نظّمت بال ثينك للدراسات الاستراتيجية، أمس الأربعاء، لقاءً حوارياً حول الحالة الفلسطينية والإقليم، في مدينة غزة ، واستضافت عبر السكايب من الأردن الكاتب والمحلل السياسي عريب الرنتاوي، مدير مركز القدس للدراسات، بحضور لفيف من الكتاب والباحثين والأكاديميين ورجال الأعمال وممثلين عن التنظيمات الفلسطينية.
وبدوره، افتتح عمر شعبان، مدير بال ثينك، الجلسة بترحيبه بالحضور وشكرهم على المشاركة القيمة والمثرية للنقاش، كما وقام بتقديم عريب وشكره على ورقته البحثية التي استعرضها وناقشها خلال اللقاء.
ومن جانبه، بدأ الرنتاوي حديثه، بأن عام 1979 كان عاماً فيصلياً، شكّل معالم ومحاور الإقليم، حيث شهد هذا العام خروج مصر أكبر قوة عربية من الصراع العربي الإسرائيلي بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد، وانتصار الثورة الإسلامية في إيران وعزل الشاه حليف إسرائيل والولايات المتحدة، لتصبح إيران لاعباً إقليمياً، أعاد صعودها فرز المحاور الإقليمية.
أقرأ ايضــــــــاً :
"بال ثينك" تحصد جائزة الحرية لعام 2018 على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
كما شهِد هذا العام ظهور ما يعرف بالسلفية الجهادية ودورها الفاعل في الإقليم، بدءاً من التصالح مع الولايات المتحدة وظهور السلفية الجهادية الأفغانية، واستغلالها لمواجهة الشيعة بعد انتصار الثورة في إيران، كما شهد هذا العام الانقلاب العسكري في باكستان وصعود رموز السلفية الجهادية فيها وارتفاع مستوى المواجهة مع الهند.
كما استعرض التطورات اللاحقة لهذا العام، من الحرب العراقية الإيرانية وتنصيب العراق لمواجهة إيران، كما تناول مبادرة الملك فهد للسلام والتي رفضها الفلسطينيون، لتبدأ بعدها بعام حرب تدمير بيروت وإخراج منظمة التحرير الفلسطينية، لتعاد المبادرة للعرض مرة أخرى في قمة فاس عام 1982.
كما تناول ذروة صعود السلفية والإرهاب في أحداث 11 أيلول 2001، والذي كان جلّ المتهمين فيها مواطنين سعوديين، وتصاعد الخطاب ضد الإرهاب والمسلمين، كما شهدت هذه المرحلة طرح مبادرة السلام العربية في قمة بيروت 2002, وإصرار الرئيس اللبناني اميل لحود على إضافة بند اللاجئين إلي المبادرة بدافع عمق قضيتهم وتأثيرها على الساحة اللبنانية.
كما شهدت هذه الفترة تقديم أفغانستان والعراق كهدية غير منتظرة لإيران بعد غزوهما من قبل الولايات المتحدة، لتصبح العراق من سد إلى جسر لإيران، وبدأت تشهد هذه المرحلة سياسة التخلص من السلفية الجهادية المعادية للجماعات الإسلامية التقليدية والشيعة لصالح إيران.
كل هذه التطورات أثرت على قضية فلسطين، حيث شهدت تلك الفترة انتصار حركة حماس في الانتخابات الفلسطينية العامة، وشهدت إعادة طرح نظرية الإله الشيعي والتمرد الإيراني، وإعادة الاعتبار للسلفية الجهادية لمواجهة الشيعة.
كما استعرض تطورات الربيع العربي في 2010، حيث نظرت دول الاعتدال الي الربيع العربي بوصفه خطر وبدأت الثورة المضادة. محور إيران رأي في الربيع العربي نصراً إلى أن وصل الربيع العربي إلي سوريا فتحول الي مؤامرة في نظر هذا المحور.
ويري الرنتاوي أن هذه الفترة شهدت إعادة تموضع المحاور والتي قسمها إلي أربعة محاور:
1-محور الخليج الذي يري في إيران خطرا كبيرا، مما أدى إلي تقارب خليجي إسرائيلي، وتعاون أمريكي وبطبيعة الحال ثمن هذا التقارب والتعاون سيدفع من جيب الفلسطينيين، بل إن صفقة القرن طبخت في بعض العواصم الخليجية، هذا المحور يقيم علاقات فاترة مع السلطة الفلسطينية باستثناء السعودية، كما أنها تعادي تيار الإسلام السياسي وحركة حماس.
2-المحور الأردني – المصري وهو محسوب على دول الاعتدال العربي ولديه علاقات سلام مع إسرائيل ويعرف أنه سيدفع في لحظة ما، ثمن صفقة القرن وخاصة الأردن، ولديه علاقات ممتازة مع السلطة الفلسطينية وعلاقة ضرورة وأمر واقع مع حماس.
3-المحور القطري التركي ولديه علاقات متقدمة مع إسرائيل، والإسلام السياسي، كما لديه علاقات طبية مع السلطة الفلسطينية وحركة حماس ويأخذ على عاتقه تأهيل حركة حماس سياسيا.
4-محور المقاومة والممانعة وهذا المحور لا يتبني أفكارا حول الدولة الفلسطينية، علاقاته فاترة مع السلطة الفلسطينية، ومتقلبة مع حركة حماس، الذي خانت هذا المحور بموقفها من سوريا، وتقوم الآن إيران بمحاولات إعادة العلاقة بين حماس والنظام السوري.
كما ويري أن هذه المحاور غير ثابتة، ومعرضة للتغيرات السياسية، وتقلب في المواقف، وذكر أن التأثير المتزايد للقوى الإقليمية مثل تركيا وإيران وقطر وغيرها هو نتيجة للانسحاب التدريجي للقوى العظمى مثل الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، ويري أن الانقسام الفلسطيني قد أضر بالقضية الفلسطينية عندما أصبحت القوي الفلسطينية تستعين بهذه المحاور ضد بعضها البعض في الداخل والخارج.
وبين أنه يقع على عاتق الفلسطينيين كيفية الاستفادة من تفكك متوقع لهذه المحاور، وكيف يمكن توظيفها دون التموضع بها في خدمة القضية الفلسطينية، في ظل تخلل المحور السعودي الإماراتي بعد التورط في حرب اليمن، وعودة العلاقات القطرية الإيرانية، والتركية الإيرانية، مع عودة موجة الربيع العربي في السودان والجزائر وإمكانية اندلاع موجة ثالثة للربيع العربي في بعض الدول العربية.
ويرى احتمال ظهور قوى جديدة مؤثرة في المنطقة يجب متابعتها وبناء العلاقات الإيجابية معها لتعزيز الموقف الفلسطيني على الساحة الدولية وخاصةً في الأمم المتحدة حيث بدأت دولة فلسطين بخسارة الكثير من مناصريها في أمريكا الجنوبية وأفريقيا، وذكر من تلك القوى الصاعدة دولة أثيوبيا.
كما وأوضح أن لا أحد لديه تصور لمأزق الانقسام الفلسطيني، ويري أن الحالة الفلسطينية قد دخلت في مرحلة تيه سياسي عند النخب والرأي العام، والمطلوب إعادة الاتفاق حول تعريف المشروع الوطني وتحديد أدواته المناسبة، وضرورة تشبيب الأطر الفلسطينية.
أرسل تعليقك