أعلنت الحكومة السورية تلقيها الاثنين دعوة رسمية للمشاركة في مفاوضات السلام في جنيف بدءا من 14 آذار/مارس، فيما لا يزال موقف المعارضة ملتبسا، تزامنا مع استمرار الهدوء في اليوم العاشر على سريان الهدنة.
وتاتي دعوة الوفد السوري الرسمي الى جنيف بعد يومين على إعلان موفد الأمم المتحدة الى سورية ستيفان دي ميستورا في مقابلة صحافية ان المفاوضات ستنطلق عمليا في العاشر من الشهر الحالي، اي الخميس المقبل.
وقال مصدر قريب من الوفد الحكومي السوري لوكالة فرانس برس الاثنين "تلقى الوفد المفاوض دعوة من الامم المتحدة الاحد للمشاركة في المفاوضات في جنيف في 14 آذار/مارس الحالي".
ولم يحدد المصدر موعد وصول الوفد الحكومي السوري. ولم يعرف اذا كان المقصود بدء المحادثات غير المباشرة بين وفدي المعارضة والنظام في 14 آذار/مارس، على ان تشهد الايام التي ستسبقها اجتماعات بين دي ميستورا وكل من الوفدين خارج اطار التفاوض.
في المقابل، يبدو موقف المعارضة السورية ملتبسا، إذ اعلن احد المتحدثين باسم الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لاطياف واسعة من المعارضة السورية الاثنين ان الوفد المفاوض سيتوجه الى جنيف الجمعة في الحادي عشر من آذار/مارس، قبل ان يعلن المنسق العام للهيئة ان القرار لم يحسم بعد.
وقال المتحدث باسم الهيئة رياض نعسان آغا لوكالة فرانس برس ان الهيئة وافقت على الذهاب الى جنيف بعدما "لاحظنا جهدا كبيرا في اتجاه تحقيق المطالب الانسانية واحترام الهدنة".
وبعد ساعات، قال المنسق العام للهيئة رياض حجاب في مؤتمر عبر الهاتف من الرياض مع مجموعة من الصحافيين بينهم صحافية من فرانس برس "ستقيم الهيئة الوضع في الايام القادمة وسنأخذ القرار المناسب" بشان الذهاب الى جنيف.
وستجري المفاوضات بشكل غير مباشر، اي ينقل وسيط مكلف من الامم المتحدة مواقف احد الطرفين الى الطرف الآخر، ولا يلتقي الوفدان في غرفة واحدة.
واوضح حجاب ان وفدا من الهيئة سيتوجه "خلال اليومين المقبلين" الى جنيف للقاء مجموعة العمل حول وقف اطلاق النار. وقال ان الوفد "سيطلع على الخرائط الموجودة وكيفية توزيع الفصائل عليها" في اشارة الى خرائط المناطق المشمولة بوقف اطلاق النار.
وجولة المحادثات المرتقبة في جنيف هي الاولى منذ بدء تطبيق وقف الاعمال القتالية في سوريا في 27 شباط/فبراير بموجب اتفاق اميركي روسي مدعوم من الامم المتحدة. ويستثني الاتفاق تنظيم الدولة الاسلامية وجبهة النصرة (ذراع تنظيم القاعدة في سوريا).
واوضح حجاب ردا على سؤال حول امكانية تمديد الهدنة التي وافقت المعارضة عليها لمدة اسبوعين، انه سيصار الى تقييم الوضع مع "قادة الفصائل وكذلك مع الاصدقاء وفي ضوء ذلك سنتخذ موقفنا".
وتشهد سوريا منذ خمس سنوات نزاعا داميا اسفر عن مقتل ما يزيد عن 270 الف شخص وتشريد الملايين داخل البلاد وخارجها ودمار هائل في البنية التحتية.
ويعتبر مصير الرئيس السوري بشار الاسد نقطة خلاف محورية بين طرفي النزاع والدول الداعمة لكل منهما، إذ تتمسك المعارضة بان لا دور له في المرحلة الانتقالية، بينما يصر النظام على ان مصير الاسد يتقرر فقط من خلال صناديق الاقتراع.
وشدد حجاب الاثنين على ان "هيئة الحكم الانتقالي بصلاحيات تنفيذية كاملة" حسب ما ورد في مؤتمر جنيف الاول، يجب ان تكون اولوية في جدول اعمال المفاوضات" مضيفا "يجب ان يغادر الاسد سوريا عند بدء المرحلة الانتقالية ولا نقبل ابدا بان يشارك في الانتخابات".
لكن دي ميستورا وفي مقابلة مع صحيفة "الحياة" السبت اوضح ان اجندة المفاوضات واضحة وهي "أولاً، مناقشات للوصول إلى حكومة جديدة. ثانياً، دستور جديد. ثالثاً، انتخابات برلمانية ورئاسية خلال 18 شهراً". وشدد على ان السوريين وليس الاجانب "هم الذين يقررون مصير" الاسد.
وباءت جهود دولية عدة لحل النزاع بالفشل. وتأمل اطراف عديدة معنية بالنزاع ان تفتح التطورات الاخيرة في الملفين العسكري والانساني الطريق امام تقدم سياسي ايضا.
واعتبر نائب الرئيس الاميركي جو بايدن في مقابلة مع صحيفة اماراتية الاثنين ان الحل السياسي هو "الطريق الوحيد" لوضع حد للعنف في سوريا، مقرا في الوقت نفسه ان ذلك "امر صعب".
ميدانيا، وفي اليوم العاشر على بدء تطبيق الاتفاق، ساد الهدوء الى حد بعيد في معظم المناطق المشمولة بوقف اطلاق النار.
واعلنت موسكو الاثنين ان وقف اطلاق النار صامد "بشكل عام" بغض النظر عن "استفزازات وقصف محدود"، مشيرة الى استمرار طائراتها في قصف تنظيم "الدولة الاسلامية" و"جبهة النصرة" المستثنيين من تطبيق الاتفاق.
وللمرة الثالثة منذ وقف الاعمال القتالية، توجهت قافلة مساعدات الاثنين الى ثلاث بلدات محاصرة من قوات النظام في الغوطة الشرقية في ريف دمشق، ضمت "22 شاحنة محملة بالحصص الغذائية والطحين والمواد الطبية"، وفق المتحدث باسم برنامج الاغذية العالمي في دمشق حسام الصالح.
وشهدت الاحياء الشرقية تحت سيطرة الفصائل في مدينة حلب خروج تظاهرات الاثنين مستغلين سريان الهدنة، وحمل احد المتظاهرين لافتة جاء فيها "صمت العالم اقوى من براميل الموت".
وفي حي الشيخ مقصود ذات الغالبية الكردية، قتل 16 شخصا الاحد جراء قصف مصدره مقاتلو جبهة النصرة وبعض الفصائل المقاتلة المتحالفة معها، وفق حصيلة جديدة اوردها المرصد السوري لحقوق الانسان الاثنين.
وفي ريف حلب الشمالي، اتهم المتحدث باسم وحدات حماية الشعب الكردية ريدور خليل في تصريح لفرانس برس "المدفعية التركية باستهداف وحداتنا في مدينة تل رفعت" الاثنين، ما ادى الى اصابة عدد من المقاتلين بجراح. واكد المرصد من جهته تعرض المدينة لقصف تركي.
أرسل تعليقك