القاهرة - فلسطين اليوم
شحنت السلطات المصرية على متن طائرة متجهة إلى روما جثمان الشاب الإيطالي جوليو ريجيني، الذي عثر عليه مقتولا الأربعاء الماضي في أول طريق مصر- الإسكندرية الصحراوي.
مقتل الشاب الإيطالي أثار لغطا واسعا، وأرخى بظلاله على علاقات الصداقة بين القاهرة وروما، الأمر الذي اضطر معه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى إجراء اتصال هاتفي برئيس وزراء إيطاليا ماتيو رينتسي، أكد فيه أن السلطات المصرية ستتوصل إلى قتلة الشاب الإيطالي، وإلى كشف الغموض الذي يكتنف الحادث.
رئيس الوزراء الإيطالي، من جانبه، أشاد بروح التعاون الإيجابية، التي يبديها الجانب المصري في التعامل مع هذه القضية.
لكن الغريب في الأمر، هو أن الكشف عن الحادث جرى عشية انعقاد مجلس الأعمال الاقتصادي المصري الإيطالي ولقاء وزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية بالرئيس السيسي، والتي تم استدعاؤها إلى روما قبل إتمام مهمتها بالقاهرة، فضلا عن استدعاء السفير المصري في روما للاستفسار عن مجريات الحادث.
بيد أن السيسي ورينتسي، اللذين استعرضا نتائج الاجتماعات الإيجابية المهمة، التي عقدها بين الجانبان أثناء الزيارة، التي أجراها مؤخراً وفد رجال الأعمال الإيطالي برئاسة وزيرة التنمية الاقتصادية الإيطالية إلى مصر، أكدا أهمية مواصلة التعاون الاقتصادي بين البلدين، والعمل على تعزيزه وتنميته.
وكان جوليو ريجينى قد اختفى منذ 25 يناير/كانون الثاني الماضي، وعثرت الأجهزة الأمنية في الجيزة على جثته ملقاة في أول طريق مصر- إسكندرية الصحراوي، وجرى نقل الجثة إلى المشرحة للوقوف على أسباب الوفاة؛ حيث تعرف السفير الايطالي إليه، وتم نقل الجثمان إلى ايطاليا اليوم (06 02 2016).
فيما كشف مصدر أمنى بمديرية أمن الجيزة، أن فريق أمن إيطاليًا التقى ضباطا من شرطة الإنتربول، وضباطا من قطاع الأمن الوطني، للاطلاع على التحقيقات والتحريات، التي تم إجراؤها حول مقتل روجينى، للتنسيق والمشاركة في عملية البحث وتقديم المساعدات الفنية كافة، لكشف الغموض حول الحادث.
وكانت جهــات التحقيــق قد وضعت ثلاثة ســيناريوهات، للوصول إلى حقيقــة مقتــل جوليــو ريجينــى، بعــد العثــور على جثتــه وعليها آثار ضرب وتعذيب، وفق مــا اتضح من معاينة النيابة العامة لجثة الضحية. لكن أربعة أيام مرت على الحادث وﻻ يزال الغموض سيد الموقف رغم اشتراك نحو 50 قيادة أمنية وضابطا في فك شفرات الواقعة.
وعلى الرغم من أن السيناريوهات كافة مطروحة ومحل تدقيق للأجهزة الأمنية، فإن السيناريوهين المرجحين يرتبطان بوجود أياد خفية، تريد قطع أواصر الصداقة بين مصر وإيطاليا. وقد تزامن ارتكاب هذا الحادث مع زيارة الوزيرة الإيطالية للقاهرة لإصابة العلاقات المصرية-الإيطالية بمقتل، وهو الأمر المطروح بقوة وتدرسه أجهزة الأمن، كما أن الاحتمال الجنائي لارتكاب الحادث ما زال قائمًا وتبحثه أجهزة الأمن أيضًا.
ويبقى أصدقاء الشاب الإيطالي كلمة السر في الحادث، حيث تعتمد عليهم أجهزة الأمن في استيضاح العديد من علامات الاستفهام، والحصول منهم على معلومات ثمينة حول الضحية، وبخاصة عن الأيام الأخيرة قبل اختفائه، وعلاقاته والأصدقاء، الذين كان يتردد إليهم ويلتقيهم فى القاهرة، وعما إذا كانوا قد تلقوا اتصالات منه أو من غيره أثناء مدة اختفائه من ذكرى الـ25 من يناير الماضي وحتى وقت العثور عليه؛ فيما أكدت مصادر أن هناك تعليمات أمنية مشددة صدرت إلى أصدقاء الشاب الإيطالي، والأشخاص الذين كان يقيم معهم في القاهرة بعدم التحدث إلى وسائل الإعلام لحين التوصل للمتهمين، حتى لا يضر ذلك بسير التحقيقات، التي تقوم بها أجهزة الأمن، وحتى لا يستفيد الجناة من هذه المعلومات فيعدلوا خطوط تنقلهم وأماكن تواجدهم أو يهيئوا لمواقفهم القانونية؛ ويأتي ذلك وسط توقعات بصدور قرار حظر نشر حول القضية حفاظًا على سير التحقيقات.
ومن جانب آخر، فإن هناك تنسيقا كاملا ومشتركا بين مصر وإيطاليا في هذا الشأن، حيث أتاح الجانب المصري للجانب الإيطالي الاطلاع على الأمور كافة، والتي تم التوصل إليها في هذا الحادث حتى الآن.
الصلات، التي تجمع القاهرة وروما عديدة ومتداخلة؛ فالرئيس السيسي التقى رينتسي عدة مرات في القاهرة وروما، وعلى هامش مناسبات دولية عديدة. والجانبان متفقان على مكافحة الإرهاب، والإسراع في التعامل مع الأزمات في ليبيا، وتنسيق الجهود حولها؛ فضلا عن استثمارات ايطاليا واسعة في مصر، لعل أبرزها استثمارات شركة "إيني" الإيطالية. ذلك إضافة إلى المساندة السياسية للرئيس السيسي، حيث كانت روما من بين أولى العواصم الأوروبية، التي استقبلت الرئيس المصري بعد توليه مقاليد الحكم في مصر.
الدكتور سعيد اللاوندي، خبير العلاقات الدولية، استبعد أن يؤثر حادث الشاب الإيطالي على العلاقات بين القاهرة وروما؛ وذلك لتعدد المصالح المشتركة، التي تجمع بين البلدين: من مكافحة الإرهاب، والاستثمار، والملف الليبي؛ إلى جانب العديد من المسائل ذات الاهتمام المشترك.
فيما حذر السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، من احتمال تأثر العلاقات بين البلدين، ولم يستبعد أن يكون ارتكاب الحادث بالتزامن مع انعقاد مجلس الأعمال المصري الايطالي مقصودا.
علاقة استراتيجية تجمع بين مصر وإيطاليا يهددها خطر الإرهاب، الذي طال من قبل العلاقات المصرية الروسية، وأثر على السياحة الروسية وشل حركتها في مصر.
أرسل تعليقك