الصعوبة التي يواجهها حزب المحافظين في انتخاب زعيم جديد له تكمن في أن بروز الأجنحة المتصارعة حيث كان سببه عضوية بريطانيا في الاتحاد الأوروبي, وبعد قرار الخروج في استفتاء 23 يونيو/حزيران الماضي واستقالة زعيم الحزب رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، تعمقت هذه الخلافات حول من هو الزعيم الأفضل الذي سيقود المشاورات مع أوروبا حول آلية الطلاق، كما تنص عليه المادة 50 من معاهدة لشبونة, وهل على الزعيم أن يكون من معسكر الخروج أم من معسكر البقاء؟ فيما كان ثلاثة من المرشحين الخمسة، مع خروج بريطانيا من الاتحاد، وهم وزير العدل مايكل غوف، ووزير الدفاع الأسبق وليم فووكس، ووزيرة الطاقة أندريا ليدسام, بينما الرابع، هو وزير العمل ستيفن كراب، وهو من المتحمسين جدًا للبقاء في أوروبا, أما الأوفر حظًا، التي يطلق عليها المرأة الحديدية، فهي وزيرة الداخلية، تريزا ماي، التي كان معروفًا عنها أنها مع خروج بريطانيا من الاتحاد، لكنها انضمت إلى حملة البقاء، دعما لرئيس الوزراء ديفيد كاميرون, فيما يعني هذا أنها قد تحصل على تأييد المعسكرين, بينما يعتقد زير العدل البريطاني مايكل غوف أنه من الأفضل أن الزعيم الجديد للبلاد يجب أن يكون من الذين أيدوا حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي.
ويعد ليام فوكس العمر "53 عامًا" الذي ولد في ايست كيلبريد في اسكوتلندا، ونشأ في منزل تابع لمجلس المدينة وتعلم في المدارس الحكومية، ثم جامعة غلاسكو حيث درس الطب, ويحمل خبرات ما قبل السياسة, حيث كان ممارسًا عامًا لمهنة الطب، ثم ضابطًا طبيبًا في الجيش قبل أن يتم انتخابه في مجلس العموم علم 1992, في حين تكمن مواطن القوة لديه أنه من ذوي الخبرات الواسعة، مع أكثر من عشرين عامًا في البرلمان، ومن أبرز المتحدثين في البرلمان البريطاني, وهو من أشد معارضي الاتحاد الأوروبي، وإلى فترة طويلة تعود حتى عهد رئيس الوزراء الأسبق جون ميجور, فيما تكمن نقاط الضعف لديه أنه دائما ما يلحقه اسم "وزير الدفاع الأسبق سيئ السمعة"، وذلك بعد استقالته من الحكومة الائتلافية في عام 2011 عندما ظهرت على السطح تفاصيل علاقته ببعض جماعات الضغط السياسي وأحد الأصدقاء، وهو آدم ويريتي، والذي كان يرافقه في المهام الحكومية الرسمية, فيما تنافس فوكس على زعامة الحزب في عام 2005 وخسر في الجولة الثانية من التصويت, وأوضح مرارًا أن موقفه من الخروج البريطاني, حيث قال فوكس: "هناك نوع من ثورة الفلاحين حول هذا الأمر، وهو ينشأ من القاعدة الشعبية للمواطنين في هذه البلاد، حيث يقول الناس إنهم لا يريدون أن يخبرهم الآخرون بأن قضية الهجرة والضرائب ليست ذات صلة بالأمر", ويتميز بأنه ليس من أنصار الليبرالية, ويعرف عنه أنه وصف زواج المثليين بـ"الشيء السخيف" وبـ"الهندسة الاجتماعية".
وحاول تقديم صحيفة "الغارديان" للمحاكمة بسبب تسريبات إدوارد سنودن الشهيرة, ومن أشهر أصدقائه المعروفين على مر السنين الممثلة والمطربة ناتالي ايمبروليا، وميشيل كولينز بطلة المسلسل الشهير "ايست ايندرز", وذكرت الأنباء أنهما اعتادا الكتابة لبعضهما البعض – والأم تيريزا.
ويعتبر مايكل غوف البالغ من العمر "48 عامًا" حيث كان اسمه الأول غراهام، وكان وليد أم شابة غير متزوجة في أدنبرة، ثم تبنته إحدى العائلات هناك وأعيد تبنيه مرة أخرى بواسطة آل غوف, وكان والده بالتبني يدير شركة لصناعة الأسماك، وكانت والدته بالتبني موظفة في أحد المختبرات, وتلقى تعليمه في كلية روبرت غوردون الخاصة في أبردين (بمنحة دراسية) ثم جامعة أكسفورد, حيث عمل صحافيًا أول الأمر لدى مؤسسة "أبردين" الصحافية، ثم لدى صحيفة "التايمز", وصار نائبا في البرلمان منذ عام 2005, وتكمن مواطن القوة لديه في أنه يمتلك سجل واضح لتأييد الخروج البريطاني، وكان من أبرز رموز الحملة والمتشككين في الاتحاد الأوروبي, وغوف من الخطباء المفوهين، وماهر للغاية في عرض الأفكار، وسياسي يتمتع بتأييد شعبي ظاهر, وليس من أنصار بوريس جونسون, فيما تكمن نقاط الضعف عنده في أنه عمل وزيرًا للتعليم مسببًا الانقسامات بشكل كبير، وتشيد به الصحف المؤيدة للحزب ويمقته المعلمون وقادة قطاع التعليم في البلاد, ومستشاره الرئيسي هو دومينيك كامينغز والذي يمقته بعض موظفي الخدمة المدنية, وقال علانية في مناسبات مختلفة إنه لا يرى نفسه مؤهلا بدرجة كافية لأن يتولى منصب رئيس الوزراء, وهو ليس نسخة مكررة من شريكه في حملة الخروج بوريس جونسون بينما موقفه من الخروج البريطاني : "قال غوف معلقًا على تحذيرات خبراء الاقتصاد خلال حملة الخروج البريطاني: "إنني مسرور أن هذه المؤسسات لا تؤيدني, وأعتقد أن الناس في هذه البلاد لديهم ما يكفيهم من الخبرة ليقرروا بأنفسهم".
وهي المقولة التي قد يعيش حتى يندم عليها نظرًا للركود الاقتصادي المتوقع في أعقاب الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي فيما تبدو ليبراليته, بمزيج متنوع , فهو من أنصار الليبرالية الاجتماعية، وأشيد به من قبل الإصلاحيين لسجله كوزير عدل إصلاحي. وعلى العكس من ذلك، فقد أعرب عن آراء تدخلية شديدة حول الإسلام والسياسة الخارجية، وخصوصا في كتابه ذي النزعة الهستيرية الطفيفة المنشور عام 2006 والمعنون "7-7 درجة مئوية", وإلى جانب اصطحابه الكثير من كتب التاريخ ليقرأها في الإجازة، يعشق غوف الموسيقار فاغنر، ويحضر بانتظام مهرجان بايرويت.
وتبلغ تيريزا ماي من العمر "59 عامًا", حيث ولدت في ايستبورن، مقاطعة ساسكس, وكان والدها كاهنا انجليكانيا في المقاطعة, وحصلت عل تعليمها بمزيج من التعليم الحكومي والخاص، ثم التخرج من جامعة أكسفورد, وقبل أن تصبح نائبة في البرلمان في عام 1997 عملت في بنك إنكلترا، ثم في أحد المراكز البحثية, وتكمن مواطن قوتها في سجلها الوظيفي وجديتها الواضحة وتشغل منصب وزيرة الداخلية منذ 6 أعوام، الوظيفة التي وأدت كل آمال المهن الأخرى في مستقبلها الوظيفي, وفي فترات الفوضى كان الجميع ينظرون إليها بوصفها أكثر الخيارات أمانا, أما نقاط الضعف فتكمن في موقفها المؤيد للبقاء في عضوية الاتحاد الأوروبي، رغم أنه موقف لين غير صلب، قد يستخدم ضدها من قبل باقي أعضاء الحزب, ولقد حاولت في الماضي التعبير عن رؤية أوسع للأحداث.
وعن الموقف من الخروج البريطاني: قالت ماي حال إعلانها عن دخولها سباق الترشح لزعامة الحزب: "سوف أنشئ وزارة جديدة في الحكومة تضطلع بإجراء المفاوضات البريطانية مع الاتحاد الأوروبي", وبعد حالة من الصمت التام تقريبا خلال أسابيع مطولة من الاقتتال الداخلي في حزب المحافظين، كانت ماي حريصة على أنها سوف تؤيد النتيجة النهائية, وتعد بأنها ليست من أنصار الليبرالية. فلقد اتخذت موقفا متشددا حيال قضية الهجرة، وهي تريد حتى الآن انسحاب المملكة المتحدة من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان. كما أنها حريصة للغاية على تمرير مشروع قانون سلطات التحقيق، والمعروف إعلاميا باسم "قانون المتلصصين".
وأن أحد خياراتها المفضلة من برنامج "ديزرت آيلاند ديسكس" الإذاعي أغنية "الملكة الراقصة" لفريق "آبا" الغنائي، وقالت: إنها تحب الموسيقى التي تدفعك إلى الرقص بنشاط وحيوية.
وولد ستيفن كراب البالغ من العمر"43 عامًا" في اينفيرنيس، ولكنه نشأ في بيمبروكشاير، مع والدة عزباء، وكانا يعيشان في أحد المساكن الحكومية التابعة لمجلس المدينة, وتلقى تعليمه في المدارس الحكومية المحلية، ثم جامعة بريستول، ثم كلية لندن للاقتصاد.
وجرى انتخابه في عام 2005، وتولى مجموعة من الوظائف قبل دخوله مجلس العموم، ومن بينها منصب المسؤول البرلماني عن ملف الأعمال الخيرية ومراقبة الانتخابات في البوسنة. ولديه القدرة للحديث عن السياسة بطريقة تبدو تقريبا إنسانية. وتساعده خلفيته في النقاش والجدال بطريقة تسمح بإعادة تواصل حزبه مع المجتمعات الفقيرة. وكان ينظر إليه باعتباره من أنشط وزراء ويلز، مما أدى به للحصول على ترقية في مارس (آذار) ليصبح وزير العمل والتقاعد. فيما يعتبره النواب غضا ولم يخضع للكثير من الاختبارات وقليل الخبرة نسبيا، وبصرف النظر عن الاندفاع المفاجئ فهو يمكنه النضال من أجل الوصول إلى النتيجة النهائية في الاقتراع.
وحتى إذا ما بلغ مرحلة تصويت الأعضاء، فإن موقفه شديد الحماس للبقاء في عضوية الاتحاد الأوروبي سوف يُتخذ ضده. وعن الموقف من الخروج البريطاني: يقول كراب: "إنه ليس أمرًا جيدًا بما فيه الكفاية لأنصار التصويت بالمغادرة لأن يشيحوا بوجوههم ويقولوا: حسنا، سوف يكون كل شيء على ما يرام في المساء. كلا، أعتقد أن ذلك بمثابة الإساءة البالغة للجمهور البريطاني". تعد ليبراليته بأنها كانت واحدة من تدخلات كراب السياسية خلال البرلمان الأسبق هي تصويته ضد زواج المثليين. فهو من المسيحيين الملتزمين، وهو يقول الآن إنه "سعيد للغاية بنتائج مشروع قانون زواج المثليين".و قضى جزءًا من إحدى السنوات ما قبل التعليم الجامعي في ميناء نيوبورت وكان يعيش في خيمة.
وتصنف أندريا ليدسام البالغة من العمر"53 عامًا" ومولودة في ايليسبري في مقاطعة باكينغهام شاير, بأنها تلقت تعليمها في مدرسة البنات المتوسطة في تونبريدغ، في مقاطعة كنت، ثم جامعة واريك, و قبل دخول البرلمان في عام 2010. كان لديها خبرة طويلة في مجال الخدمات المصرفية والمالية، ولقد انتهت بوظيفة مرموقة في مؤسسة انفيسكو بيربيتشوال لإدارة الصناديق المالية.
وتعد من أشد المؤيدين للخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي. وكانت واحدة من أبرز أعضاء البرلمان المؤيدة لغوف وجونسون، ولقد أثني عليها على نطاق واسع خلال مناظرات الاستفتاء التلفزيونية. ولديها خلفية قوية خارج مجال السياسة، مع الخبرات المالية التي قد تسبب استقرار الأسواق. وعلى الرغم من كونها وزيرة في وزارة الطاقة والتغيرات المناخية فإن ليدسام لا تتمتع بشعبية كبيرة داخل حزبها. وإذا ما توقع أعضاء الحزب إجراء انتخابات عامة مبكرة، فقد يساورهم القلق لأنها تفتقر إلى الاعتراف الشعبي لقيادة حزب المحافظين في الانتخابات الوطنية. ويعد موقفها من الخروج البريطاني حيث قالت ليدسام: "عاشت عائلتي في البرتغال لمدة 10 سنوات، وأنا أحب الألمان، وأحب الطعام السويدي، وأتحدث الفرنسية. وأحب أوروبا.
ولكن ما أمقته في الاتحاد الأوروبي هي الطريقة التي يدمر بها مثل هذه القارة الرائعة". وتحدثت في الماضي عن طغيان الهجرة على المجتمع البريطاني، وامتنعت عن التصويت على قانون زواج المثليين، وقالت: إنها أيدت الفكرة من حيث المبدأ ولكنها ترى أنه لا مشروعية لها في الواقع. و كان زوج أختها، مصرفيا يعيش في غيرنسي، تبرع بأكثر من 800 ألف جنيه إسترليني إلى حزب المحافظين منذ انتخابها.
أرسل تعليقك