بغداد-جعفر النصراوي
انتشرت ظاهرة "اللادينية" او "الالحاد" بشكل كبير بين الشباب في العراق، توازيا مع ظاهرة التطرف الديني الراديكالي والمتمثلة في الطائفتين الرئيسيتين في الدين الاسلامي الشيعة والسنة على حد سواء.
وفي الوقت الذي يتبنى فيه المسلمون المتطرفون منهج تكفير الاخر والسعي الى قتله بشتى السبل ودون ان يكون هناك تفريق بين الطفل والمسن او المراة والرجل، فالسنة المتطرفون في العراق يعدون الشيعة بمطلقهم رافضة (لرفضهم خلافة الخلفاء الثلاثة الذين سبقوا الامام علي بن ابي طالب بخلافة الامة الاسلامية بعد وفاة الرسول الاكرم) وهم يستحقون القتل، وكذلك يرى المتطرفون الشيعة ان المتطرفين السنة هم نواصب (يناصبون العداء لاهل البيت والائمة الاثني عشرية )ولابد من القضاء عليهم.
وسط هذا التناحر المذهبي برزت ظاهرة رفض الدين بكل مسمياته في الاوساط الشبابية العراقية وخصوصا في الغرب العراقي ولو على حذر بشكل ملفت للنظر في الاونة الاخيرة بعد ان استبيح الدم العراقي على يد المتطرفين الدينيين، وكذلك الدولة التي فشلت بصبغتها الاسلامية بتحقيق العدل والمساواة بين اطياف الشعب في ظل قانون علماني يفصل الدين عن الدولة، اخذ الكثير من الشباب العراقي يتجه الى قراءة الكتب التي تدعو الى "اللادينية" وهي اغلبها كتب معروفة في ادبيات الشيوعيين.
ففي العاصمة العراقية بغداد نجد ان هناك تحررا في طرح الافكار نتيجة طبيعة المجتمع في العاصمة ، حيث يصرح اغلب المعتنقين لهذه الفكرة بمكنوناتهم على اعتبار ان الحل في انهاء التشظي والعنف الذي يشهده العراق وسط هيمنه الاحزاب الدينية على مقاليد الامور والحكم فيه يكمن في فصل الدين عن السياسة والدعوة الى حرية المعتقد بعيدا عن ارهاب وسطوة الدين وافكاره.
وعبر مثقفون ان فكرة اللادينية واعتناقها كطريقة حياة ليست جديده على الشباب في العاصمة، ولكن وبحسب الكثيرين الجديد ان الفكرة اخذت تنمو وتكبر في اكثر المدن من ناحية التشدد الديني كالانبار في الغرب العراقي، وهكذا اتجه فريق عمل "العرب اليوم" الى محافظة الأنبار لتقصي الموضوع، فوجد ان مجموعة من الشبان المثقفين المتأثرين إلى حد بعيد بالفكر العلماني واللا ديني، وعلى الرغم من أن تلك المجموعة من الشباب غير منظمة أو منتمية إلى حزب أو حركة إلا أنهم يلتقون بشكل غير منتظم بين الحين والآخر ويتداولون أفكارا وآراء سياسية مختلفة يغلب عليها طابع الانتقاد للحركات الإسلامية الدينية في العراق وسياسة الحكومة وخطورة تحول العراق إلى بلد إسلامي على غرار إيران أو السعودية.
وكان اول لقاءات فريق العمل مع الشاب (ص.أ) الذي يبلغ من العمر 23 عاما، وحاصل هذه السنة على بكالوريوس في الهندسة من جامعة الأنبار، حيث قال إنني اشتري الكتب بسرية تامه مع اني لم اشتر المخدرات أو أسلحة وانما كتاب لـ(بوخارين بروبراجنسكي) بعنوان ألف باء الشيوعية، مبيناً أن "صاحب المكتبة يجلبه لي من شارع المتنبي ببغداد بناء على طلبي، حيث أقوم بقراءته ومن ثم أعطيه لأصدقائي الذين يشاركونني نفس الأهداف".
وبعد محاولات متكررة واتصالات متعثرة بين (ص.أ) وزملائه وافق الشاب (م.خ)، 30 عاماً، على الحديث دون الإشارة إلى اسمه الصريح خوفا من بطش المتشددين والتكفيريين.
حيث يقول (م .خ)، والذي يعتبر أكبر أعضاء المجموعة سنا، إني "قبل عامين وعن طريق الصدفة زرت أحد الأصدقاء في بغداد ووجدته قد انسلخ عن فكره الديني وبات يسب ويشتم الأحزاب الإسلامية ويتهمها بدمار العراق، فجادلته واختلفت معه كثيرا ووصفته في حينها بالكافر والملحد"، مبيناً أن "صديقي استوعب غضبي وأقنعني بقراءة كتاب أهداه لي في ما بعد يتحدث عن فصل الدين عن السياسة وعن الفكر الماركسي ومدى إمكانية نجاحه داخل المجتمع العراقي".
أرسل تعليقك