نظم مركز دراسة الإسلام و الديمقراطية حوارًا وطنيًا بشأن التنمية و الإقتصاد إحساسًا من القائمين على المركز بأهمية التنمية و بضرورة رفع التحدَي الإقتصادي لتحقيق مطالب الثورة وهي تحقيق الكرامة و الرفاهية لكل التونسيين، وشارك في الجلسة الإفتتاحية التي ترأسها رضوان المصمودي كلَ من رضا السعيدي وزير مستشار اقتصادي لدى رئيس الحكومة، ة سهام بوغديري نمسيَة المديرة العامة للدراسات و التشريع الجبائي في وزارة المال، توفيق العريبي رئيس لجنة الجباية في الاتحاد التونسي للصناعة و التجارة، و سامي الفطناسي نائب رئيس لجنة المال و التخطيط و التنمية في مجلس نواب الشعب.
وفي الجلسة الثانية التي تناولت المقترحات الممكنة لدفع الإقتصاد و التنمية، و ترأسها اسكندر الرقيق، فقد أسسها كل من المنصف شيخ روحه أستاذ اقتصاد دولي في المدرسة العليا للتجارة في باريس، عماد زعير مدير في وزارة المالية و كمال الغزواني أستاذ جامعي في الاقتصاد، وفي بداية الجلسة الافتتاحية، أكَد رضوان المصمودي على ضرورة إيجاد حلول عاجلة للوضع الإقتصادي المتأزم داعيًا الجميع إلى المشاركة في حوار وطني واسع و شامل لكلّ القطاعات و كلّ الفئات قصد إيجاد التوافقات بشأن الإصلاحات الاقتصادية و التنموية في إطار رؤية وطنية واضحة بين مختلف الأحزاب السياسية، لتحقيق مطالب الثورة المتمثلة في الحرية و الكرامة و التنمية و التشغيل.
ؤ أكّد الدكتور المصمودي أنّ إنجاح الإنتقال الديمقراطي يتطلّب تكاتف الجهود لتحقيق تنمية حقيقيّة في البلاد، فلا معنى للديمقراطيّة من دون تنمية حقيقيّة و مستدامة و دون تحقيق عدالة إجتماعيّة ضمن منوال تنموي جديد يحقّق لتونس و لشعبها تنمية و تشغيل و إزدهار حقيقي في كلّ المجا
ومن خلال مداخلته، أكَد رضا السعيدي على أنَ الدولة التونسية تسير على خطى بطيئة لتركيز المؤسسات الاقتصادية نتيجة تعثَر الانتقال الاقتصادي و عدم اتفاق كلَ الأطراف الوطنية على منوال تنموي جديد، موحَد قادر على تحقيق الكرامة و المساواة الاجتماعية، كما أشار إلى أنَ المنهجية الفعالة في مجال الإصلاحات الكبرى هي المنهجية التشاركية الحوارية، لهذا السبب تهتمَ حكومة الوحدة الوطنية بالمنهج الحواري في مجال الإصلاحات الكبرى باتخاذ مقاربات وإجراءات في إطار ارتباطها بالإرادة السياسية و تفاعل مكونات النسيج الصناعي والاقتصادي والسياسي ومثال ذلك قانون المال لعام 2017 مشيرًا إلى أنَ كل عملية اصلاح اقتصادي ستمسَ بالأساس مصالح بعض الفئات و تلقى عدم التجاوب و لكن يبقى الخيط الناظم و المرجع هو تحقيق المصلحة الوطنية العليا، مؤكدًا على أنَه من الضروري الابتعاد عن تنزيل القرارات بصفة قصرية على مجتمع مازال يعيش واقعًا اجتماعيًا صعبًا و هشاشة اقتصادية .
ونوَه رضا السعيدي إلى الوضع الكارثي للمؤسسات العمومية الذي يتعقَد كلما تأخَرت الإصلاحات الاقتصادية ففي 2016، تمَت تغطية عجز الصندوق الوطني للتقاعد و الحيطة الاجتماعية من ميزانية الدولة بقيمة 500 مليار دينار علمًا وأن الوضعية ستشهد المزيد من التأزَم نتيجة الارتباط بالنَموَ الديمغرافي و الوافدين على سوق الشغل و توسع قاعدة الأمل في الحياة التي بلغت 74 عامًا، ممَا سيقلص من موارد الصناديق الاجتماعية و بالتالي يتطلب إصلاحات عاجلة تقوم بالأساس على حوار وطني حقيقي، داعيًا رضا السعيدي إلى تطوير القطاع الفلاحي من قطاع ريعيَ مرتهن بالعوامل الطبيعية إلى قطاع له قيمة مضافة عالية و مردود اقتصادي ثابت و يحقَق الأمن الغذائي الوطني، مشيرًا إلى ضرورة إعادة توجيه دعم القطاعات الأخرى إلى القطاع الفلاحي الذي يعدَ قطاعًا استراتيجيًا له تأثير على الناتج الداخلي الخام وعلى النموَ الإقتصادي، حيث تمَ في السنة الفارطة كانت جزء مهمًا "أكثر من 2000 مليون دينار" من الموارد من العملة الصعبة متأتَي من مبيعات زيت الزيتون.
وأشار إلى قطاع الطاقة المتجددة الذي تسيره قواعد قانونية محدودة على حدَ تعبيره، التي أخرت الاستثمار في هذا المجال نظرًا لضعف أهدافه و بالتالي اعتماد الطاقة الشمسية في الانتاج يتطلَب مراجعة و إصلاحًا حقيقيًا، مشيرًا أيضًا إلى منظومة الدعم التي بدأت خطوات جدَية في الإصلاح و لكنَها لم تتواصل لذلك من الضروري اعتماد سياسة التوجيه بحيث يذهب الدعم إلى مستحقيه من الطبقات الضعيفة و المتوسطة، وفيما يتعلق بالمنظومة البنكية و المالية، فهي تتطلب إصلاحًا على مستوى النصوص القانونية للتحدَث على قطاع بنكي فعال، وذلك من الضروري القيام بإصلاحات هيكلية سريعة والحصول على حلول توافقية ليست حينيَة ، نهائية أو مثلى من أجل النهوض بالمنظومة الجبائية.
وشدد على إيجاد التوافق بشأن الإشكاليات و المعضلات التي يعاني منها الاقتصاد التونسي التي يجب الانطلاق في معالجتها في أسرع الأوقات مثل ضعف المردوديَة علة تنمية الثروة، التنافسيَة المحدودة، ارتباط ضعيف بالسوق الأوروبية المقتصر على أربعة دول، ضيق السوق التونسية، القطاعات التقليدية المرتبطة بالأوضاع الأمنية، عجز الموازين و اختلال التوازن بين الجهات، إشكالية النفاذ إلى التمويل.
وعرض رضا السعيدي التبعيات الظرفية على الاقتصاد التونسي مثل نموَ اقتصادي ضعيف بنسبة %1.5 نتيجة الأزمة السياسية وتراجع الثقة بالاقتصاد التونسي، انعدام استقرار المؤسسات، تعطَل الإنتاج في قطاعات إستراتيجية كالفسفاط ، سعر صرف الدينار والتوازنات الكبرى، واعتمدت الحكومة برنامجًا عاجلًا لإنقاذ الاقتصاد يهدف بالأساس إلى إنقاذ النَمَو و استعادة النشاط الإقتصادي ودفع الاستثمار العمومي والخاص واتخاذ إجراءات إداريَة إستثنائية من أجل دفع الإقتصاد و استعادة النموَ والثقة بين الفاعلين الاقتصاديين، ومن خلال الندوة الدولية للإستثمار تمَ رصد نتائج إيجابية ورجوع البلاد التونسية كوجهة للإستثمار الدولي، وأشار السعيدي إلى ضرورة التحكم في نسبة المديونية الذي تجاوز 63 % من الناتج الداخلي الخام والبحث عن بدائل ممكنة من أجل تمويل الإقتصاد والاتفاق على سقف أعلى من المديونية لا يمكن تجاوزه للحدَ من تدهور سعر صرف الدينار التونسي الذي له تداعيات غلى المؤسسات و مديونية الدولة و المبادلات التجارية. وعلى الجانب الهيكلي، يجب إدماج الفئات الاجتماعية والاندماج ما بين الجهات في الدورة الاقتصادية بمختلف قطاعاتها قصد الحصول على منظومة اقتصادية متكاملة تشمل كلَ الجهات.
وفي نهاية مداخلته، شدد السعيدي على تنويع الشركاء الاقتصاديين وإرساء الحوكمة الرشيدة و التصرف الأمثل في الموارد المالية و مقاومة كلَ مظاهر الفساد و ضرورة تحييد القضايا الاقتصادية عن التجاذب السياسي للنهوض بالبلاد.
وتناولت ة سهام بوغديري مسألة الإصلاحات الجبائية وأكَدت أنَ وزارة المال انكبَت على الإصلاح الجبائي منذ 2013 تحت إشراف وزير المال السابق إلياس فخفاخ، و كانت أهمَ محاور الاصلاحات تتمثل في التصدَي للتهرَب الجبائي و دعم ضمانات المطالبين بالأداء، مراجعة قاعدة الأداء ونسبة الأداء ومراجعة النظام التقديري، وفيما يتعلق بمراجعة قاعدة الأداء، هناك أنواع من الضرائب كالضريبة على الدخل، على الشركات، الأداء على القيمة المضافة، معلوم الاستهلاك وقد تمَ الاشتغال عليها من خلال ورشات بالإضافة إلى ترشيد الأداءات وإزالة العديد من الأنشطة التي لا يمكن أن تدخل في إطار الأنظمة التقديرية، و في 2014، تمَ الاشتغال على حزمة من الإصلاحات كمراجعة نسبة الضريبة على الشركات وتخفيضها من 30% إلى 25% وفي المقابل تمَ تخصيص حصص الأسهم و خصم من المورد بنسبة 5 %. كما تمَ إدخال الجمعيات في ميدان تطبيق الضريبة على المؤسسات .
وفي إطار إحكام القاعدة تمَ ترشيد الضريبة بالنسبة للمهن غير التجارية و بالنسبة للنظام التقديري بالنسبة للمهن الصناعية و التجارية، وواصل قانون المال 2017 في نفس المنهج الإصلاحي حيث تضمن أحكامًا تتعلق بجدول الضريبة على الدخل الذي لم يراجع منذ 1990 وكذلك إعادة توزيع العبء الجبائي بين مختلف شرائح المطالبين بالأداء في إطار التقريب بينهم و تم التنصيص على الإجراءات بالنسبة للمهن غير التجارية، كما أشارت ة سهام بوغديري إلى أنَ وزارة المال ترنو إلى إنشاء هيكل لمكافحة التهرب الجبائي "LA POLICE FISCALE"، رفع السرَ البنكي، رفع الحواجز وتفاديها في إطار قانون المالية وإرساء ضمانات للمطالبة بالأداء بالإضافة إلى إحداث لجان المصالحة، مؤكدة أنَ محاور الإصلاح الجبائي التي أسَست على مراحل مازالت لم تنتهي مضيفة إلى وجود حزمة أخرى من الإصلاحات لم تجسَم بعد من قبل وزارة المالية.
وعرض توفيق العريبي مسحة تاريخية للجباية في تونس منذ الاستقلال، مؤكدًا على أن تونس ورثت نظامًا جبائيًا فرنسيًا يعتمد بالأساس على المعاليم والضرائب الموظَفة على التجارة وجمع بعض المكاسب من الأسواق، ففي فترة التعاضد "1965 – 1969" الذي وقع فيها تغيير جذري للاقتصاد التونسي حيث تم الدخول في نظام اشتراكي و تعاضديات وبالتالي الترفيع في نسب الضرائب التي وصلت إلى حدَ 83 %، كما وقع التضييق على الممتلكات الفردية ووسائل الإنتاج ممَا نتج عني تراجع الإنتاج و عزوف المواطنين عن المبادرة الفردية للإنتاج فأدى بدوره إلى أزمة اقتصادية خانقة، فسجن أحمد بن صالح و تراجعت الحكومة عن قراراتها، و في الفترة مابين 1970 و 1985 عادت تونس إلى نظام السوق الحرة ولكن من دون القيام بأي إصلاح جبائي رغم سماح الظروف السياسية و الاقتصادية بالإصلاح الجبائي "استقرار سياسي، اكتشاف البترول".
أمَا الفترة التالية ما بين 1986 و2002 كانت فترة مهمة حيث عرفت تونس إصلاحًا جبائيًا معمَقًا تمَ فيها تخفيض العبء الجبائي و تعصير الإدارة، اتخذت الدولة في ذلك الوقت قرارات حاسمة وجسيمة تمثلت في تخفيض نسبة الضريبة من 83% إلى 35% بالإضافة إلى إصدار كل المجلات القانونية المتعلقة بالشأن الجبائي كمجلة الضريبة على الدخل الفردي والشركات، مجلَة الأداء على القيمة المضافة، مجلة الديوانة في 1986، و مراجعة مجلة الجباية المحلية
وأشارالعريبي إلى أنَ الاعتقاد السائد يقوم على أنَ كل عملية إصلاح جبائي سيصاحبه تخفيض في الخزينة العامَة للدولة ولكن الحقيقة عكس ذلك حيث تتضاعف موارد الخزينة وبالتالي فإن الإصلاحات الجبائية ستدفع نحو الاستثمار وبالتالي دفع النموَ الاقتصادي، وأكَد توفيق العريبي على تعصير الإدارة التونسية وتجهيزها بأنظمة معلوماتية وتوفير لها إمكانيات اقتصادية مهمة للاستقصاء كمنظومة صادق و منظومة توفيق، وفي 2011، تمَ اكتشاف أن عدد القباضات المالية المحروقة هي نفس عدد مراكز الأمن المعتدى عليها وهذا مؤشر يدل على علاقة المواطن بالجباية فتمَت المراجعة والعودة إلى أسلوب التبسيط القانوني والإجرائي التي اندثرت تمامًا، منوهًا إلى أنَ عدم استقرار نسق النصوص القانونية الجبائية وتكاثر النصوص وعدد النسب وتشتتها وعدم تجميعها في مجلة جبائية واحدة هو الذي أدَى إلى اتساع الهوة في المراقبة والإمتيازات بين الأنظمة ON SHORE و OFF SHORE، يعدَ النظام الجبائي التونسي نظامًا غير منصف وغير عادل بين شرائح المجتمع بالإضافة إلى أنَ القوانين المالية غير منضبطة وغير ملتزمة لغياب التواصل والتنسيق بين الأمن الجبائي والأمن القانوني.
وفي سياق ورقته، أكَد توفيق العريبي على أنَ عدم نجاح النظام الجبائي الحالي يعود إلى العوامل التالية. أوَلا، وقع إسناد عملية الإصلاح الجبائي إلى نفس الفريق الذي وضع الفصول القانونية السابقة من أعوان الإدارة الذين لا يتميزون بالحياد والموضوعية ولكنَ لهم الكلمة الفصل والاحتكار الكلَي في الإصلاحات الجبائية. ثانيًا، الاستمرار في التركيز على هاجس مفاده أنَ كل إصلاح جبائي سيضغط على ميزانية الدولة ممَا سيحدَ من التنافسية الاقتصادية للشركات. ثالثًا، تداول برنامج الإصلاح الجبائي على 4 وزراء و انعدام الاستمرارية في الإصلاحات. و أخيرًا، تنزيل الإصلاح الجبائي دفعة وراء دفعة ممَا أفقده سمة الحدث المميَز "EFFET D'IMPACT"، مشيرًا إلى أنَ الإصلاح الجبائي يدور بين مدرستين حيث ترى الأولى الترفيع في نسب الضرائب وتشديد العقوبات التي يمكن أن تصل إلى العقوبات الزجرية ورفع الأسرار المهنية للأفراد والأخرى التي ترى ضرورة تبسيط المنظومة الجبائية وتوسيع قاعدة الأداء والتشجيع على الاستثمار وعلى التنمية وعلى التشغيل
وشدد سامي الفطناسي على ضرورة التعجيل في الإصلاحات الاقتصادية ودعم برامج التنمية والتطوَر الإقتصاد والاجتماعي وإرساء منظومة جبائية عادلة وشفافة من خلال تحسين مردود الجباية. وأشار إلى أن كلَ الحكومات المتعاقبة منذ 2011 نادت بالإصلاح الجبائي التشريعي و المؤسساتي و تمكين الإدارة من الوسائل اللازمة لاستخلاص الآداءات. إنَ الإصلاح الجبائي غير ناجح لعدم مطابقة تطوير الجباية المحلَية ونجاعة الإدارة في التصدَي للتهرَب الضريبي و دعم الشفافية و قواعد المنافسة النزيهة، مؤكدا على أنَ تلافي عدم نجاعة الإصلاح الجبائي يستوجب مراجعة الضرائب المباشرة وغير المباشرة، دعم الجباية المحلية ودعم ضمانات المطالبين بالآداءات ، ومراجعة النظام التقديري. ولكن وقع التخلي عن هذه الإصلاحات لفائدة الإصلاحات بالمراحل التي كانت في أغلبها ترقيعية ويغلب عليها طابع الارتجال ولا يراعي الوضع الاجتماعي والاقتصادي لتونس مستدلا بأن العديد من القوانين الموجودة في قانون المالية تبقى غير مطبقة. وفي ما يتعلَق برفع السرَ البنكي الذي وقع برمجته في قانون المالية لعام 2014 بضمان الإذن القضائي.
وتساءل سامي الفطناسي بشأن الإضافة والفائض الذي أتى به هذا الإجراء بعد رفع الإذن القضائي في ما يتعلَق بميزانية الدولة. ويرجع ذلك الخلل إما لغياب الأسلوب التشاركي بالأساس أو رغم إتباع الأسلوب التشاركي إلا أن وزارة المال لا تطبق في الأخير إلا ما تقرَره إدارتها ومثال ذلك قانون المالية لعام 2017، داعيًا إلى توقَي الأسلوب التشاركي في إعداد القوانين مع تقريب وجهات النظر من أجل تجنَب تمرير القوانين التعسَفيَة. وبخصوص الاستثمار في المناطق الداخلية، أكَد على أنَ أصل الإشكال يعود إلى غياب رأس المال الجهوي وانخفاض عدد الباعثين العقَاريين وعلى سبيل المثال ذكر أنَه لا يوجد في أربعة ولايات في الشمال الغربي سوى 2 باعثين عقاريين فقط، مشيرًا إلى أن الفصل 63 من قانون المالية يتحدث عن رصد خطَ تمويل يقدَر ب 250 مليون دينار لمساعدة الطبقة الوسطى على اقتناء مساكن كأموال ذاتية يوفرها لذوي الدخل المتوسط ويقابله استثمار كلَي في البعث العقاري ب 1250 مليون دينار تقريبًا، علمًا وأن القانون يقصد الباعثين العقاريين الدين غير الموجودين في المناطق الداخلية، ولسائل أن يسأل هل يأخذ المشرع بعين الاعتبار دفع الاستثمار في الجهات الداخلية؟ و في إطار التمييز الإيجابي، تحسن الدولة في البنية التحتية للمناطق الداخلية ولكن إذا تمكنت الدولة من إيجاد باعثين عقاريين من تلك الجهات فسيمكَن من تحسين الدولة في البنية التحتية وفي نفس الوقت دفع نشاط الإقتصاد في تلك الجهات.
وخلال النقاش ، دعا محمد صالح العياري "مستشار جبائي" إلى ضرورة وضع تقديرات موضوعية من قبل الحكومة تتماشى مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي التونسي، مشيرًا إلى أنَ تقدير نسبة النموَ ب% 2.5 لعام 2017 غير ممكنة و بعيدة عن الموضوعية نظرًا لسعر صرف الدينار و تأثيره على ميزانية الدولة "تأثير الدولار الواحد في سعر المحروقات ينجر عنه 48 مليون دينار يؤثر على ميزانية الدولة" ، لذلك من الضروري تخفيض نسبة النمو المقدرة إلى 1.8% لكي لا نضطرَ إلى صياغة قوانين مالية سنوية وطرح سؤالًا أخر بشأن كيفية استخدام تقنية الاعتماد الجبائي على الأجراء بصفة فعلية؟
ودعا إسكندر الرقيق إلى ضرورة التركيز على التشجيع على دفع الضرائب عوض الإشارة إلى مفهوم التهرب الجبائي والرجوع إلى تجارب كلَ من جورجيا وقبرص والاحتذاء بها فيما يتعلق بالإصلاح الهيكلي لاقتصادها ممَا مكَنها من إرساء ديمقراطية ثابتة، على عكس اليونان التي أتت بالديمقراطية ولكن نظرًا لتدهور اقتصادها وغياب الإبداع الإصلاحي صارت اليونان على مشارف الانهيار، مؤكدًا على المزيد من التركيز على محاربة التهرب الجبائي وتشجيع أفراد المجتمع على القيام بهذا الواجب الوطني الذي لا يقلَ أهمية عن واجب الأداء العسكري، مشيرًا إلى ضرورة الإبداع و تركيز قوَة اتصالية لتحسيس الرأي العام بأهمية الدفع الجبائي ومدى تأثيره على الاقتصاد التونسي، وكما أشار عبد الوهاب معطَر إلى ضرورة التركيز على مسائل على غاية من الأهمية وهي: أوَلًا، تشخيص التشغيل في علاقته بالنسيج الإقتصادي الذي لا يستطيع استيعاب 50 ألفًا أو60 ألف موطن شغل سنويَا في حين أن القادمين الجدد على السوق يتجاوز عددهم 100 ألف طالب شغل. ثانيًا، مسألة التداين و الميزان التجاري الذي هو بصدد الإرتفاع نتيجة التوريد العشوائي "الذي يعد خارج منظومة التنمية الوطنية" نتيجة التبادل التجاريَ الحرَ"LIBRE ECHANGE" ممَا أثقل التداين الداخلي ومزَق النسيج الاقتصادي، و بالإستناد على الفصل 32 من OMC، يمكن للدولة التونسية استعمال الآليات القانونية الدولية وإعادة النظر في تشخيص علاقة الإقتصاد بالتبادل التجاري الحرَ والتحكم في مسألة التوريد.
ويعتبر سليم بسباس أن الجدل و الحوار في الشأن الجبائي بشأن التهرب من الضريبة وتراكم النصوص القانونية وعدم تناسقها يحتلَ أكبر مساحة، في حين أنَ المسألة المبدئيَة والأساسية في الًإصلاح الجبائي في هذه المرحلة التأسيسية هي إيجاد حلول فنَيَة تعتمد على مبدئي الشرعية والإنصاف بحيث يكون الإصلاج الجبائي عن طريق ممثلي كلَ الأطياف الوطنية. أكَد سليم بسباس بدوره على ضرورة الإصلاح الجبائي وفق مبدئي الشرعية والإنصاف ، مشيرًا إلى ضرورة تشريع القوانين على أساس مبدأ الرضا بالإقتطاع الضريبي والتنسيق بين مصالح اللوبيات و مثال ذلك دولة بريطانيا التي ركَزت أول تجربة بناء ديمقراطي على أساس مبدأ الرضا بالضريبة بالإضافة إلى تطوير الرقابة البرلمانية على المال العامَ، وأكَد سليم بسباس على أنَ العلاقة بين الإدارة و المواطن يجب أن تقوم على الإنصاف بكلَ أبعاده، بالإضافة إلى ارتكاز الحلول الفنية على الإنصاف العمودي والأفقي والإنصاف الزمني بين الأجيال
وطالب رياض بالطيب بضرورة الانسجام في الإصلاح بين المقاربة الفنية للإدارة التي تراعي تنمية موارد الدولة، ورؤية مختلف الشركاء في تطوير الإقتصاد ودعم الإستثمار ومحاولة إيجاد المقاربات الجديدة المناسبة. اعتبر بسباس أن النية نحو الإصلاح متوفرة لكنها متعثرة وخير مثال على ذلك الضريبة على الدخل L'IRPP الذي يجب أن يراجع على حسب مداخيل العائلة وليس الفرد، كما أشار إلى ضرورة اتباع رؤية تقوم على الحزم والمتابعة و المراقبة وتقييم الإجراءات القديمة التي تعمق المشكل، وقدم موضوع التهريب كمثال للمتابعة و التقييم، حيث اعتبر رياض بالطيب أنَ الإجراءات الزجرية هي إجراءات سهلة لا يمكن أن تقاوم هذا الفعل لذلك من الضروري الالتجاء إلى إدماج هذه الفئة التي تعدَ ثلث المجتمع التونسي و ليس مقاومتها خوفًا من تكوين ميليشيات تهدَد الأمن الوطني.
و تطرَق إلى موضوع رفع السرَ البنكي الذي يمكنه إعطاء صورة خاطئة ومخيفة للمستثمر الأجنبي وهو ما يتناقض مع ما ترنو إلية الحكومات من إصلاح الوضع الإقتصادي. يجب تقييم السياسات العمومية التي تتطلب إجراءات ملحَة تكون غير متناقضة مع الصورة الإدماجية و تخفيض الإعفاءات الجبائية التي تمثل 1.8 مليون دينار سنويًا و هو مبلغ مهم و غير بسيط
ونوَه ماهر القلاّل "رئيس المنتدى الجمهوريّة الثانية" إلى أن إدخال عامل التكنولوجيا مهمَ جدًا للنهوض بالشأن الجبائي لأن النظام الجبائي الحالي تنقصه أدوات معلوماتية تساعد على كشف كل من يتهرَب من الواجب الضريبي، وضرب مثال الصين الذي اعتمدت على ماكينة تسجيل المدفوعات النقدية "caisse enregistreuse" بالإضافة إلى تقديم جوائز قيمة لتحسيس المواطن بضرورة العملية الجبائية
وأكَد إلياس الفخفاخ "وزير مالية سابق"، على أنَ الإصلاح الجبائي منذ شهر ماي 2013 ارتكز على التشريك و التحاور بين مختلف الأطراف المعنية و خصوصًا UTICA و UGTT والجامعيين وخبراء اقتصاديين والمحامين والجبائيين ومنظمة الدفاع عن المستهلك. واعتبر أنَ السبب الأساسي في بطء الإصلاح السياسي هو تواتر الحكومات وعدم الاستقرار السياسي.
وأضاف أنَه لا يمكن إرساء عدالة و لا مواطنة من دون عدالة جبائية وبالتالي عملت وزارة المال على الشفافية وإعادة الثقة بين المواطن والدولة.أمَا فيما يتعلَق بالتنمية، فأكَد على أَنَها مازالت تعتمد على تصوَرات كلاسيكية وذلك بمواصلة العمل بالخيارات القديمة المتعلقة بالبطالة و العدالة الاجتماعية والعجز المالي والعجز الغذائي "70 % من المشاريع متَجهة بالأساس إلى 8 ولايات فقط"، ومن الملاحظ أن خطة التنمية غير مطابقة للوضع المتأزَم للاقتصاد، فعلى سبيل المثال لا نتحدث عن سياسة الأجور رغم أهميتها حيث انطلقت وزارة المال في 2013 في الاشتغال عليها كالضغط على الأجور، المرونة و القدرة التنافسية المبنية على الأجر الأدنى و لكن لم يتمَ التواصل في العمل عليه.
و في نهاية مداخلته ،أكَد على أنَ قانون المال لعام 2017 سيكرَس عجزًا ماليًا يقدَر بمليار دينار منذ المصادقة عليه وللتفاعل، أكَد سامي الفطناسي على أنَ التحكَم في التوريد غير ممكن نتيجة ارتباطنا باتفاقيات دولية، ممَا أثَر على التوازن الاقتصادي التونسي وبالخصوص على القطاع الفلاحي، كما بين توفيق العريبي أنَ من أساسيات النظام الديمقراطي هو احترام حقوق المواطنين والعدل الاجتماعي لذلك من الضروري الخروج بخارطة طريق للإصلاح الجبائي، وفي نفس السياق، أكَدت ة سهام بوغديري على أنَه منذ 2013 تاريخ إشارة الانطلاق الفعلي للإصلاح ، لم تصل بعد وزارة المال إلى النتائج الإيجابية المرجوَة نظرًا لظروف التوازنات الجبائية التي تحكم المسار الإقتصادي، مشيرة إلى أنَ الإدارة التابعة إلى وزارة المال ليست منفردة بأخذ القرار فيما يتعلق بالإصلاح الجبائي بل دائمًا تدعو كل الأطراف المعنية بإبداء آرائها في إطار التشارك و تبادل الأفكار، كما ردَ رضا السعيدي أنَ اعتماد التقديرات ضروري في المجال المالي، و المهمَ اليوم هو الوصول إلى رؤية موحَدة بين الأحزاب والأطراف السياسية لتكريس مشروع إصلاح اقتصادي ناجع وإرادة وطنية لتنفيذه، وقدَم مثال الحكومة الجورجية التي أشرفت على الإصلاحات الاقتصادية وخسرت بعد ذلك في الانتخابات و لكنها اعتبرته نجاحًا لجورجيا بكلَ أطيافها و بالتالي تكون مصلحة الدولة أهمَ من مصلحة الأحزاب أو الحكومات المتعاقبة، وفيما يتعلق بالوظيفة العمومية، أكَد رضا السعيدي على ضرورة التقليص في الانتداب في الوظيفة العمومية مع إطلاق تصوَر جديد لهذا المجال.
وافتتح المنصف شيخ روحه الجلسة الصباحيَة الثانية بمداخلة تقوم على ثلاث نقاط وهي المقاصد من الجباية، الإصلاحات الجبائية وتقديم مقترحات حلول. ففي مستوى المقاصد، أكَد المنصف شيخ روحه على ضرورة بيان استراتيجية اقتصادية واضحة لتوحيد رؤى الطاقات التونسية المشتَتة وتأطير المطالب الشعبية، قصد تحديد الوجهة والخطى المتبعة، أمَا على مستوى الإصلاحات ، فبعد انتخاب مجلس النواب طلبت البلاد التونسية من صندوق النقد الدولي 3 مليار دينار للقيام بالإصلاح الجبائي ومراجعة مجلَة الاستثمار، اصلاح البنوك الكبرى الوطنية الخاسرة و تأسيس صندوق دعم.
و لكن صرفت الأموال و لم تحقق الإصلاحات نتائج متقدمة وذلك لغياب الرؤية. وبالنسبة للحلول، يجب إعادة تكوين الهيئة العليا للتخطيط بكفاءات شابَة لتتَبع مخطَطًا ثلاثيًا أوخماسيًا لتحقيق الجدوى المالية والجدوى الإقتصادية والجدوى الاجتماعية، كما أكَد على ضرورة الاستثمار في المناطق الداخلية المحرومة لكونه استثمارًا مجديًا ومربحًا وليس صدقة وخير مثال هو اهتمام الولايات المتحدة بالأفارقة السود حيث أخضعتهم للتمييز الإيجابي و بعد 30 عامًا ترأس الولايات المتحدة الأميركية أفريقيًا أسودًا و هو باراك أوباما، و كذلك النرويج التي استقبلت المهاجرين الذين لم تقبلهم بقية البلدان الأوروبية سوى ألمانيا فضاعفت نسبة نمو الدولة النرويجية لقدرتها على توظيف النسيج الإجتماعي الجديد.
وتناول عماد زعير مسألتين وهما الإصلاح الجبائي والمشاريع العموميَة والخاصَة.حيث أكَد عماد زعير على ضرورة مرور الإصلاح الجبائي على مرحلة نقاش سياسي ومجتمعي معتبرًا أنَ الإصلاحات الناجحة هي التي تتمثل في تفاعل الإدارة وتنسيقها مع أجهزة أخرى و تقييم شامل للنتائج والعراقيل، وأشار عماد زعير إلى وجود زخم كبير على مستوى القوانين المالية لذلك يجب تقييمها ومتابعة تجسيم هذه الأحكام، ومثال ذلك الترخيص بإنجاز مكاتب الصرف في 2014 والآليات المتعلقة بالصكوك. و بالنسبة لتحسين الإدارة فقانون المال 2017 هو أكثر قانون يتضمن إجراءات جديدة في تحسين الإدارة، و لا يمكن للإدارة القيام بمهامها دون التنسيق مع الجهات الأخرى فالأمر الضريبي لا يتعلَق بالاستخلاص فحسب بل يجب تفعيل الأبعاد الاقتصادية والإجتماعية أيضًا، ويجب الاقتراب من مرحلة إرساء الأحكام وتكريس التطبيق و تجسيم المتابعة، وأكد على ضرورة متابعة آلية بنك الجهات لدعم الاستثمار الداخلي وبنك الودائع، أمَا فيما يتعلَق بالمشاريع الكبرى، فنوايا الإستثمار ليست بالضرورة مرتكزة على التحفيز الضريبي بل يوجد دوافع أخرى للإستثمار الأجنبي في تونس، كما أن الإطار التشريعي للإستثمار يشوبه بعض النقائص فالقوانين المنظمة للمشاريع الكبرى بشأن تحديد شكل الاستثمار، فهل هو استلزام، أم كراء، أم تمويل أجنبي، أم هو في إطار الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص؟
وفي السياق نفسه، أكَد كمال الغزواني على أنَ جلَ المؤشرات الاقتصادية و الاجتماعية التي يتم إعداداها من قبل الهياكل الرسمية للدولة و الهياكل غير الحكومية على غرار مؤشَرالتنمية الجهوية أو مؤشَر جاذبية الجهات للإستثمار تدلَ على أنَ الجهات الداخلية مهمَشة و بعضها تقف تحت السقف الأدني لمقوَمات الحياة الاجتماعية الكريمة، فهل نجحت سياسات الدولة في الحدَ من الفوارق بين الجهات؟ عملت الدولة منذ الستينات على الحد من الفوارق بين الجهات و اعتمدت التمييز الإيجابي في 2014. فأين الإشكالية؟ تكمن الإشكالية أوَلًا في مفهوم الجهة ،ثانيًا، طبيعة الحوكمة المحلَية و القدرة على التغيير. ثالثًا، طبيعة البرامج المبرمجة في المناطق الداخلية ورابعًا غياب رؤية اقتصادية، فيما يخص مفهوم الجهة الذي أسَس في الستينات فهو غير واضح، وبالاعتماد على مفهوم الإقليم فإن البلاد التونسية لا تحتوي على تفاوت بين الجهات.
و بعد انتهاء فترة التعاضد ، اختل التوازن بين الجهات و تغير المفهوم و تعدَد بين مختلف الوزارات، وأشار كمال الغزواني إلى أنَ المشاريع المبرمجة في الجهة تعدَ مشاريع غير مشغلَة و ذات نسبة اندماج ضعيفة وقيمة مضافة متدنيَة في مناطق الشمال الغربي.أمَا فيما يتعلق بغياب الرؤية الاقتصادية، و المخطَط ل 2016-2020 لا يمتَ بصلة بالواقع التونسي، كما أشار إلى العلاقة بين أعوان القطاع العامَ و القطاع الخاصَ فهناك غياب للتعاون بين القطاعين، فالقطاع الخاص تم قمعه في فترة التعاضد و تم تعويضه بالقطاع الأجنبي الخاص، عمل القطاع الخاص على سنَ مجموعة من الحوافز ، كانت في البداية تعطى على أساس المشروع و الطاقة التشغيلية ولكن وقع التفطن إلى هذا النقص في مجلة الاستثمار في عام 1993. الحلول : أولًا، تحتاج المناطق الداخلية إلى مخطط كمخطط مارشال حيث يمكن اعتبار الندوة الدولية للإستثمار هي النواة الأولى لهذا المخطط .ثانيًا التسريع في إصدار مجلَة الجماعات المحلية الجديدة وتطبيقها مركزيًا، تفعيل الشراكة بين القطاع العام والخاص وإصدارالنصوص التطبيقية لمجلَة الإستثمار وتفعيل التمييز الإيجابي على جميع المستويات وليس على المستوى الإقتصادي.
و خلال النقاش، أكَد محسن حسن "وزير سابق" على تأثير الجانب الدولي والجانب الجيوستراتيجي وخاصة الوضع الليبي على الإقتصاد التونسي ممَا يدعو الدبلوماسية إلى لعب دور مهمَ لدفع الإقتصاد وخاصة على مستوى دفع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، على الجانب الاجتماعي، مشيرًا إلى أنَ الحكومة الحالية ترنو إلى تأسيس علاقة شغليَة وثيقة وهي في طور تحقيقه بالتنسيق مع الإتحاد العام التونسي للشغل و النقابات المهنية، ممَا يسهم في خلق الثروة وتحسين الإنتاج والإنتاجية، واعتبر محسن حسن أن الوضع السياسي أصبح عبئًا على الاقتصاد الوطني لذلك من الضروري اتحاد الأحزاب السياسية لدفع الإقتصاد وتحسين النموَ. كما نوَه إلى ضرورة استكمال بناء مؤسسات الدولة، دعم كلَ من اللَامركزية وانتخابات البلدية لما فيهما من تأسيس للإستقرار الاقتصادي، وعلى مستوى الإصلاحات الاقتصادية، يجب مقاومة التهرب الجبائي وإصلاح وضعية المؤسسات العمومية حتى لا تكون عبئًا على الدولة، و تسريع وتفعيل إنجاز المشاريع المبرمجة بقانون المال للدفع الإقتصادي مع مراعاة الشروط الأساسية للشفافية
وأشارت آمال عزوز "عضو في حركة النهضة" إلى ضرورة انخراط مجتمعي كامل وشامل لمحاربة الفساد و التهرب الجبائي و الارتشاء و ضرورة ترسيخ آليات للمراقبة و المساءلة في البرلمان والإعلام والنسيج الجمعياتي، بينما أفاد سالم المكَي "أمين عام حزب المبادرة" أنَه لا يمكن الحديث عن جزئيات الجباية من دون تركيز مناخ مناسب لاقتصاد سليم و ناجح يمرَ بإعداد تعبئة شعبية للمسألة الاقتصادية، مؤكدًا ضرورة حلَ بعض القضايا الاقتصادية كمسألة بتروفاك ومسألة التهرَب والتهريب بالإضافة إلى جذب الاستثمار و تشجيعه في المناطق الداخلية.
وأكَدت سامية طقطق "منظمة سوليدار" على تناول موضوع المال الذي يعدَ قوام الأعمال على حدَ تعبيرها، بالإضافة إلى ضرورة التوضيح بين الخيارات في القطاعين العام و الخاص والبحث عن الدور الذي يلعبه كلَ منهما لدفع التنمية، فيما أشار رياض بالطيب على أنَ المطلوب اليوم للنهوض بالقطاع الإقتصادي هو رؤية وطنية "حلم وطني" و ليس مجرد إصلاحات أو مخططات ثلاثية أو خماسية، وضرب كمثال كلَ من الصين و حلمه العظيم القائم بالأساس على طريق تجارة الحرير، و المملكة العربية السعودية التي تدعم انتاج 140 منتوجًا محلَيًا بالإضافة إلى دعم الصادرات و إسناد مقدَم الإئتمان "credit de fournisseur" يبلغ 3 سنوات تفضيلية "3 ans de grâce"، ويجب على الدولة التونسية معرفة منافسيها التي لا تقتصر على المغرب فقط من أجل تحديد السياسة الخارجية ومستقبل التحالفات.
وشدد مجدي حسن على أنَ المشكل يتمثل في غياب رؤية اقتصادية وطنية وكيفية وضعها، مؤكَدًا على أنَ حلَ هذا المشكل يكمن في تكوين رؤية سياسية مبنيَة على المدى الطويل تساعد على دعم تلك الرؤية الاقتصادية، و عرض مشكل المياه و سوء التصرف في المياه الوطنية و عدم التوجه إلى الاستثمار في تعبئة المياه، كما أشار إلى عجز هيكلي في ميزان الدفوعات لذلك من الضروري التوجه إلى تعبئة على مستوى العملة الصعبة.
توصيات أعمال الورشات المسائية
الورشة الأولى: الإصلاحات الجبائية
التوصيات:
1- تحقيق المزيد من دعم حقوق المطالب بالضريبة وترشيد وتأطير الرقابة على إعادة تقييم المحاسبة بالإضافة إلى تأطير حالات استبعاد المحاسبة.
2- توسيع القاعدة الضريبية ومواصلة توسيع ميدان تطبيق الأداء على القيمة المضافة مع تقليص عدد النسب المعتمدة.
3- ترشيد النسب لغاية الحدَ من الفوائض الناتجة فيما يتعلق بإجراءات استخلاص الأداء.
4- استكمال الإصلاح في باب الضريبة على الدَخل باعتبار الأعباء العائلية كمراجعة التخفيضات بعنوان الأطفال في الكفالة وربَ العائلة.
5- التخفيض في نسبة الضريبة على الشركات على المدى القصير من 25% إلى 20% مع الترفيع في الخصم من المورد على الأرباح الموزَعة إلاَ في صورة إعادة استثمارها و تخفيض الضغط الجبائي على المؤسسات الصغرى و المتوسطة الناشطة في الصناعة.
6- إنشاء نظام تقديري تعاقدي.
الورشة الثانية: التنمية و التشغيل
التوصيات:
1- التفاوض مع الشركاء الأجانب فيما يتعلَق بالتبادل التجاري لتحقيق حوكمة التوريد و ضمان الحماية الضرورية للقطاعات الوطنية الحسَاسة ذات التشغيلية الكبيرة.
2- توجيه الحوافز الجبائية و المالية نحو الاستثمار الداخلي والخارجي المشغل وذي القيمة المضافة العالية.
3- تعزيز القدرة التنافسية للمؤسسات الاقتصادية عبر التقليص من الرقابة و الحدَ من القيود الإدارية.
4- تنقية المناخ الاجتماعي للإستثمار وحوكمة العلاقة مع النقابات والأطراف الاجتماعية وترسيخ ثقافة الجهد والعمل.
5- تفعيل الشراكة الملموسة بين القطاعين العامَ والخاصَ لتعزيز وتنويع النسيج الإقتصادي و تشجيع الاستثمار الخاصَ
الورشة الثالثة: الاستثمار في المناطق الداخلية
التوصيات:
1- تفعيل دور صندوق الودائع والأمانات وبنك البنوك في الجهات في تمويل المشاريع في المناطق الداخلية.
2- تحمَل الدولة لمسؤولياتها في خلق رأس مال جهوي على المدى المتوسط والطويل وتوظيف متوازن للإمكانيات والبرامج التنموية للمؤسسات الدولية والمنظمات غير الحكومية الدولية.
3- إعادة النظر في خارطة الاستثمار من خلال تشجيع تكوين تعاونيات خصوصًا في القطاع الفلاحي.
4- إعادة النظر في قانون التجمعات ذات المصلحة الاقتصادية والعمل على حلَ الإشكاليات العقارية.
5- تثمين الثروات الطبيعية في كل جهة لدفع الاستثمار والتنمية.
6- تكوين غرف عمليات يترأسها خبراء لمراقبة وتأطير أصحاب المشاريع تكون مكمَلة لدواوين التنمية الجهوية.
7- تركيز الحوكمة المحلية من خلال توفير آليات و كفاءات على المستوى الجهوي وإحداث أداة لقيس جودة الحوكمة المحلَية.
أرسل تعليقك