شارك محافظ سلطة النقد عزام الشوا، أمس، في أعمال الدورة السادسة والعشرين لـ "منتدى الاقتصاد العربي"، الذي انعقد في بيروت، وافتتحه رئيس مجلس الوزراء اللبناني سعد الحريري، بمشاركة نحو 500 شخصية قيادية من 20 دولة، يتقدمها وزراء ومحافظو بنوك مركزية وقادة مصارف وشركات ومستثمرون من العالم العربي وأوروبا وأفريقيا، إلى جانب وفد من صندوق النقد الدولي.
وألقى الشوا كلمة في المؤتمر تناول فيها تحديات وأولويات المصارف في المرحلة الراهنة، على الصعيد العالمي والإقليمي.
وعلى الصعيد الفلسطيني، أوضح أن وتيرة التباطؤ تجددت في ثنايا الاقتصاد الفلسطيني خلال العام 2017، وسط مؤشراتٍ على تعمق الفجوة الاقتصادية بين الضفة الغربية وقطاع غزة، مشيراً إلى أن الاستقرار المالي يمثل هدفاً استراتيجياً لسلطة النقد في ضوء التحديات المختلفة التي تحيط بالنظام المالي بشكلٍ خاص، وبالاقتصاد بشكلٍ عام.
وقال محافظ سلطة النقد إن من أبرز التحديات التي لا تزال تواجه الاقتصاد الفلسطيني وتعيق الاستثمار، استمرار حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي، ووجود نظام مالي متعدد العملات، بالإضافة إلى الأثر السلبي للقيود التي تفرضها سلطات الاحتلال على ثقة المستثمرين، وعدم قدرة القطاع الخاص على النهوض بالاقتصاد في ظل ضعف القطاع العام، إضافة إلى ضعف حركة التبادل التجاري وتذبذب المساعدات الخارجية.
وأضاف الشوا إن القطاع المصرفي الفلسطيني شهد المزيد من الإنجازات المحققة، حيث واصلت سلطة النقد جهودها في تطوير الإطار الرقابي والقانوني المنظم للجهاز المصرفي، ودعمه بالأنظمة الرقابية المختلفة، كما واصلت توطيد علاقتها العربية والإقليمية والدولية، بهدف تعميق الروابط بين الجهاز المصرفي الفلسطيني ومحيطه الإقليمي والدولي، ودرء المخاطر والمخاوف تجاه الجهاز المصرفي الفلسطيني في ضوء الظروف الراهنة.
وقال: استمرت جهود سلطة النقد الكبيرة نحو تعزيز الشمول المالي والبحث العلمي والتقارير المتخصصة في المجال الاقتصادي والمصرفي والمالي وحصدت سلطة النقد العديد من الجوائز في هذا الإطار، وانعكست محصلة هذه الإجراءات إيجاباً على المؤشرات المالية للجهاز المصرفي الفلسطيني، حيث استمر نمو الموجودات وزاد حجم الودائع مع تحوّل في مؤشرات توظيفها نحو الداخل عوضاً عن توظيفها في الخارج، فارتفعت المحفظة الائتمانية وتحسنت جودتها.
وتطرق إلى جهود سلطة النقد لتعزيز بيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في فلسطين، وإجراءاتها مع القطاعات الخاضعة لإشرافها للتحقق من مدى قيام هذه المؤسسات بالالتزام بالقوانين ذات العلاقة وتطبيق أفضل المعاير الدولية وذلك للحد من مخاطر غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأوضح في كلمته أهمية التكنولوجيا المالية، مشيراً إلى أن سلطة النقد تعمل إلى جانب الحكومة على توفير البنية التحتية المناسبة لخدمات التكنولوجيا المالية حيث تم في العام 2017 إطلاق الجيل الثالث من الاتصالات 3G والإعلان عن الخطة الوطنية لتطوير وسائل الدفع الإلكترونية 2018-2023 كما تم إنشاء أول حاضنة للتكنولوجيا المالية والابتكارات بالتعاون مع القطاع الخاص بالإضافة إلى تبني استراتيجية التحول نحو التكنولوجيا المالية والـ BlockChain ضمن سياسة التحول الاستراتيجي لدى سلطة النقد، وقد عملت سلطة النقد بالتعاون مع البنك المركزي السويدي والبنك الدولي على تطوير الخطط والأسس القانونية والإجرائية المطلوبة لإطلاق عمل شركات القطاع الخاص والمبادرات لتحفيز خلق ثورة حقيقية في مجال المدفوعات الرقمية، ويجري حالياً إزالة آخر العقبات القانونية في هذا المجال.
وفي ختام كلمته أكد الشوا أن فلسطين وبما يتوفر لديها من خبرات وعقول وكفاءات وطنية سجلت نجاحها في المجالات المصرفية والشمول المالي ومكافحة تبييض الأموال وتجاوزت كافة العقبات غير الاعتيادية وحافظت على الاستقرار المالي رغم الاحتلال وكافة الظروف الناشئة عنه، ويتوفر لديها القدرة على خلق نجاح آخر في مجال التكنولوجيا المالية وهي جاهزة الآن بعد تجاوز كافة العقبات في العام 2017 للمضي نحو تحقيق التغيير في مجال الدفع.
كما شارك الشوا في أعمال ملتقى «الحوكمة الرشيدة في المصارف والمؤسسات المالية»، الذي نظمه معهد المال والحوكمة في لبنان بالاشتراك مع اتحاد المصارف اللبنانية ومصرف لبنان والمعهد العالي للأعمال ESA، برعاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، في بيروت، بحضور رئيس جمعية المصارف رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب رئيس اللجنة التنفيذية لاتحاد المصارف العربية جوزف طربية، وأمين عام اتحاد المصارف العربية وسام فتوح، والحاكم السابق للبنك المركزي الفرنسي كريستيان نوير، وشخصيات مصرفية ومالية عربية ودولية.
واستعرض الشوا في كلمة جهود سلطة النقد في مجال حوكمة المصارف التي تعتبر في طليعة أولويات عمل سلطة النقد بصفتها السلطة الإشرافية على القطاع المصرفي، وتمثل توجيهات سلطة النقد إلى المصارف عنصراً هاماً ضمن جهودها المستمرة لمواكبة أفضل الممارسات الدولية وتعتبر بمثابة الخطوة الأولى في تطبيق مبادئ الحوكمة السليمة.
وأشار إلى أن من أهم إنجازات سلطة النقد في مجال الحوكمة في الفترة الأخيرة، تعاونها الوثيق مع مصرف البحرين المركزي وبتكليف من قبل اللجنة العربية للرقابة المصرفية على تحديث ورقة "مبادئ حوكمة المؤسسات المصرفية" (الصادرة في العام 2012 والمعدة من قبل مصرف البحرين المركزي وبالتعاون مع سلطة النقد)، وذلك وفقاً للتعديلات الأخيرة الصادرة عن لجنة بازل للرقابة المصرفية، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD)، والمعتمدة من مجموعة العشرين (G20) في العام 2015.
كما أن جهود سلطة النقد المستمرة أثمرت عن إرساء أسس وقواعد سليمة لحوكمة المصارف، حيث صبت اهتماماتها -ومن خلال أحكام قانوني سلطة النقد والمصارف والتعليمات الصادرة بمقتضاهما- في التركيز على سلامة العمل المصرفي وحماية أموال المودعين في فلسطين وتشجيع النمو الاقتصادي المستدام والتأكيد على أهمية القطاع المصرفي في عملية التنمية الاقتصادية المستدامة.
واشتملت فعاليات الملتقى على جلسة عن الحوكمة والامتثال وجلسة عن الحوكمة والتدقيق الداخلي وجلسة عن الحوكمة والمعلوماتية.
أرسل تعليقك