اعترضت الحكومة الإسرائيلية على قرار قضاة المحكمة الجنائية الدولية، الأسبوع الماضي، إعادة فتح التحقيق في سيطرة سلاح البحرية الإسرائيلي بالقوة على سفن أسطول الحرية التركي وخصوصاً سفينة «مافي مرمرة»، وهو الحادث الذي وقع في مايو (أيار) 2010، وقتل خلاله 10 أتراك على متن السفينة التي كانت متجهة إلى غزة بهدف كسر الحصار عن القطاع.
واعتبرت إسرائيل قرار المحكمة التمهيدية «مثيراً للغضب».
وقال مسؤول إسرائيلي: إن «الجنائية الدولية تقوم بتبديد مواردها المحدودة على قضية تافهة بطريقة تنعكس بشكل سيئ على قضايا أخرى معلقة، بما في ذلك تحقيق أولي جارٍ في ملفات تتعلق بالفلسطينيين».
وأضاف المسؤول الإسرائيل: «عندما تكون هذه هي جودة قرارات المحكمة الجنائية الدولية، وعندما يُسمح باستغلالها لأغراض سياسية بهذه السهولة وبهذا الشكل المتكرر، لا عجب إذن أن يشعر الكثيرون بقلق عميق من أن المحكمة قد فقدت طريقها».
وكان قضاة ثلاثة في المحكمة الدولية، هم: بيتر كوفاتش، ومارك بيرين دي بريشامبو، ورين أديلايد ألابيني - غانسو، قد توجهوا إلى القاضية الغامبية فاتو بنسودا، التي تشغل منصب المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، بأن تعيد فتح ملف «مرمرة» بدعوى أن معالجته تنطوي على شروخ كثيرة، وتحتاج إلى إعادة فحص. ومنحوا بنسودا مهلة حتى 15 مايو 2019 لتسليمهم قرارها النهائي.
يذكر أن السفينة مرمرة كانت تبحر تحت علم جزر القمر، عندما نفذت إسرائيل الهجوم العسكري عليها. وجزر القمر هي التي طلبت فتح التحقيق عام 2013 بعد ثلاث سنوات على الحادث.
لكن بنسودا خرجت باستنتاج، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2014، بأنه «لا يوجد هناك أساس معقول للمضي قُدماً في التحقيق» وقالت: إن القوات الإسرائيلية قد تكون ارتكبت جرائم حرب عندما قامت باقتحام «مرمرة»، لكن المخالفات المحتملة لم تكن بالخطورة بما يكفي للبدء بمحاكمة في المحكمة الجنائية الدولية.
واستأنفت جزر القمر القرار بعد بضعة أسابيع، وطلبت من المحكمة التمهيدية إصدار أمر للمدعية العامة بمراجعة قرارها.
بنسودا، بدورها، طلبت من القضاة رفض الالتماس. وفي يوليو (تموز) 2015، طلب ثلاثة قضاة في المحكمة التمهيدية من المدعية العامة إعادة النظر في قرارها عدم فتح تحقيق في القضية، وقرروا أنها «ارتكبت أخطاء مادية» في تقييمها لخطورة القضية.
لكن بنسودا قدمت استئنافاً ضد قرار القضاة، لكن في 6 نوفمبر 2015، رفضت محكمة الاستئناف طلبها بالاستناد إلى تفسير لبند من نظام روما الأساسي للمحكمة الدولية، وأجبرت بنسودا على مراجعة القضية للمرة الثانية. وبعد عامين من ذلك، وفي 29 نوفمبر 2017 أبلغت بنسودا قرارها الأخير بأنها لا تزال ترى أنه لا يوجد هناك أساس معقول للاستمرار في التحقيق، وأنه «لا بد من إغلاقه».
وفي فبراير (شباط) الماضي، تقدمت جزر القمر باستئناف لمحكمة الاستئنافات طالبت فيه بمراجعة قضائية لقرارات المدعية العامة المتكررة بإغلاق الملف، مشيرة إلى «أخطاء واضحة في كل منها». في المقابل، زعمت بنسودا أن محكمة الاستئناف قد لا تكون تملك الصلاحية لإصدار حكم في القضية، وطلبت منها رفض مطالبات جزر القمر.
وتم تقديم طلبات والتماسات أخرى كثيرة من قبل الطرفين، جادلا فيها حول الصلاحية والجداول الزمنية، حتى الأسبوع الماضي، عندما أصدرت المحكمة التمهيدية قراراً بأن القرار النهائي الظاهري للمدعية العامة في نوفمبر 2017 «لا يمكن اعتباره نهائياً» وأمرتها بمراجعة القضية للمرة الثالثة.
وقد شككت إسرائيل في هذا القرار واتهمت القضاة الثلاثة باتخاذ موقف مسبق من إسرائيل، بدعوى أنهم هم أنفسهم الذين أصدروا قرارات ضدها في ملفات أخرى.
أرسل تعليقك