أكّدت البحوث أن الأطفال الذين لديهم آباء هليكوبتر (وهم المفرطين في الرعاية والاهتمام ويحومون حول أطفالهم طوال الوقت) قد يكونون أكثر عرضة لمواجهة صعوبات في الدراسة ويتصرفون بشكل سيء, وقد يكون الصغار الذين لديهم آباء يحومون حولهم ويُملون عليهم ما يفعلونه أقل احتمالاً للتغلب على تحديات النمو.
الأطفال المدللين يواجهون صعوبات في تكوين صداقات:
وجد البحث الذي أجرته جامعة مينيسوتا أن الأطفال المدللون أكثر عرضة لمواجهة صعوبات في الدراسة ويواجهون صعوبات في تكوين صداقات, وهذا لأن الأطفال يحتاجون إلى تعلم "المهارات الأساسية" في التحكم في عواطفهم وسلوكهم، ولكن يمكن للآباء المفرطين أن يحدوا من قدرتهم على القيام بذلك, ففي دراسة راقبت الأطفال الذين آباؤهم كثيري الطلبات، وجد الباحثون أن بعض الصغار أصبحوا "عنيدين" أو "غير مبالين" أو "محبطين", وتشمل أمثلة "الأب والأم الهليكوبتر" في الدراسة: إخبار الطفل أي لعبة يجدر به أن يلعب بها، وكيفية اللعب بها وكيفية التنظيف بعد وقت اللعب.
ضرورة تشجيع الطفل على التعامل مع المواقف الصعبة:
يهم أن يناقش الآباء عواطف أطفالهم معهم، كما يقول الخبراء، وأن يضعوا أمثلة جيدة في سلوكهم الخاص، بالإضافة إلى تعليمهم استراتيجيات التكيف الصحية, ويقول العلماء إن الأطفال يحتاجون إلى الآباء والأمهات الذين لديهم حساسية لاحتياجاتهم، الذين يدركون متى يكونوا قادرين على إدارة الوضع بأنفسهم، ومن سيوجههم عندما تصبح الحالات العاطفية صعبة جدًا, وقال العلماء إن الأطفال الذين يتم تشجيعهم على التعامل مع المواقف الصعبة بمفردهم يكبرون بصحة نفسية وجسدية أفضل وعلاقات أقوى ونجاح أكاديمي أكبر.
قالت الدكتورة نيكول بيري، والمؤلف الرئيسي للدراسة,"أظهر بحثنا أن الأطفال الذين يعانون من فرط الآباء قد يكونون أقل قدرة على التعامل مع مطالب صعبة في مراحل النمو" , "الأطفال الذين لا يستطيعون تنظيم عواطفهم وسلوكهم بفعالية هم أكثر عرضة لمواجهة صعوبة في تكوين صداقات في المدرسة.
يتفاعل الأطفال عن طريق التحدي والشعور بالإحباط
وشمل السلوك الأبوي المفرط الذي رأيناه توجيه الآباء والأمهات لطفلهم باستمرار عن طريق إخباره بما يجب أن يلعب به، وكيفية اللعب بلعبة، وكيفية التنظيف بعد وقت اللعب، والتشدد الشديد أو كثرة المطالبة, ويتفاعل الأطفال بطرق متنوعة. وأصبح البعض متحديًا، والبعض الآخر كان غير مبالي وبعضها أظهر إحباطًا, "كان لدى الأطفال الذين طوروا القدرة على تهدئة أنفسهم بشكل فعال خلال المواقف المؤلمة وللتصرف على نحو ملائم، وقتًا أسهل للتكيف مع المتطلبات المتزايدة الصعوبة في البيئات المدرسية قبل المراهقة".
التحكم العاطفي يحسن الأداء المدرسي
وجد الباحثون أنه كلما كان الطفل أفضل في الحفاظ على انفعالاته في سن الخامسة، كلما قل احتمال تعرضه لمشاكل سلوكية أو اجتماعية أو تعليمية عندما يكون في سن العاشرة, وبالمثل، في عمر العاشرة، يكون احتمال أصابه الأطفال الذين يتحكمون بشكل أفضل في الانفعالات بمشاكل عاطفية واجتماعية أقل, ويكونون أكثر احتمالية لأن يكونوا أفضل في المدرسة, وأضافت الدكتورة بيري: "تؤكد النتائج التي توصلنا إليها على أهمية تثقيف الآباء والأمهات ذوي النوايا الحسنة في كثير من الأحيان بشأن دعم استقلالية الأطفال في التعامل مع التحديات العاطفية".
كيف تم إجراء البحث
اتبع الباحثون في جامعة مينيسوتا نفس الأطفال البالغ عددهم 422 طفلاً في الولايات المتحدة على مدى ثماني سنوات وقاموا بتقييمهم في سن الثانية والخامسة والعاشرة, وكان معظم الأطفال في الدراسة من البيض والأفارقة الأميركيين ومن خلفيات متنوعة اقتصاديًا, كما قام الباحثون بجمع ملاحظات بشأن تفاعلات الوالدين والطفل، وردود المعلمين التي تم الإبلاغ عنها والتقارير الذاتية من الأطفال في سن العاشرة, وخلال هذه الملاحظات، طلب فريق البحث من الآباء والأطفال اللعب كما يفعلون في المنزل، وأدرجوا ملاحظات حول كيفية تصرف كل من الوالدين والطفل معاً.
ووجد الباحثون أن الأطفال الذين لديهم آباء يخبرونهم باستمرار ماذا يفعلون كانوا أقل قدرة على التحكم في عواطفهم أو التصرف بشكل جيد, ويقول العلماء إن هذا يمكن أن يؤدي إلى نشأة الأطفال بمهارات اجتماعية سيئة أو يجدون صعوبة من أجل تحقيق نتائج جيدة في المدرسة.
يجب على الآباء تعليم أطفالهم استراتيجيات التكيف الصحي
تشير الدكتورة بيري إلى أن الآباء يستطيعون مساعدة أطفالهم على تعلم التحكم في عواطفهم وسلوكهم من خلال التحدث معهم بشأن كيفية فهم مشاعرهم, وأضافت أنه من المهم أيضًا توضيح السلوكيات التي قد تنتج عن الشعور بعواطف معينة، وعواقب ردود الفعل المختلفة, وعندئذ يمكن للآباء مساعدة أطفالهم على تحديد استراتيجيات التعامل الإيجابية، مثل التنفس العميق، والاستماع إلى الموسيقى، والتلوين أو اللجوء لمكان هادئ, وقالت الدكتورة بيري: "يمكن للوالدين أيضا أن يضعوا نماذج جيدة لأطفالهم باستخدام استراتيجيات التكيف الإيجابية لإدارة عواطفهم وسلوكهم عند الشعور بالانزعاج", وقد نشر البحث في مجلة Developmental Psychology.
أرسل تعليقك