أجمعت الأحزاب والشخصيات اللبنانية على أهمية إنجاز المصالحة الفلسطينية، باعتبارها عاملاً إيجابياً في تحصين الساحة الفلسطينية وخدمة المشروع الوطني، في ظل السياسات الإسرائيلية المستمرة في انتهاك القرارات الدولية وإغلاق الباب أمام أية فرصة حقيقية لعملية التسوية وقال السياسي كريم بقرادوني، إن المصالحة قوة ووحدة تعطي القرار الفلسطيني وزناً لا يمكن تجاهله، سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي، على عكس الانقسام الذي استخدم إقليمياً ودولياً، واعتبر أن أهمية المصالحة تكمن بأنها تفك الارتباط بين المشاكل الموجودة في المنطقة والقضية الفلسطينية، ما يسمح بأن تكون القضية الفلسطينية بيد الفلسطينيين، وبالأخص منظمة التحرير الفلسطينية.
وأكد بقرادوني أنّه "في هذه اللحظة الحرجة، فإن استقلالية القرار الفلسطيني أصبحت أكثر قبولاً في المنطقة وواقعاً قائماً يمكن السير به. في الماضي كان هناك صراع للإمساك بالورقة الفلسطينية، أما اليوم فقد أصبحت الورقة الفلسطينية بيد منظمة التحرير ولم تعد ورقة تنازع بين الدول العربية المعنية، وبالتالي وبقدر ما أصبح القرار الفلسطيني مستقلاً، بقدر ما أصبحت مسؤولية المنظمة أكبر، ومن هنا فإن على الرئيس محمود عباس وقيادة منظمة التحرير وضع خطة للذهاب بما هم مؤمنين به لحل القضية الفلسطينية سلمياً، وعبر الدول الكبرى كالولايات المتحدة وروسيا".
وأشار بقرادوني إلى أنه قد تكون هذه فرصة لإمساك الدولة الفلسطينية بكامل أراضيها في الضفة الغربية وقطاع غزة رغم ما يحدث في العالم العربي، إلا أن الفلسطيني استطاع أن يستفيد من هذه الأحداث، وأضاف أن حل القضية الفلسطينية يمكن أن يكون بداية حلول في المنطقة، وأن إعلان الدولة الفلسطينية من قبل الرئيس محمود عباس، يدفع المنطقة بالتوجه الى الحلول بدلاً من أن تبقى في الأزمات ورأى بقرادوني أن المطلوب هو تلاقي الفلسطيني سياسياً وجغرافياً، ما يشكل الرد الحقيقي على تجاهل الإدارة الأميركية وإرادة تغييب القضية عند بنيامين نتنياهو.
واعتبر عضو قيادة الحزب التقدمي الاشتراكي بهاء أبو كروم، أن المصالحة الفلسطينية خطوة في الإطار الطبيعي الذي شكّل مطلب الشعب الفلسطيني منذ نشوء الأزمة، وقال إن الخطوة هي إحدى المقومات الرئيسية التي تمكن الشعب الفلسطيني من استمراره في النضال لنيل حقوقه الوطنية، طالما أن الانقسام كان يخدم الاحتلال الإسرائيلي وكافة الأطراف التي تريد توظيف الوضع الفلسطيني في إطار المصالح الخاصة أو الصراع الإقليمي.
وشدد أبو كروم على أن إعادة الوحدة للموقف الفلسطيني والمؤسسات الفلسطينية، سيكون له تأثير كبير على تحصين وقوة الموقف الفلسطيني بشكل عام، وأشار الى أن واقع الحصار المفروض على قطاع غزة يتطلب تدخل المرجعية الشرعية للشعب الفلسطيني لإدارة الواقع المعيشي والاقتصادي الذي يشكل أولوية لهموم الناس، ويرفع من مستوى القدرة على الصمود.
وأعرب أبو كروم عن أمله في استمرار روحية المصالحة لتشمل كل المؤسسات الوطنية وتعيد الحيوية للمشروع الوطني الفلسطيني ولمؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، أما عضو المكتب السياسي لتيار المستقبل راشد فايد، فقال: كنا نتمنى لو أن هذه المصالحة قد تمت قبل مدة، خصوصاً بأن ما حصل في الأراضي الفلسطينية من انقسام سياسي وجغرافي في الضفة والقطاع أضعف القضية الفلسطينية وأعطى الحجة لإسرائيل بأن تتملص من عملية التسوية، رغم أنها غير ملتزمة بها أصلاً وتضع العراقيل للحيلولة دون الوصول إليها.
وأكد فايد أن الفلسطينيين لن يندموا على هذه المصالحة، "ولكن اسأل: هل سيندم من أضر بالقضية الفلسطينية بفرض قوتين لإدارة الشأن الفلسطيني، ثم هل ستراجع حماس عما قامت به منذ الانقلاب، لأنه بدا وكأن الأمر كله منذ البداية كان هدفه الانفراد بالقرار الوطني الفلسطيني وليس اختيار طريقة المواجهة مع المحتل الإسرائيلي."
وأشار فايد إلى أن المواجهة الدبلوماسية أصلب من المواجهة العسكرية، وتتطلب براعة وقوة أساسها وحدة الموقف الفلسطيني، مشدداً على أنه يجب أن تكون هناك وحدة حقيقية وسلطة واحدة جدياً، وإلا فإننا سنظل نراوح مكاننا وأشار الى أن الفلسطينيين مستعدون للديمقراطية أكثر من كثير من دول في الإقليم والمنطقة، ولكن ما جرى في المرحلة السابقة أوحى بأن البعض منهم اتجه إلى أولوية الفرض بقوة السلاح على الأخذ بمقتضيات الديمقراطية الوطنية والشعبية.
وختم فايد: كما كنا نعتقد أن الفلسطينيين هم الأكثر تمسكاً بتراثهم الوطني منذ ما قبل عز الدين القسام، لكننا صدمنا ولا نزال بما فعل مقاتلو حماس في غزة يوم دمروا مكاتب السلطة وحطموا صورة مقاومهم الأول ياسر عرفات، "ولو كنت فلسطينياً لطالبتهم بالاعتذار."
وأكد نائب رئيس حزب الاتحاد اللبناني أحمد مرعي، أن الاتفاق جاء في موقع الارتياح للقوى اللبنانية المؤمنة بتلاحم كل الجهود الفلسطينية من أجل العمل لضبط النضال المشترك الموحد في سبيل استرجاع كافة الحقوق الوطنية الفلسطينية، وإدارة المناطق المحررة بالإرادة الشعبية الفلسطينية في الداخل، وهذا ما كرسه الشعب الفلسطيني من خلال انتخابات وطنية حرة تؤكد أن هذا الشعب قادر على صياغة مشروع وطني تحرري بتكريس وحدة فلسطينية حقيقية تواجه كافة المخاطر التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في الداخل وفي الخارج.
واعتبر مرعي أن الاتفاق يظهر قدرة الفلسطينيين على إعادة صياغة البرنامج الوطني الفلسطيني بما يتلاءم ومصلحة شعب فلسطين وإرادته لبناء سلطة وطنية فلسطينية، على طريق بناء الدولة المستقلة، وأشار إلى أن هذا الاتفاق يأتي ليؤكد أن الشرعية الوطنية الفلسطينية قادرة على إنهاء أي انقسام داخلي مهما كانت أبعاده، لأن المنتصر فيه هو هذا الشعب العظيم المصرّ على إنجاز دولته المستقلة.
وقال مرعي إن القضية الفلسطينية في طليعة القضايا العربية، مثمناً الجهود المصرية التي ساعدت من منطلق أخوي وعربي، على إنجاز هذا الاتفاق، وما يكرس أيضاً ارتياحاً عربياً نحو إنجاز أمن قومي عربي يقف في مواجهة كل المخططات لفرض الانقسام على كافة المجتمعات الوطنية.
أرسل تعليقك