بعد مرور أكثر من ثلاثة أشهر على عملية خطف وقتل ثلاثة مستوطنين في شمال محافظة الخليل، لازالت عائلات القواسمة وأبو عيشة تعاني من آثار هذه العملية حتى اللحظة، في ظل تقصير واضح من قبل المؤسسات والمواطنين في متابعة إعادة إعمار البيوت التي هدمت، أو حتى إيواء العائلات.
بداية المعاناة
وبدأت المعاناة في الأول من تموز /يوليو حينما داهمت قوات الاحتلال منازل المطاردين عامر أبو عيشة ومروان القواسمة في منطقة دائرة السير، تم تفجير المنزلين بالمتفجرات من قبل الاحتلال، فيما تم تفجير العمارة التي يقطن بها عامر مرة ثانية بتاريخ 18/08/2014، وصب الإسمنت في شقة مروان في ذات اليوم، حيث أن كلا المنزلين صدر بحقهما قرار إسرائيلي بالهدم والمصادرة، إلا أن قرار المحكمة العليا الإسرائيلي جاء فيه بند يسمح بإعادة الإعمار للشقق التي لا تتبع لعامر ومروان في ذات العمارة الواحدة.
أما منزل الأسير حسام القواسمة فتم تدميره بالكامل بالمتفجرات في ذات يوم تفجير منزل عامر وصب الباطون في منزل مروان ، ولأن منزل حسام منفصل من طابقين على أرض بمساحة دونم كامل, وليس هنالك عائلات أخرى تسكن في منزله، كان الهدم لكامل المنزل والمصادرة لكامل الأرض التي بني عليها المنزل حسب ما قال والد حسام.
وبعد عملية التفجير لمنازل حسام وعامر ومروان، ومنزل حسام دمر بشكل كامل، وشفة عامر التي هي شفة في عمارة سكنية تعود لعائلة أبو عيشة دمرت، وتضررت جراء التفجير كافة الشقق السكنية الأخرى في العمارة السكنية، وحال شقة عامر منطبق على شقة مروان القواسمة حيث تضررت كافة عمارة سعدي القواسمة نتيجة التفجير الأول، ومع مرور الوقت ازدادت التصدعات والتشقق في جدران العمارة، حتى أصبحت المنازل الثلاثة لا تصلح للسكن نهائيًا وتشكل خطورة على ساكنيها في حال حتى تواجدوا في إحدى شقق العمارتين بالنسبة لعامر ومروان.
حسام لم يعترف وهو بصحة جيدة
وأكد أبو حسن وهو والد الأسير حسام القواسمة لمراسل "فلسطين اليوم" بأن ابنه حسام وخلال الزيارة الأخيرة له كان بخير، ونفى صحة الأنباء التي تحدثت بأن الاحتلال قام بتكسير قدميه ويديه، فيما أكد كسر أصبع واحد من يده خلال عمليات التحقيق في سجون الاحتلال.
وأوضح حسام القواسمة لعائلته بأن خبر الاعتراف الذي نشرته وسائل الاعلام العبرية غير صحيح، مؤكداً أنه لم يعترف بأي معلومة حول قضية المستوطنين والمطاردين عامر ومروان، وأن الاتهام الرسمي له بأن المستوطنين عثر عليهم في الأرض التي كان اشتراها في منطقة أرنبة، وهي المعلومة التي لم ينكرها والد حسام بأن الأرض لابنه.
وعن يوم عملية الاختفاء للمستوطنين الثلاثة, أشار والد حسام إلى أن ابنه لم يكن لديه علم عن ما جرى نهائيًا، وحينما أخبره بقصة العملية تفاجئ حسام وبدت العلامات واضحة على وجهه بأنه لم يكن يعلم شيء عنها، في حين جاء في قرار محكمة العدل العليا الإسرائيلية بأن حسام وجهت له تهمة التخطيط للعملية وتمويل العملية من خلال الأرض والسيارة حسب ادعاء الاحتلال.
المنازل هدمت والعائلات شرّدت
وبعد هدم منزل الأسير حسام القواسمة بالتفجير، وهدم منزل عامر أبو عيشة بالتفجير رغم أنه شقة ضمن عمارة سكنية ، وهدم منزل مروان القواسمة بالتفجير ومن ثم صب الباطون رغم أنه في عمارة سكنية، إلا أنه لم يتابع أي أحد قضية البيوت التي هدمت، أو حتى العائلات التي أصبحت بلا مأوى.
عائلة أبو عيشة وهي مكونة من حوالي 20 فردًا أصبحت تقطن في الشقة الأرضية من العمارة التي بالكاد تصلح للإقامة فيها، علمًا بأن أشقاء عامر لازالو قيد الاعتقال مع والدهم، وليس هنالك معيل للعائلة التي لم يقدم أحد المساعدة لها أو حتى السؤال عن أحوالها منذ حوالي ثلاثة أشهر.
ووصف أبو عمار وهو عم عامر بأن وضع العائلة صعب، وسيزداد الوضع صعوبة في حال خرج أشقاء عامر من السجن، خاصة وأنه ليس هنالك بيت يقطنو به مع زوجاتهم وعائلاتهم.
أما عائلة مروان القواسمة، فقد انتقلت إلى منطقة حارة الشيخ، وانتقلت زوجات أشقاء مروان إلى عائلاتهم نظرًا لعدم وجود بيت يحتويهم، فيما بين سعدي القواسمة وهو والد مروان أن أبناءه وإن خرجوا من السجن ليس هنالك بيت يأويهم، وخيمتان الهلال الأحمر سنضطر لهدمهما وسط الشارع وهو الحل الأكثر ميلاً، خاصة في ظل عدم الاهتمام بقضيتهم .
عائلة حسام القواسمة، لبرما تكون الأهون والأقل ضررًا، خاصة وأن بيت حسام هو بيت منفصل ، وليس هنالك شقق سكنية متصلة بالبيت الذي تم هدمه، فزوجة حسام عند أهلها وعائلة حسام، فيما ينتظر أبو حسن وهو والد حسام جواب محافظ الخليل الذي ينتظر من الإدارة المدنية لتحديد ما إذا سيسمح لهم بإعادة البناء في المنزل الذي هدم أو لا، رغم وجود ورقة في البيت تركها الاحتلال تفيد بأن المنزل تم هدمه ومصادرته ويمنع البناء فيه .
ويحاول والد حسام الحصول على قرار يسمح بالبناء في الجزء الآخر من الأرض مكان الأشجار طالما أن مكان المنزل ممنوع فيه إعادة البناء ، إلا أنه لم يستطع ذلك حتى اللحظة.
تواصل رسمي مع العائلات
وأكد أبو حسن أن هنالك اتصالات بينه وبين محافظ الخليل كامل حميد، وآخر الاتصالات أفادت أن المحافظ سيخاطب الإدارة المدنية لمعرفة ما إذا سيسمح بإعادة البناء مكان منزل حسام أو بجواره.
وأضاف أن رئيس بلدية الخليل داوود الزعتري وعضو المجلس البلدي محمد عمران القواسمة قاما بزيارة المنزل، وطلب أبو حسن منها إزالة الركام، حيث فضل الزعتري بأنه يفضل إزالة الهدم بعد فترة من الزمن لإتاحة الفرصة للمؤسسات الدولية والصحافيين بتوثيق ما جرى.
وتابع داوود أن البلدية ستعمل على رفع قضية من خلال محامي البلدية في محاولة لاستصدار قرار يسمح بإعادة البناء للمنازل الثلاثة التي هدمت من قبل قوات الاحتلال .
سعدي القواسمة وهو والد المطارد مروان، أوضح أنه توجه لبلدية الخليل ومحافظ الخليل والصليب الأحمر وعدة جهات أخرى، ولكن دون جدوى، فالمنزل لازال مهدوم، ليس هنالك شيء جديد حتى اللحظة.
رغم توافد الآلاف من أبناء حركة "حماس" وأبناء محافظة الخليل على المنازل المدمرة، إلا أن هذه الزيارات لم تحمل سوى التضامن المعنوي فقط للعائلات الثلاث.
الخيام بدلاً من البيوت
وأشار سعدي القواسمة إلى أنه وفي حال خرج أبناءه من السجن فلن يكون لهم مكان ليقطنوا به سوى الخيام التي حصلوا عيها من الصليب الأحمر، وهو ذات الحال لمنزل أبو عيشة الذي حصل على خيمتين، وحال حسام الذي حصل على خيمة واحدة.
وأضاف أن المشكلة الثانية هي أن الخيام ليس لها مكان، فسطح المنزل لا يحتمل وجود الخيمة وبيت الدرج مدمر، وليس هنالك مكان حتى للخيمة، وإن خرج أبناءه فسينصبون الخيمة في وسط الشارع لعدم وجود البديل، وهو حال عائلة أبو عيشة أيضًا، خاصة وأن عائلة مروان وعامر لكل عائلة قرابة 20 فرد موزعين على أقارب لهم لوجود أشقاء المطاردين في السجن.
عمليات مداهمة مستمرة
ورغم مرور ثلاثة أشهر على عملية الخليل، إلا أن قوات الاحتلال لازالت تداهم منازل المطاردين عامر ومروان في كل يوم أو يومين ليلاً، وبعد أن أنجبت زوجة مروان طفلتها الأولى البكر راية حلقت في سماء الخليل طائرة استطلاع لم تغادر أجواء المدينة في محاولة للوصول لمكان المطاردين .
الاحتلال وحسب تصريحات للشاباك الإسرائيلي وردت على مواقع عبرية أفاد أنه لا زال ينتظر الخطأ البسيط الذي يوصل الشاباك إلى المطاردين عامر أبو عيشة ومروان القواسمة.
أرسل تعليقك