رام الله - فلسطين اليوم
امتثلت الفتاة الفلسطينية عهد التميمي، 13 فبراير الماضي، أمام المحكمة العسكرية الإسرائيلية، للمرة الرابعة منذ اعتقالها في 19 ديسمبر، بعد انتشار مقطع فيديو يظهرها وهي تصفع جنديا إسرائيليا. وفيما يعتبر الفلسطينيون "عهد" رمزا للمقاومة، يراها الكثير من الإسرائيليين عنيفة وتسعى للشهرة، وقبل أن ترفع حاجبيك مستغربا، دخلت منظمة العفو الدولية، كطرف محايد، لتحسم الجدل، إذ اتهمت إسرائيل بالعنصرية تجاه الأطفال الفلسطينيين.
وتتفق الكاتبة الإسرائيلية "إيثان دايموند"، نقلًا عن "التحرير" مع العفو الدولية، وسجلت اعتراضها في الرواية العبرية "أرض الرجال"، والتي لم يمرعليها أسبوع إلا وقامت السلطات الإسرائيلية بحظرها، وبعد عامين من قرار الحظر ومساءلة الكاتبة أمام المحاكم الإسرائيلية، عادت لتمضي وحدها في هدوء وتأن، كأن ما حدث لا يعنيها! وبدأت مقالها الأسبوعي بمجلة هآرتس العبرية، بسؤال: "هل تلد فلسطين الرجال؟". قد تتجاوب مع سؤالها أوتشعر بالفخر، أو ربما فقط سيلازمك شعورغريب بعدم الواقعية! قد تسأل Google، لتفاجئ بعدة مقالات للكاتب اليهودي، مايك دافيس، يحلل خلالها تفككا صهيونيا محتملا، لافتا إلى حراك شبابي معاصر من الكتاب والفنانين يرفضون أخلاقيات الصهيونية، مطالبين بنهاية الدولة الإسرائيلية.
ويرى الكاتب أن حراك المعارضة بدأ بانتقال الكاتبة أميرة هاس، إلى رام الله، إلى أن وصل الأمر إلى انتقال بعض الفنانين إلى غزة. لماذا نحاكم الأطفال؟ لا تعامل المحاكم العسكرية الأطفال الفلسطينيين باعتبارهم قاصرين يستحقون الحماية، إنهم يوصون بشدة باعتقال الأطفال حتى انتهاء الإجراءات ضدهم. وبحسب الإحصاءات الفلسطينية، فقد ارتفع عدد الأطفال المعتقلين في السجون الإسرائيلية، حيث بلغ المعدل الشهري احتجاز 420 طفلا خلال 2016، بعد أن كان المعدل 220 طفلا عام 2015. وتقر قوات الاحتلال بأن نحو 1400 فلسطيني دون السن القانونية، مثلوا أمام محكمة عسكرية خاصة بالأحداث، خلال السنوات الثلاث الماضية.
وتشير الكاتبة الإسرائيلية إيثان دايموند، إلى خدعة ترامب الانتخابية، حيث قام الرئيس الأمريكي بجمع الأصوات خلال مؤتمر لجمع شمل الأطفال المنفصلين عن والديهم. في حينها خدعت هذه الحيلة مئات الآلاف من الأمريكيين. سوف يمر الوقت، وسوف تتلاشى الصدمة من هذه القضية، وسوف يستمر فقط! الأطفال الذين تمزقوا من آبائهم ويعيشون هذه الصدمة في حمل الجرح في أرواحهم لسنوات.
وتواصل الكاتبة: "في إسرائيل لم يبق الناس غير مبالين: نحن أمة تحب الأطفال، ولم يمنحنا مشهد الأطفال في الأقفاص أي راحة أيضًا. يتم إنفاذ حقوق الأطفال هنا بحماس وعدالة، والعديد من المجالات -خاصة من خلال الرعاية والتعليم والصحة- هي أكثر دقة في مراقبة هذه الحقوق. إن أطفالنا هم أغلى ممتلكاتنا، شخصيا وجماعيا".
وترى أطفالًا غير قادرين على لمس قلوب اليهود الإسرائيليين، الأطفال الفلسطينيين! في أي لحظة، يملأ مئات الأطفال الفلسطينيين السجون ومرافق الاستجواب، ويضربونهم، ويعزلون ويرمون في أقفاص. وما زال الإسرائيليون لا يتخذون موقفا ولا يعبأون بتغيير الوضع.
قنابل موقوتة بعد كل شيء
ونعلم جميعا أن هذه الآلاف من القنابل الموقوتة، يجب أن تُسجن لحماية الدولة الإسرائيلية، معظمهم من الأطفال المتهمين بالمشاركة في المظاهرات أو إلقاء الحجارة. وكان بعضهم يسير على طول الشارع، حيث ألقيت الحجارة و"شخص ما رآهم" ارتدى قميصًا أخضر أو كان مصيبًا لولاده في القرية الخطأ والعائلة الخطأ. كما لا تملك الأغلبية المطلقة من المعتقلين أي فكرة عن سبب اختطافهم من منازلهم في منتصف الليل بعنف ومع ضرر إضافي يلحق بالأطفال الآخرين، الذين يعيشون في المنزل، وفقًا لدراسات أجرتها منظمات حقوق الإنسان.. فلماذا تم جرهم بوحشية إلى الجيب العسكري وألقوا على الأرض؟ الأرقام تنذر بالخطر.. في أي لحظة يوجد المئات من القاصرين الفلسطينيين في مراكز الاحتجاز والسجون ومرافق الاستجواب، بعضهم قيد الاحتجاز الإداري.
وثّقت الأمم المتحدة،في عام 2017 وحده، 185 حالة من إساءة معاملة القُصَّر في الاعتقال، لكن الإساءات المنتشرة والمنسقة، والتي تتجاوز بكثير إبقائهم في قفص بعيد عن والديهم! هل تبالي؟ لا تؤمن إسرائيل باستدعاء الأطفال الفلسطينيين للتحقيق بطريقة منظمة، عن طريق الاستدعاءات، إذ يتم أخذ الأطفال وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم، وغالبا ما تكون مؤلمة. وهم أيضًا، معصوبو العينين لساعات متواصلة، وهو نشاط يؤثر سلبا على التوجه ويخلق الخوف من العنف الذي يحدث في بعض الأحيان في الواقع. إنهم يعانون من العنف الجسدي والتهديدات والشتائم والإذلال، إنهم يخضعون لعمليات التفتيش الجسدية العارية.
يحرمون من النوم والطعام والشراب والوصول إلى المراحيض. وفي بعض الأحيان يتم تركهم في أوضاع مؤلمة لفترة طويلة من الزمن، يتم إرسالهم ذهابًا وإيابًا لساعات طوال بين مختلف المرافق. في حين أن الأطفال يتعرضون للعذاب بشكل عنيف، فإن آباءهم لا يكون لديهم أدنى فكرة عن مكان وجود طفلهم وما يحدث له. فقط عندما يكون الطفل مسجلا في بعض مراكز الشرطة، بعد ساعات من بدء الاحتجاز، تظهر المعلومات على أحد أجهزة الكمبيوتر، وحتى من الصعب الحصول عليها بسبب مشاكل اللغة والوصول.
ويتلقى الأطفال عادة العلاج المخصص للإرهابيين، ولا يتوقف أحد للحظة للتفكير لحظة، بأنه طفل! كما لا تظهر المحاكم العسكرية رحمة لتلاميذ المدارس، إذ لاحظ الرئيس السابق لمحكمة الاستئناف العسكرية في الضفة الغربية الكولونيل أهارون مشنايوت، أنه حتى الحماية التي يمنحها القانون الإسرائيلي للقاصرين لا تنطبق على الفلسطينيين في الضفة الغربية، وأن هناك ثغرات في القانون العسكري عندما يأتي إلى القُصر. لا يزال "قاصر قاصر هو قاصر". ذلك كان حكما منعشا من قبل أهارون، لكنه غامض! لكنه يعترف بأن القاصرين هم من السكان الذين يستحقون حماية خاصة من سوء المعاملة.
أرسل تعليقك