مراكش - ثورية ايشرم
أكّدت مصممة الأزياء المغربية زهور بنطلحة أن تصميم الأزياء هو ذلك الحلم الراقي الذي كان يراودها منذ طفولتها.
وكشفت زهور عن أنها بدأت في السابعة من عمرها، "وكنت انتظر الليل وسكونه بفارغ الصبر حتى أدخل خلوتي وأسافر عبر خيالي ومخيلتي الواسعة في الألوان وجمالها، أتخيل نفسي وأنا أرتدي فساتين الأميرات والدمى والقصص الكارتونية مثل بياض الثلج وغيرها من الشخصيات التي أثرت في شخصيتي".
وأضافت: "لم أكن اتوقع أني سأحقق هذا الحلم الذي أعتبره بمثابة نتيجة إيجابية، ومن أجل الأمور التي وقعت في حياتي، قبل دخولي إلى معهد تصميم الأزياء، بدأت كعارضة، وكنت أشارك عن طريق إحدى صديقاتي التي كانت أمها مصممة أزياء في عدد من التظاهرات المغربية الخاصة بالقفطان المغربي، أولها عروض الفولكلور الشعبي التي كانت تقام في حدائق المنارة، حيث كنا وصيفات نرافق العروس على الهودج، لنظهر تقاليد العرس المغربي للسياح الأجانب، ثم انتقلت من مجال العرض إلى دراسة تصميم الأزياء، وتخصصت في القفطان المغربي الذي أعشقه حتى النخاع، وأعتبره تلك القطعة الثمينة والراقية والساحرة التي نحسد عليها من طرف العالم كله".
وأشارت المصممة زهور إلى أن "أول قطعة صممتها بعد تخرجي كانت "تكشيطة " مغربية راقية وفاخرة، استخدمت فيها عدة خامات وقمت بارتدائها أثناء عرض المجموعة الأولى في مشواري، وبعتها في مزاد خُصص ريعه لفائدة بعض الجمعيات الخيرية بمبلغ مهم أسعدني كثيرًا، لتنطلق بعد ذلك رحلتي مع الألوان والتصاميم، سواء في المغرب أو خارجه، بدعم من والدتي التي ترى دائمًا في تلك الأنثى التي لا يمكن ان تكون إلا مذيعة في برنامج خاص بالنساء أو متخصصة في التجميل أو عارضة أزياء، فقد كنت أسمع منها دائمًا "أنت خلقتي لتكون أنيقة ومميزة"، وهذا يجعلني أفتخر بها كثيرًا وأعتز جدًا أنها أمي."
ولفتت إلى أن "من أهم المميزات التي اعتمدها في تصاميمي التقليدية في القفطان النسائي، هي المزج بين الألوان، سواء كنا في فصل الربيع أم لا، فأنا معروفة جدًا بالمزج بين لونين أو أكثر في القطعة الواحدة، وأسعى دومًا إلى جعل القفطان المغربي، يخرج من تلك النمطية التي اعتدنا على رؤيته فيها، وهذا لا يعني أن القفطان المغربي الذي يعتمد فيه لون واحد ليس جيدًا، بل هو جميل جدًا وأنيق ومميز، لكنني أفضل أن يكون القفطان الذي يخرج من تصميمي الخاص، جامعًا بين الألوان التي أعتبرها لمسة منعشة في كل قطعة، وطبعا يبقى الرأي الأخير للزبونة".
ونوهت إلى أن "تصاميمي لا يمكن أن تعرض إلا وأتلقى طلبات كثيرة من بعد العرض. كما أنني أبيع المجموعة كاملة في وقت وجيز، إما لمحلات معروفة مشهورة أتلقى منها طلبات قبل العرض وبعده، وإما إلى زبوناتي من مختلف الدول العربية والخليجية وحتى الأوروبية، وهذا يجعلني سعيدة جدًا بهذا المجال الذي اخترته وأجد فيه نفسي كثيرًا."
وأكدت المصممة المغربية زهور على أن "تصميم الأزياء مجال مهم في حياة الفرد، كما أنه مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المصمم الذي يحاول دومًا أن يكون مجدًا ومجتهدًا ومواكبًا للعصر والموضة الحديثة من خلال تصاميمه وموديلاته التي يقدمها ويطرحها أمام الزبون حتى يختار منها.
كما أنه يبقى المسؤول الأول والأخير، إذا لقي "الستايل" الذي طرحه أو قدمه لأحد ما إقبالًا واستحسانًا من قبل الناس أم لا، لذلك يجب عليه أن يكون حذرًا ودقيقًا عند اختيار التصاميم واللمسات والخامات، وحتى الإضافات التي تضفي على القطعة رونقًا ساحرًا دون أن تخرجه من قالبه المغربي الساحر، الذي يبقى الهاجس الأول والأخير للإقبال عليه من طرف الأجانب، لاسيما إذا كان يحتوي على لمسات مغربية من أنواع الحياكة المغربية التقليدية التي تعرف بدورها تطورًا من وقت لآخر، مع الحفاظ دائمًا على اللمسة المغربية، كالأعقاد و"زواق المعلم" التي تشتهر فيه المملكة المغربية، ولدى جميع المصممين والتي يستخدمها الجميع في مختلف التصاميم مهما تطورت، إلا وتجد فيها تلك الخامة العريقة التي تعود بك إلى زمن "الباشا الكلاوي" الذي كان يرتدي الجلباب والقفطان الرجالي قبل أن يتطور الزي ويصبح خاصًا بالمرأة بطريقة مختلفة وأنثوية أكثر."
وأبرزت أن "القفطان المغربي كسر الحواجز والحدود وكوّن جسرًا يوصل إلى كل أنحاء العالم، فأصبح يلقى إقبالًا كبيرًا من خارج المغرب، لهذا تجد أن أغلب المصممين يسعون من خلال تصاميمهم إلى تطويره وجعله عصريًا أكثر، إلا أني أرى أن هذه الخطوة تجعل القفطان يخرج عن صورته التقليدية، ويفقده روحه المغربية وخصائصه التي يتميز بها منذ قرون، أولها الإطلالة الراقية والمحتشمة، فضلًا عن التفاصيل المميزة التي تجعله بارزًا ومميزًا في مختلف المناسبات. وأنا لا أنكر أني أضيف عليه لمسات عصرية وحديثة بعض الشيء، لكن مع الحفاظ على جماله المغربي دون الخروج عن ثقافته المغربية التي يتميز بها، والتي أرغب جديًا في الحفاظ عليها والتعريف بها في كل أنحاء العالم، إذ أنني أعتبر القفطان المغربي موروثًا شعبيًا وثقافيًا وسياحيًا وتاريخيًا يجب أن نفتخر به ونحافظ عليه لنورثه إلى الأجيال المقبلة."
أرسل تعليقك