عبر استغاثة نشرتها شقيقتها شيماء على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أول أكتوبر/تشرين الأول الماضي، بدأت قصة المصرية إيمان عبدالعاطي، صاحبة النصف طن، تعرف طريقها للمصريين، حيث تحدثت شيماء شقيقة إيمان لتكشف حالة شقيقتها التي تقيم في منطقة سموحة بالإسكندرية، وتبلغ من العمر 36 عامًا، ووصل وزنها إلى 500 كيلوغرام، وقالت إنها لم تخرج من منزلها منذ ربع قرن، ولم تجد علاجًا لحالتها في مستشفيات مصر.
وذكرت شيماء وقتها أن شقيقتها ولدت في العام 1980 وكانت تعاني منذ صغرها من سمنة زائدة، ومع مرور الوقت كانت الحالة تتفاقم، فتم عرضها على عدد كبير من الأطباء، وأكدوا أنها تعاني من خلل كبير في الهرمونات أدى لزيادة وزنها بصورة رهيبة ولافتة للنظر، وأضافت أن هذا الخلل أدى لإصابة شقيقتها بجلطة في المخ أثرت على نطقها وكلامها، كما أدى بها إلى أنها أصبحت طريحة الفراش ولم تعد تقوى على ممارسة حياتها الطبيعية، وأجريت لها عمليات تدبيس للمعدة دون فائدة، كما تم عرضها على الكثير من الأطباء في الإسكندرية والقاهرة وفشل الجميع في التعامل مع الحالة.
وقالت شيماء إن الأسرة عرضت مأساة شقيقتها على كل المسؤولين وأرسلت وزارة الصحة لجنة متخصصة في المنزل لمعاينة الحالة، وأكدت أنه لا يوجد علاج لها في مستشفيات الوزارة، وتابعت أن حالة إيمان ظهرت منذ ولادتها، فقد ولدت ووزنها 5 كيلوغرامات، وقرر الأطباء وقتها صرف دواء لها لعلاج خلل الغدد، ومنعها وزنها الزائد من الذهاب إلى المدرسة لتتوقف عند نهاية المرحلة الابتدائية، ثم تطورت الحالة لتصل إلى عدم قدرة إيمان على الوقوف على قدميها بعد أن زاد وزنها بشكل كبير، وكان عمرها 11 عامًا، ومنذ ذلك التاريخ لم تخرج من المنزل فقد أصبحت تسير على ركبتيها، ثم أصيبت بما يسمي التهاب خلوي في الركبة لتصل في النهاية لمرحلة العجز التام عن الحركة، وأوضحت إن التشخيص الكامل لحالة شقيقتها كما وصفه الأطباء هو خلل في الغدد وانسداد في الأوعية الليمفاوية، يتسبب في إفراز كميات هائلة من المياه تتجمع بالجسم وتسبب زيادة الوزن.
تواصلت الشقيقة عبر الإنترنت مع وسائل إعلام عربية وعالمية ومع مستشفيات متخصصة في علاج مثل هذا النوع من مرض السمنة، وبالفعل نجحت في التوصل لطبيب هندي، يمتلك مستشفى خاصًا لعلاج السمنة في مدينة مومباي، فأرسل الطبيب الهندي مساعديه إلى إيمان في الإسكندرية، وتم الاتفاق على نقلها للهند وتدخلت وزيرة الخارجية الهندية، سوشما سواراجيوم، الثلاثاء 6 ديسمبر/كانون الأول الماضي، وأعلنت أنها ستساعد إيمان لتسهيل علاجها في الهند وتسفيرها، وفي 10 فبراير/شباطالماضي، غادرت إيمان بواسطة ونش عملاق لأول مرة منذ 25 عامًا من منزلها إلى الهند.
وقالت شركة مصر للطيران إن طائرة مجهزة أقلعت من مطار برج العرب بالإسكندرية في رحلة خاصة متجهة إلى مطار مومباي بالهند لنقل الفتاة المصرية إيمان عبد العاطي، وأوضح رئيس الشركة ـن الشركة أعدت لهذه الرحلة بشكل احترافي، حيث تم وضع الحالة على الطائرة من خلال رافعات تنقلها من السيارة إلى الطائرة والتي تم تجهيزها من الداخل بعجل لسهولة ومرونة دخول الفراش الذي تم تجهيزه على متن الطائرة، كما تم تثبيت هذا الفراش بمقابض في أرضية حتى نضمن عدم تعرض المريضة لأي حركة فجائية أثناء الرحلة، كما أنه تم تزويد الطائرة بكافة الأجهزة والمعدات الطبية اللازمة لحالتها طوال ساعات الرحلة.
وصلت إيمان إلى الهند في احتفالية كبيرة واستقبلت وسط ترحاب خاص من مستشفى سيفي في مومباي، وبدأت الأخبار تتوالى سريعًا بتحسن حالتها وانخفاض وزنها وفقدها لنحو 200 كيلوغرام، وأعلن مفضل لكدوالا تحسن حالة إيمان بعد إجرائه لعملية تكميم معدتها، قبل أن تتهم أسرتها الأطباء هناك بالإهمال في علاجها والتسبب في تدهور حالتها، وقالت شقيقتها إنها تعرضت لعملية خداع على يد طاقم الأطباء الهندي، وذكرت أن الطبيب الهندي خدعها وخدع عائلتها معها، إذ إن أول زيارة أجراها للحالة كانت في يناير/كانون الثاني الماضي، وعد بأنه لن يتخلى عن إيمان ولن يتركها إلا وهي تسير على قدميها، وفجأة قال إنه من المستحيل أن تسير على قدميها.
وتابعت شيماء: "لم يمر على العلاج المكثف إلا 4 أيام، وهو ما يثير الشكوك في تصريحاته التي يجب ألا يطلقها قبل سنة من العلاج الطبيعي المكثف، خاصة أنها تحرك أطرافها"، وأضافت: "إن الطبيب يعرف منذ البداية أن شقيقتها تعاني جلطة في المخ، وتساءلت لماذا دفعنا للعملية رغم معرفته باحتمال حدوث جلطة ثانية أو أي مشكلة نتيجة النقل وهو ما حدث بالفعل"، مؤكدة أن إيمان لم تكن بحالة جيدة سوى 10 أيام فقط، وبعدها ظلت تدخل في غيبوبات متتالية، مدة كل منها أسبوع، فضلًا عن إصابتها بكهرباء في المخ بدون معرفة أسبابها لعدم وجود جهاز رنين مفتوح في مومباي، لافتة إإلى أن شقيقتها لم تفقد سوى 60 كيلوغرامًا فقط من وزنها منذ وصولهم الهند وتعاني من مشكلات صحية عديدة بسبب الإهمال.
عقب تلك الواقعة أعلن مستشفى برجيل في أبوظبي بالإمارات استعداده لاستقبال إيمان وعلاجها، وفي أبريل /نيسان الماضي نُقلت على متن طائرة مصرية من مومباي في الهند للعلاج في مستشفى برجي، وذكر مسؤولو المستشفى أنه تم إخضاع إيمان لسلسلة من الفحوصات الطبية فور وصولها، تمهيدًا لوضع خطة علاج كاملة لها طوال فترة إقامتها، مضيفين أن لدى المستشفى غرفًا متخصصة، حيث سيتم علاج إيمان من أجل إعادة التأهيل العصبي والفيسيولوجي، كما أكدوا أن هناك ناقلة خاصة تم استيرادها من إيطاليا لنقل إيمان، وسيكون بحوزة المستشفى 5 ملفات تحتوي على 10 آلاف سجل طبي سيتم إعطاؤها لخبراء الرعاية الصحية في أبوظبي من أجل أن يتم علاج إيمان، وأوضحوا أنها بدأت في تحريك أطرافها بعد جلسات علاج طبيعي، وتناول طعامها بطريقة طبيعية، فضلًا عن خضوعها لجلسات تخاطب وتدريب على الكلام لتأثرها بجلطة قديمة.
وفي يوليو/تموز الماضي أعلن مستشفى برجيل خلال مؤتمر صحافي أن إيمان فقدت كثيرًا من وزنها، وبدأت البلع التدريجي للطعام، ونجحت وباقتدار في تناول وجباتها اعتمادًا على نفسها، فيما ذكر التقرير الطبي الذي أصدره المستشفى أن إيمان أنهت المرحلة الأولى للعلاج، وستنتقل للمرحلة الثانية التي سيتم فيها إجراء عمليات جراحية تستهدف تخفيضًا آخر للوزن وتعديل شكل الجلد ليناسب الوزن المستهدف، وأوضح التقرير أن إيمان ستخضع لعملية جراحية يتم من خلالها استبدال الصمام الأورطي من القلب، وإزالة تيبس مفاصل وتقوية عضلات الساقين وإجراء الجراحات اللازمة لشفط الدهون، وبالتزامن معها إجراء جراحات تجميلية بسيطة، مضيفًا أنها إيمان أصبحت تتواصل بشكل جيد مع المتابعين لها من الطاقم الطبي، كما أصبحت تحرك ذراعيها بسهولة ويسر، وتعتمد على نفسها في تناول الطعام والأدوية.
وفي 29 أغسطس/آب الماضي أعلن المستشفى تنظيم جولة لإيمان على كورنيش أبوظبي، تلبية لرغبتها في تناول الآيس كريم والتعرف على معالم أبوظبي السياحية، وقال مسؤول بالمستشفى إنها ستمكث لدقائق عند البوابة الثالثة، وتتناول الآيس كريم تلبية لرغبتها، على أن تعود للمستشفى مرة أخرى، وتوقعوا أن يصل وزن إيمان لأقل من 100 كيلوغرام خلال 3 مراحل متبقية في العلاج
وصباح الاثنين أعلن المستشفى أن إيمان توفيت إثر "صدمة إنتانية" مع اختلال بوظائف الجسم وفشل كلوي، وذكر أنها خضعت لعلاج مكثف تحت إشراف 20 طبيبًا بالمستشفى، وبدأت بالتجاوب وتحسنت حالتها فعليًا، لكنها استسلمت أمام حربها ضد السمنة ولفظت أنفاسها الأخيرة.
انتهت معاناة الفتاة المصرية التي احتفلت بعيد ميلادها الـ37 عامًا الشهر الماضي مع مرض السمنة، وهو المرض الذي أقعدها طريحة الفراش في منزلها لمدة 25 عامًا وعندما خرجت للعلاج توفيت متأثرة بإصابتها بمضاعفاته.
أرسل تعليقك