بدأ المكتب السياسي لحركة «حماس» بمشاركة كبار أعضاء مجلس الشورى في الحركة اجتماعاته الأولى من نوعها في قطاع غزة بحضور قيادات الخارج الذين وصلوا عبر معبر رفح البري مساء الخميس، بعد ساعات من منعهم من الدخول إلى القطاع بقرار مصري وإلزامهم بالتعرض للتفتيش ومحاولات منع بعضهم من الدخول.
وتغيّب عن انعقاد المكتب السياسي كل من محمد نزال وأسامة حمدان وآخرين لم يتمكنوا من الالتحاق بالوفد أثناء تواجده في القاهرة لعدة أسباب منها، كما قالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، منع دخول نزال للأراضي المصرية.
ووصفت مصادر مقربة من «حماس» ما جرى على معبر رفح من تفتيش لسيارات قيادات «حماس» ولبعض القيادات منهم بأنها «عملية استفزازية». مشيرة إلى أن الأمن المصري حاول منع الكثير منهم من الدخول للقطاع بحجة عدم وجود تنسيق لهم للوصول إلى غزة.
وأشارت إلى أن الأمن كان يفتش عن أموال في سيارات قيادات الحركة، كما أنه قام بشكل استفزازي بمحاولة تفتيش بعض أعضاء المكتب السياسي لـ«حماس». ولوحظ خلال بدء الجلسات الحضور المكثف للأسرى المحررين في صفقة شاليط عام 2011. والذين استحوذوا بشكل كبير على مقاعد مهمة في المكتب السياسي خلال الانتخابات الأخيرة التي جرت قبل منتصف عام 2017 وتوجت بانتخاب إسماعيل هنية رئيساً للمكتب، وصالح العاروري من الضفة وأحد الأسرى المحررين نائبا له.
وتغيّب عن استقبال وفد الحركة في الخارج يحيى السنوار قائد الحركة في غزة وأحد الأسرى المحررين بعد تعرضه لوعكة صحية مؤخرا. لكنه التحق بجلسات المكتب السياسي التي بدأت بعيداً عن وسائل الإعلام بحضور قائد الحركة في الخارج ماهر صلاح الذي يُعد رأس الهرم الاقتصادي لـ«حماس». كما شارك أعضاء في قيادة المجلس العسكري لـ«كتائب القسام» الذين يمثل بعضهم الجناح العسكري للحركة.
وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، بأنه تم منع إدخال الهواتف النقالة إلى داخل الاجتماعات التي جرت والتي ستتواصل حتى يوم الأحد أو الاثنين، كما تم إخراج جميع الحراس الخاصين بقيادات «حماس» إلى خارج أماكن الاجتماعات وذلك منعاً لأي خرق غير محسوب يسمح لإسرائيل أو لأي جهة بالتنصت على اجتماعات المكتب السياسي وتسريب أي معلومات.
وأكدت المصادر، أن وفد الحركة من الخارج وخاصة صالح العاروري وزاهر جبارين حصلوا على ضمانات بعدم استهدافهم من قبل إسرائيل وذلك من خلال الجانب المصري وكذلك نيكولاي ميلادينوف مبعوث الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط. مؤكدة أن إسرائيل تعهدت بعدم المساس بالوفد.
وبينت المصادر أن المكتب السياسي يتباحث في اجتماعاته المتواصلة في عدة مقترحات قدمتها مصر وميلادينوف إلى الحركة من أجل التوصل لاتفاق تهدئة مع إسرائيل على عدة مراحل، بالإضافة إلى قضية ملف المصالحة مع حركة «فتح».
ووصفت المصادر، ما يجري من مباحثات بأنها «الربع الأخير من مرحلة عض الأصابع» بين حماس وإسرائيل من جهة، وبدرجة أقل بين «حماس» و«فتح» بشأن المصالحة.
ولم يتوان بعض قيادات «حماس» خلال الاجتماعات عن وصف ما يجري من تطورات بشأن الحراك حول الوضع في غزة بأنهم أمام «المرحلة الأخيرة من مرحلة عض الأصابع» خاصة فيما يتعلق بالهدنة مع إسرائيل.
وبحسب المصادر، فإن المراحل الأولى من الاتفاق ستكون تخفيف الحصار مقابل وقف إطلاق النار والطائرات الحارقة من غزة، ومن ثم تفكيك الحصار بشكل كامل وتنفيذ مشاريع اقتصادية وتنموية مهمة داخل القطاع. وبينت أن ذلك سيتبعه مراحل أخرى منها تثبيت كامل لوقف إطلاق النار يستمر بما لا يقل عن سبعة أعوام، ومن ثم الدخول في مفاوضات بشأن إمكانية إجراء صفقة تبادل أسرى.
ورجحت المصادر أن يقبل المكتب السياسي لحركة «حماس» بالمقترحات الموجودة بعد دراستها منعا لإدخال غزة في مواجهة عسكرية تسمح لإسرائيل بشن حرب قاسية. مشيرة إلى أن الحركة ستواصل مساعيها الإيجابية في التعامل مع ملف المصالحة مع حركة «فتح».
ولفتت إلى أن الحركة لن تخرج بأي قرار قبل أن تعرض ما يتم عرضه عليها على الفصائل واتخاذ قرار موحد مع الفصائل الفلسطينية المختلفة ومنها الجهاد الإسلامي والجبهتان الشعبية والديمقراطية والفصائل الأخرى، حول تلك المقترحات المتعلقة بالتهدئة مع إسرائيل.
وأشارت المصادر إلى أن هناك أطرافا دولية كبيرة معنية بحل الأزمات في غزة وأن الحركة لن تتوانى في التعامل بإيجابية مع كل المبادرات والمقترحات من أجل رفع الحصار عن القطاع. كما قالت، مشددة على أن ذلك سيجري ضمن وفاق وطني مع الفصائل في غزة.
أرسل تعليقك