموعة من المسرحيات، وكتب أكثر من مئة أغنية لحنها أهم الملحنين الفلسطينيين مثل سعيد مراد،
وعودة ترجمان، ومحمود العبادي، ومنعم عدوان، وجميل السايح.
نشر ديوانه الأول؛ "رفح، أبجدية مسافة وذاكرة" مع عثمان حسين عام 1992، تلته ثمانية دواوين شعرية، وتسعة عشر كتابا للأطفال، وكتاب عن الأغاني الشعبية في قطاع غزة، ليصبح في رصيده 31 كتابا.
أعدّ مسرحية غنائية "أوبريت" مبنية على قصة الحمامة والثعلب ومالك الحزين من كتاب كليلة ودمنة، وقام أيضا بإعداد نسخة من كليلة ودمنة للأطفال بعنوان: "حديث الغابة"، صدرت عن مؤسسة تامر للتعليم المجتمعي عام 2000.
تُرجمت بعض أعماله إلى الانجليزية والفرنسية والإسبانية والبلغارية والألمانية والدنماركية وبعض اللغات الأخرى، كما نشر كتابا عن الحرب في غزة بعنوان "في الحرب بعيدا عن الحرب" ترجم للإنجليزية والفرنسية والبلغارية.
يقيم خالد جمعة حاليا في مدينة رام الله، ويعمل محررا للشؤون الثقافية في وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية "وفا"، كما عمل رئيسا لتحرير مجلة رؤية البحثية بين عامي (2000 و2007)، وكان عضوا في اتحاد الكتاب الفلسطينيين بين (1991-2000)، وسكرتيرا لتحرير مجلة عشتار الأدبية حتى 1998، وعضوا مؤسسا في هيئة تحرير مجلة الغربال 1998، وفي فرقة الجنوب للفنون الشعبية عام 1983.
أرسل تعليقك