من يتابع مؤخرًا خطوات مجموعة “إم بي سي” الإعلامية لا بد أن يلاحظ التقدم والتطور الكبيرين اللذين تحققهما في عالم المرئي، فهي تحولت إلى صناعة الدراما بميزانيات مرتفعة فاقت في أحدثها 6 ملايين دولار للجزء الأول منها، ووصفها مدير المجموعة علي جابر أثناء إطلاق مسلسل “عروس بيروت” بـ"فاتحة خير" ستتبعها خطوات مماثلة في المستقبل القريب.
وبعد مرور أيام قليلة على هذا الإعلان أطلّت “إم بي سي” من نافذة أخرى أكثر توهجًا لتطلق قناة “إم بي سي 5” المُوجهة للمغرب العربي. وفي غضون ذلك تستعد لبرامج مسلية وأخرى للهواة من “ذا فويس” في موسمه الخامس وبحلة جديدة وكذلك “ذا فويس سينيور” وغيرها، لتدمغ الشاشة الصغيرة بخطوات برّاقة تجعلها ومن دون منازع القناة الفضائية الأولى في العالم العربي.
أما جديد مجموعة “إم بي سي” فهو حصولها على الضوء الأخضر لإنتاج الجزء الثاني من مسلسل “عروس بيروت”، بعيد مرور أسابيع قليلة على انطلاقته. فلقد لمست نجاحه الكبير بعد أن حقق نسبة مشاهدة عالية غير مسبوقة على الشاشة الصغيرة.
كما تستعد المحطة لإنتاج مسلسل كوميدي جديد (الحالم) على طريقة “عروس بيروت” أي معرّب من نص تركي. ومن الأعمال الدرامية الأخرى التي تحضرها أيضا “ميستي” وهو كوري الهوية وسيتم إنتاجه بالعربية.
وفي ظل جميع هذه التطورات والإنتاجات التي تدور في فلك هذه المجموعة التي تحصد النجاح تلو الآخر منذ تأسيسها في عام 1991 وانطلاقتها من لندن يومها، تتوج “إم بي سي” كرائدة في عالم المرئي في منطقة الشرق الأوسط. فهل ذلك يضعها في مركز القيادة المطلق في هذا الإطار؟
“إننا ومنذ تأسيس إم بي سي نستحوذ على القيادة في هذا الإطار. وما تعيشه اليوم هذه المجموعة ليس بالجديد عليها”. يردّ علي جابر في حديث لـ”الشرق الأوسط”: “هناك فرق شاسع ما بيننا وبين القناة التي تحتل الرقم 2 في مجال المرئي يتجاوز الـ40 درجة. ولعلّ برنامج “أراب أيدول” هو أكبر دليل على ما أقوله إذ يستطيع وحده أن يحقق نسب مشاهدة عالية تتراوح ما بين الـ20 و25 نقطة، مقابل أهم برنامج آخر يعرض على واحدة من محطات التلفزة العربية وعددها نحو 1700 محطة، تفتخر بتحقيق نسبة مشاهدة لا تتعدى الـ5 نقاط في أعلى تقدير”.
يتحدث علي جابر عن “إم بي سي” بحماس وبلهفة لافتين وعن آفاق “إم بي سي” المستقبلية. يؤكد أن لديها تطلعات رائدة تخولها إلى أن تكون في الطليعة من دون منازع. ويقول في سياق حديثه لـ”الشرق الأوسط”: “الإعلام المرئي برمتّه يذهب اليوم إلى مكان آخر يختلف تمامًا عن حقباته السابقة. فهو يبحث عن التخصصية والتركيز بشكل أكبر على عالم التلفزيون بعيدًا عن السينما، التي لم تعد عنصرا هاما في معادلة الشاشة بشكل عام. كما أن الدراما تعيش حاليا عصرها الذهبي بفضل التطور التكنولوجي الذي تشهده الساحة من خلال الإنترنت والصفحات والمواقع الإلكترونية المعروفة.
فهذه الأخيرة اتخذت عنوانًا عريضًا لها ألا وهو المحتوى التلفزيوني الأفضل، لتستثمر فيها ملايين الدولارات ومن دون برمجة تلفزيونية مسبقة مدموغة بالكلاسيكية القديمة. وهذه الشركات المستثمرة من منصات وصفحات إلكترونية شهيرة أصبح لديها مبالغ مالية ضخمة ارتأت استثمارها في العمل التلفزيوني. فالأعمال السينمائية لم تعد تفي بحاجتها ولا تصيب أهدافها الرئيسية المتمثلة بتحقيق أرباح مالية تصل إلى 20 في المائة من استثماراتها هذه. ولا أذيع سرًّا إذا قلت أن “إم بي سي” كانت السباقة في استخدام هذا التطور التكنولوجي في العالم العربي من خلال تأسيسها منصة إلكترونية خاصة بها (شاهد) التي تضع لها برمجة استثمار خاصة”. ويتابع: “نحن اليوم بصدد إنتاج أعمال تلفزيونية خاصة بهذه المنصة، لا تزيد حلقاتها على الـ5 أو 10 حلقات ولا تتجاوز مدتها الـ30 دقيقة. كـ(ديفا) الذي سنطلقه في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل ولنعرضه بعدها على شاشة (إم بي سي). فهذه المنصة نعتبرها سلاحنا الأساسي لمواجهة منصات عالمية أخرى كـ(نتفليكس) و(أمازون) وغيرها. ونتفرد بها في العالم العربي لتقديم إنتاجات بالعربية لا يملك غيرنا الخبرة نفسها لتنفيذها”.
ثمة ملاحظات وانتقادات لحقت بمسلسل “عروس بيروت” منذ أولى حلقاته حتى اليوم، وتدور حول الاستعانة بممثلين غير عرب تمت دبلجة أصواتهم، وكذلك بعملة ورقية لا تمت لمنطقتنا بصلة تظهر في بعض مشاهده، إضافة إلى مشاهد أخرى حيكت ونفذت من وحي النسخة الأصلية للعمل لا تمت لتقاليدنا وعاداتنا بصلة فبدت نافرة لعين مشاهدها.
يجيب جابر: “نأخذ بعين الاعتبار جميع هذه الانتقادات لنؤكد أن الموسم الثاني من هذا العمل سيكون أفضل. فالجزء الأول نعتبره حلقات تجريبية (بايلوت) كما نسميها في عالم المرئي نسعى إلى تحسينها في الجزء الثاني”. ويضيف: “إنها تجربة فريدة من نوعها ارتكزت على نص وصل العالمية لمسلسل ترك أثره في دول أميركا الشمالية والجنوبية وغيرها. فنحن نملك حقوق هذا العمل ولم نرغب في دبلجته بل في تحويله إلى نسخة عربية ستنقلنا قريبًا إلى مستوى نصوص دراما ذات مستوى عال. وكما هو معروف فإن النسخة الأصلية من هذا المسلسل هي تركية وهي الدراما الأكثر رواجا في العالم التي تحتل الرقم 2 بعد الإنتاجات الهوليوودية”.
ولا يستبعد مدير مجموعة “إم بي سي” أن تتحول الإنتاجات مع الوقت إلى نصوص عربية أصيلة تأخذ منحى المحتوى الجيد. “إننا نطمح للوصول إلى هذه النقطة على أمل أن يتدرّب كتّابنا على طريقة حبكة النص التركي. وهو الأمر الذي سيستغرق وقتًا من دون شك كي نستفيد من التجربة الدرامية التركية وننقلها إلى العربية الأصيلة”.
ومن البرامج الترفيهية التي تنوي “إم بي سي” إدراجها قريبا على برمجتها التلفزيونية “ذا فويس سينيور” بنسخته العربية، الذي سبق وحقق في نسختيه “ذا فويس” و”ذا فويس كيدز” على شاشاتها نجاحا ملحوظا. “سيتألف مشتركوه من أصحاب أعمار تتراوح ما بين الـ60 عاما وما فوق. ونتوقع له نجاحا كبيرا فلقد تابعته أثناء وجودي في هولندا ولمست هذا الأثر العاطفي الكبير الذي يتركه لدى المشاهد خصوصا أن المشتركين غالبا ما يكونون محاطين بأحفادهم وأولادهم لتشجيعهم”. وعما إذا تداول اسم المغني فارس كرم ليشكل واحدا من أعضاء لجنة الحكم في البرنامج هو أمر صحيح يوضح: “لا أدخل في هذه التسميات في مراحلها الأولى ولكني أستبعد الأمر”.
وعن أهداف إطلاق قناة “إم بي سي 5” للمغرب العربي يقول علي جابر في معرض حديثه لـ”الشرق الأوسط”: “لقد انتقلنا اليوم من التوسع الأفقي إلى التوسع العمودي كي نستطيع الدخول إلى أسواق محلية، ونزودها بجرعات إنتاجات محلية ترتبط ارتباطًا مباشرًا بها وأخرى عربية. وبعد إطلاقنا عدة قنوات موجهة لبلدان معينة كـ(إم بي سي) الفارسية والمغربية والعراقية نتطلّع اليوم إلى إطلاق (إم بي سي) المشرق العربي التي تشمل بلدان لبنان وسوريا وفلسطين والأردن”.
ويعرّف علي جابر الـ”إم بي سي” بـ”شركة المحتوى”، بحيث توسع نشر محتواها على التلفزيون العادي ومن ثم على منصة “شاهد” وأيضا في مجال منصات البث الرقمي التي تسجل ازدهارا في سوق المحتوى التلفزيوني. “إنها شركة محتوى رائدة في العالم وتراكم خبراتها ومعرفتها بما يبغيه الجمهور لا تضاهيها أي مؤسسة أخرى. فنحن نمارس عملنا بتأنٍ ودقة ليأخذ منحى التلفزيون الاحترافي.
أما غيرنا فلديه أهدافه السياسية والمناطقية وغيرها، تماما وكأنهم يتطلعون على أنفسهم بالمرآة وهو أمر سهل ومريح بالنسبة لهم”. ويختم: “كل عربي على الكرة الأرضية ولو في الصين لديه (إم بي سي) في منزله وعلى شاشته. حتى أن البعض يعتبرها وسيلة وصل وطيدة مع جذوره العربية. ويستخدمها مرات لتعليم أولاده لغتنا الرائدة كما يحصل مثلا مع برامج (إم بي سي3) الموجهة للأولاد بالعربية”.
قد يهمك ايضا:
بيروت _فلسطين اليومعلي جابر يتلقى تهديدات من "داعش" بسبب "غرابيب سود"
صور مميَّزة لكلّ الأحداث التي تشهدها الكرة الأرضية
أرسل تعليقك