قال رئيس الوزراء رامي الحمد الله: "عندما نتحدث في فلسطين عن المصاعب والقيود، فإننا نوجه بوصلة العمل نحو تذليلها وخلق وقائع جديدة ومحفزة على الأرض وتجاوز الظروف القاهرة التي يعيشها شعبنا الصامد، وفي هذا الإطار، نشأ المجلس الأعلى للإبداع والتميز، بتوجيهات من فخامة الرئيس، ليمثل مؤسساتنا الوطنية، ويحفز المبدعين والرياديين ويحقق تطلعاتهم وتطلعاتنا المشروعة في التقدم والنمو.
وأضاف الحمد الله انه "منذ إنشاء هذا المجلس، وهو يوالي نجاحاته في إنشاء الشركات الناشئة والتشبيك والانفتاح على التجارب الدولية في مجال رعاية الريادة، والمنافسة في مسابقات ومعارض إقليمية ودولية، كما أصبحت فلسطين، ممثلة بهذا المجلس، عضوا فاعلا في المؤسسات الإبداعية العالمية المختلفة".
جاء ذلك خلال إطلاق فعاليات المنتدى الوطني الثالث لمنظومة الإبداع والريادة، السبت، في رام الله، بحضور رئيس مجلس إدارة المجلس الاعلى للإبداع والتميز عدنان سمارة، والرئيس التنفيذي لمجموعة الاتصالات عمار العكر، ونائب ممثل الاتحاد الأوروبي، توماس نيكلسون، وعدد من الوزراء، وأعضاء اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة "فتح"، وممثلي القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية ورعاة وداعمي الإبداع.
وأضاف رئيس الوزراء: "يشرفني أن أمثل الرئيس محمود عباس في هذا الحدث الوطني الذي يعتبر منصة هامة للتداول والتشبيك واحتضان المبدعين والرياديين وتوطينهم، والانتقال بدعم الإبداع إلى عمل وطني جامع وتشاركي، يسرني أن التقي بهذا الحشد المميز من مبدعات ومبدعي فلسطين وممثلي شركاتنا ومؤسساتنا الوطنية، الذين يثبتون جميعا أن فلسطين، وإن حوصرت بالجدران والاستيطان والحواجز، ستبقى زاخرة بالإبداع والمبدعين وعصية على الاقتلاع والموت والتدمير".
وتابع: "أنقل لكم جميعا اعتزاز الرئيس بعملكم جميعا، وأنتم تعززون مفهوم الريادة وتساهمون في تحفيز أبناء شعبنا على توظيف قدراتهم، والانخراط في رفد منظومة العمل الحكومي، بالمشاريع الريادية ولتنمية الاقتصاد ومكافحة الفقر والبطالة".
وأردف رئيس الوزراء: "نلتقي اليوم في صورة أخرى نسمو بها بفلسطين وبقدرات أبنائها ونفتح المجال رحبا للإبداع والتميز، في وقت نواجه فيه جميعا، وبكل ما أوتينا من عزيمة، الانتهاكات الإسرائيلية، بما في ذلك ضم ومصادرة الأراضي، والتوسع الاستيطاني، ومحاولات اقتلاع الخان الأحمر وطمس هويته لعزل القدس وفصل شمال الضفة الغربية عن جنوبها لمنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة ومتواصلة جغرافيا، يأتي كل هذا، بدعم مطلق من الإدارة الأميركية التي تواصل التحريض على حقوق شعبنا التاريخية والالتفاف على سيادة وأحكام القانون الدولي وتجاوز الإرادة الدولية التي عبرت عن رفضها للقرارات الأميركية، ودعمت بأغلبية، قرار توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، نقدر ونثمن المواقف الأوروبية الداعمة لحقوق شعبنا، ونؤكد أن القرارات الأميركية لن تغير من حقيقة أن القدس ستبقى عاصمة دولة فلسطين، وأن اللاجئين عددهم ستة ملايين ونصف وليس كما تحاول أميركا أن تصفي قضيتهم وتعتبر أن عددهم 40 ألف لاجئ، ولا يمكن لأي فرد أن يتنازل عن هذه الحقوق الثابتة".
واستطرد الحمد الله: "في ظل كل هذا، وفي خضم انخفاض المساعدات الدولية إلى 70%، وإحكام إسرائيل لسيطرتها على مقدرات شعبنا ومقومات وموارد دولتنا، ومحاولاتها سحق اقتصادنا الوطني، فإن الاستثمار بالرأسمال والإبداع البشري وبسبل تطويره وتمكينه وتوطينه، يصبح مسؤولية وطنية كبرى نتشاركها جميعا في القطاعين الحكومي والخاص وفي المؤسسات الأهلية وبين الأكاديميين، فمبدعو فلسطين ومبتكروها، والقائمون على الأعمال الناشئة فيها، هم مقومات التنمية والنمو والتطور".
واستدرك رئيس الوزراء: "لهذا عملت الحكومة وبتوجيهات من السيد الرئيس محمود عباس، على دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، والتي تشكل أكثر من 95% من الاقتصاد الفلسطيني، والتأسيس لبنية تحتية وتشريعية فاعلة لنمو الحوافز الاستثمارية، كي تشارك هذه المشروعات بأقصى طاقاتها في بناء اقتصادنا الوطني، حيث قدنا جهودا حثيثة لتوفير بيئة استثمارية ممكنة ومثلى وآمنة، لنمو الأعمال وضخ الريادة والابتكار وتمكين المنتج الوطني، من خلال سن رزمة حوافز للمستثمرين في قطاعات حيوية، وللشركات ذات التوجه التصديري، ولمشاريع الطاقة المتجددة، وبنهاية 2019 سيكون استهلاكنا في فلسطين 23% من الطاقة المتجددة، والمشاريع في المدن والمناطق الصناعية، كما أننا في المراحل الأخيرة لإنجاز قانون الشركات، وتبذل الجهود لسن وتطوير القوانين المتوائمة مع متطلبات منظمة التجارة العالمية، من ضمنها قانون الملكية الفكرية وقانون المنافسة".
وأوضح الحمد الله: "هذا ووقعنا مع المنظمة العالمية للملكية الفكرية اتفاقية لإنشاء مراكز دعم التكنولوجيا والابتكار في الجامعات الفلسطينية، بهدف تعزيز الابتكار والإبداع، وتم خلال العام الجاري تسجيل سبع براءات اختراع في مجالات مختلفة لدى وزارة الاقتصاد الوطني، وانتهينا من مراجعة قانون الملكية الصناعية، والذي يعتبر قانونا عصريا يتماشى مع الممارسات الدولية، وقد أعلنت وزارة العمل أول أمس عن تمويل مشاريع صغيرة للخريجين والعاطلين عن العمل، والمنفذ من قبل الصندوق الفلسطيني للتشغيل والحماية الاجتماعية، بقيمة 50 مليون دولار من بنك فلسطين، كما تم البدء بإنشاء الحديقة التكنولوجية الفلسطينية الهندية، لتحفيز برامج الريادة، ويجري العمل على دراسة إنشاء حديقة تكنولوجية بجانب منطقة الكفريات في طولكرم والمحاذية لجدار الفصل العنصري".
وبين رئيس الوزراء: "وفي مسار مواز لا يقل أهمية، وإدراكا منا لدور التعليم في دعم الإبداع وبناء اقتصاد المعرفة، عملنا، من خلال وزارة التربية والتعليم العالي، على تحسين جودة ونوعية التعليم العام والعالي وتطوير مخرجاتهما لتتناسب مع حاجات السوق والتطورات العالمية، حيث استكملنا المناهج الفلسطينية على أسس علمية وعصرية، وبأيد فلسطينية، وأدخلنا النشاطات الحرة اللامنهجية ورقمنة التعليم والفعاليات المحفزة على الريادة، وأدمجنا التعليم المهني والتقني بالتعليم العام، وعملنا على دعم البحث العلمي في الجامعات الفلسطينية، ووسعنا انفتاحنا على دول العالم في هذا المجال، والتوجه لدى الحكومة وبتوجيهات السيد الرئيس، التركيز على التعليم المهني والتقني، للتخفيف من البطالة والتي يتصدر الخريجون النسبة الأعلى منها، ولن نصادق لأي تخصص جديد في الجامعات الفلسطينية إلا في مجال التعليم المهني والتقني".
وقال الحمد الله: "لنا أن نفخر، أيها السيدات والسادة، بالمنتدى الوطني الثالث لمنظومة الإبداع والريادة، وهو يجمع مكونات العمل الوطني لدعم الريادة خاصة بين شابات وشباب فلسطين، وتسهيل نفاذ مبادراتهم وشركاتهم الناشئة ومنتجاتها إلى الأسواق الوطنية والعالمية، فهو يساند أفكارهم ومشاريعهم الريادية منذ ولادتها وحتى بلورتها وإنجازها ونجاحها، إننا بكم جميعا نتحول بالإبداع وريادة الأعمال إلى أسلوب حياة ونهج عمل، ليس فقط باعتبارها رافعة أساسية للتنمية والتطوير، بل ولتحدي القيود والممارسات الاحتلالية، والوصول بفلسطين إلى حيث تستحق وتصبو كدولة داعمة للابتكار والريادة، وهناك 30 شركة ناشئة سيتبنى القطاع الخاص جزءا منها، ونحن في الحكومة مستعدون أن نتبنى من سيتبقى من هذه الشركات".
واختتم رئيس الوزراء: "باسم الرئيس محمود عباس أشكر المجلس الأعلى للإبداع والتميز، تحت قيادة الأخ المهندس عدنان سمارة وطاقمه المهني، وأحيي كافة الشراكات التي تنشأ وتترسخ هنا اليوم للمزيد من إنتاج التجارب الرافدة للدخل، وأؤكد لكم جميعا أننا سنواصل العمل، رغم كل الصعاب والعقبات، لتكريس منظومة عمل حكومية تعتمد المشاريع الريادية والابتكارية لدعم صمود أبناء شعبنا وتكريس حقهم في النمو والتطور والعيش بكرامة في رحاب دولتنا التي ستقوم وتتجسد بسواعدكم وعقولكم وتفانيكم جميعا".
أرسل تعليقك