رام الله - فلسطين اليوم
تعكف الخارجية الإسرائيلية على تعميم وثيقة 'شرعنة المشروع الاستيطاني' على السفارات الأجنبية في جميع أنحاء العالم بمختلف اللغات، إذ ترى تل أبيب أن المستوطنات التي شيدتها بالأراضي الفلسطينية المحتلة تعد قانونية وتمنحها صبغة شرعية بحسب القانون الإسرائيلي، على حد زعمها.
ويلتزم ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الصمت تجاه الوثيقة التي أُعدت بعلمه وصاغهتا نخبة من رجال القانون واللجان القضائية التي أشرف عليها المستشار القضائي للخارجية الإسرائيلية ونائبة الوزير تسيبي حوطوبلي التي عقدت جلسات لمختصين بالقانون الدولي لبلورة صياغة نهائية للوثيقة.
وتستند تل أبيب في الوثيقة إلى تقرير 'أدموند ليفي' الذي أعد بالسابق بطلب من نتنياهو، وأقر 'حق إسرائيل بضم أراضي الضفة الغربية لسيادتها'، حيث تمت إعادة صياغة المصطلحات المتعلقة بالاستيطان، وشطب مصطلح الضفة الغربية واستبداله بالمسمى التاريخي 'يهودا والسامرة'.
وبينت الوثيقة وجهة النظر القضائية من قضية فك الارتباط والانسحاب من قطاع غزة عام 2006، إذ اعتبرت ذلك بمثابة 'حسن نوايا' وقرار سياسي أحادي الجانب من قبل تل أبيب وليس ممارسة أو تطبيق لأي التزام قانوني، وزعمت أن المستوطنات لا تتعارض والمواثيق الدولية.
وقالت تسيبي حوطوبلي نائبة وزير الخارجية الإسرائيلي في بيانها لوسائل الإعلام إنه 'يوجد لإسرائيل دعوى ملكية على أراضي 'يهودا والسامرة'، على اعتبار أن هذه المنطقة لم تكن تحت سيادة شرعية لأي دولة، وتم استرجاعها في 'حرب الدفاع'، كون هناك ارتباط واتصال منذ آلاف السنين لليهود بهذه الأرض'.
المقاطعة الأوروبية
ويشكل الادعاء بأن هذه الأراضي لم تكن تحت سيادة عربية شرعية حجر الأساس للوثيقة، أما ما يتعلق بالبند الخاص بنقل السكان للأراضي المحتلة، ترى حوطوبلي أنه 'لا ينطبق على مثل هذه الحالة'، حيث أدعت إن إقامة المستوطنات تمت بمرافقة قانونية وتحت رقابة قضائية للمحكمة العليا.
ويرى مدير معهد 'ميتفيم' المتخصص بالسياسات الخارجية للشرق الأوسط وإسرائيل الدكتور نمرود جورن أن تحضير الوثيقة يأتي بالتزامن مع اتساع دائرة المقاطعة الأوروبية للمستوطنات واحتدام الصدام الدبلوماسي مع بنيامين نتنياهو لمواقفه المتشددة من القضية الفلسطينية والرافضة لأي تسوية تنهي الصراع.
وتحمل الوثيقة في طياتها الكثير من المخاطر الدبلوماسية والقانونية، حيث رجح جورن للجزيرة نت أن الدول التي تعارض سياسات تل أبيب قد تضطر للتوجه للمحكمة الدولية في لاهاي للدفاع عن مواقفها، الأمر الذي سيضع إسرائيل قبالة تحديات قد تكون من الصعب عليها مواجهتها.
وعزا جورن تحضير الوثيقة إلى الأزمات الداخلية والتحديات التي يواجهها نتنياهو عقب اشتعال الأحداث والمواجهات في الأراضي الفلسطينية وعجزه عن إخمادها وتوفير الأمن والأمان والاستقرار للمجتمع الإسرائيلي الذي ما عاد يثق في سياسات تل أبيب الخارجية.
أزمة إسرائيل
وبحسب استطلاع أجراه جورون، يبدي 60% من الجمهور الإسرائيلي عدم الرضا من أداء الحكومة في الدبلوماسية الخارجية، بينما يعتقد 78% من الجمهور أن إضعاف مكانة وزارة الخارجية يهدد الأمن القومي، ويرى 55% من المستطلعين أن استعادة تل أبيب مكانتها الدولية منوط بالتقدم في العملية السلمية وإنهاء الصراع.
من جهته، يرى مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة الغربية غسان دغلس أن مقترح الوثيقة يعكس عمق الأزمة الدبلوماسية التي تعيشها إسرائيل مع المجتمع الدولي لمواقفه المناصرة للقضية الفلسطينية، لافتا إلى أن تل أبيب تقوم بهذه الخطوة ردا على أوروبا التي دعمت حملة مقاطعة منتجات المستوطنات وشرعت وسمها.
وقلل دغلس في حديثه للجزيرة نت من جدوى ونجاعة هذه الوثيقة، ووصفها 'بالبالون الإعلامي'، مؤكدا أنها ستأتي بردة عكسية على تل أبيب التي اختارت فتح حرب دبلوماسية وقانونية مع المجتمع الدولي، الذي سيجد ذاته مضطرا للتوجه للمحافل والمحاكم الدولية للحفاظ على قراراته والمواثيق والشرعية الدولية.
ويؤكد دغلس أن نتنياهو يسعى من خلال الوثيقة لتصدير أزماته الداخلية في الحكم في ظل تعاظم نفوذ اليمين المتطرف وسيطرته على المجتمع الإسرائيلي، الذي بات يضيق ذرعا من حملة المقاطعة واتساع دائرة العزلة الدولية لليهود.
أرسل تعليقك