أبهر العرض الأول بعد 22 عاماً من الغياب، لـ«أوبرا عايدة» الجمهور العربي والأجنبي الذي احتشد مساء أول من أمس، في ساحة معبد الملكة حتشبسوت الأثري في البر الغربي بمدينة الأقصر (جنوب مصر)، وحرصت شخصيات عربية ومصرية مرموقة على حضور الحفل الذي قدمه أكثر من 80 عازفاً من أوركسترا أكاديمية (لفيف) السيمفونية في أوكرانيا، بقيادة المايسترو الأوكرانية أوكسانا لينيف، أول امرأة تترأس أوبرا جراز في النمسا، وبمشاركة 70 موسيقياً ضمن الكورال الوطني الأوكراني (دومكا)، وإخراج المخرج المسرحي الألماني مايكل شتورم.
وأشاد عدد كبير من الحضور بمستوى العرض وبعناصر الجذب وإضاءة معبد حتشبسوت الفريد، ومستوى التنظيم، الذي تم وسط تشديدات أمنية مكثفة.
ويعول خبراء سياحة مصريون على تحقيق عرضي أوبرا عايدة بالأقصر (26 - 28 أكتوبر «تشرين الأول» الجاري)، رواجاً سياحياً يساهم في استعادة قطاع السياحة عافيته بالمدينة التي تضم بين جنباتها عشرات المعابد والمقابر والمباني الفرعونية النادرة.
وقال جرجس أبادير مدير تنظيم العروض في الأقصر، إنّ «أوبرا عايدة حضرها 4 آلاف مشاهد من الفئة A، من بينها 60 في المائة من الأجانب من خارج مصر، من قارات أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية، و25 في المائة من الأجانب المقيمين في مصر، و15 في المائة من الأمراء العرب». مشيراً إلى أنّ «الحفل شهد حضوراً مكثفاً من نخبة متميزة من السياسيين، والشخصيات العامة، ورجال الأعمال، المهتمين بفن الأوبرا والموسيقى والتاريخ». ولفت إلى أنّ «العروض ساهمت في إشغال فنادق الأقصر بنسبة 100 في المائة».
أقرأ أيضًا:
"السياحة" تعقد مؤتمرًا صحفيًا للإعلان عن عروض أوبرا عايدة الأحد
ووفق أبادير فإنّه تم توظيف عناصر إبهار كثيرة بالعرض عبر استخدام أحدث تقنيات أنظمة الإضاءة، وأدوات العرض ثلاثية الأبعاد، والشاشات الضخمة الحديثة، ما جعل العرض أكثر جذباً، من خلال تقنيات المبدع الأسترالي الشهير وولفجانج فون زوبك.
ورغم إبهار العرض الأوبرالي الجديد في الأقصر وتحقيقه رواجاً إعلامياً لافتاً للمعالم الأثرية والسياحية لمدينة الأقصر خلال الآونة الأخيرة على المستوى العالمي، فإنّ ثروت عجمي، رئيس غرفة السياحة بالأقصر، يرى أنّ «العرض لم يصل إلى المستوى المبهر الذي حققه عرض (أوبرا عايدة) في منتصف تسعينات القرن الماضي، والذي أنتجه رجل الأعمال المصري - النمساوي فوزي متولي في معابد الكرنك».
ويقول عجمي لـ«الشرق الأوسط» إنّ «من شاهد عروض التسعينات يدرك من أول وهلة الفارق الفني والموسيقي الكبير بين العرضين، لكن من لم يشاهد العروض القديمة سينبهر بلا شك بالعرض، لا سيما أنّه مقام في ساحة معبد حتشبسوت الفريد». موضحاً أنّ «ثمن تذكرة عرض أوبرا عايدة في عام 1996 كانت 300 دولار، في حين أنّ ثمن تذكرة العرض الجديد 100 دولار للدرجة العادية، و700 دولار لفئة الشخصيات المهمة».
وأدّت الكورية ساي كيونغ ريم، دور «عايدة» خلال العروض، التي تشتهر باسم «المغامر العظيم في السوبرانو الحديث»، ودرست ساي الغناء في معهد «جوزيبي فيردي» في ميلانو، وفي أكاديمية «تيترو»، وكانت واحدة من 6 مغنيات لعبن دور عايدة في ساحة «دي فيرونا» بإيطاليا، وقامت بأداء دور «عايدة» في «أرينا دي فيرونا» و«سيول» و«فورت» و«ميونيخ» و«طوكيو». فيما قدم دور قائد الجيش المصري «راداميس» بالعروض الفنان البلجيكي «مايكل سباداكسيني» الذي درس الغناء في أكاديمية فيردي وحصل على عدد من الجوائز العالمية، وتقود أوركسترا العروض «أوكسانا لينيف» مديرة أوبرا «جراتس» في النمسا، وتتكون الأوركسترا المشاركة في العروض من «أوبرا لفيف الوطنية» الأوكرانية التي تأسست في القرن 19، التي تعد واحدة من أفضل الفرق الموسيقية السيمفونية في أوروبا.
عرض «أوبرا عايدة» سبقته تجهيزات ميدانية لافتة في مدينة الأقصر، حيث طوّرت السلطات المصرية كورنيش النيل، ورصفت الطرق وتم تزيين الأشجار، بجانب وضع إشارات الترحيب لضيوف عروض الأوبرا. وحضر العرض شخصيات من العائلة الملكية الأردنية، وعدد من الأمراء والأميرات والوزراء والسفراء من بلدان عربية وأجنبية.
«أوبرا عايدة» هي أول أوبرا يضعها عالم في تاريخ مصر القديم، إذ كتبها أوغست مارييت باشا، عالم الآثار الفرنسي ومدير الآثار المصرية في ذلك الوقت، ووضع موسيقاها الموسيقار الإيطالي فيردي.
وكان مارييت قد قضى ستة أشهر في صعيد مصر ينسخ بمنتهى الدقة نقوشاً وتفاصيل فنية على صفوف أعمدة المعابد، كي يستفيد منها في إخراج عمله ليكون الأقرب علمياً للطبيعة الفنية للنص التاريخي.
وفي شهر أغسطس (آب) الماضي أعلنت الدكتورة نيفين واصف، المدير التنفيذي لعروض «أوبرا عايدة»، عن نفاد حجز تذاكر عرضي الأوبرا في مدينة الأقصر خلال مدة زمنية قصيرة، بعد نجاح الحملات الترويجية للأوبرا الفريدة والمعالم الأثرية المصرية.
وقد يهمك أيضًا:
أوبرا عايدة وعمر خيرت يشاركان في حفل افتتاح قناة السويس
أرسل تعليقك