لم يمر سوى يومين على نجاح بنيامين نتنياهو في تجاوز أزمة حكومته الائتلافية، حتى انفجرت في وجهه سلسلة من الإخفاقات في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، حيث تقلصت القاعدة البرلمانية لائتلافه الحكومي إلى 61 نائباً (من مجموع 120). فقد تم تمرير أربعة اقتراحات لحجب الثقة عن الحكومة، وتم إفشال قوانين عدة للائتلاف؛ مما اضطره إلى سحب بقية القوانين وتأجيل بحثها.
وبدا أن أفيغدور ليبرمان، وزير الأمن المستقيل، يضحك ساخراً من قادة الائتلاف وهم يعانون الضائقة من جراء انسحاب حزبه. مع العلم أن ليبرمان، الذي يرفض مصافحة أو محادثة النواب العرب في «الكنيست»، وجد نفسه في مكانه الجديد في «الكنيست» على كرسي المعارضة جنباً إلى جنب مع أيمن عودة، رئيس «القائمة المشتركة».
وكان تأزم أوضاع الائتلاف الحكومي قد بدأ يظهر رويداً رويداً، عندما تمكنت المعارضة من إسقاط مشروع قانون حكومي، هو تعديل لقانون الأراضي بشأن تعريف «قسيمة ثلاثية الأبعاد».
وبحسب شرح مشروع القانون فإنه «يهدف إلى تمكين الفصل في ملكية الأرض لوحدات حيز تشمل مساحة وعمق وارتفاع الأرض، بهدف صفقات منفصلة في كل وحدة».
ومع ذلك، فقد قررت المعارضة إسقاطه لأهداف رمزية ومعنوية تثبت فشل الحكومة. وعندما أدرك الائتلاف أنه يفقد الأغلبية، بادر إلى سحب سبعة قوانين كان يفترض أن تُطرح للتصويت عليها في «الكنيست»، خشية عدم توفر أغلبية.
ولوحظ أن المعارضة تعمل بتنسيق تام، حتى مع النواب العرب. فقد صوّت الجميع تقريباً مساندين مشاريع المعارضة، التي قامت أربع كتل منها بطرح حجب الثقة عن الحكومة، هي: «المعسكر الصهيوني» والقائمة المشتركة، و«يوجد مستقبل» و«ميرتس».
وكان اقتراح «المعسكر الصهيوني» تحت عنوان «استقالة وزير الأمن كشف فشل الحكومة في المجال السياسي – الأمني»، وصوّت لصالح الاقتراح 47 عضواً. وفي اقتراح حجب الثقة الثاني، الذي قدمته القائمة المشتركة تحت عنوان «فشل الحكومة في المجال السياسي الاجتماعي والاقتصادي» صوّت 50 عضواً. أما الاقتراح الثالث، الذي قدمته كتلة «يوجد مستقبل»، فكان تحت عنوان «دولة إسرائيل فقدت ردعها هذا الأسبوع مقابل أعدائها وأهملت الأمن القومي».
وصوّت إلى جانب الاقتراح 47 عضواً. أما الاقتراح الرابع لكتلة «ميرتس»، الذي كان تحت عنوان «أربع سنوات على فشل الحكومة في حماية المواطنين في غلاف غزة»، فقد صوّت إلى جانبه 44 عضواً. وإثر ذلك، التقى نتنياهو رؤساء الأحزاب المتحالفة معه، طالباً منهم بذل كل جهد لتثبيت استقرار الائتلاف.
وأعرب عن غضبه مما جرى في «الكنيست»، واصفاً إياه بالمشهد المخزي. ونقل عن أحد الوزراء قوله: إن من المستحيل أن تصمد حكومة بأكثرية ضئيلة كهذه، «يكون فيها كل نائب بمكانة ملك يقرر للحكومة ما يشاء». وقال: إن تصريحات نتنياهو بأن الانتخابات ستجري في موعدها، أي في 5 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019، هو حلم. وسيضطر إلى تبكير الموعد.
من جهة ثانية، أظهر استطلاع أن أغلبية الإسرائيليين لا تصدق رواية نتنياهو، بأنه ينبغي الامتناع عن التوجه إلى انتخابات مبكرة لأسباب أمنية، وإنما لأسباب سياسية شخصية، في حين أكد وزير إسرائيلي، أن الانتخابات العامة ستجري في شهر مايو (أيار) المقبل. ونقلت صحيفة «يسرائيل هيوم» يوم الثلاثاء، عن وزير وصفته بأنه «رفيع ومقرب من نتنياهو» قوله: إن الحكومة لن تتمكن من الصمود؛ كونها حكومة ضيقة تعتمد على 61 عضو كنيست فقط، لافتاً إلى أن خسارة الائتلاف خلال التصويت في الكنيست على مقترحات حجب الثقة عن الحكومة هي «استفتاح» وحسب. ووفقاً للوزير نفسه، فإنه «لا يمكن إدارة الأمور على هذا النحو.
وهذا لن يصمد»، لافتاً إلى أن رئيس حزب «كولانو» الوزير موشيه كجلون، ورئيس حزب «البيت اليهودي» الوزير نفتالي بينيت، «أرادا انتخابات في شهر مارس (آذار)».
وكان استطلاع نشرته إذاعة الجيش الإسرائيلي أمس، أظهر أن 58 في المائة من الإسرائيليين يعتقدون أن محاولات نتنياهو منع تبكير الانتخابات ناجمة عن دوافع سياسية شخصية وليس لأسباب أمنية، بينما عبّر 31 في المائة عن قناعتهم برواية نتنياهو بأن الدوافع أمنية.
أرسل تعليقك