اطلع وفد برلماني كندي، اليوم الاثنين، على الانتهاكات الإسرائيلية في مدينة القدس، العاصمة المحتلة وكان في استقبال الوفد، مفتي القدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، والقائم بأعمال قاضي القضاة الأردني واصف البكري، ومدير المسجد الأقصى المبارك عمر الكسواني، ونائب محافظ القدس عبد الله صيام.
وحذر صيام من انفجار وشيك حال استمرار الحكومة الإسرائيلية في الإمعان بسياساتها العنصرية التعسفية تجاه الفلسطينيين عامة والمقدسيين على وجه الخصوص، وتنكرها للحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة، داعيا أحرار العالم ودعاة الحرية ومؤسسات حقوق الإنسان إلى تحمل مسؤولياتهم التاريخية والإنسانية إزاء ما يجري في مدينة القدس، والتحرك العاجل وبلورة سياسة واضحة وممنهجة، للضغط على إسرائيل من أجل وقف سياساتها اللاإنسانية والمخالفة لكافة الأعراف والقوانين والتشريعات الدولية، خاصة في مدينة القدس، التي من شأنها تقويض حل الدولتين وترحيل المقدسيين عن وطنهم وتهويد المدينة المقدسة.
وأكد ضرورة إلزام سلطات الاحتلال بوقف إجراءاتها التعسفية بحق أبناء الشعب الفلسطيني والاعتراف بحقوقهم المشروعة التي أقرتها الشرعية الدولية، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها الأبدية القدس الشرقية، وتوفير الحماية المطلوبة للشعب الفلسطيني الأعزل، محذرا من الانجرار وراء سياسة الخداع التي يمارسها رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ودعواته الزائفة والمضللة إلى السلام فيما على أرض الواقع يمعن في انتهاكاته.
وأدان صيام سياسة العقاب الجماعي التي تمارسها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق أبناء الشعب العربي الفلسطيني، لافتا إلى أن الهجمة الإسرائيلية المتصاعدة على الوجود الفلسطيني في العاصمة المحتلة، تأتي في ظل غياب أي رد فعل مؤثر ورادع من جانب المجتمع الدولي، على ما يقوم به الاحتلال من انتهاكات وجرائم يومية بحق الفلسطينيين، وتقاعس المجتمع الدولي في تحمل مسؤولياته بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، ومساءلة ومحاسبة إسرائيل على جرائمها المتكررة التي من شأنها تقويض حل الدولتين وترحيل المقدسيين عن وطنهم وتهويد المدينة المقدسة.
وأوضح أن هذه السياسات الاستيطانية الإسرائيلية تهدف إلى تحويل العاصمة الفلسطينية المحتلة إلى مدينة يهودية خالصة، عن طريق التطهير العرقي للفلسطينيين مسلمين ومسيحيين من وطنهم ودولتهم.
من جانبه، أشار الشيخ حسين إلى بصيص الأمل المتبقي لدى أبناء الشعب الفلسطيني والمتمثل في تعاظم التعاطف الدولي مع الحقوق الوطنية الفلسطينية، خاصة في أوروبا وأميركا اللاتينية، ما يدعو أكثر من أي وقت مضى إلى ممارسة الضغوط المختلفة على الحكومة الإسرائيلية على أرض الواقع من أجل كبح جماحها.
واستعرض المخاطر التي تحيط بالمقدسات الإسلامية والمسيحية، وتحديدا المسجد الأقصى المبارك، الذي يتعرض لهجمة غير مسبوقة وتسارع وتيرة تغيير طابعه الإسلامي والعمل على تقسيمه زمانيا ومكانيا، ما سيعمل على إشعال حرب دينية في المنطقة.
وأشار إلى المخططات الاستيطانية وأهدافها المبيتة في منطقة القدس، موضحا أن المسجد الأقصى المبارك بمساحته الـ 144 دونما هو مكان إسلامي خالص وجزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 وتنطبق عليه قوانين الشرعية الدولية والأنظمة والقوانين ذات العلاقة، مضيفا أن الممارسات الإسرائيلية في المدينة المقدسة ما هي إلا تطهير عرقي وخلق لنظام فصل عنصري ترفضه كافة الشرائع السماوية والقوانين الأرضية.
وقال إن المسجد الأقصى يعتبر الشرارة التي لا تنطفئ وتشعل المنطقة تصديا للغطرسة الاستيطانية والنزعة التلمودية والدفاع عنه، ومواجهة كافة الدعوات التي تطلقها المنظمات التلمودية المتطرفة لاقتحام هذا المكان المرتبط بعقيدة المسلمين في أرجاء الأرض ووجدانهم وأكثر من مليار عربي ومسلم، ما يؤكد على الحق الإسلامي العربي غير القابل للتصرف بكافة المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس.
وشدد المفتي على أن الحرم القدسي الشريف بات يمر بتحديات خطيرة للغاية وأوقات عصيبة والدعوات اليمينية المتطرفة لاقتحامه وتقسيمه في تزايد، إن لم يكن بسط السيطرة عليه، ومسلسل التهويد ماض على قدم وساق وبدعم مطلق من أصحاب القرار في الحكومة الإسرائيلية.
من ناحيته، أطلع الكسواني أعضاء الوفد الكندي على مجمل الانتهاكات الإسرائيلية للحرم القدسي الشريف والممارسات التي يقترفها المستوطنون بمساندة رأس الهرم في الحكومة الإسرائيلية، ما يتنافى والترتيبات المعمول بها منذ احتلال المدينة المقدسة ودرتها المسجد الأقصى.
وأشار إلى المخططات المبيتة لهدم الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم على أنقاضه، وبالتالي السير باتجاه إشعال فتيل حرب دينية ستأكل الأخضر واليابس في المنطقة برمتها، ولن تكون إسرائيل بمنأى عنها.
ولفت الكسواني إلى مخططات الجماعات الإسرائيلية الدينية المتطرفة للمسجد الأقصى ونواياها المختلفة، التي تصاعدت في الآونة الأخيرة، في استثمار واضح للظروف الدولية الحالية وخاصة إعلان الرئيس الأميركي الأخير بشأن القدس عاصمة لإسرائيل، وتكثيف اقتحامات المسجد الأقصى بادعاء الزيارات الميدانية ومحاولات تقديم القرابين خلال الأعياد اليهودية من المسجد الأقصى، وغيرها من المخططات المخالفة للقوانين الدولية.
وثمن الرعاية الهاشمية الأردنية للمقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، مبينا الموقف الأردني الواضح والراسخ والمنسجم والرؤية العربية الإسلامية وإلى حد كبير الرؤية الدولية من الممارسات الإسرائيلية بحق المسجد الأقصى المبارك.
بدورهما، قدم كل من فؤاد الحلاق وأشرف الخطيب من دائرة شؤون المفاوضات التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية عرضا شاملا لمراحل النشاطات الاستيطانية في مدينة القدس وحولها منذ بدء الاحتلال عام 1967، في ظل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، والتي تصاعدت وتيرتها في عهد إدارة رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو.
وزار الوفد كنيسة القيامة، وكان في استقباله الناطق الرسمي باسم الكنيسة الأرثوذكسية الأب عيسى مصلح، الذي أكد أهمية الحفاظ على الهوية الوطنية الفلسطينية، وأن مسيحيي فلسطين جزء لا يتجزأ من أبناء الشعب الفلسطيني.
وقال إن الاعتداء على المسجد الأقصى المبارك والمقدسات الإسلامية، يعتبر اعتداء على المقدسات المسيحية ومؤشرا لبداية حرب دينية.
وأكد الأب مصلح أن محاولات تغيير "الستاتيكو" المعمول به منذ العهدة العمرية ستبوء بالفشل، لأن الشعب الفلسطيني بكافة أطيافه سيواصل النضال موحدا للدفاع عن الحرية وفي مقدمتها حرية العبادات من أجل مدينة القدس، مدينة السلام.
وأعلن رفض كنيسته لأي تغيير في وضع المقدسات الاسلامية والمسيحية، ودعواتها المتكررة للعالم خاصة أنصار السلام والمحبة، لنصرة أبناء شعبنا الفلسطيني، مسيحييه ومسلميه، وضرورة توفير الحماية المطلوبة للمقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس وفلسطين.
أرسل تعليقك