باتت الصورة ومقطع الفيديو أهمّ ما ركّز عليه الصحافيون والنشطاء لتوثيق وفضح عشرات بل مئات الجرائم التي نفّذها وينفّذها جيش الاحتلال بحقّ المتظاهرين السلميين، منذ اندلاع مسيرات العودة في الثلاثين من مارس/ آذار الماضي.
فلم تعد كاميرات الصحافيين القليلة قادرة على توثيق كل المشاهد، وبخاصة مع وجود 5 نقاط مواجهة وتظاهر مفتوحة وواسعة، فلجأ الصحافيون والنشطاء للهواتف الذكية، حتى أصبحت الأخيرة أداة فعالة لنقل وتوثيق كل المشاهد، بعضها استخدم في إطار العمل الصحفي الرسمي، وأخرى استخدمت لنقل الصور والمقاطع من قبل نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
أداة فعّالة وسريعة
أكد الصحافي والناشط علاء عبدالفتاح النملة، على أنّ الهاتف الذكي كان السمة الأبرز في مسيرات العودة، إذ برع الصحافيون والنشطاء في استخدامه في شتى المجالات، فهو يتلاشى عيوب الكاميرا التقليدية، الثقيلة والتي تحتاج إلى كوابل ومعدات، وتحريكها صعب، فبات النشطاء يستطيعون استخدام تقنيات البث المباشر من أي موقع وفي أي وقت أرادوا، فقد يلزمهم خدمة إنترنت سريعة وهي متوفرة.
وأوضح أنه استخدم هاتفه في البث المباشر من داخل معبر كرم أبوسالم حين تعرض للحرق، ونقلت عنه في نفس الوقت ست وكالات أنباء ومحطات متلفزة عالمية، والصور ومقاطع الفيديو التي بثها وزملاؤه وصلت إلى كل أرجاء المعمورة.
وأكد النملة أن ميزة الهاتف الذكي بأنواعه وأشكاله المختلفة أن استخدامه ليس حكرا على الصحافيين المحترفين، فكثير من المشاهد القوية التي وثقت جرائم صورها هواة، ونشروها عبر صفحاتهم وجرى تداولها عالميا، لذلك لا غرابة في تعمد استهداف قناصة الاحتلال كل من يحاول التصوير بالهاتف الذكي الذي أصبح أداة لفضحهم.
الانتشار والسرعة
أما الصحافية آلاء الهمص، فأكدت أنّ هناك ميزات جعلت الهواتف الذكية أداة فعالة، فهي في جيب كل مواطن، وخفيفة وسريعة، وما يلزم فقد تشغيل الكاميرا والتقاط الصور، لذلك كنا نشاهد ما بين 100-500 مصور في كل موقع لمسيرات العودة، منتشرين في كل المناطق، ولو نجح هؤلاء في التقاط عدد محدود من المقاطع والصور القوية يعتبر هذا نجاحا.
وأكدت الهمص أن تطور الهواتف وجودة الكاميرات، جعلت صحف ووسائل إعلام كبيرة تستخدمها، فكبرى المحطات نقلت بث مباشر عن نشطاء من غزة، وهذه الهواتف كان لها دور كبير في تدويل مسيرات العودة، وفضحت الاحتلال، حتى أن بعض الضحايا نجحوا في توثيق عملية استهدافهم، فهناك لاعب كرة قدم كان يبث مباشر من هاتفه لحظة استهدافه، تعرضه للإصابة برصاصة متفجرة في قدمه أدت إلى بترها.
وطالبت الهمص بإخضاع النشطاء ممن يستخدمون هذه الهواتف لدورات تدريبية بشأن الاستخدام الأمثل لها، وبخاصة أن بعض الصور كانت مهزوزة، والمقاطع غير واضحة، لذلك على القائمين على مسيرات العودة التنبه لهذه الأداة، وتطويرها، لما لها من دور بارز في فضح الاحتلال، وكشف جرائمه أمام العالم.
معادلة جديدة
أما الصحافي والناشط أسامة الكحلوت، فأكد أن هذه الهواتف غيرت معادلة الإعلام ككل، فخلقت هذه الهواتف آلاف المصورين، فكل مواطن أصبح بإمكانه استخدام هاتفه، موضحا أنه في بعض الأحيان يقع حدث قوي وسريع لا يتواجد في أي صحافي، فهنا تبرز أهمية هذه الهواتف، إذ يسارع النشطاء وحتى المواطنين العاديين لفتح كاميرات هواتفهم وتوثيق المشهد.
وبيّن أنّ كثيرا مِن المشاهد القوية جرى تصويرها بالصدفة، فالنشطاء يكونون يصوّرون شيء ما، وفجأة يقع الحدث بصورة مفاجأة داخل نطاق الصورة، وهذا حدث وتكرر كثيرا في مسيرات العودة.
وأوضح الكحلوت أن هذه الهواتف المتصلة بشبكة الإنترنت وبمواقع التواصل الاجتماعي، تنقل الأحداث أولا بأول، وفي لمح البصر تنتقل الصورة ومقطع الفيديو إلى كل أرجاء العالم، وهذا أمر جيد لم يكن موجود من قبل.
وطالب الكحلوت شركات الهواتف الخلوية بتعزيز أبراجها وتقوية إرسالها في مناطق محيط مناطق التماس، وتقديم عروض وحزم إنترنت جيدة، تساعد النشطاء في استخدام تقنيات البث المباشر السريعة، بدلاً من الاعتماد على شبكات إنترنت إسرائيلية.
وإلى جانب إسهامها في فضح جرائم الاحتلال، أكد الكحلوت أن هذه الهواتف عملت على رفع معنويات المتظاهرين، وشجعتهم على التقدم وإشعال التظاهرات، فحين يعلم المتظاهرون أن ما يفعلونه يبث ويشاهده الملايين، هذا يعطيهم دفعات معنوية ويشجعهم أكثر.
أرسل تعليقك