كشفت نائب رئيس نقابة الفنانيين العراقي الممثلة عواطف نعيم عن أخر أعمالها الفنية، وهي مسرحية "رائحة حرب"، للمخرج عماد محمد وتأليف مشترك، من العراق مثال غازي ومن تونس يوسف بحري على خشبة المسرح الوطني في العاصمة العراقية بغداد، وأكدت نعيم، أن المسرحية تعرض في المسرح الوطني، وهي تأليف مشترك من العراق مثال غازي ومنن تونس يوسف بحري .
وأوضحت عواطف نعيم في حوار مع "فلسطين اليوم"، أن العرض يتناول حسب المخرج عماد محمد فكرة الالتباس السياسي، والديني والاجتماعي الحاصل في المجتمع العراق والعربي، وما حصل لاحقًا من حروب وتطرف وإرهاب، جاء نتيجة هذا الالتباس جعل كل شيء، ملتبسًا في واقعنا وولد التطرف ثم الحروب والحروب، وثم التطرف فكلاهما يولد الآخر.
وأكدت أن العمل اشتغل على وفق منظومة جمالية حديثة بالتقنيات ونظام العرض، حيث حاول المخرج توظيف التقنية الرقمية بشكل غير مألوف، واشتغل الالتباس على مستوى الشكل والمضمون، لافتة إلى تقديم أداء مميز لتمثيل بوقوف المخرج أمام محاولة جديدة للعرض المسرحي، من خلال توازن خطوط وعناصر العرض بشكل يجعل العرض، ينتمي لتلقي بشكل أوسع وأشمل، مع الاحتفاظ بالهوية العراقية والعربية.
وبيّنت تجسيد العرض معي الممثل الكبير (عزيز خيون)، والممثل المبدع (يحيى إبراهيم)، وفي تصميم الإضاءة (سهيل البياتي)، و(عباس قاسم)، وفي الديكور محمد عودة النقاش، والموسيقى لضياء عايد، ومساعد المخرج مرتضى سعدي، وفي الشأن ذاته قدّمتِ الفنانة المتألقة عواطف نعيم عرضاً بعنوان "برلمان النساء"، مُعظم أو غالبية عناصر هذا العرض المسرحي كنّ ممثلات، أي نساء، وحتّى الرجال المُشاركين كانا في دورين ثانويين، مبينة أن هذا العرض لـ "أرسطو فالس"، رحّلته من زمن الإغريق.
وأشارت إلى أنّ هناك مشاكِل في البرلمان وبأنّ البرلمان، لا يقوم بواجبه الحقيقي تجاه من انتخبوه من الذين يمثّلهم ويحمل أصواتهم، أقمت عرضاً اسمه "برلمان النساء"، وأن الشخصيات كان فيها إسقاط وتأويل على شخصيات متواجدة حالياً، لأنني أؤمن بأنّ المسرح مهمّته أن يوعّي وأن يُثقِّف وأن ينتقِد وأن يُشخِّص السلبيّات، الذي حدث ويفاجئني في هذا الزمن الديمقراطي، أنّ هناك حماقة دعت أحدهم، وهو مسؤول، أن يُغلِق عليَّ منظومة الكهرباء.
وتكشف عن غلق منظومة الكهرباء خلال العرض المسرحي في اليوم الأول مشى العرض بشكلٍ ممتاز وكان المدّ الجماهيري جيِّداً وكان التفاعُل كبيراً، هذا أشعرهُم بالخطر عندما كانوا حاضرين، أشعرهم بالخطر لأنّه بين الصالة وبين الخشبة كان هناك نوعٌ من التجاذُب والتفاعل الكبير، يكفي أننا كنّا نتكلّم عن وجعهم وكانوا سعيدين وصفّقوا كثيراً.
وبينت بقيام البعض بغلق عليّ منظومة الكهرباء متعمداً، وحتى أُبطل الحجّة أمام كلّ الـ "Cast"، وفريق العمل قلت لهم "ممكن أن أُحضر شموعاً وأعرِض؟" فقالوا، " لا، يحترِق المسرح"، فقلت لهم، هل من الممكن أن أتّصل مع الكهرباء الوطنية وأسحب تيّاراً كهربائياً؟ قالوا، " لا يا "عواطف" ليس ممكناً"، فقلت لهم، "حسناً، ممكن أن أُحضِر Generator من بيتي وأشغِّل المسرح؟ قالوا " لا، غير ممكن". قلت لهم "اخجلوا على نفسكم وقولوا نحن مانعين العرض، هلّ تخافوا أن تقولوا أنتم مانعين العرض؟ أنتم مانعو العرض.
وعن سبب ذلك العداء ذكرت بانها قالت "أنّ (بغداد) عاصمة الثقافة فيها سلب ونهب، وأن ملفّ الفساد عليه أن يُفتَح ويكون هناك تحقيق ،أين ذهبت كلّ هذه الملايين وهذه المليارات. كيف يكون افتتاح عرض مسرحي في خيمة؟ أين نحن حتّى يكون في خيمة والخيمة بعد ذلك تُرحّل وتختفي؟ لماذا لا نبني بهذا المبلغ مسرحاً لنقدّم عليه عروضاً.
وبخصوص وضع الفنان العراقي الأن أكد نائب نقيب الفنانين العراقيين، إلى تعرض عدد من فناني العراق، وهم أسماء فنية كبيرة ومهمة من معاناة بسبب أزمات صحية، تستدعي توفير الدعم لغرض العلاج الذين لا يملكون ثمنه وهم يلجأون إلى بيتهم نقابة الفنانين، والتي بدورها لا تستطيع أن تنهض بمهماتها المتعلقة بمعونتهم بسبب الوضع المادي السيء الذي تعاني منه ويضعها في الموقف العاجز.
وأضافت نعيم بأن هؤلاء الفنانون اغنوا المشهد الفني العراقي، وأفنوا شبابهم في خدمة الحركة الفنية العراقية، وكانوا خير سفراء لوطنهم وتراثهم، وناشدت نقابة الفنانين العراقيين وزير الثقافة والسياحة والأثار فرياد راوندزي، بتوفير الدعم المادي والتكفل بعلاج رموز فنية واسماء حلقت بالابداع وخدمة العراق .
وغرفت الدكتورة عواطف نعيم مؤلِّفةٌ ومُخرِجة وممثلة وناقدة ومؤسسة لكثيرٍ من الفاعليات الإبداعية والمسرحية. سيّدةٌ مثقفةٌ من سيّدات "الرافدين" ورائِدةٌ من روّاد المسرح العراقيّ الذي لا يقلُّ شأناً عمّا أعطاه إياه (العراق) من لقيّات ثمينةٍ نادرةٍ في الفِكرِ والفنّ والأدب.
نالَت عشرات الجوائِز والتكريمات، وتقاسمت الحلوة والمرّة مع شريك العُمر والإبداع المسرحيّ المُخرِج والممثل "عزيز خيّون"، واختارت البقاء في وطنها على الرغم من الحروبِ والحصارِ والفواجِع والمواجِع، وقدّمت في المسرح والإذاعة والشاشتين أعمالاً مُضيئةً مهجوسةً بهموم وآلام وآمال الشعب العراقيّ .
وتؤكد نعيم عدم تأثيرها بأي فنان ،مرجحة الى ان لكل فنان لونه الخاص، وهذه الألوان المتعدّدة والمُختلِفة لا تجعله يتأثر بلونٍ مُعيّن أو بـ Character معيّن أو شخصية مُعيّنة حتّى لا يدخُل في النمطي والقالب، مبينة أنّ جميع تلك العوالِم التي مررت بها في الحياة بسعتها التي عاشتها ، وكلّ تلك الشخصيات الجميلة التي التقيتُ بها على مُستوى محلّي أو على مُستوى عالمي أو على مُستوى عربي، جميعها كان لها تأثيراتها وتداعياتها وكان لها مساس بها لتكوِّن وتبلوِر شخصية خاصة اسمها "عواطف نعيم"
وعن تعريفها الإنتاج قالت الإنتاج يُعد بالنسبة إلى المُخرِج صاحب الفِكر النيِّر، صاحب التوجُّه الجيّد، يجب أن يكون موسوعياً وعارِفاً بكلّ ما في المسرح من زوايا وكواليس، وكلّ ما في المسرح من اشتغالات. والكتابة هي عوالِم، عوالِم تنسجين منها حياة جديدة على خشبة المسرح، لكن تكون هذه العوالِم ضمن قضية، ضمن فِكر، ضمن مسؤولية، لابدّ وأن يكون هناك همّ، هاجِس كي تنطلقي في الكتابة وتخاطبين بها وجدان الناس
وتشير إلى نقدها لأعمالها قبل الجميع فتعرف نقاط ضعفها وتحاول تعزيزها والتغلب عليها، محاولة إلى إيجاد ما تملئ به فرغات نقاط ضعفها لكي يكون النجاح حليفها، معتقدة بان الفنان لابد من افتعال فضاءات بديلة من خلال الابتكار والتقمص، وتصف نعيم المسرح بانه محبّة، وبناء إنسان . أنت ربّما تهتمّ بالدفاع وتشتري أسلِحة وطائِرات وأنواع الابتكارات التكنولوجية للقتال، لكن أن تبني روح الإنسان، أن تثقّفه وأن توعّيه في أهميته ككيان، كإنسان، ككائِن حيّ سبحانه وتعالى خلقه، حتّى يُعمِّر في هذه الأرض، أنت تبنيه من خلال الثقافة والوعي. المسرح مدرسة، مدرسة مسائية، جامعة نتعلّم منها، والمسرح ليس هيناً، المسرح خالق للحياة وخالق للفِكر لذلك المسرَح دائِماً يُحارَب. في الكثير من البلدان المُتخلِّفة والدكتاتوريات أوّل ما يُحارَب هو المسرح. لذلك أبني مسرحاً، أبني مدرسة.
وتتمنى نعيم الى بناء مسرح خاص لها ،لأنه منبر للديمقراطية ومنبرٌ للقول وحريّة التعبير، فأنا أكون سعيدة، فعلاً سعيدة إذا بنيتُ مسرحاً، مشيدة بابتكار الإغريق المسرح عندما أرادوا الديمقراطية، وأشادت الفنانة عواطف نعيم بعراقة وحضارة البلدان العربية ابتداءً من (بغداد) و(بيروت)و(مصر)و(تونس) إلى (المغرِب)، هذه البُلدان التاريخية ، مبينة أن إنسانها قارئ وفاهِم ومثقّف؟ أغلبهم؟ حتّى الكادحين البُسطاء، لكن مأساتنا هي فيمن يتولّى قيادة الحُكم في بلداننا.
وسألنا الفنانة عواطف نعيم من هم أولياء الأمور ؟ فقالت "القادة الذين يأتون بالصدفة أو تأتي بهم المُحاصصة، أو يأتي بهم سوء الطالِع وسوء حظنا، سوء حظّ الشعوب العربية، في أن يكونوا خاضعين لمؤامرة ليس لهم يدّ على صدّها لأن المؤامرة كبيرة وآتية من الخارِج، هنا في هذه الحال، ماذا تُصدِّق؟ تُصدِّق الثقافة، نحن نقول بأنّه يجب أن نتمسّك بالثقافة أكثر فأكثر وأن نكون حريصين عليها أكثر وأكثر، أولّ ما يبدأون، بماذا يبدأون كي يخلخلوا هذا المُجتمع؟ يبدأون في التعليم والثقافة.
وأكملت بأن التاريخ يبقى في ذاكرة الأجيال ولا يتغيّر، وأنت قد تُحرِّف الورق لكنّك لا تُحرِّف الذاكرة، وهذه هي الميزة لذلك أقول، هذه البُلدان الثقافة فيها متواجدة، وأعتقد أنّ هناك الآن حرصاً أكبر في الحفاظ على الجذر والتاريخ لأنهم يشعرون أنّ المؤامرة تهدف إلى طمس هويّة. لذا يجب أن يحافظوا.
وترى نعيم بان الفنّ مهمته ليس فقط أن يُقدَّم للنخبة،مهمّة الفنّ أن يُغيِّر حال المُجتمع، أن يكون معبِّراً عن ضميرهم وعن أُناسهم، أن يكون حاملاً لصوتهم وهمومهم. مُهمّة المسرح أن يُغيِّر. هو جامعة نتعلّم منها، جامعة مسائية. إذا لا يُغيِّر ولا يُثوِّر ولا يقول أنّ هذا فساد ويُشخِّص السلبيات ويُشير إلى المذنِب، لا خير فيه في أن يبقى مسرحاً، لا يكون مسرحاً.
واوضحت عن تقديمها عرض مسرحيا أمام "نصب التحرير" عرضاً مسرحياً وكان معنا أوراق وقصائِد كتبها الأُستاذ "عزيز خيّون"، قصائِد انتقادية ساخرة، ونشرنا كلّ هذه القصائِد وقلناها ومثّلنا في الهواء الطلق وقدّمنا ما نريد أن نقوله. هذه مهمة المسرح، أن يكون بين الناس، أن يكون معهم وأن يُعبِّر عنهم وألاّ يخاف. إذا خاف واستكان إذاً ليس ثمة تغيير، وأنا أعلم أنني أُطالب بالكثير وقد أكون مُغالية في مُطالباتي لكن عندي نماذِج كثيرة في العالم ثارت وغيّرت ووعّت وثقّفت وعلّمت، فلا خير بنا إن سكتنا.
وتؤكد الفنانة عواطف نعيم بان المرأة العراقية لم تأخذ حقّها بما يليق بها وبما تستحقّ. أنا أتحدّث عن عملها في الدراما، عملها في المسرح، عملها في فنونٍ أُخرى، لكن على المستوى القيادي هناك نساء مؤهّلات قيادياً لأن يقُدنَ سواء كنَّ عضوات في البرلمان أو كنَّ مديرات عامّات، والآن نحن نرى أنّ كلّ هذه المُحاصصة تلعب دوراً وفُلانة تُبعَد.
المُحاصصة تأتي بنساء لا يستطِعنَ أن يقُدنَ وغير جديرات بالقيادة وغير مؤهّلات، تسرد الفنانة عواطف نعيم عن حياتها الشخصية بالقول "أنا من أُسرة متحفّظة جداً ومُحافِظة في منطقة "فضوة عربه" بـ "الشيخ"، بمعنى حين تقول له أنّ إحدى بناتك ستكون من الممثلات يقول لك، " أستغفر الله، كيف هذا الكلام؟ "، وفجأةً أنا أصعد وأكون، وتتبعني الدكتورة "إقبال".
وعن كيفية دخولها سوسة الفنّ اجابة "من ليالي السمر حين كنت صغيرة، عندما كان أفراد عائلتي يطلبون منّي في ليالي السمر والشتاء وهم جالسون يشربون الشاي، فيطلبون منّى بأن يقولوا، " قومي يا ""عواطف قلّدي الجيران، قومي يا "عواطف" قلدي خالتك، قومي يا "عواطف"، كيف يتكلّم جدّو"، هذه الأشياء هي التي خلقت مني الولع للفن والتمثيل، وتتكلم عن طرد العائلة والدتها وطردها مع شقيقتها خارج المنزل وهذا اول تحدي يصادفني ،باعتبار أنا دخلت الخطّ الأحمر، وتجاوزته، وهذا خطر جداً عليهم. لكن بعد فترة، حين رأونا في مسيرتنا بإصرار وعناد، وأسماء ودراسة، وحين أصبحنا ملجأهم في الكثير من الحالات، غيّروا الفِكرة، وأعلنت نعيم عن تأسيسها مسرح الطفل في العام 1996 في" دارة السينما والمسرح " وقدّمت أوّل مسرحية للطفل.
ولفتت نعيم إلى حصار الفني العراقي من الخارج ،هناك حدود وهناك تحجيم للثقافة العراقية وللحضور العراقي، لكن الآن ازداد، عملية التحجيم والتهميش ازدادت. أنا أشعُر أنّ هناك منعاً ضمنياً غير مُعلَن من جهات مُعيّنة، مبينة ان في سنة 2012 -2013 بدأت نهضة للدراما ولأعمال عراقية متميّزة، لكن مع ذلك تشعر أنه فجأةً بدأ حصارٌ جديد.
الدراما العراقية لا تُسوَّق، ليس لأنّ الدراما العراقية غير جيّدة كما يدّعي البعض، لا. ولكن ربما الأفكار فيها تُركِّز على حقبة مُعينة من تاريخ (العراق) السياسي وتؤكِّد عليه، وربما هناك أسباب ليست فنية بقدر ما هي فكرية .
وعن وضع السينما العراقية تقول "لا زالت السينما العراقية متواضعة في حركتها. هناك بعض الشباب الممتازين الذين يحاولون أن يُحرِّكوا السينما"، مبينة أنّ النتاج السينمائي كان لا يزيد ربما عن مئة فيلم سابقاً والآن ما زال هناك عدد من الأفلام والآن مخرجون يحاولون أن ينهضوا بالسينما ،وأن السينما هي إنتاج في الدرجة الأول.
أرسل تعليقك