رام الله - فلسطين اليوم
ُيُعتبر الكبد بمثابة البطل الذي يكدح بصمت واستمرار في أجسادنا. وهو ثاني أكبر الأعضاء في الجسم البشري ويلعب دوراً أساسياً في تحويل ما نستهلكه إلى طاقة – إستقلاب المواد الغذائية، وتحويل السموم الضارة إلى مواد غير ضارة.
ومع ذلك، وفي العقود الأخيرة، لاحظ الأطباء حول العالم إنتشار مرض كبدي مزمن جديد يصيب الكبار ويترافق مع ارتفاع معدلات السُمنة ومرض السكري. وينشأ مرض الكبد الدهني غير الكحولي (NAFLD) عند نمو الخلايا الدهنية في الكبد.
وكشفت إحدى الدراسات الطبية التي تمت مناقشتها في المؤتمر الدولي للكبد في برلين عام 2011 تضاعف نسبة الإصابة بمرض الكبد الدهني غير الكحولي من 5.5% إلى 11% خلال الفترة بين عامي 1988 و2008. وأظهرت الدراسة ارتباط 46.8% من أمراض الكبد المزمنة بين عامي 1988 و1994 بمرض الكبد الدهني غير الكحولي، لترتفع هذه النسبة المئوية إلى 75.1% في الفترة بين عامي 2005 و2008.
مضاعفات المرض
تتجلى مضاعفات المرض بظهور النُدب على الأنسجة السليمة وتطور حالات التهابية في الكبد. وقد ينجم عن التأخر في تشخيص مرض الكبد الدهني غير الكحولي، تطوراتٌ تؤدي إلى حالة أكثر شدة يطلق عليها اسم التهاب الكبد الدهني غير الكحولي (NASH). ويُقوَض هذا المرض قدرة الكبد على أداء وظائفه ويؤدي في كثير من الأحيان إلى تليّف الكبد الذي يتطلب عملية زراعة الكبد، وقد يتطور في بعض الحالات إلى سرطان الكبد.
وعلى الرغم من عدم وجود علامات أو أعراض محددة لمرض الكبد الدهني غير الكحولي، إلا أنها قد تظهر في مراحل متقدمة من الإصابة وتتضمن الإرهاق، والفقدان السريع للوزن، وتترافق مع ألم في البطن والإصابة باليرقان.
وحول هذه المسألة، يشير الدكتور غانيش بهات، إستشاري أمراض الجهاز الهضمي في مستشفى ’ميديور 24×7‘ إلى أنه ونظراً لعدم وجود أعراض واضحة للمرض، فإننا نحذر المرضى الذين يعانون من زيادة كبيرة في الوزن أو مرض السكري أو ارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم إلى احتمال تعرضهم لخطر الإصابة بمرض الكبد الدهني غير الكحولي.
وتتضمن اختبارات تشخيص مرض الكبد الدهني غير الكحولي تحليل الدم لاختبار وظائف الكبد، والتصوير بالأشعة المقطعية، والرنين المغناطيسي، وخزعات الكبد في بعض الحالات حيث يتم اختبار عينةً من الأنسجة للتحقق من وجود النُدب والإلتهابات. ومن المهم استبعاد إمكانية وجود أي أمراض كبد أخرى قبل التأكد من تشخيص الإصابة بمرض الكبد الدهني غير الكحولي. وفيما لا يوجد حالياً أي علاج دوائي أو إجراء موحد لهذا المرض، يميل الأطباء إلى علاج الأسباب المحتملة التي تؤدي للإصابة به.
وتثير إحصائيات السُمنة القلق في هذا الجزء من العالم حيث يتضاعف المتوسط العالمي لمعدلات البدانة في دولة الإمارات العربية المتحدة. وعلاوةً على ذلك، يسهم نمط الحياة المستقرة، والإعتماد على الوجبات السريعة في التأثير سلبياً على الصحة لينجم عنها في نهاية المطاف مرض الكبد الدهني غير الكحولي.
ويقول الدكتور بهات أن مرض الكبد الدهني غير الكحولي تطوَر لينضم إلى التحديات الكبيرة التي تهدد الصحة العامة للسكان في مختلف أنحاء المنطقة. وتتجلى وسيلة الوقاية الأمثل في السيطرة واتخاذ الإجراءات الصحيحة لاعتماد نمط حياة صحي – من النظام الغذائي إلى ممارسة التمارين الرياضية وتعزيز النشاط بصورة عامة.
وينبغي إيلاء ما نستهلكه أهميةً كبرى وتجنَب تناول المشروبات الكحولية، وتعديل النظم الغذائية عبر التخلص من الوجبات المصنّعة والمنتجات الغذائية التي تحتوي على سكريات خفية. ويجب أن يسعى المعرَضون لخطر الإصابة بمرض الكبد الدهني غير الكحولي إلى إنقاص الوزن وتخفيض مستويات الكوليسترول في الدم والسيطرة على مرض السكري.
أرسل تعليقك