أكد نائب وزير الدفاع الروسي أناتولي أنتونوف أن المهمة الرئيسة التي تقف اليوم أمام القوات المسلحة الروسية في سوريا هي ذاتها التي كانت قبل أن يقرر رئيسنا سحب جزء أساسي منها مؤخرا.
وقال أنتونوف في حديث إن مهمة القوات الروسية من سوريا اليوم هي منع الإرهاب من الانتشار والحيلولة دون زحفه نحو أراضي روسيا.
وفيما يلي نص المقابلة الخاصة:
سؤال: معنا في الأستوديو نائب وزير الدفاع الروسي أناتولي أنتونوف. السيد أنتونوف، شكرا جزيلا لكم على الحضور إلى استوديو قناتنا. إننا نعرف أن وزارة الدفاع الروسية تخطط لعقد المؤتمر الخامس للأمن الدولي في أبريل (نيسان) من هذا العام. من فضلكم من سيكون على قائمة المدعوين لهذا المؤتمر وماذا قد تغيّر مقارنة مع المؤتمرات السابقة التي نظّمتها وزارة الدفاع؟
جواب: في العام الخامس على التوالي نجمع على منصّة وزارة الدفاع الروسية بموسكو وزراء الدفاع من مختلف الدول والشخصيات السياسية والعمومية البارزة بالإضافة إلى الخبراء غير الحكوميين حيث نناقش قضايا الحرب والسلام والتعاون العسكري الدولي وكلها ملفاتٌ ذات حيوية بالغة. وفي كل سنة نحاول اختيار موضوع على أقصى درجات الحدة وهو عادةً الموضوع الذي يقلق العالم بأسره والذي تتوقف على حلّه حياة الناس العاديين ورفاهية كل دولة. لقد أرسلنا الدعوات إلى حوالى مئة بلد للمشاركة في مؤتمرنا هذا العام. إلي حد اليوم أكّد لنا الموافقة ممثّلو ثمانين بلدا من بينهم ثلاثة نواب رؤساء وزراء وحوالى عشرين وزيرا للدفاع وخمسة عشر رئيسا لهيئات الأركان العامة بالإضافة إلى الوفود الرسمية المتنوّعة من وزارات الدفاع. على وجه الإجمال نتوقّع وصول نحو خمسمئة ضيف علما بأن ثلاثمئة صحفي قد سجّلوا أنفسهم ونالوا الاعتمادات الخاصة للعمل في مركزنا الإعلامي وهم سوف يقومون بتغطية فعاليات المؤتمر بشكل مستمرّ. ومن المهم أن المؤتمر هذا العام يستضيف عشرةً من ممثّلي المنظّمات الدولية والممثّليْن (الاثنين) للأمين العام للأمم المتّحدة وكبار مسؤولي منظّمة الأمن والتعاون في أوروبا واللجنة الدولية للصليب الأحمر وطبعا سيحضر زملاؤنا من قيادة رابطة الدول المستقلّة ومنظّمة معاهدة الأمن الجماعي وجامعة الدول العربية. وبصورة عامة يمكنكم أن تشهدوا أنّ المؤتمرَ المرتقب على درجة تمثيله عالية.
سؤال: نعم, هذا صحيح. بالإضافة إلى ذلك ستكون هناك أجندة مكثّفة لهذا المؤتمر وهي تضمّ الكثير من المسائل التي يجب حلّها. أما المحاضرون, فهل تعرفون من سيلقي خطابات وتقارير أساسية؟
جواب: طبعا, لا يُخفى عليكم أننا نحضّر لتنظيم هذا المؤتمر على مدار العام باعتباره إحدى أبرز الفعاليات للنشاط الدولي الذي تقوم به وزارة الدفاع الروسية. يمكنني القول إن مؤتمرنا سيبدأ بخطاب وزير الدفاع الروسي جنرال الجيش سيرغي شويغو ووزير الخارجية سيرغي لافروف. كما أننا سوف نستضيف مدير هيئة الأمن الفدرالي ألكساندر بورتنيكوف الذي سيلقي خطابه أيضا. من المتوقّع أن نستمع إلى كلمات التحية من الأمين العام للأمم المتّحدة. كما أن جميع وزراء الدفاع المدعوين ومدراء الهيئات العسكرية على مختلف المستويات سوف يلقون كلماتهم خلال أربع جلسات عامة في إطار المؤتمر.
سؤال: هذا يعني أن كبار المسؤولين الروس سوف يلقون كلماتهم. السيد أنطونوف, هذا المؤتمر سيكون خامسا وموضوعه - مكافحة الإرهاب الدولي. ما هي السبل لحل تلك القضية والتي يمكن أن تعرضها روسيا؟ لعل هناك وصفات تعلن عنها وزارتكم من منبر هذا المؤتمر؟
جواب: بعد أن انتهت أعمال المؤتمر في العام الماضي كنّا نفكّر مليّا في الموضوع الأساسي للنقاش خلال المؤتمر القادم. وقد أكّدت الحياة على صحّة اختيارنا. لنتذكر ما حدث من الهجمات الإرهابية في أوروبا وما هي الأوضاع الراهنة في الشرق الأوسط. علينا ألّا ننسى الوضع في أفغانستان التي تحدّ جنوبا دول منظّمة معاهدة الأمن الجماعي. كما نرى الآن محاولات الإرهابيين لإقامة رأس جسر إضافي في آسيا الوسطى وفي منطقة آسيا والمحيط الهادئ. فكان من الواضح بالنسبة لنا قبل سنة أن قضية مكافحة الإرهاب يجب أن تتصدر كل النقاشات. وأعتقد أن هذه القضية أصبحت اليوم أكثر حيوية ومناسبة لتوحيد جهود المجتمع الدولي في مواجهة هذا الشر. لذلك قرّرنا تحديد قضية الإرهاب الدولي كموضوع مركزي لمؤتمرنا. كما أودّ أن أشدّد على أن هذا الموضوع ستتمّ مناقشته خلال جميع الجلسات العامّة أيا كانت عناوينها – "قضايا منطقة آسيا والمحيط الهادئ" أو "الوضع في أوروبا" أو "الأوضاع في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى".
سؤال: نشهد اليوم الكثير من بؤر التوتّر في العالم، وكما قلتم فمن المهمّ أن نتعامل مع قضايا الأمن الدولي بشكل موحّد. هل تعتقدون أن هناك عواقب في طريق توحيد تلك الجهود؟
جواب: وددت أن أكمل جوابي على سؤالكم السابق وأن أتحدث عما نقترحه وما نريده. لقد آن الأوان، بحسب وجهة نظري، لطرح هذا السؤال على الجميع: كم من الدموع يجب ذرفها، وكم من الأرواح يجب أن تزهق ليدرك الجميع ضرورة توحيد الجهود الدولية لمكافحة هذا الشر الدولي؟ خلال الجلسة السبعون للجمعية العمومية للأمم المتحدة قدم رئيسنا فلاديمير بوتين مبادرة واضحة ومفهومة للجميع حول تشكيل جبهة واسعة لمكافحة الإرهاب، تعتمد على القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة، وذلك طبعا، بالأخذ بالاعتبار مصالح وتقاليد هذه المنطقة التي ينمو فيها الإرهاب اليوم. وبالطبع فإن جميع الأعمال يجب أن تجري باتفاق مع دول هذه المنطقة بعينها، وأقصد هنا في قولي الشرق الأوسط الذي نلاحظ فيه حدة مكافحة الإرهاب الدولي. ما الذي يعيق العمل اليوم؟ أعتقد أن ما يعيق اليوم هو المطامع السياسية والمصالح القومية الضيقة لعدد من الدول، مع أنها تدرك جيدا، وأنا واثق من ذلك، بأنه لا يمكن التغلب على هذا الشر (الإرهاب) بشكل فردي. لا يمكن اليوم تشكيل أي "جزر أمن" والتصرف بالقناعة "بأنني أعيش وراء المحيط وهذا الشر لن يمسني". هذا غير صحيح. نحن نرى كيفية تطور الأوضاع، مثلا، في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، نرى كيف يتسلل تنظيم داعش إلى هذه المنطقة ويقوم بتشكيل خلايا نائمة تابعة له فيها، حالمًا بذلك بتشكيل ما يسمى خلافةً على هذه الأراضي. نحن واثقون بشدة أنه فقط بتوحيد جهود المجتمع الدولي سيكون بالإمكان التغلب على هذا الشر. وبالمناسبة، كما قال رئيسنا، وكما كانت عليه الأوضاع في الحرب العالمية الثانية، عندما تشكلت جبهة مناهضة لهتلر لمحاربة خطر الفاشية. وأعتقد أنه آن الأوان اليوم للنأي عن المطامع السياسية والمصالح القومية الضيقة، والجلوس إلى الطاولة والاتفاق على المسائل الواضحة والمشتركة لمكافحة هذا الشر الدولي.
سؤال: بكلمات أخرى، فقط بجهود مشتركة، وبجبهة موحدة يمكن الانتصار على هذا الخطر. ولكن كوننا تطرقنا إلى موضوع الشرق الأوسط فدعونا نتحدث عن سوريا. إن عملية قواتنا المسلحة في هذا البلد قد انتقلت إلى مرحلة جديدة. فما هي اليوم، حسب رأيكم، المهمة الرئيسة للقوات الروسية في هذا البلد؟
جواب: نذكر بأن المهمة الرئيسة التي تقف اليوم أمام القوات المسلحة لروسيا الاتحادية هي ذاتها التي كانت قبل أن يقرر رئيسنا سحب جزء أساس من القوات الروسية من سوريا، وهي منع الإرهاب من الانتشار والحيلولة دون زحفه نحو أراضي روسيا، وعدم السماح لهذا الشر بنشر أورامه الخبيثة في رابطة الدول المستقلة وقبل كل شيء في الدول الأعضاء في معاهدة الأمن الجماعي. وخلال هذا الوقت، أي خلال عمليتنا، تم إحراز الكثير من المنجزات: أُنزِلت ضربات شديدة بالإرهاب، دُمّر الكثير من مخازن الأسلحة، قُتل الكثير من المسلحين، ودُمرت مراكز القيادة والمجموعات المختلفة، وأُلحقت أضرار هائلة بمصادر تمويل الإرهاب. الجميع يعلم جيدا من أين يأتي الإرهابيون بالمال: عبر الإتجار غير الشرعي بالنفط. والجميع يعلم كيف تجري عمليات تهريب النفط من سوريا، وإلى مَن تصل تلك الأموال. ولكن، للأسف الشديد، فإن هناك دول لا تدعم جهودنا في هذا المجال. واليوم ماذا حصل بعد أن اتخذ الرئيس الروسي قرارا بسحب جزء أساس من القوات الروسية من سوريا؟ أولا نحن نستمر في حربنا ضد "داعش" و"جبهة النصرة" وغيرهما من التنظيمات الإرهابية التي أدرجها مجلس الأمن الدولي على قائمة الإرهاب. ومن جانب آخر، بدأت اليوم مرحلة جديدة في حياة سوريا نفسها، وفي نشاط القوات المسلحة، بالطبع. نحن اليوم نقدم المساعدة في دفع العملية السياسية، وهي بدأت منذ انطلاقة "التهدئة" التي نراها حاليا في سوريا. إن الأوضاع هشة ومتزعزعة للغاية. وأعتقد أنه ليس على روسيا فحسب، وإنما على جميع الدول الأخرى أن تقدم أقصى الجهود لتثبيت هذا السلام، السلام الهش، ولكي لا يتمكن أحد من نسفه. لذا فإنه إلى جانب القتال، واستمرار القتال ضد الإرهاب الدولي، كذلك نقوم بتقديم العون في تطبيع الحياة في سوريا. فأولا، خلال الفترة الأخيرة قامت القوات المسلحة الروسية بإيصال نحو سبعمئة طن من المساعدات الإنسانية. وهي عبارة عن موادّ استهلاكية عادية ضرورية لحياة أي مواطن في سوريا. وأنتم تذكرون تلك المشاهد التي عرضتها شاشات التلفزة، عندما قام ضباطنا وجنودنا بتوزيع هذه المساعدات على الأطفال والمسنين والنساء، على سكان سوريا. أما ما جرى في تدمر هو نقطة انعطاف في العملية العسكرية في سوريا. واليوم تقوم قوات الهندسة الروسية بفك الألغام في هذه المدينة، وهي تراث الإنسانية جمعاء. وبالمناسبة، أعتقد أن مهمة فك الألغام هي مهمة ضخمة في سوريا، لذا يكون من الأنسب أن يقدم المجتمع الدولي خدماته وينضم لعمل القوات المسلحة لروسيا الاتحادية في هذا الشأن. لقد توجهنا إلى منظمة الأمم المتحدة، وإلى الهيئات المختصة في هذه المنظمة وإلى المراكز المختصة بفك الألغام، باقتراح الانضمام إلى نشاط القوات المسلحة الروسية بغرض فك الألغام في سوريا. وإذا رأيتم المشاهد التي عرضت على شاشات التلفزة مؤخرا، فستذكرون أن جنودنا كانوا ينظمون عملية تصنيع الخبز. أي أننا نبذل أقصى الجهود لتكون الحياة في سوريا أسهل على المواطنين البسطاء ولكي يشعروا ويتنفسوا ويتنعّموا ولو بجرعة من هذه الهدنة. كفا قتالا، يجب بناء سوريا جديدة.
سؤال: بطبيعة الحال يمكننا رؤية أن الدور الذي تلعبه روسيا كبير جدا لا سيما في إعادة بناء الحياة السلمية للشعب السوري المتألم وكذلك في مكافحة الإرهاب أيضا. ومن الصعب المبالغة في تقييم هذا الدور. السيد أناتولي قلتم أنه من المفروض أن ينضم المجتمع الدولي إلى تنفيذ هذه المهمات الرئيسة الرامية إلى إطفاء الحرائق في بؤر العنف في العالم عامة وفي الشرق الأوسط خاصة. وبهذا الشأن علينا أن نتذكر طبعا العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة والغرب على وجه الخصوص، هنا يقول كثيرون إنه ثمة انعدام أو قلة في الثقة بين روسيا والغرب، كيف تشعرون أنتم بنقص الثقة هذا في وزارتكم؟
جواب: في البداية سأحاول الإجابة على الجزء الأول من سؤالكم حول العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية. نحن أقمنا علاقات عمل جيدة مع الولايات المتحدة في سوريا في مجال مكافحة الإرهاب. توجد لدينا عدة اتفاقات مشتركة حول التعامل في الأجواء السورية ونعمل بتنسيق وثيق مع العسكريين الأمريكيين ويجري التعاون من حيث المبدأ كما ينبغي. وقد قلت ذلك ولا يمكنني ألا أذكّر الجميع بأن روسيا والولايات المتحدة بصفتهما عضوان دائمان في مجلس الأمن الدولي ويتحملان مسؤولية خاصة عن السلام والأمن الدوليين. ويمكنني القول إنه باستطاعتنا مع الولايات المتحدة أن نقوم معا بأكثر مما نفعله اليوم. وأريد أن أقول لكم إننا مستعدون للتعاون مع الولايات المتحدة لاسيما في مكافحة الإرهاب وفي مكافحة تهديدات وتحديات أخرى جديدة. لكن الكرة اليوم موجودة في ملعب واشنطن، والمستقبل يعتمد على استعدادها للمضي قدما. أما فيما يتعلق بقلة الثقة التي ذكرتموها فهي حقيقة واقعة. وبعد الأحداث المعروفة في أوكرانيا قامت دول الحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي بتجميد التعاون العسكري مع روسيا الاتحادية، ولم نكن نحن من بادر بهذه العملية، واليوم انطلقت حرب إعلامية ضد روسيا الاتحادية، في الحقيقة. ووصلت قيادة الحلف الأطلسي في تعبيراتها وخطاباتها إلى اللامعقول عندما قالت إن روسيا تقف على "أعتاب الناتو"، بمعنى أننا نحن من وسّع حدوده باتجاه الناتو وليس العكس. يؤسفني جدا أن كل الإنجازات التي حققناها، ببالغ الصعوبة، مع دول الحلف الأطلسي في المجال العسكري بما فيها مكافحة الإرهاب والتعاون في أفغانستان، قد رُمي ونُسي بهذه البساطة. واليوم يقال لنا "نحن لسنا ضد الحوار مع روسيا الاتحادية ولكننا سنتحدث معها من موقع القوة". واحيانا عندما أقرأ خطابات قيادة الحلف الأطلسي يبدو لي أنهم يحاولون استخدام الطريقة القديمة في التعامل بين الكبير والصغير. وأكثر من ذلك يخطرني مثال من الحياة المدرسية عندما يُسألُ تلميذ غير مجتهد إلى السبورة ويُطالَب ويوبَّخ على المهمات غير المنجزة.
سؤال: أي أن لغة الخطاب ما زالت كالسابق قاسية متعالية؟
جواب: ولكن في غضون ذلك يجري تعزيز القدرات العسكرية على المحيط الخارجي للحدود الغربية لروسيا الاتحادية. وتنفَّذ مخططات بالغة الخطورة في مجال الدفاع المضاد للصواريخ. وتتزايد النفقات المالية الدفاعية لبلدان الناتو. أود أن أقول إننا جميعا نرى ذلك، إننا نعير انتباهنا لذلك ونتخذ الإجراءات العسكرية التقنية المناسبة. ولكن أود أن أنوه بأننا نعارض سباق التسلح أيا كان من يفرضه علينا. وهناك أمر آخر. نحن لسنا ضد إحياء العلاقات مع بلدان الناتو والدول الأوربية في المجال العسكري. ولكن هذه العلاقات إذا ما تم إحياؤها فإنها يمكن أن تقوم فقط على أساس التكافؤ والحوار المبني على الاحترام المتبادل، وأكرر مرة أخرى هذه الكلمة، علاقة الاحترام، والاعتراف بمصالح كل طرف من أطراف هذا الحوار.
سؤال: مفهوم. من خلال ما ذكرتَ وكما رسمتَ هذه اللوحة فإن سياق العلاقة المتبادلة ليس سهلا، لا تجري ببساطة الحوارات والعثور على بعض نقاط التواصل المحتملة، لا يتم ذلك بسهولة على ضوء العوامل التي ذكرتَها. ولكن منذ أمد قريب جاء وزير الخارجية الأمريكي جون كيري إلى موسكو وقد شاركتَ في المحادثات معه. قلْ لنا من فضلك هل كان لديك إحساس -على الرغم من صعوبة السياق الموجود حاليا- بوجود أفق ما، بوجود ضوء في نهاية النفق، ويمكن إحياء هذا التعاون العسكري بين روسيا والغرب؟
جواب: بعد انقطاع طويل تشرفتُ بالمشاركة في المباحثات بين سيرغي لافروف والسيد كيري. أستطيع أن أقول أن نتائج هذه المباحثات تبعث على تفاؤل محدد. لقد خرجت بمزاج جيد بعد هذا الحوار. نوقشت مشكلات عديدة. من البديهي أن هناك اختلافات بيننا. ومن البديهي أننا دولتان مختلفتان، ولدى كل دولة مصالحها الوطنية. ولكنني مقتنع بشكل راسخ أنه إذا تم توحيد جهود الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا لمواجهة التهديدات، فإننا سنحقق الكثير للولايات المتحدة الأمريكية ولروسيا. أستطيع أن أحضر لك ألف مثال على إرساء السلام والأمن عندما عملت روسيا والولايات المتحدة معا.
سؤال: وبالعودة إلى المؤتمر – أي إلى ما بدأنا حديثنا عنه – نرى أن موضوع "الثورات الملونة" دائم الحضور، بهذا الشكل أو ذاك، على جدول أعمال مؤتمر موسكو... ربما، طيلة السنوات الثلاث الأخيرة. فهلا أوضحتم لنا، لو سمحتم، لماذا تعير وزارة الدفاع الروسية هذه المسألة مثل هذا الاهتمام البالغ؟ وما هي البلدان التي قد تكون في منطقة الخطر الآن، برأيكم؟
جواب: هل تذكرون عبارة "الربيع العربي" الجميلة؟
سؤال: نعم، نعم
جواب: لقد نظرنا بقدر كبير من الإيجابية إلى هذا الحدث. وبعد ذلك أدركنا ما أدى إليه التدخل المتهور، غير المنضبط، في الشؤون الداخلية، ومحاولات فرض عقلية المتدخلين على الدول الأخرى بوسائل "ديمقراطية" – ديمقراطية كاذبة – دون اعتبار للقيم الثقافية والتاريخية لهذه المنطقة أو تلك. أقول ذلك، بالعودة مرة أخرى، إلى موضوع الشرق الأوسط. لقد تفككت هناك عمليا بعض الدول. ودول أخرى كادت تفقد كيانها. وهنا، لا مفر من ذكر ليبيا كمثال. من الصعب اليوم إعطاء جواب إن كانت هذه الدولة موجودة أم لا؟ أو ما الذي سيحدث لها لاحقا. اليوم، وعندما كنت استعد لهذا اللقاء على الأثير، اطلعت على ما جاء في وسائل الإعلام. وفجأة اكتشفت أن ستة آلاف مسلح قد احتشدوا على أراضي ليبيا – بحسب بعض المصادر. ومن غير المعروف إلى أين سيتوجهون، وماذا سيفعلون. أي أن بؤرة توتر جديدة تظهر إلى الوجود.. وهذا نتيجة "للثورة الملونة"، تحديدا. لنتذكر "الثورة الملونة" في جورجيا. ولنتذكر، طبعا، الوضع المحزن، المأساوي، في أوكرانيا، عندما أسفرت تلك "الثورة الملونة" عن تغيير لم يقتصر على الحكومة، بل شمل– في حقيقة الأمر – اتجاهات عمل وحياة الدولة كلها. فلماذا يقلقنا ذلك؟ الجواب بمنتهى البساطة: لأن ظهور بؤر الاضطراب حول الحدود الروسية أمر يثير اهتمامنا. نحن معنيون بأن يكون حول روسيا دول مستقرة مزدهرة. فكلما كانت الحياة أفضل في هذه الدول، كان ذلك أكثرَ مدعاة للهدوء والأمن بالنسبة للدولة الروسية.
سؤال: لا شك أن فورة الحماس تلك، قد حلت محلَها حالة من التشوش والغموض، بل وبؤرة للتوتر في تلك البلدان...
جواب: بالمناسبة، يمكننا القول إن الوضع في مصر يشكل عنصرا إيجابيا في هذا السياق. فالقوات المسلحة هناك لم تسمح بانزلاق الوضع نحو الأزمة، ولم تسمح بانهيار الدولة عندما بدأت "الثورة الملونة" في هذا البلد. أرى أن هذه التجربة، وما يجري في الشرق الأوسط، وكذلك التجربة المحزنة في جورجيا، والتجربة المحزنة في أوكرانيا...يجب أن تدرس، وأن تُستخلص منها الاستنتاجات الصائبة بالنسبة لتلك الدول.
سؤال:.. والحيلولة دون تكرار الأخطاء التي وقعت حينها..
جواب: بالطبع.
سؤال: السيد أناتولي، بقي لدينا القليل من الوقت، ولكن في الدقيقتين أو الثلاث الأخيرة المتبقية، أخبرونا لو سمحتم، ما الذي تنتظرونه من هذا المؤتمر؟ وما هي المهمات الممكنة؟ وما هي معايير نجاحه، برأيكم؟
جواب: في الأعوام الماضية، عندما كنت أعمل في وزارة الخارجية، كانت وزارة الدفاع تتعرض لانتقادات كثيرة: بأنها وزارة مغلقة، وأن الجنرالات الروس لا يودون التكلم علنا. وها قد تمكنا خلال السنوات الخمس الأخيرة أن نفتح أبواب وزارة الدفاع وأن نقول: "تعالوا إلينا، وحدثونا عن مشكلاتكم، ونحن سنحدثكم كيف نرى العالم وكيف نرى التعاون العسكري الدولي". من المهم بالنسبة لنا أن كمية الوفود تزداد مع كل عام. وأهمية مؤتمر موسكو يزداد أيضا. نحاول إيجاد أو التماس حلول للمسائل الحادة في الأمن الدولي. وثمة أمر آخر: تجري على هامش مؤتمرنا لقاءات عديدة لقيادة وزارة الدفاع. وسيكون عددها لدى وزيرنا حوالى العشرة.
سؤال: دون شك. أي أننا نرى المكانة العالية، والشيء المهم وما لا يقل أهمية هنا هو انفتاح هذه المنصة وإمكانية مناقشة المسائل المهمة والملحة التي تهم ليس روسيا فحسب وإنما دول العالم بأسره. شكرا جزيلا لكم السيد أناتولي إيفانوفيتش على انضمامكم لنا. كان معنا في الأستوديو نائب وزير الدفاع في روسيا الاتحادية أناتولي أنتونوف.
أرسل تعليقك