طالبت المجموعة العربية المجتمع الدولي بعدم الاعتراف بأي تدابير أو إجراءات أحادية الجانب تهدف إلى تغيير الطابع الديمجرافي لمدينة القدس الشريف وتهدّد من حلّ الدولتين، مشددة على تكثيف وتسريع كل الجهود الدولية والإقليمية الهادفة إلى تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط، من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية ومبادئ مدريد.
وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية أن ذلك جاء خلال بيان المجموعة العربية لدى الأمم المتحدة الذي أدلى به سعود الشامسي، نائب المندوب الدائم والقائم بالأعمال لدى البعثة الدائمة للإمارات العربية المتحدة باسم المجموعة العربية، أمام الجلسة المفتوحة التي عقدها مجلس الأمن الدولي في نيويورك حول الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية.
وأضاف الشامسي، الذي تحدث بصفة الإمارات رئيسا للمجموعة العربية لهذا الشهر، بالقرار رقم 242 الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي بعد عدة أشهر من العدوان الإسرائيلي عام 1967، وهو القرار القاضي بعدم جواز ورفض الاستيلاء على أراضي الغير بالقوة كما ورد في ميثاق منظمة الأمم المتحدة.
وأشار إلى أن هذا القرار وضع الأساس الحقيقي لأي تسوية مقبولة للنزاع العربي-الإسرائيلي والمتمثل بالانسحاب الإسرائيلي من الأراضي العربية المحتلة، مؤكدا بقاء هذا الأساس كسبيل وحيد لمعالجة القضية الفلسطينية، وهو المنطق ذاته الذي استندت إليه الدول العربية عندما اعتمدت في قمتها ببيروت عام 2002 مبادرة السلام العربية العادلة، والتي حظيت بتأييد متعدد الأشكال من قبل المجتمع الدولي، باستثناء إسرائيل التي لا يزال ينتظر إعلان قبولها لهذه المبادرة.
واعتبر الدبلوماسي الإماراتي الاستراتيجية التي تتبناها القيادة الإسرائيلية الحالية بمشروع استيطان وليس بمشروع سلام، ولا تهدف إلا إلى تحويل حل الدولتين على أساس حدود 1967 إلى حل مستحيل، وذلك من خلال تنفيذها لخطة ممنهجة غير قانونية في بناء المستوطنات، واختيار مواقعها بصورة تجعل من قيام دولة فلسطينية أمرا شبه مستحيل، مؤكدا على أن قرار مجلس الأمن التاريخي 2334 يعد خطوة في الاتجاه الصحيح نحو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق السلام على أساس حل الدولتين على حدود 1967.
وقال إن جوهر الصراع هو الاحتلال الإسرائيلي، ولن نتوصل لأي حل للقضية الفلسطينية إلا بمعالجة هذا الجوهر بطريقة مباشرة وبشكل حاسم، وعلى أساس مبدأ الأرض مقابل السلام؛ لذلك، فإن أي خطة لا تنطلق من هذه الحقيقة هي خطة محكوم عليها بالفشل. كما أن أي تفاوض جاد لا بد له من إطار مرجعي متفق عليه لا تستقيم المفاوضات بدونه، ويتمثل هذا الإطار في مقررات الشرعية الدولية بما فيها قرارات هذا المجلس وقرارات الجمعية العامة.
وجدد البيان موقف المجموعة العربية تجاه قضايا الحل النهائي، وكرر بشكل خاص رفضها القاطع وإدانتها الشديدة لقرار الولايات المتحدة الأميركية القاضي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارتها إليها، معتبرا هذا القرار بمثابة خرق خطير للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة.
وأكد أنه "وبالرغم من أنه لا يترتب على هذا القرار أي أثر قانوني من شأنه أن يغير من وضع القدس فإن المجموعة العربية تعتبره اعتداء صريحا على حقوق الشعب الفلسطيني وعلى الأمتين العربية والإسلامية، والمسيحيين حول العالم"، مضيفا أن التوافق الدولي الكبير الذي شهدناه في مجلس الأمن وفي الجمعية العامة بشأن أهمية الحفاظ على الوضع القانوني لمدينة القدس، لا يهدف فقط إلى إنقاذ عملية السلام، بل يهدف أيضا لحماية الشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، ومكانة ودور هذه المنظمة في صون السلم والأمن الدوليين، وأنه من هذا المنطلق، نؤمن بأهمية التزام الدول الأعضاء، وفي المقام الأول أعضاء مجلس الأمن، بتنفيذ قرارات المجلس واحترام التزاماتها بموجب هذه القرارات".
ولفت بيان المجموعة العربية إلى قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وعلى رأسها القرار رقم 478 لعام 1980، المؤكد على بطلان أي إجراءات تهدف إلى تغيير معالم القدس ووضعها ويطالب بإلغائها، ويدعو الدول إلى سحب بعثاتها الدبلوماسية من المدينة المقدسة. كذلك لقرار الجمعية العامة المعتمد في 21 ديسمبر الماضي، والداعي جميع الدول الأعضاء للامتثال إلى قرارات مجلس الأمن بشأن مدينة القدس، وأن لا تعترف بأي إجراءات أو تدابير مخالفة لتلك القرارات.
وطالب سعود الشامسي باسم المجموعة العربية، مجلس الأمن والدول الأعضاء، باتخاذ 5 خطوات مهمة في هذا السياق، وذلك استنادا للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية ومدينة القدس، وهي: أولا، عدم الاعتراف بأي تدابير أو إجراءات أحادية الجانب تهدف إلى تغيير طابع مدينة القدس أو وضعها أو تركيبتها الديموجرافية والتأكيد على أن هذه الإجراءات لاغية وباطلة ولا أثر قانوني لها.
ثانيا، الدعوة مجددا للامتناع عن إنشاء بعثات دبلوماسية في مدينة القدس الشريف، عملا بقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة ذات الصلة. ثالثا، التأكيد على أن قضية القدس من قضايا الوضع النهائي التي يجب البت فيها عبر مفاوضات بين الأطراف، وعدم اتخاذ أي خطوات من شأنها الإجحاف بنتائج مفاوضات الوضع النهائي. رابعا، العمل على إظهار خطورة الإجراءات أحادية الجانب والتي تهدد حل الدولتين. وخامسا وأخيرا، تكثيف وتسريع الجهود وأنشطة الدعم على الصعيدين الدولي والإقليمي في سبيل تحقيق سلام شامل وعادل ودائم في الشرق الأوسط، من خلال إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وفقا لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية ومبادئ مدريد.
وعلى صعيد آخر تطرق بيان المجموعة العربية إلى نية إسرائيل الترشح للعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن، مذكرا بأن إسرائيل هي في حالة انتهاك دائم لأحكام ميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي، وهو الأمر الذي يجعلها فاقدة لأدنى شروط الانضمام أو حتى الترشح لهذه العضوية.
واعتبر البيان أي قبول بعضويتها في هذا المجلس بمثابة ضرب في الصميم لشرعيته، لا سيما أنها لا تفوت أي فرصة للنيل من مصداقية الأمم المتحدة، وإظهار الاستخفاف بها وبما تمثله، بل والتحريض ضدها، كما ألقى أيضا الضوء على الوضع الحرج الذي تمر به وكالة "الأونروا" اليوم، داعيا المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤولياته تجاه لاجئي فلسطين والدول المضيفة لهم، وذلك عبر توفير الدعم اللازم لهذه الوكالة لتمكينها من القيام بمسؤولياتها.
وعبر عن عميق شكر المجموعة العربية لمساعي الدول المانحة من أجل تقليص العجز المسجل في ميزانية الوكالة وعن تقدير المجموعة العربية الكبير للعمل الإنساني النبيل الذي تقوم به هذه الوكالة عبر تقديمها للخدمات الإغاثية والتنموية من صحة وغذاء وبنية تحتية لأكثر من 5.5 مليون لاجئ فلسطيني.
واختتم سعود الشامسي بيان المجموعة العربية، مشددا على ضرورة اتخاذ المجتمع الدولي لكل التدابير التي من شأنها إنهاء الصراع العربي-الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 7 عقود، مؤكدا في هذا السياق على أن إعادة الاستقرار والسلام إلى المنطقة لن يتحقق ما دام استمر الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية.
أرسل تعليقك