دمشق - جورج الشامي
تعاني بلدة كفرنبل في محافظة ادلب من نقص حاد في مادة الخبز والطحين، في ظل انقطاع الامدادات، وتوقف المخبز الآلي عن القيام بعمله، مما دفع نساء البلدة للعودة إلى "التنور" لتلبية الحاجات الشخصية، فيما عمدت أخريات إلى "التنور" لتلبية احتياجات سكان البلدة الإدلبية.
أم محمد (30 عاماً)، زوجة الموظف الحكومي في بلدية كفرنبل فاتح الكنجو (35 عاماً)، تقول بأنها تشتري كل يوم 20 كيلوغرام من الطحين، نصفها من مطحنة "صنائع المعروف" 30 ليرة سورية للكيلو الواحد، والنصف الآخر من السوق بـ 70 ليرة للكيلو الواحد، ثم تعجنها بيديها، وتخبزها على تنورها المنزلي، وتبيعها بسعر 100 ليرة للكيلو الواحد، وتضيف: "أكسب من هذه العملية حوالي 700 ليرة سورية يومياً، أساعد بها زوجي الذي يتقاضى راتباً مقداره 15 ألف ليرة، وهي لا تكفينا إلا لبضعة أيام، ولدينا ثلاثة أطفال".
"عشر نساء في كفرنبل، على الأقل، يفعلن كأم محمد"، أما التنور: فهو فرن منزلي وقوده الحطب، ويصنع من طين -تراب خاص- يسمى في كفرنبل "حالّ".
حميدة المنصور (60 عام)، وهي إحدى صانعات التنانير في كفرنبل، أوضحت في تقرير نشر اليوم الأحد في مواقع المعارضة بأنها كانت قبل أربعة أشهر تصنع حوالي 10 تنانير في السنة، ولكنها في الأربعة أشهر الأخيرة صنعت حوالي 30 تنوراً، وأضافت: "التنور الواحد يكلفني 300 ليرة سورية تقريباً، وأبيعه بـ 2500 ليرة.
"تنانير كفرنبل في ازدياد، بعد أن توقف المخبز الآلي الحكومي عن العمل منذ حوالي ثلاثة أشهر".
تقع مدينة كفرنبل في محافظة إدلب، جنوب إدلب بحوالي 45 كيلومتراً، ويزيد عدد سكانها على 30 ألفاً، وخاضعة لسيطرة المعارضة منذ أكثر من سنة.
يوجد في هذه المدينة أكثر من خمسة ألوية وتشكيلات عسكرية ثورية، بعضها تابع للجيش الحر، كلواء فرسان الحق، ولواء بيارق الحرية، وبعضها غير تابع للجيش الحر، مثل "لواء فجر الإسلام"، و"جبهة النصرة"، و"تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام".
سبب عجز المخبز الآلي الحكومي في كفرنبل عن تأمين الخبز هو سيطرة مسلحي عشائر الريف الشرقي لمعرة النعمان، على صوامع الحبوب في قرية سنجار، التي تبعد عن مدينة كفرنبل حوالي 35 كيلومتراً شرقاً، وامتناعهم عن إرسال حصة هذا المخبز لمطاحن سراقب، بحسب خالد الزريفي (32 عاماً) وهو عامل في هذا المخبز، وأشار الزريفي إلى أن هذا المخبز كان يخبز قبل الأزمة أكثر من 27 طناً من الطحين يومياً، عشرة منها لمدينة كفرنبل، والباقي لريفها.
ولا توجد لدى المجلس المحلي في كفرنبل، التابع للائتلاف الوطني المعارض، خطة لتأمين الخبز في الوقت الحالي، بحسب رئيس هذا المجلس المهندس الزراعي خالد الخطيب (45 عاماً)، ولفت الخطيب إلى أن كفرنبل تعتمد الآن بشكل أساسي على مخبز "جمعية الهدى الخيرية".
مخبز "جمعية الهدي الخيرية" هو تقدمة من أشخاص كويتيين إلى هذه الجمعية، بحسب الشيخ إبراهيم القاسم مدير هذه الجمعية، والذي أوضح بأن التكلفة الحقيقية لربطة الخبز البالغ وزنها حوالي كيلو ومئة غرام تفوق الــ 70 ليرة سورية، ولكن بسبب دعم مطحنة "صنائع المعروف" تنخفض هذه التكلفة إلى حوالي 49 ليرة سورية، وأضاف: "لكننا نبيعها بـ 50 ليرة ، وإذا حصلت أرباح فتعود لصندوق الجمعية"، ولفت القاسم إلى أنهم ينتجون يومياً حوالي 6500 ربطة خبز.
مطحنة صنائع المعروف، أوجدتها "مجموعة صنائع المعروف"، المكونة من عشرة ناشطين في المجال الإغاثي في الريف الغربي لمعرة النعمان، منذ حوالي سنة، بحسب أسامة العكلة (34 عاماً)، وهو عضو في هذه المجموعة.
رئيس "مجموعة صنائع المعروف" حمزة الهزاع (30 عاماً) قال بأن هذه المطحنة، منذ حوالي ثمانية أشهر، حصلت على دعم من الحكومة الفرنسية، بــ 30 ألف يورو، لتتحول إلى مطحنة قادرة على تأمين حوالي نصف حاجة الريف الغربي لمعرة النعمان من الطحين، وأشار الهزاع إلى أن هذه المطحنة تتلقى بعض الدعم من "هيئة الشام الإسلامية".
وتشتري هذه المطحنة القمح والمازوت من السوق بحوالي 35 ليرة سورية لكيلوغرام القمح، وحوالي 70 ليرة للتر المازوت، بحسب محاسب هذه المطحنة شادي الشاكر (32 عاماً)، الذي أضاف: "نبيع كيلو الطحين بـ 30 ليرة، أي بأقل من سعر التكلفة بحوالي 15 ليرة"، وأشار الشاكر إلى أن هذه المطحنة أوجدت أكثر من 35 فرصة عمل.
مخبز "جمعية الهدى الخيرية" يغطي ثلثي حاجة كفرنبل من الخبز تقريباً، والثلث الباقي تغطيه التنانير التي غالباً ما تعتمد على طحين السوق، والطحين الذي توزعه المنظمات الإغاثية.
الناشط أسامة الأحمد (30 عاماً)، وهو عضو في مجلس إدارة "منظمة اتحاد المكاتب الثورية" في كفرنبل قال: بأن منظمته قامت منذ حوالي ثلاثة أشهر بتوزيع 2500 سلة غذائية على فقراء كفرنبل، من ضمنها 50 كيلوغرام من الطحين.
ويرى الناشط أحمد جلل (32 عاماً) بأن الذين سيطروا على صوامع الحبوب في سنجار، كان الأجدر بهم أن يوجهوا سلاحهم إلى جنود وشبيحة الأسد، لا أن يستعملوه للسطو على أموال الشعب باسم الثورة.
أرسل تعليقك