التطرف يهدد قيم التسامح والحرية في أوروبا
آخر تحديث GMT 06:18:08
 فلسطين اليوم -

التطرف يهدد قيم التسامح والحرية في أوروبا

 فلسطين اليوم -

 فلسطين اليوم - التطرف يهدد قيم التسامح والحرية في أوروبا

التطرف يهدد قيم التسامح والحرية في أوروبا
بروكسل - فلسطين اليوم

 يفتح تبني "داعش" هجمات بروكسل الإرهابية أبواب الجحيم على أبناء الأقليات المسلمة في أوروبا، وينذر بتغيرات، قد تمس جوهر القيم الأوروبية، المدافعة عن الحرية والتسامح.

تسجَّل "غزوة بروكسل" خارجيا في جدول الإرهاب الأسود لتنظيم "داعش" في باريس، وفي السجل نفسه لاعتداءات القاعدة في لندن ومدريد ونيويورك. و"الغزوة" انجلت عن يوم دام سقط فيه العشرات بين قتيل وجريح، ولكن آثارها ستؤثر طويلا في حياة أوروبا والعالم.

العمل الإرهابي شكل مناسبة لذرف الدموع عند بعض الساسة، وفرصة للتذكير بصواب مواقفهم من عملية محاربة التطرف والإرهاب. وفي حال الرئيس باراك أوباما، فقد كانت تفجيرات بروكسل عظة تبشيرية، أكثر منها تعليقا سياسيا، يتضمن رؤية منطقية واضحة لكيفية العمل على محاربة التطرف واجتثاثه من جذوره؛ إذ إن الكلام عن وجوب أن "نتكاتف في المعركة ضد الإرهاب، من دون النظر إلى جنسية أو عرق أو عقيدة".. ثبت بالملموس أنه لم يخرج عن إطار الشعارات، ولا سيما مع المضايقات، التي يتعرض لها المسلمون وأبناء الأقليات في أوروبا والولايات المتحدة.

كما أن تأكيد أوباما "أننا قادرون على هزيمة مَن يهددون سلامة الناس وأمنهم في مختلف أنحاء العالم" هو كلام يهدف إلى رفع المعنويات فقط، يفنده تتالي العمليات الإرهابية، وتطور أسلوب المتطرفين في اختيار التوقيت والأدوات في هجماتهم الدموية.
ووجدت الرؤية الطوباوية لسيد البيت الأبيض المغادر مطلع العام المقبل ردا سريعا من مرشح طامح للاستئثار بسدة الحكم في واشنطن. فقد اتهم دونالد ترامب مرشح الرئاسة الأمريكية المحتمل المسلمين بأنهم لا يبلغون عن الأنشطة المثيرة للريبة، وقال إن عليهم بذل المزيد لمنع وقوع هجمات كتلك، التي أودت بحياة 30 شخصا على الأقل في بلجيكا.

قادة دول الاتحاد الأوروبي من جانبهم، بعثوا رسالة واضحة لا لبس فيها، تؤكد التزام القارة العجوز بمبادئها وقيمها. ورأى القادة، في بيان مشترك، أن تفجيرات بروكسيل هي "هجوم على مجتمعنا الديمقراطي المنفتح"؛ مؤكدين أن "الهجوم الأخير ليس من شأنه سوى تقوية تصميمنا من أجل الدفاع عن القيم الأوروبية، والتسامح في وجه هجمات أعداء التسامح.. سنكون موحدين وحازمين في الحرب ضد الكراهية، والتطرف العنيف والإرهاب".

وفي المقابل، فإن أحزاب اليمين المتطرف شرقا وغربا اتحدت حول شعارات شعبوية، تحمِّل الأقليات المسلمة، واللاجئين إلى القارة العجوز المسؤولية عن العمليات الإرهابية. وذهب بعضهم إلى المطالبة بترحيل ملايين المسلمين ردا على الهجوم الإرهابي؛ في خطوة تتضمن عقابا جماعيا، ونكوصا عن أبجديات العدل عبر تحميل ملة، أو مجتمع مسؤولية تصرفات اتخذها أفراد، لا يشكلون نسبة يعتدُّ بها من العرب والمسلمين المقيمين، أو اللاجئين إلى أوروبا.

وشكلت هجمات بروكسل الإرهابية قضية للتجاذب والخلاف بين النخب العربية، واقتصر التركيز، في معظمه، على تراشق الاتهامات حول مسؤولية الأنظمة الدكتاتورية، أو بقاياها، عن نشر الإرهاب في أوروبا والعالم، وأوضح مسؤولية الغرب عبر اتهامات برعايته التنظيمات الإرهابية وتمويلها، والصمت طويلا عن أنشطتها. وغاب البحث في التداعيات المستقبلية للهجمات على سياسة أوروبا نحو الأقليات المسلمة، وقضايا الشرق الأوسط، باستثناء تحذيرات باتت معروفة لتكرارها مع كل عمل إرهابي كبير.

ومن المؤكد أن هجمات بروكسل تهدف أساسا إلى الضغط على أوروبا من أجل التأثير في سياساتها الداخلية؛ وفي الوقت نفسه، فإنها تدق ناقوس خطر للساسة الأوروبيين حول تبعات سياساتهم الخارجية.

ومن المؤكد أيضا داخليا أن التأثير سيطال مناحي متعددة؛ لعل أولها زيادة قوة اليمين الأوروبي المتطرف، بعدما ظهرت بوادر لتراجعه قليلا إثر تكاتف المجتمع وصموده في وجه الحملة، التي حمَّلت اللاجئين مسؤولية هجمات باريس خريف العام الماضي، واتهاماتٍ للاجئين بتغيير وجه أوروبا الحضاري في ليلة رأس السنة عبر التحرشات الجنسية.

ومن الواضح أن أحزاب اليمين ستستغل الهجمات من أجل زيادة شعبيتها، وزيادة تقبُّل أفكارها، ما يسهم في النتيجة في زيادة الضغط على مسلمي أوروبا.

وتفتح هجمات بروكسل الإرهابية الباب أمام الراغبين بمقاربة أوروبية جديدة لمعالجة قضية اللاجئين، وتوافدهم على أوروبا. فمن الجلي أن تنظيم "داعش" أو جهات أخرى استغل موجة اللجوء الحالية لتسريب بعض الانتحاريين من أجل زعزعة الاستقرار في أوروبا، لإجبارها على اتخاذ مواقف سياسية معينة فيما يتعلق بالأوضاع في منطقة الشرق الأوسط. لكن الأثر الأكبر من هذه التفجيرات سيتحمله أشخاص هربوا طلبا للحياة إثر فقدان الأمل بالعيش الآمن والكريم في بلدانهم؛ ما دفعهم إلى ركوب "قوارب الموت"، وخوض غمار البحر في رحلة قد تفقدهم حياتهم، أو حياة أبنائهم.

ولا يقتصر تأثير تنامي الهجمات الإرهابية على السياسات الأوروبية بشأن اللاجئين والجاليات العربية والمسلمة؛ إذ إن مخططي الهجمات يسعون لدفع أوروبا إلى التخلي عن قيمها بالتسامح والمساواة والديمقراطية. ومن المرجح أن تطال الإجراءات ضد الإرهابيين الحريات الشخصية، والحقوق الدستورية للمواطنين الأوروبيين على اختلاف مشاربهم وأصولهم. كما أنها ستهدد الوحدة السياسية والاقتصادية للقارة، وتنذر بنعي اتفاقية "شينغن" للفضاء الأوروبي الحر.

بيد أن الهجمات الإرهابية لن تتوقف على المدى المنظور، ويحتاج وقفها إلى مقاربات تتعدى الحلول الأمنية، وينطلق إلى تبني استراتيجية واضحة وشاملة تتضمن عدة عناصر، أهمها: الانطلاق من أن الأمن العالمي بات كلا لا يتجزأ؛ ما يحتم على أوروبا العمل بفعالية أكبر لإطفاء الحرائق، والمساعدة في محاربة الإرهاب المنتشر على طول حدودها الجنوبية، والمسارعة إلى إيجاد حلول سياسية لأزمتي ليبيا وسوريا، وتكثيف الجهود لمحاربة الإرهاب فيهما؛ بمساعدة جميع القوى الفاعلة عالميا.

ويجب ألا يغفل صناع السياسة الأوروبيون أن معظم منفذي الهجمات الإرهابية هم ممن ولدوا وتلقوا تعليمهم في المجتمعات الغربية؛ ولهذا، من الضروري تحليل أسباب الجنوح إلى التطرف، والوقوع فريسة للمنظمات الإرهابية. وعلى أوروبا مراجعة سياسة الاندماج والأخطاء، التي تؤدي إلى التطرف في البيئات الفقيرة المسلمة في ضواحي المدن الأوروبية، ومراعاة الفروق الثقافية بين الديانات من أجل قطع الطريق على مروجي الأفكار القروسطية.

وغني عن القول إن الحفاظ على أمن أوروبا يحتاج إلى الكف عن سياسة المعايير المزدوجة إزاء الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، والضغط لإيجاد حل يضمن حقوق الفلسطينيين في دولة طال انتظارها.

وفي حين أنه لا يمكن لأي متابع مستقل إنكار الدور التنموي لأوروبا في الشرق الأوسط ومناطق أخرى في العالم في السنوات الأخيرة، فإن التدخلات غير المدروسة، والانجرار وراء سياسة صقور واشنطن في العراق وأفغانستان والصومال وغيرها، جلبت المآسي للقارة العجوز، وجعلتها في عداء مباشر مع شعوب عدة في العالم، تشاركها نفس الفضاء الاقتصادي والسياسي والأمني؛ على عكس الولايات المتحدة القابعة خلف المحيط.

وأخيرا، فإن دعم خيارات الشعوب العربية والمسلمة في الديمقراطية، وبناء مجتمعات مدنية، يساهمان في تعزيز الأمن الأوروبي والعالمي. كما أن الموقف الإنساني من قضية اللاجئين قد يكلف الساسة غاليا على المدى المنظور، لكن استمراره يعدُّ على المدى البعيد ضمانة للمحافظة على وجه أوروبا المتسامح، وقاعدة لبناء علاقات تجسر الهوة بين أوروبا والشرق، وتساهم في بناء عالم متماسك ينبذ الإرهاب ويسعى إلى السلم.

فهل تستوعب أوروبا الدرس؟ أم أنها ستستمر في ارتكاب خطايا تستغلها جماعات ودول، من أجل تشويه وجه أوروبا، ونشر الفوضى فيها وإجبارها على التراجع عن الحقوق الشخصية والمدنية للإنسان؟

palestinetoday
palestinetoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التطرف يهدد قيم التسامح والحرية في أوروبا التطرف يهدد قيم التسامح والحرية في أوروبا



تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 09:55 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

يزعجك أشخاص لا يفون بوعودهم

GMT 23:41 2015 الجمعة ,09 كانون الثاني / يناير

موقع لإنشاء أكواد الباركود Barcodes بكل سهولة

GMT 07:40 2018 السبت ,29 كانون الأول / ديسمبر

أسعار النفط تهبط إلى أدنى مستوى في 18 شهرًا

GMT 21:08 2018 الثلاثاء ,18 كانون الأول / ديسمبر

فيدرر يؤكد أن القوة البدنية أصبحت العنصر الأهم في التنس
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday