على الرغم من أن «القائمة المشتركة» تفككت وأضاعت إنجاز وحدة الصف الذي حققته في الانتخابات الماضية، وخوض الأحزاب العربية المعركة بقائمتين منفصلتين، تشير التقديرات إلى أنهم سيشكلون قوة حاسمة في هذه الانتخابات لصالح أحد المعسكرين الكبيرين المتنافسين. وقد يتوقف عليهم أمر فشل رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في تشكيل حكومة اليمين المتطرف مرة أخرى أو نجاح بيني غانتس في تشكيل حكومة جديدة ذات طابع وسطي يساري معتدل.
وكانت الأحزاب العربية الأربعة التي شكلت «القائمة المشتركة» قد دخلت في صراعات شديدة، منذ انسحبت منها الحركة العربية للتغيير برئاسة النائب أحمد الطيبي، قبل شهر، احتجاجاً على رفض طلبها زيادة عدد ممثليها في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي).
اقرا ايضا : موسكو تكشف عن سبب إلغاء نتنياهو زيارته إلى روسيا
وقد تفاقمت الأزمة مع الاقتراب من آخر موعد لتقديم القوائم (العاشرة من مساء أول من أمس/ الخميس).
ولم تفلح كل الجهود لتسوية الأزمة. فأقامت الحركة الإسلامية برئاسة منصور عباس تحالفاً مع حزب التجمع الوطني برئاسة إمطانس شحادة. وأقامت الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة برئاسة أيمن عودة تحالفاً مع الطيبي، وكذلك مع الحزب الديمقراطي العربي برئاسة النائب السابق، طلب الصانع، الذي لم يشارك في الانتخابات الماضية.
وفي استطلاعات الرأي التي جرت في أعقاب تسليم القوائم، جاء أن قائمة عودة - الطيبي، يمكن أن تفوز بـ6 أو 9 مقاعد، وقائمة عباس - شحادة 5 أو 6 مقاعد، ما يعني أنهما ستحافظان على قوتهما أو تخسران مقعداً واحداً. لكنهما ستكونان صاحبتي قرار الحسم، خصوصاً إذا تساوى معسكرا نتنياهو وغانتس.
والمعروف أن النواب العرب كانوا في وضع شبيه في سنة 1992، عندما بلغ حجم قوتهم 5 نواب؛ الجبهة برئاسة القائد الوطني توفيق زياد، والحزب الديمقراطي العربي بقيادة عبد الوهاب دراوشة. وقد قررا التعاون مع رئيس الحكومة إسحق رابين، في صد حكم اليمين.
ومقابل ذلك القرار، تم تخصيص ميزانيات كبيرة للبلديات العربية والاتفاق على تصفية كل صنوف التمييز العنصري ضد العرب (فلسطينيي 48)، بل تجاوب رابين مع المطلب بالاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وبدأ معها مفاوضات أفضت إلى اتفاقات أوسلو.
ولكن هذه التجربة لم تتكرر، إذ إن الحكومات التالية، برئاسة نتنياهو وإيهود باراك وأرئيل شارون وإيهود أولمرت، لم تكن على استعداد للتعاون معهم ولا حتى المعارضة. وكذلك النواب العرب شددوا من مواقفهم من الحكومات الإسرائيلية ولم يكونوا على استعداد للشراكة أو الائتلاف.
وفي هذه المرة، مع تجربة 10 سنوات قاسية من حكم نتنياهو، يتوقع المراقبون والخبراء تغييراً في النهج. وقد أعلن بيني غانتس، زعيم حزب الجنرالات، أنه لا يجد أي غضاضة في الشراكة مع النواب العرب «فهم يمثلون مواطنين في الدولة يستحقون المساواة ولهم مكانة محترمة في صفوفنا».
لكن نتنياهو يجعل من هذا الاستعداد موضوعاً للتحريض على غانتس، كما لو أنه ينزع الشرعية عنهم كمواطنين. الأمر الذي يدفع كثيراً من النواب العرب إلى التفكير الجاد بالشراكة مع الائتلاف الحكومي إلى جانب غانتس من أجل إسقاط نتنياهو وحكمه.
والمعروف أن العرب في إسرائيل يشكلون نسبة 19 في المائة من السكان في إسرائيل، لكن نسبة أصحاب حق الاقتراع منهم 15 في المائة، بسبب زيادة نسبة الشباب (55 في المائة من المواطنين أقل من 18 عاماً). وينخفض تمثيلهم أكثر وأكثر، بسبب انخفاض نسبة التصويت.
فلو كانت نسبة التصويت لديهم مثل نسبة اليهود (75 في المائة)، يستطيعون إيصال 18 نائباً. ومع ذلك، فإن قوتهم الانتخابية قادرة على التأثير والحسم في بعض الأحيان، كما الحال في هذه الانتخابات.
قد يهمك ايضا : غانتس يعتبر النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني مسألة أمنية "قابلة للتسوية"
ترحيب فلسطيني حذر بتلميحات رئيس الأركان الإسرائيلي السابق بيني غانتس
أرسل تعليقك