غزة - وفا
قال المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان اليوم الخميس، إن المحكمة الإسرائيلية العليا بقرارها بشأن السماح لقوات الاحتلال الإسرائيلي باستئناف العمل في بناء مقطع من الجدار في وادي كريميزان، في مدينة بيت جالا، جنوبي الضفة، هو تأكيد إضافي عن تورط القضاء الإسرائيلي في خدمة الاستيطان.
وذكر المركز في تقرير له من أن هذا القرار جاء بالتزامن مع حلول الذكرى الحادية عشرة للرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، والذي قرر عدم شرعية بناء جدار الضم (الفاصل) في عمق أراضي الضفة الغربية المحتلة، وطالب بتفكيكه وتعويض المتضررين.
وأكد المركز قناعاته السابقة بأن حكومة الاحتلال تُوَظِّفُ جهاز القضاء الإسرائيلي لخدمة أهدافها ومشاريعها الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، كما أن أعلى هيئة قضائية في إسرائيل تستمر في إصدار قراراتها التي تخدم الاحتلال، وتخالف فيها قواعد ونصوص القانون الدولي الإنساني، والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وبموجب قرارها الجديد، تكون المحكمة العبرية، قد تراجعت عن قرار سابق أصدرته في شهر أبريل/ نيسان الماضي يقضي بإجراء تعديلات على مسار الجدار في المنطقة بشكل لا يمس بالأديرة المسيحية وأراضيها وحركة وصول رعاياها إليها.
وفي قرارها الجديد، تبنت المحكمة العليا الإسرائيلية مخططات قوات الاحتلال الإسرائيلي، واقتصر التعديل فقط على محيط دير 'راهبات السلزيان'؛ ودير 'الرهبان'، بالإضافة إلى أراضي الأديرة، ما يعني أن التعديل سيقتصر على إبقاء مقطع صغير بطول بضع مئات من الأمتار بمحاذاة أديرة 'السلزيان' وأراضيها دون بناء في الوقت الراهن.
وكانت قيادة قوات الاحتلال في الضفة الغربية، أبلغت مؤسسة 'سانت إيف' التي تقدمت بالتماس ضد بناء الجدار، إن قرار المحكمة الصادر في شهر أبريل الماضي، والقاضي بوقف بناء الجدار في المنطقة 'لم يلغِ مخطط بناء الجدار، إنما نصّ على عدم التعرّض للأديرة المسيحية وأراضيها، وعدم قطع التواصل الجغرافي بين الأديرة ورعيتها'.
وكانت المحكمة في قرارها السابق قد طالبت سلطات جيش الاحتلال بإجراء تعديلات على المسار للتخفيف من الضرر الذي سوف يتسبب به، نظرا لأن بناء الجدار بالمسار المقترح يسبب ضررا كبيرا لحقوق السكان والأديرة. وشددّ القضاة في حينه على 'أهمية بقاء الأديرة في الجانب الفلسطيني من الجدار، مع الحفاظ على التواصل الجغرافي بين الأديرة والسكان والأديرة مع بعضها'.
يشار إلى أن طول جدار الضم (الفاصل) حول مدينة بيت جالا، بحسب التحديث الأخير لمساره، وكما نشرته وزارة الجيش الإسرائيلية على صفحتها الالكترونية (11 كم)، ويمتد الجدار من الجهة الشمالية الشرقية للمدينة، بمحاذاة مخيم عايدة للاجئين، حيث أقيم جدار أسمنتي حول المخيم بارتفاع (9) أمتار من الباطون المسلح، ليستمر بعد ذلك على امتداد الجهة الشمالية للمدينة، ثم يلتف بعد ذلك على حدود المدينة الغربية حتى يصل شارع رقم (60) الالتفافي (شارع النفق).
وسيعزل الجدار نحو 7200 دونم من الأراضي الزراعية عن المدينة، وهي مزروعة بأشجار الزيتون التي تبلغ أعمار بعضها مئات السنين، واللوزيات، والكرمة، والصنوبريات، والأشجار البرية، وتعود تلك الأراضي لنحو 58 أسرة من عائلات: أبو مهر، خليلية، أبو رمان، العرجا، قيسية، خميس، الشاعر، وغيرها.
وكانت قوات الاحتلال قد بدأت في بناء جدار الضم (الفاصل) حول محافظة بيت لحم بعزل قريتي الخاص والنعمان، شرقي مدينة بيت ساحور، ثمّ اتجهت غرباً باتجاه مسجد بلال بن رباح شمالي مدينة بيت لحم، فأراضي قرية الولجة، ومدينة بيت جالا، وصولا إلى طريق الأنفاق، غربي بلدة الخضر.
وخلال ذلك أقامت تلك القوات معبرا جديدا شمالي مدينة بيت لحم، وذلك لنقل الحاجز العسكري مسافة 220 مترا إلى الجنوب، تمهيدا لضم مسجد بلال، والمنطقة الشمالية من مدينة بيت لحم وإخضاعها للسيادة الإسرائيلية.
ويحرم الجدار مئات العائلات من أهالي بيت لحم من الوصول إلى أراضيهم التي عزلت شمالي الجدار، والتي تقدر بنحو ثمانية آلاف دونم، فضلا عن فصل مدن بيت لحم، بيت جالا، وبيت ساحور، ومخيمات عايدة، العزة، والدهيشة عن مدينة القدس المحتلة.
ودعا المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان المجتمع الدولي مجدداً، إلى التحرك العاجل بما يتلاءم والقرار، واتخاذ إجراءات عملية فورية لإعادة الاعتبار للقانون الدولي الإنساني، وإجبار إسرائيل وقوات احتلالها على احترامه من خلال وقف أعمال البناء في الجدار، وتفكيك المقاطع المنجزة منه في داخل أراضي الضفة الغربية المحتلة، بما فيها مدينة القدس.
وطالب المركز، الأمم المتحدة، خصوصا مجلس الأمن والجمعية العامة، باتخاذ إجراءات عملية في مواجهة التحدي السافر من جانب إسرائيل لقواعد القانون الدولي، ووضع حد للتعامل معها كدولة فوق القانون. والأطراف السامية على اتفاقية جنيف الرابعة بالوفاء بالتزاماتها القانونية من خلال اتخاذ إجراءات لضمان احترام إسرائيل للاتفاقية. والمجتمع الدولي بعدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناجم عن بناء الجدار وعدم تقديم المساعدة للإبقاء عليه.
وحث المركز، الولايات المتحدة الأميركية، على نحو خاص، على وقف دعمها المادي لإسرائيل الذي من شأنه المساهمة في الإبقاء على الجدار، وعدم إعاقة أو إحباط أي جهود دولية يتم اتخاذها تماشيلا مع قرار المحكمة الأممية المذكور.
أرسل تعليقك