يعد ضرس العقل هو الضرس الثالث الدائم الذي يبزغ في سن متأخرة ويتزامن بزوغه مع فترة بلوغ الإنسان سن الرشد، ولذلك سمي بضرس العقل، وعلى الرغم من أنه لا يتم استعمال هذه الضروس في عملية المضغ، إلا أنها قد تؤدي إلى ظهور كثير من المشكلات، وفي هذه الحالة يتم إجراء جراحة لخلع الضرس، والتي تكون مفيدة في بعض الحالات وخطيرة في حالات أخرى.
وقال طبيب الأسنان الألماني كاي فورتيلكا: إنه حتى وقت قريب كان خلع ضرس العقل يتم في وقت مبكر قدر الإمكان، ولكن في السنوات القليلة الماضية تم إعادة النظر في هذا الإجراء؛ حيث يستند أطباء الأسنان أثناء العلاج على مبدأ توجيهي حديث لخلع ضرس العقل عن طريق التدخل الجراحي.
وأوضح جراح الفم والأسنان الألماني فيلفريد فاغنر أنه يجب خلع ضرس العقل على الفور، إذا تسبب في مشكلات حادة، مثلاً عند ظهور آلام ضاغطة في الفك أو عندما تظهر التهابات في الأنسجة المحيطة، وفي حال الشعور بآلام في آخر ضرس من الضروس، على الرغم من أنه سليم، فعندئذ قد يؤدي خلع ضرس العقل المجاور إلى التخفيف من الآلام.
كما يُوصى بالتدخل الجراحي في حال الأعراض العامة أيضا، مثلاً إذا كانت هناك مؤشرات على أن ضرس العقل يسبب آلامًا في الأسنان أو الوجه، وحتى إذا كان من المحتمل أن ضرس العقل هو المسؤول عن هذه الآلام، فعندئذ يجب وضع التدخل الجراحي في الاعتبار.
خلع وقائي
وأكد جراح الفم والأسنان الألماني فاغنر أنه لا يتم خلع ضرس العقل لعلاج الآلام فقط، ولكن تتم إزالته في بعض الحالات للوقاية منها، وهذا ما يجعل عملية الخلع الوقائية لضرس العقل أكثر سهولة وأقل خطورة، وينبغي على طبيب الأسنان تقييم كيفية تطور الأسنان الخارجية، وينطوي ترك ضرس العقل في الفك على مخاطر كثيرة؛ نظرًا لأن ضروس العقل تظهر تدريجيًا، ويمكن أن تتسبب في التهابات جديدة مع كل مرة تنمو فيها، علاوة على أنها تؤدي إلى الضغط على الفك، وبالنسبة للمرضى الذين يعانون ضيق الفك، فقد تتراكب القواطع فوق بعضها البعض، خاصة بعد العلاج التقويمي للفك، كما أن هذا الضغط قد يؤدي إلى حدوث أضرار بالفك أو الضروس.
وإذا كان من المتوقع أن تطور الحالة سيؤدي إلى ظهور مثل هذه الأعراض، فإن الجراحة الوقائية تكون مفيدة في مثل هذه الحالات، إلا أن ذلك يتوقف دائمًا على أعمار المرضي أنفسهم، فمن واقع خبرة الجراح الألماني فاغنر يعتبر الشباب والمراهقون هم أفضل مَن يمكن إجراء العمليات الجراحية لهم؛ حيث تنخفض المضاعفات المتوقعة إلى الحد الأدنى لها مع المرضي الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و25 عامًا، وكلما زاد عمر المرضى زادت خطورة التدخل الجراحي.
وتظهر خطورة التدخل الجراحي إذا كان ضرس العقل كبير الحجم أو أنه يوجد بالقرب من عصب كبير أو أنه يصعب على الطبيب الوصول إليه بين الأسنان، وفي مثل هذه الحالات يتعين على المرضى تقييم مخاطر التدخل الجراحي.
ويتعين على المرضى إجراء العملية الجراحية لدى طبيب أسنان مشهود له بالكفاءة والخبرة؛ نظرًا لأن الطبيب إذا اعتاد على خلع ضروس العقل، فإنه يقوم بمثل هذه العمليات بشكل أسرع وبصورة أكثر راحة للمريض.
وعادة ما يحصل المريض على قطعة تصريف مطاطية تظل في الجرح لمدة يوم واحد، وتعمل هذه القطعة على تصريف السوائل وتمنع ظهور التورمات والالتهابات. وفي بعض الأحيان يوصي الأطباء بتناول المضادات الحيوية قبل إجراء التدخل الجراحي كأسلوب وقائي من حدوث المضاعفات.
متاعب بعد الجراحة
وينبغي أن يضع المريض في اعتباره ظهور بعض المتاعب بعد إجراء التدخل الجراحي لمدة يومين أو ثلاثة أيام؛ حيث قد تظهر خلال هذه الفترة بعض التورمات والآلام أو صعوبات أثناء فتح الفم، وينصح الجراح الألماني فاغنر بضرورة التوجه إلى الطبيب، إذا استمرت هذه المتاعب فترة أطول من ذلك، لأن العواقب المحتملة قد تكون تلفًا في الأعصاب أو في الفك إلى جانب حدوث عدوى في الجرح.
وأشار كلاوس كوخ من معهد الجودة والكفاءة الاقتصادية في القطاع الصحي إلى أن هناك نقصًا في الدراسات المقارنة التي تتابع مسار المرض لدى المرضي الذين يقومون بخلع ضرس العقل عن طريق التدخل الجراحي، والمرضى الذين لا يستخدمون هذه الطريقة، علاوة على أنه لم تتم دراسة ضرس العقل بصورة صحيحة حتى الآن، ولذلك فإن أطباء الأسنان لا يتمكنون من التوصل إلى استنتاجات سليمة بسبب نقص المعلومات والبيانات العلمية.
وأضاف كوخ قائلاً: «وفي نهاية المطاف فإن المريض يحتاج إلى طبيب أسنان ينصحه بشكل جيد»، فإذا اقترح طبيب الأسنان مثلاً خلع ضرس العقل عن طريق عملية جراحية، فلا ينبغي على المريض الشروع في التدخل الجراحي على الفور، بل يجب عليه عدم التعجل في اتخاذ هذا القرار ويمكن التوجه إلى طبيب أسنان ثان لاستشارته في الحالة المرضية، إذا لم يكن مقتنعًا بحجج الطبيب الأول.
وينبغي على المرضى التحلي بالهدوء والتفكير جيدًا في موضوع التدخل الجراحي، وعند اتخاذ القرار بإجراء الجراحة، فإنه يجب إجراء الفحوصات الأولية والتوجه إلى طبيب أسنان من أصحاب الخبرة والكفاءة.
أرسل تعليقك