رام الله - فلسطين اليوم
"علاقتي بالمقاومة الفلسطينية تعود إلى فترة دراستي الثانوية، حيث كنت ألتقي بالرفاق في مكتب جبهة التحرير العربية ببيروت.. كنا نلتقي وقتها بالرفيق طلعت يعقوب، قبل الانشقاق الذي حصل، وكانت لي مهام إعلامية بالأساس، لكن الظروف بعدها أجبرتني على التوجه إلى سورية
دون أن أنقطع عن الجبهة، وكان وقتها التنسيق مع الرفيق أبو المأمون، وفي ذلك الوقت شاركت بمعسكرات للتدريب في بانياس وغيرها، ومن بعدها انتقلنا في رمضان العام 1985 إلى شاتيلا".
هكذا فضل الروائي العراقي جنان جاسم حلاوي سرد حكايته مع الثورة والمقاومة الفلسطينية، هو الذي حلّ ضيفاً على ملتقى فلسطين الثاني للرواية العربية.
وقال حلاوي: "في تلك الفترة كانت تشتعل حرب المخيمات، وبقيت فترة في "شاتيلا"، قبل الانتقال إلى "عين الحلوة" و"الميّة ومية" في صيدا.. كانت حرباً متواصلة شنتها ضدنا جهات مسيحية، وموارنة، وأيضاً حركة أمل الذين كانوا حلفاء لنا، لكن ما فعلوه لا يقل سوءاً وهمجية
ووحشية عما اقترفه الآخرون من جرائم بحق الفلسطينيين ومن يؤازرهم.. كنت موجوداً حين أحرقوا مخيم "الداعوق"، وهو مخيم صغير".
وكشف جنان، لـ"أيام الثقافة"، أن اسمه الحركي مع المقاومة الفلسطينية، كان "يوسف"، وأن رفاقه كانوا ينادونه بلقب "أبو الزوز"، مشيراً إلى أن القصص التي لا تنسى في تلك الفترة كثيرة، ومنها ما ذكره في روايته الأخيرة "البستان والغرباء".
وقص حلاوي: "كان في شاتيلا متراس يطلّ على الحيّ الغربي، وكان الصغار يعبرونه لإيصال الأدوية والغذاء إلى أسرهم، لكن حركة أمل منعت دخولهم، وبالتالي بات المرضى وصغار السن في حال خطرة.. أتذكر أننا، وخلال اشتباك مسلح بين "المخيم" و"حركة أمل"، وكنت برفقة شاب يدعى
مراد، وسمعت صوت فتاة صغيرة تصرخ "أنا هدى مات أوس".. كان الوقت متأخراً، وعبور الشارع خطير لوجود قناص من الحركة لن يتورع عن اغتيال جسدها الغض، فطلبت منها عدم العبور، بينما أصرت هي على ذلك، فتوصلنا إلى أن أقوم بـ"تغطيته" خلال إطلاق قذيفة من سلاحه على القناص، حتى
أعبر بهدى إلى حيث المتراس، أي إلى حيث نحن، على اعتبار أن الرصاصة إن لم تصبه ستربكه، ونجحت الخطة، لنتفاجأ برفيقتها أمينة تريد القيام بالعملية ذاتها، وكانت أمينة تصرخ "مات أوس"، وحاولنا القيام بذات الخطة، لكن القناص هذه المرة أخذ احتياطاته، فأصاب صديقي مراد في
مقتل بينما كان يحمي بجسده الطفلة أمينة.. هذا المشهد لا يمكن أن يغادر مخيلتي".
وجاء حلاوي إلى شاتيلا في العام 1984، ومع اندلاع حرب المخيمات "عادت كوادر من منظمة التحرير لترتيب قواعدها العسكرية، خاصة في صيدا، وبالتحديد في مخيمي شاتيلا والمية ومية وعين الحلوة.. في تلك الفترة كنت أتدرب في قواعد جبهة التحرير الفلسطينية، قبل أن أنضم لاحقاً
إلى الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين.. حكاية هدى وأمينة، واستشهاد مراد كانا من أصعب الأوقات عليّ في تلك الفترة.
وبالتزامن مع ملتقى فلسطين للرواية العربية، أصدرت منشورات المتوسط، في إيطاليا، طبعة فلسطين في رواية حلاوي الأخيرة "البستان والغرباء"، وصدرت عربياً وعالمياً قبل أشهر، وذلك في إطار مشروع "الأدب أقوى" الذي تنفذه بالتعاون مع "الرقمية" للنشر والتوزيع، والذي
يعنى بطبعات خاصة بفلسطين لعدد من إصدارات "المتوسط".
وتدور أحداث الرواية بين مدن بيروت وصيدا وبعلبك أثناء الحرب الأهلية اللبنانية، بحيث تتبّع مصائر خمسة سياسيين عراقيين اختلفوا مع الحزب الشيوعي العراقي ورحلوا إلى لبنان، وانتموا إلى المقاومة الفلسطينية إبّان حرب المخيمات. وعلى خلفية حرب الشوارع السائدة في
بيروت، والقصف الإسرائيلي للمخيمات الفلسطينية، تعيش الشخصيات تجارب عاطفية وعلاقات إنسانية متعددة حول الحب والصداقة والزواج، حيث يترافق مسار الحياة الشخصية للأبطال ومسار الحرب بشكل متوازٍ ومتوازن.
أرسل تعليقك