قالت "هيومن رايتس ووتش", الأربعاء ,إن إسرائيل رفضت مرارًا منح الفلسطينيين تصاريح لبناء مدارس في الضفة الغربية وهدمت مدارس بنيت من دون تصاريح، ما جعل من الصعب أو المستحيل حصول آلاف الأطفال على حق التعليم.
وأضافت المؤسسة الحقوقية الدولية أنه و في 25 أبريل/نيسان 2018، ستعقد المحكمة العليا في إسرائيل ما قد يكون الجلسة الأخيرة بشأن خطط الجيش لهدم مدرسة في تجمع خان الأحمر أبو الحلو، الذي يقطنه فلسطينيون. هذه واحدة من 44 مدرسة فلسطينية معرضة لخطر الهدم الكامل أو الجزئي لأن السلطات الإسرائيلية تقول إنها بُنيت بطريقة غير قانونية.
وأكّدت رفض الجيش الإسرائيلي لأغلب طلبات البناء الفلسطينية الجديدة في 60 بالمئة من الضفة الغربية، حيث يسيطر بشكل حصري على التخطيط والبناء، في الوقت الذي ييسر فيه الجيش البناء للمستوطنين. يطبق الجيش هذا النظام التمييزي من خلال تجريف آلاف الممتلكات الفلسطينية، بما فيها المدارس، ما أدى إلى الضغط على الفلسطينيين لمغادرة مجتمعاتهم. عندما هدمت السلطات الإسرائيلية المدارس، لم تتخذ الخطوات اللازمة لضمان وصول الأطفال في المنطقة إلى مدارس بنفس الجودة على الأقل.
و قال بيل فان إسفلد، باحث أول في قسم حقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش: تهدم السلطات الإسرائيلية المدارس الابتدائية وروضات الأطفال في المجتمعات الفلسطينية من دون مساءلة منذ سنوات و رفض الجيش الإسرائيلي إصدار تصاريح بناء، وهدم المدارس من دون ترخيص، هي إجراءات تمييزي تنتهك حق الأطفال في التعليم”.
قالت هيومن رايتس ووتش إن السلطات العسكرية الإسرائيلية هدمت أو صادرت المباني أو الممتلكات المدرسية الفلسطينية في الضفة الغربية 16 مرة على الأقل منذ العام 2010، 12 مرة منذ العام 2016، واستهدفت بعض المدارس.
وتابعت "أكثر من ثلث المجتمعات الفلسطينية في المنطقة “ج”، التي تشكل 60 بالمئة من الضفة الغربية، حيث يملك الجيش الإسرائيلي السيطرة الحصرية على البناء بموجب اتفاقية أوسلو عام 1993، ليس فيها مدارس ابتدائية حاليًا، وهناك 10 آلاف طفل يذهبون إلى المدارس في الخيام أو الأكواخ أو بُنى أخرى من دون تدفئة أو تكييف، وفقا للأمم المتحدة.
وأشارت هيومن رايتس ووتش ,أن نحو1,700 طفل اضطروا إلى السير 5 كيلومترات أو أكثر إلى المدرسة بسبب إغلاق الطرق، أو عدم وجود طرق يمكن عبورها أو وسائل نقل، أو غير ذلك من المشكلات، وفقًا لتقديرات الأمم المتحدة لعام 2015. تدفع المسافات الطويلة والخوف من مضايقات المستوطنين أو الجيش بعض الأهالي إلى إخراج أطفالهم من المدرسة، مع تأثير أكبر على الفتيات.
ونقلت هيومن رايتس ووتش عن أبو خميس، أحد قادة المجتمع المحلي في خان الأحمر أبو الحلو حديثه عن مدرسة بنيت بمعونة إنسانية تعلم القراءة والكتابة للبالغين: “أصبحت المدرسة شريان الحياة لهذا المجتمع والمجتمعات الخمسة المجاورة”.
و قال إن الأطفال اضطروا في السابق للتنقل لمسافة تتراوح من 15 إلى 22 كيلومتر إلى المدرسة، ولكن الآن: “يستطيع الطفل الذهاب إلى المدرسة دون المخاطرة بالحوادث أو التعامل مع [سائقي سيارات الأجرة] والمدينة. كما تذهب الآن جميع الفتيات إلى المدرسة”. قال أبو خميس إن المجتمع الدولي ساعد في بناء المدرسة وأضاف:” هل المجتمع الدولي غير قادر على حمايتها”؟
وأوضحت هيومن رايتس ووتش,أن معظم مدارس الضفة الغربية المعرضة لخطر الهدم تقع في المنطقة (ج). تبرر إسرائيل هدمها للمدارس وغيرها من الممتلكات الفلسطينية هناك، على أنها بنيت بدون تصاريح من الجيش لا لأسباب أمنية. مع ذلك، يرفض الجيش الغالبية العظمى من طلبات البناء الفلسطينية، وخصص 1 بالمئة فقط من المنطقة ج للبناء الفلسطيني، حتى مع استمرار أعمال البناء مع بعض القيود في المستوطنات اليهودية المجاورة.
كما يقول أبو صقر، أحد قادة المجتمع المحلي في وادي الأردن، لـ هيومن رايتس ووتش إن القيود الإسرائيلية قلصت 3 مجتمعات كانت تضم ما مجموعه 150 عائلة عام 1997 إلى 45 عائلة عام 2010.
و أفادت صحيفة هآرتس عام 2010 بأن عمليات الهدم الإسرائيلية وحظر الأمر الواقع دفع 180 أسرة – ما يصل إلى ألف شخص – إلى مغادرة جفتلك، أكبر التجمعات الفلسطينية في المنطقة ج. وثق مركز “البديل” الحقوقي الفلسطيني للاجئين حالات النقل القسري في تقرير عام 2017.
المدارس في 3 مجتمعات فلسطينية في المنطقة ج شرق القدس معرضة بشكل خاص للخطر. تحاول السلطات الإسرائيلية هدم المقطورات المستخدمة في روضة أطفال لـ 25 طفل في جبل البابا، والتي حلت محل مبنى فككه الجيش في أغسطس/آب 2017. قدم المستوطنون الإسرائيليون مرارا عرائض إلى المحاكم لإصدار أوامر إلى الجيش بهدم المدرسة في خان الأحمر أبو الحلو، وهي المدرسة الوحيدة التي يمكن الوصول إليها لـ 160 طفلا من 5 قرى في المنطقة. يحاول الجيش الإسرائيلي نقل السكان إلى منطقة مختلفة بسبب اعتراضاتهم القوية. في المنطار، رفضت المحكمة العليا في إسرائيل التماسا يستأنف أمر هدم ضد المدرسة وأصدرت أمرا ضد استخدام المدرسة. لاتزال عريضة تطالب الجيش بتقييم خطة بناء قدمها سكان القرية قيد النظر في المحكمة. أوقفت المحكمة مؤقتا الجيش عن هدم المدرسة وحددت موعد جلسة الاستماع في 1 يوليو/تموز.
وتعتبر المجتمعات الثلاثة من بين 46 مجتمعًا فلسطينيًا تعتبرها الأمم المتحدة “معرضة بشدة لخطر النقل القسري” بسبب خطة “إعادة التوطين” الإسرائيلية التي من شأنها إخلاء المجتمعات بأكملها بالقوة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن عمليات هدم المدارس تتوافق مع الإجراءات الأخرى التي تجعل المجتمعات غير ملائمة للعيش، مثل هدم المنازل، ورفض إقامة المجتمعات أو منحها الخدمات مثل الماء والكهرباء.
واضافت منذ أن تولى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو السلطة في 31 مارس/آذار 2009، هدمت القوات الإسرائيلية 5,351 من المباني الفلسطينية في الضفة الغربية بسبب عدم وجود تصاريح بناء، بما فيه في القدس الشرقية، مما أدى إلى تهجير 7,988 شخص، منهم أكثر من 4,100 طفل، استنادا إلى أرقام الأمم المتحدة. لم تعرض إسرائيل خيارات إعادة توطين أو تعويضات للعائلات التي هُدمت منازلها خلال هذه الفترة.
ينتهك تدمير إسرائيل للمدارس الفلسطينية وعد تقديم بديل عنها التزامها كسلطة احتلال “لتسهيل العمل الصحيح لجميع المؤسسات المخصصة لرعاية وتعليم الأطفال”، وينتهك الحظر على التدخل في أنشطة المؤسسات التعليمية أو الاستيلاء على ممتلكاتها. يحظر القانون الدولي على سلطة الاحتلال تدمير الممتلكات، بما فيها المدارس، ما لم تكن “ضرورية للغاية” لـ “العمليات العسكرية”. تحظر “اتفاقية جنيف الرابعة” و”نظام روما الأساسي” للمحكمة الجنائية الدولية التدمير غير المشروع والواسع للممتلكات بشكل غير قانوني ويعتبره جرائم حرب.
يعد النقل القسري المتعمد للمدنيين داخل الأراضي المحتلة – حركة الناس تحت الضغط إلى مكان ليس من اختيارهم – انتهاكا جسيما لقوانين الحرب. ينص نظام روما الأساسي على أن النقل القسري يمكن أن يحدث “بشكل مباشر أو غير مباشر”، من خلال الظروف القسرية وكذلك القوة المباشرة. هدم إسرائيل للمدارس جزء من سياسة أجبرت الفلسطينيين على مغادرة مجتمعاتهم.
الأطراف في اتفاقيات جنيف ملزمة بـ “ضمان احترام” قانون الاحتلال، ومقاضاة “الانتهاكات الجسيمة”، بما فيها جرائم الحرب المتمثلة في التدمير الغاشم والنقل القسري، بغض النظر عن البلد الذي وقعت فيه الجرائم. على الدول التحقيق بشأن الأشخاص الذين تشير الأدلة إلى مسؤوليتهم عن هذه الجرائم، وملاحقة أولئك الذين قد تكون لها سلطة قضائية عليهم. على المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية أن تنظر في هدم المدارس كجزء من دراستها الأولية الجارية عن الوضع في فلسطين.
دعم الاتحاد الأوروبي أو الدول الأعضاء فيه ماليا 21 مدرسة من أصل 36 مدرسة في المنطقة ج في الضفة الغربية معرضة لخطر الهدم. المدارس الأخرى المعرضة للخطر موجودة في القدس الشرقية. تم تمويل مئات من المباني التي هدمتها إسرائيل من قبل مانحين أجانب، من بينها 400 مبنى بتمويل أوروبي.
قال فان إسفلد: على المسؤولين الإسرائيليين أن يعلموا أن تدمير عشرات المدارس الفلسطينية لا يحرم الأطفال من التعليم فحسب، بل قد يشكل جريمة دولية. كجزء من جهودها لدعم المدارس الفلسطينية، على الدول الأخرى أن تطالب بمحاسبة أولئك الذين يدمرون المدارس”.
أرسل تعليقك