بادر مالك أحد المحال التجارية في حي بيت حنينا، شمال القدس المحتلة، ليبلّغ مستأجراً لمحله التجاري المغلق منذ أزمة "كورونا" الشهر الماضي: "أعلمُ أن الوضع صعب ولا أطلب منك الإيجار كله، فقط ادفع ما تقدر عليه".
وبصمت، تتكرر مبادراتٌ مشابهة في أحياء متفرقة بالقدس الشرقية، سواء لأصحاب محال تجارية أو مساكن، مع اشتداد وطأة القيود التي ألزمت الغالبيةَ من السكان منازلهم خشيةَ تفشي فيروس كورونا.
ومقارنةً مع المدن الأخرى في الأراضي الفلسطينية، فإن إيجارات المحال التجارية والمساكن، خاصةً الجديدة منها، في مدينة القدس مرتفعة للغاية.
وبفقدان الكثير من العمال وظائفهم أو تحوّل موظفين إلى قوائم البطالة فإن تسديد هذه الإيجارات بات صعباً جداً إن لم يكن مستحيلاً بالنسبة لغالبيتهم.
وفي الأسابيع الأخيرة انتشرت أنباء عن إعفاء أصحاب عقارات للمستأجرين من دفع الإيجارات لشهر أو أكثر، غير أنها ما زالت محدودةً للغاية وفقاً للكثير من المراقبين.
وقال عدنان الحسيني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لـ "الأيام" "نسمع عن مبادرات هنا وهناك، هي بالتأكيد مرحبٌ بها، ولكن هناك حاجةً للمزيد، خاصةً وأن الأوضاع تزداد صعوبةً دون أن يلوح في الأفق موعدٌ لانتهاء الأزمة".
وأضاف "بشكل عام، فإن الإيجارات في مدينة القدس مرتفعة جداً، ومن المؤكد أن الكثيرين باتوا غير قادرين على دفع هذه الإيجارات بسبب الوضع الجديد، وهو ما يتطلب من أصحاب العقارات لفتاتٍ إيجابيةً وتعاوناً مع المستأجرين".
وتابع الحسيني "نسمع عن مبادرات هنا وهناك، ولكن ما زال هناك حاجةٌ لتوسع هذه المبادرات لتكون بمستوى الحدث، الشعب الفلسطيني كريم ومعطاء وهذا هو الوقت الأنسب للتعبير عن هذه المشاعر النبيلة".
وكان العاهل الأردني الملك عبد الله أعلن الشهر الماضي عن إعفاء مستأجري العقارات الوقفية بمدينة القدس من الإيجار لعام كامل.
ومن ثم صدر إعلان مشابه عن الكنائس المسيحية بمدينة القدس.
وبالأمس أعلن حجازي الرشق، رئيس لجنة تجار القدس، أن شركة محمد نسيبه بادرت إلى إعفاء التجار وكافة المستأجرين في مبنى "مول الدار" من إيجار المحلات التجارية والمكاتب الخدماتية لسنة 2020.
وأعرب الرشق عن أمله بأن "يقوم المؤجرون أصحاب العقارات الذرية والخاصة بخطوة مشابهة".
وكانت دعوات للشعور مع المستأجرين صدرت عن العديد من رجال الدين في مدينة القدس، بينهم الشيخ عكرمة صبري، خطيب المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا.
وباستثناء محال البقالة والخضار والمخابز والصيدليات ومطاعم الوجبات الجاهزة، فإن جميع المحال التجارية الأخرى في مدينة القدس مغلقة، ويغرم بمخالفة قيمتها 5000 شيكل من يفتح محله التجاري.
ولأن المحال التجارية مغلقة والغالبية من الوظائف معلقة، فإن القدرة على دفع الإيجارات، سواء المحال التجارية او المساكن، تكاد تكون معدومة.
ومتوسط إيجار الشقق السكنية بمدينة القدس يتراوح ما بين 900-1200 دولار أميركي، فيما أن المحال والمكاتب التجارية أعلى من ذلك.
ورأى الحسيني أن "فكرة التعاون ما بين المؤجر والمستأجر في هذا الظرف الصعب مطلوبةٌ ومهمة، وهي تعبير عن مشاعر طيبة بين الناس".
وقال "الأزمة متصاعدة والأشهر القادمة قد تكون أكثر صعوبةً مما هي عليه الآن، وهو ما يتطلب رؤيةً لكيفية التعامل مع هذا الأمر".
وأضاف الحسيني "لقد كان شعبنا دائماً على قدر التحدي، وهو ما يتطلب منه الآن التعاضد والتكاتف من أجل عبور هذه المرحلة الصعبة علينا جميعاً".
قد يهمك ايضاً :
"الجهاد الإسلامي" تخيّر إسرائيل بين الحرب أو إنهاء حصار قطاع غزّة
بيانات رسمية تُؤكِّد أنَّ 50% مِن مُصابي "كورونا" لا تظهر عليهم الأعراض
أرسل تعليقك