يتكئ الأسير المحرر محمد التاج على كرسيه بوهن وضعف من بعد القوة، واضعًا أسطوانة الأكسجين التي باتت لا تفارقه على يمينه، مثبتًا على أنفه أنبوب الأكسجين، ليصنع لنفسه قليلاً من الأكسجين الصناعي، فالتنفس الطبيعي بات حلمًا أقرب إلى المستحيل، كما يصف.
ويعاني الأسير المحرر محمد التاج من تليف رئوي منذ أن كان في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ولم تستطع الفحوصات العديدة التي أجراها في المشافي من تحديد سبب واضح لهذا المرض، لكن الفحوصات أكّدت أنّ لا طريقة للشفاء منه سوى زراعة رئتين جديدتين.
وأوضح الأسير محمد تاج، في حديث إلى "فلسطين اليوم"، أنّه "عاد مع عائلتهِ عام 1989 إلى فلسطين، مع العائدين، حيث كان يسكن في العاصمة الأردنية، وبعد أربعة أشهر من عودته اعتقلته سلطات الإحتلال، لمدة أربعة أعوام على خلفية الإنتفاضة، وبتهمة مقاومة الاحتلال، وتشكيل خلية عسكرية، واستطلاع أهداف عسكرية إسرائيلية وتنفيذ بعض الأعمال التي من شأنها مقاومة الإحتلال".
وأضاف "بعد الخروج من السجون مارست حياتي الطبيعية، لحين انطلاق الإنتفاضة الثانية عام 2000، فقد كنت الجندي المستعد للدفاع عن وطنه، وعن المقدسات، وتمت مطاردتي حتى التاسع عشر من شباط/فبراير عام 2003، اعتقلت لدى سلطات الإحتلال وصدر الحكم بـ 15عامًا ونصف، وأضيف إليهما 3 أعوام وأنا داخل السجن، بتهمة المشاركة بأعمال المقاومة ضد إسرائيل".
وأشار التاج إلى "تأقلمت مع وضعي داخل سجون الإحتلال الإسرائيلي ومارست حياتي بطريقة طبيعية، كنت فاعلاً في أكثر من لجنة، من ضمنها اللجنة الوطنية داخل السجون، وكان هدفي الدفاع عن حقوق الأسرى، وتمّت معاقبتي وعزلي لأكثر من مرة، وكانت إدارة السجن تنقلني دائمًا، حتى لا أشعر بطابع الاستقرار".
وتابع "في عام 2012 دخلت إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، لتحقيق العديد من المطالب لنا كأسرى، أهمها أن يتم معاملتنا كأسرى حرب، كما تنص اتفاقات جنيف الدولية، وما شجعني على ذلك أن الفترة التي قمت بالإضراب فيها كانت عبارة عن مرحلة طرح انضمام السلطة الفلسطينية للإتفاقات الدولية، وكنا نطمح في الحصول على هذا الإنضمام، ليتم الإعتراف بنا كأسرى حرب، لأنه وحتى هذه اللحظة لا زالت سلطات الاحتلال تعاملنا كأسرى جنائيين، وترفض معاملتنا كأسرى حرب".
وأردف "أنهيت إضرابي، الذي استمر لـ67 يومًا، بعد تحقيق مطلبين لي، وهما عدم الوقوف لضابط العدد، الذي يزور السجن يوميًا ثلاث مرات، وعلى جميع الأسرى الوقوف له، وهو ما كان يشعرنا بالذل والخضوع، وطالبت أن أرتدي الزي المدني الخاص عوضًا عن لباس الأسرى المكتوب عليه مصلحة سجون الأسرى"، مبرزًا أنَّ "إضرابي كان كقضية سياسية للإعتراف بنا كأسرى حرب، لكن لم يتم التجاوب إلا مع هذين المطلبين".
وروى الأسير المريض محمد التاج رحلته مع مرضه قائلاً "بعد 3 أشهر من انقضاء الإضراب المفتوح شعرت بالإختناق ونقص حاد للأكسجين، وعلى أثرها تم نقلي إلى المشفى، وبعد الفحوصات، تبين أني أعاني من تليف رئوي، ولا علاج له سوى زراعة الرئتين، أما العلاج الموقت فهو المعالجة بالكورتيزون وأسطوانات الأكسجين".
وبيّن أنه "بعد صدور الفحوصات الطبية التي صدرت من المشافي الإسرائيلية، والتي أكّدت أن وضعي الصحي خطير جدًا، وأن الاستمرار دون علاج سيؤدي إلى وفاتي داخل السجون، تفاجئت بقرار الإفراج عني، وتبين فيما بعد أن مصلحة السجون تريد التنصل من تكاليف العلاج أولاً، وتبين أيضًا أن سلطات الاحتلال أوصت بالإفراج عني خوفًا من انتفاضة الأسرى، حسب ما نشرت يديعوت أحرنوت، لأن ذلك الوقت شهد وفاة عدد من الأسرى المحررين، وآخرين داخل سجون الاحتلال كميسرة أبو حمدية".
ولفت إلى أنه "تم استقبالي في مجمع فلسطين الطبي، وتلقيت العلاج المتواضع بما يتناسب مع الإمكانات، بعد فترة نقلت إلى مشفى غلنسون، في الداخل المحتل، وأكدت نتائج الفحوصات الطبية ضرورة زراعة رئتين جديدتين، لأن وضعي لم يعد يحتمل".
وأبرز "حصلت على تغطية من الرئيس الفلسطيني لتغطية نفقات العلاج وتمت مخاطبة العديد من الدول لإجراء عملية زراعة للرئتين، ولكن لأسباب سياسية وقانونية رفضت الكثير من الدول إجراء العملية، فالدول الأوروبية مثلاً رفضت لأنني لست مواطنًا أوروبيًا".
واستطرد "تلقيت علاجات موقتة، اعتمدت فيها على الكورتيزون والأدوية الموصوفة والأكسجين الصناعي، وتحسن وضعي كثيرًا، وبدأت أترك اسطوانات الأكسجين لساعات طويلة، ولكن لأسباب غير معروفة توقف صرف الأدوية لي منذ مطلع كانون الأول/ديسمبر الجاري، ما أدى إلى تدهور واضح في وضعي الصحي، وأصبت بإلتهابات رئوية حادة، تم نقلي على أثرها إلى مجمع فلسطين الطبي، وتابع الدكتور جواد عواد، بمرسوم من الرئيس محمود عباس، حالتي الصحية، ووعدني بمراسلة الدول في الخارج، حتى يتم الحصول على موافقة لإجراء العملية".
وأكّد محمد التاج "حالتي في خطر، وتنفسي غير طبيعي، أتعب عند بذل أي جهد مهما كان بسيطًا، والفحوصات أكدت أن عدم زراعة رئيتين جديدتين سيؤدي إلى وفاتي، وأنا أناشد كل المؤسسات الصحية والوزارت ومؤسسات حقوق الإنسان بمساعدتي في إتمام عملية زراعة الرئتين وأريد أن أشعر بالأمان على علاجي".
أرسل تعليقك