هي جحيم التدخين للبعض وقلعة صمود للبعض الآخر، فالنمسا لا تزال تسمح بالتدخين في مطاعمها وحاناتها في حالة تعد استثناء في أوروبا.
لكن وزيرة الصحة الجديدة سابين أوبرهاوسر صرحت في بداية أيلول/سبتمبر "أعتزم، إن كان ذلك ممكنا، حظر التدخين بالكامل في خلال السنوات الخمس المقبلة".
وأضافت الوزيرة التي شغلت منصبها منذ فترة وجيزة أنه لن يتخذ أي قرار من دون مفاوضات مع قطاع التبغ الذي لا يبدي راهنا أي اهتمام بالمسألة.
ففي فرنسا، حيث يحظر التدخين في الأماكن العامة منذ سنوات كثيرة، اتخذت السلطات تدابير جديدة لمكافحة التدخين تقضي باعتماد علبة السجائر "الموحدة" المعتمدة في أستراليا وحظر التدخين في السيارات التي تنقل أطفالا، فضلا عن منع السجائر الإلكترونية في بعض الأماكن العامة.
ودخل آخر تعديل في القانون الخاص بالتدخين في النمسا حيز التنفيذ في الأول من كانون الثاني/يناير 2009. وهو ينص على منع التدخين في الأماكن العامة، لكن مع مجموعة من الاستثناءات تعني خصوصا المطاعم.
فيمكن للمطاعم التي لا تتخطى مساحتها 50 مترا مربعا أن تختار ما بين حظر التدخين أو السماح به. أما تلك الأوسع، فقد تخصص قاعة مغلقة ومنفصلة للمدخنين.
وكثيرة هي الاستثناءات التي يجيزها القانون، كما أنه ما من هيئة مكلفة بالإشراف على تطبيق هذا الأخير.
وصرح مانفريد نويبورغر الأستاذ المحاضر في الطب الذي شارك في عدة دراسات عن فعالية القانون النمسوي في حماية غير المدخنين أن "القانون الحالي معد للفشل".
وأيده رومان (38 عاما) أحد زبائن مقهى "كافيه دريشزلر" الرأي قائلا "أعتبر القانون الحالي مهزلة. فإما أن يمنع التدخين أو أن يجاز، لكن هذا الوضع لا يناسب أحدا".
واضطر هذا المقهى الذي كان ينتهك القانون إلى حظر التدخين حظرا كاملا لتفادي تسديد الغرامات التي فرضت عليه إثر شكاوى من زبائن لم يكشفوا عن هوياتهم.
وكثيرة هي المراكز التجارية التي تخصص قاعات للمدخنين، حتى أن أكبر مستشفى عام في فيينا يضم في جملة متاجره محلا لبيع التبغ.
وأسعار التبغ هي من الأرخص في أوروبا الغربية مع معدل 4,90 يوروهات للعلبة الواحدة في مقابل 7 مثلا في فرنسا و11 في بريطانيا. ومن المتوقع أن تقوم المجموعة الأولى في هذا القطاع وهي شركة اميركية بتخفيض أسعارها إثر وفود علامة جديدة لسجائر منخفضة الكلفة إلى السوق المحلية.
وبحسب آخر دراسة أوروبية أجريت في بداية العام 2012، فإن ثلث سكان البلاد هم من المدخنين، في مقابل 28 % في بلدان الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين.
وما المانع إذن من اعتماد قانون أكثر صرامة؟ أجاب عالم الاجتماع كارل كراييك على هذا السؤال لافتا إلى ثقافة الحلول الوسطى المعتمدة في الحكومة المنقسمة بين حزبي اليمين الوسط واليسار الوسط منذ العام 1945. فهذه السياسة "تصعب اتخاذ قرارات" صارمة، على حد قول عالم الاجتماع.
أما الأستاذ مانفريد نويبورغرن، فهو يعتبر أن الحل قد يأتي من البرلمان، شرط أن يصوت النواب من دون تعليمات من أحزابهم.
ولا تزال غرفة التجارة النمسوية تعارض الحظر التام للتدخين، مذكرة بأن الاستثمارات التي قام بها أصحاب المطاعم للامتثال للقانون توازي 100 مليون يورو.
وأكد توماس فولف المسؤول في الغرفة أنه ينبغي الحفاظ على الاتفاق المبرم سنة 2008 عند صياغة القانون.
لكن "الحظر الكامل للتدخين قد يغير عناصر المعادلة للجميع"، بحسب صاحب مقهى "كافيه دريشزلر".
أرسل تعليقك