كشفت هيئة شؤون الأسرى والمحررين الفلسطينية، الثلاثاء، عن شهادات لأسرى قاصرين في سجون الاحتلال، تعرضوا للتنكيل والضرب المبرح، خلال اعتقالهم والتحقيق معهم، بشكل منافٍ لكل القوانين الدولية ومبادئ حقوق الإنسان.
ولفتت محامية الهيئة هبة مصالحة، خلال زيارتها للأسرى القاصرين في سجن "هشارون" أمس الاثنين، إلى أن الشبل جمال الزعتري (15 عاما) من بلدة الطور في القدس، قد تعرض للضرب والتنكيل خلال اعتقاله واقتحام منزله قبل نحو شهرين، حيث تم عصب عينيه وربط يديه بمرابط بلاستيكية وضربه على رأسه، كما حرموه من الماء لساعات طوال خلال التحقيق وشتموه طوال الوقت، وتعرض للتفتيش العاري خلال نقله إلى سجن "هشارون".
ونقلت مصالحة شهادة الطفل رياض أبو طاعة (17 عاما) من حي الشيخ جراح في القدس، والذي اعتقل قبل نحو أربعة أشهر من شارع السلطان سليمان في البلدة القديمة، حيث اعتدى عليه عدد من الجنود وضربوه بشكل مبرح على ظهره بعد أن تم تقييد يديه وعصب عينيه، وضربه على وجهة طوال فترة التحقيق، كما تم تفتيشه تفتيشا عاريا قبل إدخاله لسجن "هشارون".
واستمعت المحامية مصالحة خلال زيارتها لقسم الأسرى الأشبال في سجن "مجدو" لشهادة الأسير القاصر إياد عدوي (17 عاما) من نابلس، إذ أوضح أن عددا من الجنود اعتدوا عليه بالضرب عند اعتقاله بالقرب من حاجز بيت فوريك، وأكد أن أحد الجنود كان يقوم بجرح يديه بالسكين بشكل متعمد حينما يقوم بربط وفك القيود البلاستيكية عند الاعتقال والنقل للتحقيق.
وأكد الأسير القاصر مصعب حمدان (17 عاما) من الخليل، أن جنود الاحتلال اعتدوا عليه أيضا بالضرب المبرح على جميع أنحاء جسده، خاصة على وجهه خلال اعتقاله قبل نحو شهر.
يذكر أنّ (200) أسير قاصر يقبعون في سجون الاحتلال، موزعين على ثلاثة سجون هي "عوفر" و"مجدو" و"هشارون".
وتحرم سلطات الاحتلال الإسرائيلي الأطفال الأسرى من أبسط الحقوق التي تمنحها لهم المواثيق الدولية، هذه الحقوق الأساسية التي يستحقها المحرومون من حريتهم بغض النظر عن دينهم وقوميتهم وجنسهم وديانتهم.
وتشتمل هذه الحقوق على الحق في عدم التعرض للاعتقال العشوائي، الحق في معرفة سبب الاعتقال، الحق في الحصول على محامي، حق الأسرة في معرفة سبب ومكان اعتقال الطفل، الحق في المثول أمام قاضي، الحق في الاعتراض على التهمة والطعن بها، الحق في الاتصال بالعالم الخارجي، الحق في معاملة إنسانية تحفظ كرامة الطفل المعتقل.
وعلى الرغم من أن الاتفاقات الدولية لحقوق الإنسان وتحديدا اتفاقية حقوق الطفل، شددت على ضرورة توفير الحماية للأطفال ولحياتهم ولفرصهم في البقاء والنمو، وقيّدت هذه المواثيق سلب الأطفال حريتهم، وجعلت منه "الملاذ الأخير ولأقصر فترة ممكنة"، إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي جعلت من قتل الأطفال الفلسطينيين واعتقالهم الملاذ الأول.
من جهة أخرى، فإن سلطات الاحتلال العسكري الإسرائيلي ضربت بعرض الحائط حقوق الأطفال المحرومين من حريتهم، وتعاملت معهم "كمشروع مخربين"، وأذاقتهم أصناف العذاب والمعاملة القاسية والمهينة من ضرب وشبح وحرمان من النوم ومن الطعام، وتهديد وشتائم وتحرش جنسي، وحرمان من الزيارة، واستخدمت معهم أبشع الوسائل النفسية والبدنية لانتزاع الاعترافات والضغط عليهم لتجنيدهم للعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية.
وتنتهج حكومة إسرائيل سياسة التمييز العنصري ضد الأطفال الفلسطينيين. فهي تتعامل مع الأطفال الإسرائيليين في خلاف مع القانون من خلال نظام قضائي خاص بالأحداث، وتتوفر فيه ضمانات المحاكمة العادلة. وفي ذات الوقت، فإن إسرائيل تعتبر الطفل الإسرائيلي هو كل شخص لم يتجاوز سن 18 عاما، في حين تتعامل مع الطفل الفلسطيني بأنه كل شخص لم يتجاوز سن 16 عاما.
وخلافا لالتزاماتها بتوفير ضمانات قضائية مناسبة لاعتقال الأطفال ومحاكمتهم بموجب اتفاقية حقوق الطفل والقانون الدولي الإنساني، طبقت سلطات الاحتلال الإسرائيلي أوامر عسكرية عنصرية على الأطفال الفلسطينيين الأسرى، وتعاملت معهم من خلال محاكم عسكرية تفتقر للحد الأدنى من معايير المحاكمات العادلة، خصوصا الأمر العسكري 132، الذي يسمح لسلطات الاحتلال باعتقال أطفال في سن 12 عاما. كذلك يوجد من بين الأطفال الأسرى 20 طفلا معتقلا دون تهم محددة، بموجب الاعتقال الإداري، وقسم منهم تم تجديد الاعتقال الإداري بحقه أكثر من مرة.
واستخدم الاعتقال الإداري عادة ضد النشطاء السياسيين الذين تدعي سلطات الاحتلال أنهم يشكلون خطرا على أمنها، أمّا أن تستخدمه سلطات الاحتلال الإسرائيلي ضد أطفال لم يبلغوا سن 18 عاما، فهذا يعني أنها سياسة تستهدف الفلسطينيين بغض النظر عن عمرهم.
ويعاني الأطفال الفلسطينيون الأسرى في السجون والمعتقلات الإسرائيلية من ظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية تفتقر للحد الأدنى من المعايير الدولية لحقوق الأطفال وحقوق الأسرى. فهم يعانون من نقص الطعام ورداءته، وانعدام النظافة، وانتشار الحشرات، والاكتظاظ، والاحتجاز في غرف لا يتوفر فيها تهوية وإنارة مناسبتين، والإهمال الطبي وانعدام الرعاية الصحية،
نقص الملابس، عدم توفر وسائل اللعب والترفيه والتسلية، الانقطاع عن العالم الخارجي، الحرمان من زيارة الأهالي، عدم توفر مرشدين وأخصائيين نفسيين، الاحتجاز مع البالغين، الاحتجاز مع أطفال جنائيين إسرائيليين، الإساءة اللفظية والضرب والعزل والتحرش الجنسي، والعقوبات الجماعية، وتفشي الأمراض. كما أن الأطفال محرومون من حقهم في التعلم.
أرسل تعليقك