انتقد وزير الخارجية الألماني فرانك-فالتر شتاينماير الناتو لانتهاجه سياسة عدوانية تجاه روسيا، واصفاً المناورات العسكرية الأخيرة للحلف في بولندا بأنها تهديد بالحرب.
وفي حديثه مع صحيفة «بيلد أم زونتاغ» الألمانية، أشار شتاينماير إلى نشر قوات حلف شمال الأطلسي بالقرب من الحدود مع روسيا في بحر البلطيق ودول أوروبا الشرقية، قائلاً: "ما علينا أن نتجنبه اليوم هو مفاقمة الوضع أكثر، والتلويح بالسلاح، مع نداءات تدعو إلى الحرب"، بحسب تعبيره.
ودعا شتاينماير بدلاً من ذلك إلى الحوار والدبلوماسية، قائلاً إن "حصر النظر بالجانب العسكري والسعي للانتصار عبر سياسة الردع فقط سيكون مميتاً".
وقال الوزير الألماني للصحيفة نفسها، إن الاستعداد للتفاوض يجب أن يكون حاضراً جنباً إلى جنب مع الاحتياطات العسكرية؛ حيث يجب أن يكون حلف الناتو على استعداد "لتجديد المناقشات حول فائدة نزع ومراقبة الأسلحة من أجل الأمن في أوروبا."
بحسب المراقبين الروس، من الواضح أن ألمانيا لا توافق على سياسة المواجهة التي تتبعها الولايات المتحدة ضد روسيا؛ حيث إن أوروبا، وفق الاستراتيجيين الأمريكيين، يجب أن تلعب دوراً ما في أي صراع محتمل. لكن ألمانيا، كقوة قارية ليست مهتمة بهذه المواجهة، لأن ضعف العلاقات مع روسيا يؤدي إلى إضعاف ألمانيا نفسها.
يجدر بالذكر أن حلف الناتو أطلق، في 7 حزيران/يونيو، مناورات عسكرية على الأراضي البولندية بعنوان "أناكوندا-16". وشارك في التدريبات، التي استمرت مدة يومين، 31 ألف جندي، بما في ذلك 14 ألف جندي من الولايات المتحدة، 12 ألف من بولندا وألف من المملكة المتحدة؛ فضلاً عن عشرات الطائرات المقاتلة والسفن الحربية، جنباً إلى جنب مع 3 آلاف مدرعة عسكرية.
كما أعلن حلف الناتو، يوم الاثنين الماضي (13/06/2016)، أنه سينشر أربع كتائب في إستونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا لمواجهة "التهديد الروسي" المزعوم بأسلوب حازم؛ وذلك قبيل انعقاد قمة حلف شمال الأطلسي في وارسو الشهر المقبل.
وبهدف قمع الأصوات المعارضة للحرب مع روسيا، شنت الأجهزة الأمنية البولندية الشهر الماضي سلسلة من حملات الاعتقال بحق الناشطين المناهضين لحلف الناتو، وخاصة ضد أعضاء حزب "التغيير" بقيادة ماتيوش بيسكورسي، الذي تعرض نفسه للاعتقال بتهمة "التجسس لصالح دولة أجنبية".
من جهة أخرى، أشارت موسكو مجدداً إلى أن زيادة الوجود العسكري للناتو في أوروبا الشرقية ودول البلطيق غير مبرر، مؤكدةً أن روسيا ليس لديها خطط للتدخل في أي بلد في المنطقة على الإطلاق.
في هذا الصدد، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن الاتهامات بأن روسيا تهدد دولاً أو تخطط لغزو دول، هي اتهامات لا أساس لها، مشدداً على أن كل سياسي عاقل وصادق يدرك ذلك جيداً.
وخلال الكلمة التي ألقاها في منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي الدولي، يوم الجمعة (17/06/2016)، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن حلف شمال الأطلسي لديه سلوك متسرع تماماً فيما يتعلق بروسيا، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة انسحبت من جانب واحد من معاهدة الدفاع المضاد للصواريخ، التي تم توقيعها في بادئ الأمر "لتوفير التوازن الاستراتيجي في العالم".
وخلص بوتين إلى أن الصراع في أوكرانيا ناجم عن الانقلاب الدموي المدعوم من قبل الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين في حلف شمال الأطلسي، وذلك لفرض "وجودها في حلف شمال الأطلسي"، وفق تعبيره.
وأكد بوتين أن روسيا لا تريد الدخول في حرب باردة جديدة، إذ "لا أحد يريد ذلك". فمنطق العلاقات الدولية لا يمكن أن يقوم على المواجهة العالمي.
أرسل تعليقك